تفاصيل الخبر

الجنود التسعة المخطوفون يدخلون في المجهول فيما يحتفل لبنان بعيد الجيش!

05/08/2016
الجنود التسعة المخطوفون يدخلون  في المجهول فيما يحتفل لبنان بعيد الجيش!

الجنود التسعة المخطوفون يدخلون في المجهول فيما يحتفل لبنان بعيد الجيش!

 

بقلم علي الحسيني

اشعال-الاطارات-في-رياض-الصلح  

بعد مرور عامين على اختطافهم على يد إرهابيي تنظيم <داعش> في بلدة عرسال البقاعية من دون ان يسمعوا عنهم أي خبر يُمكن ان يُثلج صدورهم، نزل أهالي العسكريين المخطوفين الى الشارع يوم الاحد الماضي حيث قاموا بقطع الطرقات واحراق الإطارات بهدف تذكير المسؤولين في البلد، بأن هناك شباناً نذروا أنفسهم لوطنهم، لكن النذر هذا لم يحصد سوى التجاهل التام من دولة أصبحت بحاجة إلى دول لتُقيم دولتها.

 

عامان على الخطف ولا من يسأل

 

عامان مرا على عملية الخطف، والوعود هي نفسها تتكرر من مناسبة الى اخرى. أمهات أضناهن الفراق والتعب وقلق انتظار خبر يقين عن أولادهن. ادعية تتردد على ألسنتهن ووحده الله رفيقهن في اللحظات العصيبة، ووحده الدمع يسايرهن في لحظات السكون. امهات ذقن مرارة البعد وتشابكت صلواتهن في صوت واحد وكلمة واحدة.. يا رب افرجها علينا. عائلات خبرت كل فصول السنة على الطرقات وداخل الخيم وعاصرت الحر والبرد في احلك الظروف وأصعبها، وعلى الرغم من الوقت الذي بدأ يأكل من صحة بعضهم، فقد قرروا الصمود حتى ولو لم يتبق من العمر سوى مسافة نظر محدودة يُمكن ان تضعهن بين حقيقة مرّة وبين فرحة توازي امتلاك الدنيا.

عامان على الثاني من آب/ اغسطس والانتظار يجلد أهالي العسكريين المخطوفين التسعة لدى <داعش> بسوط الاحتمالات: ماذا عن أحوالهم؟ أيعيشون في المغائر؟ الكهوف؟ على الجبهات؟ الحدود؟ يجوعون؟ يمرضون؟ يتألمون؟ يبكون ؟ يضحكون؟.. أم تراهم ملّوا تعداد الأيام ودخلوا في لعبة الوقت الضائع وفي انتظار الآتي من خارج جداول يومياتهم التي ليس فيها فرح ولا لون، ورغم هذا الكم من الأسى فإن ضحكة الاطفال تبقى الامل الذي يستعينون به بدل الوجع الذي يعتصر قلوبهم ويأكل من أعصابهم.

العسكريون-التسعة  

الى الاعتصام مجدداً

 

لأن العمر لا يحلو من دونهم ولا تعرف العين النوم على فراقهم، ولأن رحيلهم يؤلم ويترك حسرة في قلوب سكنها السواد بعد أكثر من عام وسبعة أشهر على اختطافهم، ولأنهم الرجال الذين التهت عنهم دولتهم بنفاياتها وصفقاتها الجانبية وفراغ كرسي الرئاسة فيها وقوانين الانتخابات المفصلة على قياسهم، فقد اعتصم أهالي العسكريين المخطوفين لدى <داعش> ظهر الاحد الماضي لمناسبة مرور سنتين على خطف أولادهم التسعة في ساحة رياض الصلح - بيروت، احتجاجاً على عدم تحريك الملف الذي بحسب تعبيرهم أصبح منسياً من قبل المعنيين وسط حشد من مسؤولي الجمعيات الأهلية والإنسانية والاجتماعية وعناصر الدفاع المدني. وقد جاء هذا الاعتصام ليؤكد أن هناك عائلات لم ولن تنسى ولو للحظة واحدة اولادها في الاسر وان الوجع باقٍ الى حين ان تتكحل الاعين برؤيتهم وهم يظهرون من وراء الجرود يبتسمون للحرية وجباههم تعانق السماء.

في البداية ألقى حسين يوسف والد العسكري المخطوف لدى <داعش> محمد يوسف، كلمة باسم أهالي العسكريين المخطوفين حيث أسف لاضطرارهم للعودة الى الشارع للتذكير بقضية العسكريين وأنه على الدولة ان تجد حلاً لهذه القضية وتحمّل المسؤولية بكل جدية. وقال: <كم يسعدني ويشرفني حضوركم ولا يسعني في هذه الذكرى المؤلمة سوى أن أقول ما يرضي ربي، فلا حول ولا قوة إلا بالله. فبعد مرور عامين على خطف أبنائكم، أبنائنا العسكريين أتساءل من المسؤول عنهم؟ هل أهلهم أم دولتهم ومؤسستهم؟ ومن نناشد اليوم بعد أن عيل صبرنا، وبعد أن أصبحنا نخجل المناشدة والذل؟ ورغم ذلك فإننا لم نسمع ما يثلج قلوبنا أو حتى كلمة اطمئنان من دولتنا المصونة أو من المسؤولين عن ملف أبنائنا. لم نسمع سوى عبارة (ما في شي لهلق)، فمن المسؤول؟>.

بداية السنة الثالثة في الأسر

وتابع: <نتذكر اليوم كما في كل يوم وكل لحظة، طيف أبنائنا الذين خطفوا من أرض الوطن وهم يدافعون عن الكرامة والأرض والعرض والعزة. فقد دافعوا عن كل مواطن وسياسي وعن كل ذرة من تراب لبناننا الغالي. وشاءت الاقدار لهم بأن فقدوا امكانياتهم فأسروا. اليوم تحل بداية السنة الثالثة في الأسر ولم نجد حتى هذه اللحظة بصيص أمل سوى من الله وحده، فممنوع على الدولة أن تقول بعد اليوم: ما في شي. وعليها أن تجد السبيل وتعيدهم والا فلتسقط هذه الدولة التي ترضى لأبنائها الذل والهوان وكفاها ذلّ وإهانة.

ووجه حسين يوسف نداء عاجلاً الى قائد الجيش العماد جان قهوجي، فقال: أيها القائد الأب ان عيد الجيش منقوص اليوم، فهل يحتفل الأب بعيده وولده مفقود ومذلول؟ فرجالنا وشرفاؤنا في الأسر وكرامتنا تداس وعزتنا جرحت وكبرياؤنا خدش. أيها القائد والضباط والعسكريون، ان أطفال الجنود المأسورين يئنون شوقاً للحنان الأبوي ونساؤهم ثكلى وامهاتهم تنتحب، اباؤهم يعضون على الجراح والذل مرغ هاماتهم لنسيانكم أبنائهم وصرخات نسائهم وأنين أطفالهم ونحيب أمهاتهم. وألم الأباء والامهات والأخوة الذين ينامون وعيونهم مفنجرة لفقدانهم فلذات الأكباد للفراق القسري، فهل ترضون ذلك لأنفسكم؟>.

وختم: <أيها القائد عهدناك لا تنسى ولن تلين ولا تستكين، فأنت حر ووعد الحر دين عليه. أسرانا تنادي وشهداؤنا تنظر الينا من الأعالي، فبدماء الجنود نبتت العزة والكرامة وبدمائهم حافظ البلد على كرامة أمنه. نحن نتوسل بذل الغالي والرخيص لإطلاق سراحهم فهم شرف البلاد والعلم فلا تفرطوا بهم. أيها القائد لا عيد للجيش وأفراده أسرى ولا فرحة وأسرانا هناك، لقد نفذ صبرنا وتمرغت كراماتنا وكرامة لبنان، نوجه النداء لكم اليوم بالعمل على تحرير أسرانا وتفكيك هذه القنبلة، فنحن لن ننسى ولن نستكين ما دام أسرانا في أيدٍ لا نعرفها، فالحياة كلها وقفة من العز والفداء والبطولة، وهؤلاء العسكريون لم يبخلوا يوماً، فدماؤهم كانت ولا تزال للوطن وتضحياتهم في كل المعارك ما زالت راسخة، ودماء رفاقهم روت أرض الوطن لتنمو الكرامة ولتبقى أمتنا أبية. بتحرير جنودنا ايها القائد، يعود العيد كما عرفناه، ينضح إباء وفخراً بعسكريين وكلنا فداء للوطن>.

والدة-المخطوف-محمد-يوسف-تحمل-صورته-في-رياض-الصلح

نعم التكلفة كانت غالية

كانت التكلفة التي دفعها اللبنانيون غالية ومرتفعة يوم تسلل الارهاب من وراء حدود الوطن الى الوطن نفسه. اسر وموت وتفجيرات وخطف ورعب واستباحة واعتداء على كرامات الناس، جميعها وضعت عنواناً بارزاً لمرحلة جديدة من الصراع عنوانها مواجهة التكفيريين، كانت رسمتها قوى اقليمية لا تكن سوى الشر للبنان. فيوم خرج العسكريون المخطوفون لدى <جبهة النصرة>، ظلت الفرحة منقوصة، ففي حين خرج فيه عسكريون من الاسر بعد عام وخمسة أشهر على اختطافهم، ابقى سجان ارهابي على حجز حرية تسعة سجناء من طينة وطن غال لكنه يترنح بين وطأة الضغوط الاقليمية التي تحاصره من جهة والصعوبات التي تواجهه في عمليات التفاوض على ما تبقّى من جنوده الأسرى من جهة أخرى.

نار الدولة الاسلامية ونار الدولة اللبنانية

وفي هذا المجال تسأل غنوة يوسف زوجه المخطوف محمد يوسف: <أين رئيس الحكومة تمام سلام من هذا الملف، وهو الذي وعدنا بمتابعته، وأين مخابرات الجيش، الا يعرفون أين هم العسكر؟. الأهالي بين نارين نار الدولة الإسلامية ونار الدولة اللبنانية>. هنا يتدخل نظام مغيط شقيق المخطوف ابراهيم بالقول: أدركنا منذ أشهر أن هذا الملف سلك طريق النسيان ونحسبهم شهداء ونحسبكم مهملين. وسأل: أين خلية الأزمة يا دولة الرئيس سلام؟، ولماذا لم تعد تجتمع؟ وإذا اضطررنا سنعود الى قطع الطرقات، وسنحرمكم نومة هانئة كما حرمتمونا إياها منذ سنتين. كما تحدث عدد من أهالي العسكريين المحررين الذين كانوا مع <جبهة النصرة>، مطالبين الحكومة بـالإسراع في طي هذا الملف، في حين لم تخل الكلمات من تهجم وعتب على وزير العمل سجعان قزي حول ما قاله في ملف العسكريين المخطوفين، طالبين منه الاعتذار او الصمت.

وطالب الاهالي الحكومة، توضيح حقيقة المعلومات التي وردت عن نقل الأسرى العسكريين الموجودين لدى تنظيم الدولة الاسلامية إلى الرقة، وناشدوها تكليف المفاوضين إحضار تسجيل <فيديو> جديد للعسكريين الأسرى وذلك خلال مهلة أسبوع من تاريخه، وانه في حال عدم الحصول على جواب مقنع أو شيء ملموس فإن التصعيد سيد الموقف.

 

تمسح-صورة-ولدها-بالعلم-اللبناني الحكومة تُطالب <داعش> بمعلومات واضحة

بحسب جهة اقليمية متابعة للملف، فقد اكدت ان الجهة اللبنانية المكلفة بمتابعة هذا الملف وإدارته بتفويض من الحكومة، كانت قد طالبت خلال الايام المنصرمة بأن يقوم <داعش> بخطوة ما تؤكد وجود العسكريين المخطوفين لديه على قيد الحياة، خصوصاً بعد مرحلة طويلة سادها التشويش حول مصيرهم وبخاصة بعد التسريبات التي كان بثها التنظيم نفسه يوم اطلاق سراح العسكريين الذين كانوا مختطفين لدى <جبهة النصرة>، بأنه قد جرت تصفية بعض العسكريين لديه، وهذا الامر يتحمله التنظيم نفسه، باعتباره هو من سرب معطيات متناقضة، فمرة يُنقل عن احد قيادييه انه قد تمت تصفية العسكريين بأجمعهم، ثم يعود قيادي آخر ليسرب بأن عدداً من العسكريين المخطوفين قد تمت تصفيتهم فعلاً لكن من دون ذكر الاسماء، فيما لا يزال الباقون في عهدة التنظيم في الرقة، اضافة إلى رواية ثالثة تقول إن اثنين من العسكريين انشقا وبايعا التنظيم ثم انتقلا للقتال في صفوف التنظيم في الرقة، فيما لا يزال السبعة الباقون أسرى من دون معلومات اضافية.

 

أي عيد لجيش وعناصره في الأسر؟

ووسط هذه المعمعة والتضليل في المعلومات التي يُسربها تنظيم <داعش> حول مصير العسكريين التسعة، تقف والدة العسكري المخطوف حسين عمار على باب خيمة الاعتصام حائرة لا تعرف للمناشدة طريقاً غير الدعوات الى الله ليفرج اسر ابنها ورفاقه. هي التي ما عادت ترى في الحياة فرحاً بعدما تحولت الى كتلة من الحزن منذ ان غاب ولدها وراء التلال. تقول الوالدة المفجوعة بغياب ولدها: <لا اعياد وولدي بعيد عني ولا أعرف عنه شيئاً منذ عامين. أي عيد للجيش هذا وعناصره في الأسر. العيد يكون بعودتهم ان شاء الله، وادعو الله ان يجمعني به وبرفاقه عما قريب وان يكون في العيد المقبل الى جانبي>.

لكن وفي ظل غياب اي معلومات جديدة عن مصير العسكريين، نزل خبر القاء المديرية العامة للأمن العام القبض على قاتل العسكري الشهيد عباس مدلج المدعو (ش.ج) من الجنسية السورية والمنتمي الى تنظيم <داعش> منذ فترة وجيزة، برداً وسلاماً على قلب عائلته كما على قلوب اهالي العسكريين الذين ذبحهم <داعش>. وقد أشار والد مدلج في حديث لـ<الافكار> الى ان هذا الخبر ابرد قلوبنا قليلاً، ولكن دماء ابننا بذمة من أمر بقتله وكل من ساهم في خطف العسكريين من عرسال، ونحن لن نرتاح قبل إعدام كل من ساهم في خطف ابننا ورفاقه وقتله الى جانب آخرين أيضاً.

الحلبي: هنا تكمن صعوبة المفاوضات

الاهالي-يقطعون-الطريق  

مدير مؤسسة <لايف> المحامي نبيل الحلبي يقول في هذا الملف: <منذ نجاح عملية التبادل الاولى بين الحكومة اللبنانية و<جبهة النصرة> كان هناك اصرار باستكمال المجهود الانساني للافراج عن باقي الافراد التسعة لدى تنظيم الدولة وهذا الأمر تطلب التفتيش عن وسطاء جديين لديهم قنوات اتصال مباشرة مع افراد معينين في التنظيم. لكن صعوبة التواصل مع تنظيم الدولة تكمن في لامركزيته القيادية ولديه وُلاَة في أكثر من منطقة سورية، وكنت ابحث شخصياً عمن يستطيع الوصول إلى والي دمشق في التنظيم، ما ادى إلى اطالة الوقت حتى شهر آذار/ مارس. ويوضح انه في هذا الشهر وصلنا إلى وسيط قادر على التواصل مع المعنيين بالعسكريين، وكان جهد مؤسستنا شخصياً من دون اي تفويض من الحكومة بل بالتنسيق مع اللواء ابرهيم، ووضعناه في تفاصيل التطورات آنذاك.

اقتصرت المفاوضات على ثلاثة لقاءات قبل أن تجمد مؤسسة <لايف> نشاطها. ويوضح الحلبي الذي يحمل في رصيده 23 عملية اعادة أسرى: <اجتمعت بالوسيط ثلاث مرات خارج لبنان، وتضمنت الاطمئان على حياة الأسرى، فوفق الوسيط ان العسكريين على قيد الحياة عدا واحد هو عبد الرحيم دياب، ولم نتدخل في اسباب الوفاة أو مكان العسكريين لكننا طالبنا في الاجتماع الثاني ما يؤكد صحة كلام الوسيط مثل <فيديو> او صورة حديثة، فردوا بشروط على ذلك>. ويضيف: <اصرارنا على الاثبات كان جراء المعلومات المتضاربة التي كانت تصل للاهالي بأن ابناءهم استشهدوا أو بخير، لهذا لم نأخذ بكلام الوسيط على محمل الجد إلا بتقديم الدليل القاطع. وحتى لو كان العسكريون شهداء فإننا نريدهم>.

ويتابع الحلبي: <سأعود وأتواصل مع اللواء ابرهيم ونحن نرغب في العودة بالتفاوض مع الوسيط مجدداً ونستأنفها، ونضع الحكومة اللبنانية في صورة أي تطورات جدية واللواء ابرهيم أيضاً الذي لديه قنوات تواصل اخرى، وسنقوم بذلك قريباً وسنشارك في فاعليات أهالي الاسرى يوم الاحد. والصعوبة في الملف بالنسبة إلى الحلبي هي تعرض التنظيم لحرب من كل الاطراف في سوريا والعراق، ما قد يؤثر على ملف المفاوضات ويصعب امكان الوصول لهم، فضلاً عن الصعوبة اللوجستية لناحية استمرار المفاوضات فتكون حينئذٍ متقطعة وطويلة الأمد بدلاً من أن تكون مستمرة وقصيرة، لكن إذا نجح التفاوض فلا صعوبة لوجستية في اعادتهم. أما العقبة الثانية فإن الحكومة اللبنانية منذ نيسان/ أبريل لم تتواصل معنا ولم تطلب منا أي تحرك، لكن ما يهمنا في الدرجة الاولى هو الدليل على ان العسكريين أحياء حتى ندخل في مفاوضات جدية>.

ينتظرون-عودة-اباءهمحياة الخيم والطرقات

وإذا كانت هذه أحوال العسكريين في الأسر، فليست أحوال أهاليهم بأفضل حال منهم خصوصاً لجهة مقارعتهم حياة الخيم مفترشين ساحة رياض الصلح بحرها وزمهريرها. هناك في ما يسمونه مركز قرارهم، تجري محاولات تسكين الوقت بأسرة وتلفاز وهاتف وجريدة تحمل مرة أخباراً بيضاء ومراراً رمادية، وهم اعتادوا الوعود والأخبار المتواترة من هنا وهناك عن وساطات وحلول وعودة قريبة، كما انهم اعتادوا أيضاً أمسيات تردهم إلى ما قبل السنتين إلى حياة كانت طبيعية بعائلة وزوجة وأولاد وأطفال منتظرين. وفي الخيم أيضاً، حياة في صور، يقلبها حسين يوسف والد الجندي محمد يوسف من بلدة مدوخا البقاعية، وكأنها التقطت لابنه حديثاً وهو الذي يرفض تذكر ملامح ابنه المنهك بعد الأسر. يقارب الصور بغصة بين الابن والحفيد الذي خطا قبل أكثر من عام خطواته الأولى في غياب والده.

حكاية وطن صغير

ومن فنيدق العكارية إلى قلب بيروت ومن ثم عرسال، حفظ مقبل ابن العسكري المخطوف خالد مقبل حسن ملامح الطريق التي لم ترد إليه والده بعد. يعد على اصابعه ويواسي أخته أزاد، ويواسي ماريا ابنة المعاون ابراهيم مغيط ابن بلدة القلمون الشمالية، والأخيرة ولدت في غياب والدها. يقول لها: <رح يرجعوا ومعن هدايا كتير.. كلن قالولي هيك>.

أما في مزرعة الشوف ينتظر كل من تامر ولؤي عودة والدهما الجندي سيف ذبيان، وفي حورتعلا ابناء خمسة ينتظرون العريف علي زيد المصري ومثل احوالهم تنتظر والدة الجندي علي الحاج حسن من شمسطار ان تلاقي ابنـــــــــــــــها بالأزهار والأرز تمامـــــاً كما حصل مع العسكريين الـ16 المحررين. تستعيــــــــــــد فرحة ذلك اليوم، مبادرة بالقـــــــــــــول: <الله كريم، إلا لتكتمل الفرحة شي يوم ويرجعوا>. وفي اللبوة وبر الياس وفنيدق مجدداً آباء وأمهات وزوجــــــــــــــــات لا زلن يسايرن الانتظار على أبواب العام الثالث. هل من يسمع انيهن ويرحم عيونهن؟