تفاصيل الخبر

الجيش مقبل على فراغ في رئاسة الأركان بعد تقاعد ملاك والخلافات بين ”العهد“ وجنبلاط تؤخر الاتفاق على الخلف!

21/09/2018
الجيش مقبل على فراغ في رئاسة الأركان بعد تقاعد ملاك  والخلافات بين ”العهد“ وجنبلاط تؤخر الاتفاق على الخلف!

الجيش مقبل على فراغ في رئاسة الأركان بعد تقاعد ملاك والخلافات بين ”العهد“ وجنبلاط تؤخر الاتفاق على الخلف!

مع استمرار التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة، عاد هاجس الفراغ الى المؤسسة العسكرية من جديد مع قرب انتهاء مدة رئيس الأركان في الجيش اللواء حاتم ملاك الذي يحال الى التقاعد في 16 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ويتطلب تعيين خلف له وجود حكومة قائمة حائزة ثقة مجلس النواب كي يتمكن مجلس الوزراء من إصدار قرار تعيين رئيس أركان جديد. وبصرف النظر عما سيتحقق على الصعيد الحكومي خلال الأيام المقبلة من تطورات ايجابية أو سلبية، فإن الشغور في موقع رئاسة الأركان بات حتمياً لأن ولادة الحكومة - وإن تمّت - تحتاج كي تصبح كاملة الأوصاف الى نيل ثقة مجلس النواب بعد إعداد البيان الوزاري وتلاوته أمام الهيئة العامة للمجلس ونيلها الثقة على أساسه، وهذه العملية الدستورية تستغرق أكثر من شهر هذا إذا اتفق أعضاء الحكومة على صيغة البيان في ضمن المهلة الزمنية المحددة في الدستور والتي لا يجوز أن تتجاوز شهراً واحداً. وعليه سيكون من المتعذر تعيين رئيس أركان جديد للجيش خلفاً للواء حاتم ملاك قبل حلول موعد تقاعده، ما يعني عملياً أن الجيش سيبقى من دون رئيس أركان جديد فترة زمنية قد تطول أو تقصر حسب مسار تشكيل الحكومة وثقة مجلس النواب.

وفي هذا الإطار، يقول مطلعون انها لن تكون المرة الأولى التي يحصل فيها فراغ في المواقع العسكرية القيادية إذ سبق للمؤسسة العسكرية أن عانت من تأخير في تعيين قائد جديد للجيش مع بداية عهد الرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتقل مباشرة من قيادة الجيش الى قصر بعبدا، وتولى رئيس الأركان آنذاك اللواء شوقي المصري قيادة الجيش بالإنابة الى أن تم تعيين العماد جان قهوجي قائداً جديداً. إلا أن في الحالة الراهنة والمتوقعة، فإن عدم و جود رئيس أصيل للأركان يعني أن الضابط الأعلى في الهيكلية العسكرية بعد قائد الجيش سيتولى تسيير شؤون الأركان من دون أن يحق له حضور اجتماعات المجلس العسكري أو الاشتراك في اتخاذ القرارات لأن أعضاء هذا المجلس يعينون بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، وبالتالي فإن عدم انعقاد المجلس قبل نيل الثقة - هذا إذا تشكلت الحكومة - سيجعل من المستحيل قانوناً ملء الشغور الذي سيصبح حتمياً. إلا أن المجلس العسكري يمكنه أن يلتئم ويتخذ القرارات في غياب رئيس الأركان لأن النصاب فيه هو خمسة أعضاء بمن فيهم رئيسه (أي قائد الجيش). غير أن تركيبة المجلس العسكري التي راعت التوازنات الطائفية والمذهبية الى درجة أنه وصف يوماً بـ<المجلس العسكري الملّي>، ستفتقد المكوّن الدرزي مع ما يعني ذلك من خلل في التوازن الطائفي.

 

الخلاف السياسي يؤخر الاتفاق

إلا أن ثمة مشكلة أخرى سوف تبرز أمام تعيين رئيس جديد للأركان حتى ولو شُكّلت الحكومة، وهي صعوبة الاتفاق على الضابط البديل للواء ملاك من بين الضباط الدروز من رتبة عميد، لاسيما إذا ما استمرت التجاذبات السياسية والخلافات الحادة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط من جهة أخرى، لاسيما وأن للزعيم الدرزي عادة الرأي الراجح في اختيار رئيس الأركان انطلاقاً من الاعتبارات الطائفية والمذهبية التي تتم مراعاتها في حالات كهذه. وفي هذا الإطار تقول مصادر مطلعة ان العلاقات وصلت الى نقطة اللارجوع بين <العهد> والحزب التقدمي، الأمر الذي سوف يعرقل حتماً تعيين رئيس للأركان، خصوصاً ان

جنبلاط يدعم بقوة تعيين العميد أمين عُرم الذي مضت سنوات على تحضيره لتولي هذا المنصب المهم في الهيكلية العسكرية، لاسيما وأن لائحة العمداء الدروز في الجيش تضمنت أسماء أخرى قد يكون وقع بعضها أفضل من البعض الآخر على قصر بعبدا. وما يزيد الأمور تعقيداً أنه قبيل اقتراب موعد احالة اللواء ملاك على التقاعد، بدأ الهمس والغمز واللمز على مستوى العمداء الدروز في <أحقية> غير العميد عرم لتولي هذا المنصب خصوصاً إذا ما تم اعتماد معيار الأقدمية، وهو أمر غير مضمون في المؤسسة العسكرية لاسيما في ما يتعلق بالمناصب القيادية، فالعماد جوزف عون لم يكن الأقدم بين الضباط الموارنة من رتبة عميد، ومع ذلك تم تعيينه قائداً للجيش ما أحدث إرباكاً في

صفوف العمداء الموارنة الذين تخرجوا قبله من الكلية الحربية.

من هنا، تضيف المصادر المطلعة فإن تعيين رئيس جديد للأركان لا يمكن أن يتم بمعزل عن الاتفاق بين <العهد> والزعيم الدرزي وليد جنبلاط لأن التعيين يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء على الشخص البديل ولن يكون من السهل الحصول على هذا التوقيع إذا ما ظلت الخلافات قائمة و<حفلات الهجاء> ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي بين جنبلاط ونوابه ومناصريه من جهة، ونواب التيار الوطني الحر ومناصريه من جهة ثانية، لأن هذه الحملات المتبادلة أعادت العلاقة بين مسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر الى نقطة الصفر. وفي اعتقاد المصادر نفسها أن المؤسسة العسكرية ستكون أمام حالة جديدة - قديمة لا علاقة للمناقبية العسكرية بها بل تلعب السياسة دوراً أساسياً فيها. ولقد <اعتادت> قيادة الجيش على مثل حالات الفراغ هذه، وهي استطاعت مع ذلك تدبير أمورها وتسيير شؤون 76 ألف عسكري وحاجاتهم في ظل حكومات تصريف الأعمال والشغور الرئاسي، وسوف تجد القيادة حتماً <المخارج> اللازمة كي لا تتأثر أوضاعها مع تعذر تعيين رئيس جديد للأركان، خصوصاً ان اقتراح التمديد للواء ملاك في حال عدم الاتفاق على خلفه مستبعد كلياً لدى رئيس الجمهورية الذي كان قد اتخذ موقفاً مبدئياً خلال ترؤسه تكتل الإصلاح والتغيير برفض التمديد للقيادات الأمنية بعد تقاعدها، كما حصل مع العماد قهوجي ومدير المخابرات السابق العميد ادمون فاضل والرئيس الأسبق للأركان اللواء وليد سلمان الذي استمر في مركزه مدة سنتين تقريباً بعد إحالته على التقاعد. وفي هذا الإطار تؤكد المصادر المطلعة أن فكرة التمديد ليست واردة في حسابات الرئيس عون لأن ما وقف ضده قبل انتخابه رئيساً للجمهورية لن يقبل به وهو في قصر بعبدا، لأنه حاسم في عدم تكرار ما يصفها بـ<الأخطاء> التي حصلت في العهد السابق وخلال فترة الشغور الرئاسي.

وانطلاقاً مما تقدم، فإن ثمة من يسعى منذ الآن في تهيئة الأجواء المؤاتية للاتفاق على اسم الرئيس الجديد لأركان الجيش لئلا يطول الشغور في هذا الموقع القيادي وتدخل عملية التعيين في <بازار> الخلافات والكيدية، لاسيما وان امام الجيش الكثير من المهام العسكرية الدقيقة لعل أكثرها أهمية المحافظة على الاستقرار الأمني في البلاد، وعدم السماح بحصول أي خلل، وكذلك إبقاء العيون مفتوحة على الحدود الجنوبية حيث تواصل اسرائيل خروقاتها البرية والبحرية والجوية ولم تردعها الشكاوى المتتالية التي يرفعها لبنان الى القيادة الدولية في الجنوب <اليونيفيل> ومنها الى الأمانة العامة للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الامن الدولي، من دون تناسي تحرك الجيش لمواجهة الخلايا الارهابية النائمة بعد تطهير الجرود البقاعية من وجود الإرهابيين التابعين لتنظيمي <داعش> و<جبهة النصرة> ومن يتفرع عنهما من حلفاء ومناصرين، وكذلك متابعة أمور النازحين السوريين وتسلل الكثيرين منهم عبر المعابر غير الشرعية المستحدثة في الجرود البقاعية.