تفاصيل الخبر

الجيش قام بعملية جراحية في طرابلس ولا بد من متابعة آثارها وتداعياتها!

07/11/2014
الجيش قام بعملية جراحية في طرابلس ولا بد من متابعة آثارها وتداعياتها!

الجيش قام بعملية جراحية في طرابلس ولا بد من متابعة آثارها وتداعياتها!

 

DSC02591  أفشل الجيش اللبناني المخطط الإرهابي الذي كان يحضر لطرابلس والشمال وقضى على البؤر الإرهابية وأزال خطوط التماس السابقة في شارع سوريا عند منطقة باب التبانة ودخل لأول مرة منذ سنوات الى هناك بعدما فرّ قادة المحاور والمسلحون وقبض على العشرات منهم، في وقت نجت الضنية من مخطط مماثل بعد القضاء على خلية عاصون وتوقيف أميرها أحمد سليم ميقاتي. فهل عادت طرابلس الى حمى الشرعية وأجهضت المخطط الذي كان مرسوماً لها، أم ان النار لا تزال تحت الرماد؟!

<الأفكار> استضافت في مكاتبها مدير مديرية التوجيه في الجيش اللبناني السابق العميد الركن المتقاعد الياس فرحات وحاورته كباحث عسكري استراتيجي في كل ما حدث وطرحت معه الاحتمالات بدءاً من السؤال:

ــ هل تعتقد أن التفلّت الأمني حسم في طرابلس ولن تعود المدينة ساحة مستباحة من الإرهابيين، وأن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء؟

- ما حصل في طرابلس هي عملية جراحية كبيرة أزالت بعض الأوكار الإرهابية التي كانت تشكّل خطراً على المدينة والتي كانت تنتشر في الأحياء الداخلية ومحصنة في داخلها، وتعتبر أنها محمية ولن يهاجمها أحد، خاصة وأن فترة طويلة من الزمن مرّت وكانت كل المداهمات لا تصل إليها، لكن اليوم وصلت المداهمات الى عمق أماكنها وتم استئصال البؤر الأمنية. ونحن لاحظنا أنه بعد تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام وضعت خطة أمنية لطرابلس، وكانت الخطة مفاجئة بهدف تهدئة الوضع إثر هروب علي عيد وابنه رفعت، وأوقف على أثرها بعض قادة المحاور.

وتابع يقول:

- لكن ما حصل أن بعض قادة المحاور الآخرين شغلوا مكان الموقوفين والهاربين. وكان الوضع هادئاً الى أن حصل أمر جديد تمثل باستهداف مراكز الجيش والتعرض لها في التبانة ونهر أبو علي والزاهرية وأبو سمرا وتطور في عكار لاستهداف العسكريين الذين ينقلون في باصات الجيش أو في سيارات خاصة للذهاب الى مراكز عملهم، وسقط العديد من الشهداء، حتى ان أصحاب السيارات والفانات صاروا يرفضون أن يستقل العسكريون سياراتهم أو فاناتهم حتى لا يصيبهم أذى، لا بل تطور الأمر نحو الاسوأ عندما بدأت عملية ضرب تماسك الجيش وتصوير عمليات فرار العسكريين للالتحاق بـ<جبهة النصرة> وإطلاق دعوة للعسكريين لترك الجيش والالتحاق بالمنظمات الإرهابية، ما يؤثر على تماسك الجيش، وتفاقمت الأمور سواء باستهداف مراكز الجيش أو بالاستهداف الشخصي للعسكريين أو بعمليات الفرار، رغم انها عادية ولا تؤثر على تماسك الجيش، ولذلك كان قرار القيادة بالقيام بعملية جراحية بدأت في عاصون في الضنية، حيث تمت مداهمة شقة يجري فيها تصوير العسكريين الفارين، وآنذاك سقطت فكرة الانشقاق عن الجيش رغم كل الدعاية، لأنه تبين أنها كذبة، خاصة وأن الوقائع على الأرض لا تشير الى عملية انشقاق كبيرة ونسبة الفرار فردية وعادية لا تؤثر على تماسك الجيش.

وتابع قائلاً:

 - أضف الى ذلك أن القبض على أحمد سليم ميقاتي وهو إرهابي كبير وخطير أظهر أنه رئيس الشبكة التي اتهمت بمحاولة تفجير السفارة الإيطالية في الوسط التجاري في أواخر العام 2004، وآنذاك ألقي القبض على بعض عناصر الشبكة ومات أحدهم خلال التحقيق في قوى الأمن الداخلي وحصلت ردة فعل من أبناء مجدل عنجر تجاه ذلك، حيث هاجموا مراكز الأمن العام في المصنع، الأمر الذي يعيدنا بالذاكرة الى تلك الحادثة لأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري حصلت بعد هذا الحادث بشهرين ونصف الشهر تقريباً، ما يطرح السؤال عما إذا كانت العملية تستهدف فعلاً السفارة الإيطالية وهي ليست هدفاً للإرهابيين ولم يسبق أن استهدفت كما حال سفارات أميركا وبريطانيا مثلاً، لكن يبدو أن هذه الشبكة خصصت لاغتيال الرئيس الحريري، وبالتالي يمكن لنا التخمين بذلك طالما أن الانتحاري، المفترض كما يقول التحقيق الدولي، انه ليس أبو عدس علماً أن بعض الصحف أشارت الى علاقة بين أحمد الميقاتي وأبو عدس، وبالتالي فالتحقيق سيكشف العديد من الجرائم، مع العلم انه اعترف بأنه كان ينوي إنشاء ملاذ آمن في منطقة عاصون - بخعون بقاعصفرين في الضنية، وهي في الحقيقة أكثر من ملاذ آمن خاصة انه كان سيؤمّن ما يشبه الإمارة ولها منفذ على البحر. وهنا لا بد من ان نسأل عما لو لم يعمد حزب الله الى الانتشار في غرب حمص وتحديداً في مناطق الحصن وتل كلخ وزارة، بحيث لو أن  هذه المناطق لا تزال في أيدي المنظمات الإرهابية لكان سهل عكار أصبح اليوم مثل سهل نينوى في العراق، وتكررت تجربة <داعش> في الموصل في شمال لبنان.

دور حزب الله الإيجابي

ــ يعني حزب الله عطل هذا الاحتمال؟

- أكيد.. فلو كان المسلحون في غرب حمص والحدود مفتوحة مع لبنان كما كانت الحدود مفتوحة بين منطقة دير الزور ومعبر ربيعة  بين سوريا والعراق، لكان حصل في عكار ما حصل في الموصل تماماً وتكررت تجربة الموصل في لبنان، لكن بسبب عدم وجودهم هناك كانت العملية في عاصون وطرابلس محدودة، وبالتالي فمن حمى منطقة عكار هو وجود حزب الله في غرب حمص.

ــ تيار <المستقبل> يقول ان وجود حزب الله في سوريا هو الذي استدرج الإرهابيين الى لبنان عكس ما تقول. فما رأيك؟

- غير صحيح، فانتشار حزب الله في منطقة حمص حمى لبنان من عبور المسلحين شمالاً وشرقاً ومن انتشار <داعش>.

ــ وهل كان من الممكن ان يوصلوا منطقة طرابلس وعكار بمنطقة عرسال في البقاع عبر الهرمل كما كان المخطط؟

- هذا متعذر لوجود مقاتلين من حزب الله في الهرمل وفي البقاع، وبالتالي لو حاولوا سيكون هناك قتال شرس، لاسيما وان الجماعات الإرهابية ليست متعودة على القتال الشرس، بل على الاجتياحات من خلال الصدمة والرعب كما حصل في الموصل، ولو كانوا فعلاً موجودين في غرب حمص لكانوا أحدثوا هذه الصدمة وهي الرعب ووصلوا الى البحر في لبنان.

لا خوف على شبعا

ــ طالما تقول ان الجيش قام بجراحة في طرابلس والشمال، فهل شفي المريض؟

- لا... فلا بد من متابعة الآثار الجانبية ومعالجة موضوع المسلحين الفارين وعدم تمكينهم من إيجاد ملاذ آمن. فلا بد أن تستكمل هذه العملية خلال الأشهر المقبلة في عرسال.

ــ يحكى عن إمكانية فتح جبهة في قضاء زحلة عبر اجتياح مواقع الجبهة الشعبية - القيادة العامة في جبال قوسايا. فهل هذا احتمال قائم بعد الفشل في الشمال؟

- طبعاً.. فهذا وارد ولا يمكن الاستهانة بأي شيء لاسيما وان هذه الجماعات تملك امكانيات ضخمة ولديهم مقاتلون انتحاريون، وبالتالي خيار البقاع الأوسط هو خيار مطروح، ولكنه بالتأكيد صعب لوجود الجبهة الشعبية من جهة، والجيش اللبناني من جهة أخرى، وعدم وجود قاعدة كبيرة لهم في منطقة الزبداني المحاذية لجبال قوسايا لاسيما وأن الجيش السوري يمسك بالمنطقة المحيطة بطريق دمشق - بيروت وجوارها، إضافة الى عدم وجود بيئة حاضنة لهم في هذه المناطق كون غالبية المناطق مسيحية، ولكن رغم ذلك لا يمكن الاستهانة بأي عملية تسلل.

ــ وماذا عن خيار شبعا؟

DSC02605  

- وضع شبعا صعب لوجود مناطق درزية محاذية للحدود مع سوريا، وسبق أن جرت معارك بين المناطق الدرزية والمسلمين الإرهابيين في الحضر في الجولان وداما في السويداء. وطبعاً هناك البعض ممن هاجروا من جباتا الزيت وبيت الجن وتوجهوا نحو شبعا، وطرح موضوع ان تكون شبعا كما حال عرسال، لكن هذا صعب لأن التركيبة السكانية في شبعا مختلفة عما عليه في عرسال ولا بيئة حاضنة لهم هناك، ولا توجد أموال كما الحال في عرسال بحيث تصل قيمة المبيعات للمسلحين الى 200 ألف دولار يومياً، ناهيك عن وعورة المناطق في شبعا وعدم وجود طرق سهلة لأن معظم طرقها جبلية وعرة لا يمكن سلوكها إلا مشياً على الأقدام وبواسطة البغال.

ــ بالعودة الى طرابلس يقال إن مواقف سماحة المفتي مالك الشعار غطت الجيش هناك، وإلا لما كان استطاع الحسم. فماذا تقول؟

- صحيح، فهذا الغطاء يؤكد أن لا بيئة حاضنة لتنظيم <القاعدة> ومشتقاتها و<داعش> و<النصرة> وغيرهما في طرابلس والشمال، صحيح أن هناك بؤراً تكبر وتصغر حسب إهمال الدولة، لكن المزاج العام الشمالي ليس مع الإرهاب، خاصة وان عكار هي خزان الجيش اللبناني. ولذلك ما قام به المفتي الشعار يمثل المزاج الطرابلسي العام المعارض لهذه الجماعات، وحسناً فعل وشكراً على ما قام به وطرابلس ستحفظ له هذا الموقف، أضف الى ذلك موقف الرئيس سعد الحريري وموقف كل فاعليات طرابلس والشمال الرافض لهذه الجماعات. فقد كنا نسمع أصواتاً في الشمال وغيرها عند قيام الجيش بأي عملية تصف الجيش بأنه جيش ولاية الفقيه، لكنني من خلال تجربتي في الجيش لمدة 40 سنة أقول إن الجيش إذا لم يكن متوازناً يسقط في أول امتحان، ولذلك فالجيش لا يزال متوازناً في قراراته وحياده وتجرده وهذا أمر أساسي.

إنماء طرابلس ضرورة

ــ تحدثت  عن طرابلس وضرورة الإنماء فيها. فكيف ذلك؟

- طرابلس ضحية للإرهاب وعدم جدية الدولة في تخليصها من الإرهاب، وضحية غياب التنمية المتعمد منذ أكثر من ربع قرن، بمعنى أن هناك تعمداً في إفقار طرابلس والشمال، لأن الإنفاق يقتصر على بيروت وشعاعها، البالغ حوالى 25 كلم وهذا ليس تنمية للبنان، وأكبر مثال ان مجلس الوزراء حصر قرار المعارض في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس عام 1991 وهو أهم ساحة للمعارض في لبنان والشرق الأوسط. لكن هذا القرار خرق وشهدنا معارض بيروت من الـ<مول>، الى <البيال>، الى <اكسبو بيروت> و<قاعة المعارض> وكل هذا غير قانوني، وكان لا بد من تنفيذ قرار مجلس الوزراء وإبقاء الحصرية على معرض طرابلس، لكن خرق هذا القرار رغم ان البعض تحجج بعدم وجود أوتيل في طرابلس  فتم بناء أوتيل <كواليتي ان>، ومن الممكن إنشاء العديد من الأوتيلات لو كانت هناك حركة في طرابلس. أضف الى ذلك أن هناك مشروعات إنمائية في طرابلس لا بد من إحيائها واستكمالها بدءاً من المصفاة التي يجب أن تؤهل من جديد ويتم تشغيلها بما يوفر أرقاماً كبيرة على موازنة المحروقات في لبنان، ويخلق أكثر من الفي فرصة عمل في الشمال، وكذلك إحياء مطار رينيه معوض في القليعات وتخصيصه للشحن بحيث يخلق آلاف فرص العمل، وبالتالي هناك أمور عديدة لا بد من القيام بها لإنماء طرابلس والشمال وانتشالهما من حافة الفقر والحرمان والإهمال، بحيث يتم إنشاء مدينة إعلامية في عكار كما سبق واقترحت يوم كنت في مديرية التوجيه. ولذلك فالمطلوب من الدولة القيام بخطوة ما وبعدها يعمد القطاع الخاص في الاستثمار هناك إذا وجد أن هناك حركة اقتصادية ناشطة.

وأردف:

- فالفواكه مثلاً من جرود الضنية ترمى لعدم وجود براد أو معمل لتصنيعها وهذا حرام، أين المصانع؟ فلا أريد الدخول في اختصاص رجال الأعمال وأهل الاقتصاد، لكن ما أعرفه أن الدولة يجب أن تبادر وتبدأ بالإنماء هناك. وصحيح أن الدولة رصدت مؤخراً 20 مليون دولار كتعويض عن أضرار الأحداث ومثلها فعل الرئيس سعد الحريري، لكن هذا غير كافٍ ولا بدّ من خلق علاقات إنتاج جديدة ووظائف وفرص عمل حتى لو خلقت طبعة سياسية جديدة.. فلا مشكلة في ذلك ولا يجوز أن يبقى المركز في بيروت ممسكاً بكل مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية، وبالتالي أنا مع اللامركزية الموسعة في هذا الإطار علماً أن طرابلس منذ مئة سنة كانت تضم صحفاً ومجلات ودور نشر أكثر من بيروت، وكان فيها <أوبرا> واليوم أغلقت الإرساليات فيها، وكان فيها نقابات للمحامين والأطباء والمهندسين ولم يستطع القانون حصرها في بيروت، وهذا غير موجود في محافظات أخرى سوى في بيروت والشمال، كون طرابلس هي العاصمة الثانية، وتتمتع بكيان أساسي. وانطلاقاً من هنا يجب على الدولة أن تعيد طرابلس الى سابق عهدها وتنفذ فيها مشاريع إنمائية واقتصادية لتعود دورة الحياة إليها بدءاً من تأهيل المرفأ والمعرض والمطار، لكن للأسف هناك غياب لدى الدولة عن التفكير بهذه المشاريع وهذا لا يجوز.

الغطاء السياسي للجيش

ــ من المسؤول عن هذا التقصير؟

- المسؤولية سياسية أولاً وأخيراً، ويجب على الدولة أن تبادر مع التأكيد أن الجيش لم يكن ليدخل المعركة في طرابلس لولا وجود الغطاء السياسي له، ولو  قال الرئيس سعد الحريري انه لا يقبل أن يدخل الجيش الى الأسواق وكذلك فعل المفتي مالك الشعار وغيره، لما كان الجيش أقدم على هذه الخطوة.

ــ هل يمكن للجيش أن يستنزف لو فتحت ضده جبهات عديدة هنا وهناك؟

DSC02596

- الجيش هو جيش الدولة، وتحركه نتيجة التوافق السياسي لاسيما وأن الحكومة تضم كل القوى السياسية في البلد، وعندما يتدخل الجيش، إنما يفعل ذلك بناء على القرار السياسي، لكن يبقى أن يتم دعم الجيش وتسليحه سواء بالتجهيز أو بالتطويع.

ــ هل العدد الذي أقرته الحكومة للتطويع كافٍ؟

- العدد موزع على كل الأجهزة الامنية، وهنا أقول انه إذا تطوع في قوى الأمن 4 آلاف لا بد للجيش أن يطوع 10 آلاف، خاصة وأن قوى الأمن غير قادرة على حماية مباراة كرة قدم، وأول مشكلة تحصل يتدخل الجيش، فأين عناصر قوى الأمن وما عملهم رغم أن ضباط قوى الأمن ممتازون وهم من المدرسة ذاتها مع ضباط الجيش، لكن تنظيم وتشريع قوى الأمن بحاجة الى إعادة نظر لنعرف ما إذا كانت قوى الأمن ضابطة عدلية أو إدارية أو قوة حفظ أمن؟!

ــ وهل أنت مع الاستعانة بالتجنيد الإجباري؟

- لا.. سبق وجربنا ذلك وألغيناه مراراً. التطوع هو الأساس بحيث يدخل الفرد كمجند وإذا نجح في سلوكه يتحول الى جندي...