تفاصيل الخبر

الغيوم متلبدة فوق اليرزة بين الوزير والقائد فهل تتدخل بعبدا... أم ”ما عادت تحرز“؟!

13/12/2019
الغيوم متلبدة فوق اليرزة بين الوزير والقائد فهل تتدخل بعبدا... أم ”ما عادت تحرز“؟!

الغيوم متلبدة فوق اليرزة بين الوزير والقائد فهل تتدخل بعبدا... أم ”ما عادت تحرز“؟!

قليلة هي المرات التي تحصل فيها خلافات بين وزير الدفاع الوطني وقائد الجيش على رغم دقة أي سوء تفاهم يمكن أن يحصل بين المسؤول السياسي عن الجيش والمسؤول العسكري... ولعل العودة الى الماضي تظهر ان الوزير ميشال المر الذي مرّ على اليرزة وزيراً للدفاع أراد أن <يثبت> دور الوزير بأنه ليس <باش كاتب> يوقع على البريد من دون حاجة لقراءة المعاملة التي يوقعها لتصبح نافذة، فكانت له <صدامات> مع القيادة العسكرية سرعان ما كانت تنتهي بجلسة تفاهم و<غسل قلوب> في قصر بعبدا.

ويروي أحد الضباط القدامى ان وزراء الدفاع الذين تناوبوا على الحقيبة التي تُعتبر <سيادية> مثلها مثل حقائب المال والداخلية والخارجية، كانوا يتحاشون <الصدام> مع قائد الجيش نظراً للدور الحساس الذي يقوم به ولكونه يقود جيشاً لا بد أن تتوافر له حرية التحرك وسرعة القرار، ومن أجل ذلك كان يؤتى بالبريد للوزير مع إشارة الى حيث يجب أن يوقع، ويضع الضابط المكلف بالمهمة يده على المعاملة بحيث لا تظهر التفاصيل كلها... فيفهم الوزير ان هذه المعاملة هي <للتوقيع> فحسب ولا حاجة <للاطلاع> على مضمونها، فيضع توقيعه <وكفى الله المؤمنين القتال>...

هذا في الماضي القريب أما حالياً فثمة ضجة في أرقوة اليرزة عن خلافات بين وزير الدفاع الياس بوصعب وقائد الجيش العماد جوزف عون تتجدد من حين الى آخر، ولم تنفع محاولات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في وضع حد لها، لاسيما وان الوزير بوصعب ينتمي الى <التيار الوطني الحر> و<تكتل لبنان القوي>، والعماد عون ليس بعيداً عن رئيس الجمهورية الذي اختاره من بين أسماء عمداء طرحت عليه بعيد انتخابه رئيساً للجمهورية. والخلافات بين بوصعب والعماد عون استحضرت خلافات سابقة كانت حصلت بين وزير الدفاع السابق يعقوب الصراف والعماد عون أيضاً لأسباب متعددة، فسادت العلاقة بين الوزير والقائد آنذاك أجواء مشحونة لبّدت سماء اليرزة بالغيوم وبفواصل بين بنايتي الوزير والقائد المتجاورتين... وعلى رغم ان أسباب الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش متعددة ومتشعبة، إلا ان آخر خلاف حصل نتيجة رفض الوزير بوصعب توقيع نتائج دخول عسكريين الى الكلية الحربية، ذلك ان قيادة الجيش فتحت باب قبول الطلبات للمباراة المحصورة بالعسكريين في المؤسسة العسكرية وسائر المؤسسات الأمنية للتطوع بصفة تلميذ ضابط في الكلية الحربية من دون طلب موافقة وزير الدفاع. وحصلت المباراة وأعلنت النتائج ورفعت الى الوزير لنيل توقيعه على رغم انه لم يكن قد وقع أصلاً على إقامة المباراة وفقاً للأصول. مصادر وزير الدفاع تقول انه بصرف النظر عن المخالفة التي حصلت لجهة عدم عرض فتح باب قبول الطلبات عليه لأخذ الموافقة المسبقة، فهو لا يمكنه التوقيع لأن مجلس الوزراء قرر قبل استقالة الحكومة عدم اجراء مباراة لتطويع تلامذة ضباط في الكلية الحربية استناداً الى قرار عام بوقف التوظيف في ادارات الدولة، وبالتالي فإن فتح أبواب الكلية الحربية لاستقبال تلامذة ضباط جدد يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء نظراً للأعباء التي سوف تترتب عن تطويع تلامذة ضباط سواء كانوا من العسكريين الموجودين أصلاً في المؤسسة العسكرية أو من الطلاب الذين أنهوا دراستهم الثانوية وفازوا في الامتحانات الرسمية ومعدل علاماتهم من 12 وما فوق. وتضيف المصادر انه استناداً الى هذه المعطيات لم يوقع الوزير بوصعب على الطلب الذي رفعه قائد الجيش مقروناً بمشروع مرسوم ذيّله القائد بتوقيعه!

مصادر عسكرية مطلعة قالت بأن هذه المباراة محصورة بالعسكريين الموجودين في الخدمة وبالتالي لا تترتب على الخزينة نفقات اضافية، لكن وزير الدفاع يقول بان تطويع هؤلاء سيكون على مدى ثلاث سنوات وبالتالي فإن التكاليف ستكون بعد تخرجهم بعد ثلاث سنوات، فضلاً عن وجود مخالفات في طلب القيادة منها ان القيادة طلبت التوقيع على قرار يجيز فتح باب قبول الترشيح في حين ان الباب فُتح وأُقفل وتمت المباراة وصادق المجلس العسكري على نتيجتها المتمثلة بقبول 128 تلميذ ضابط. لكن الأصعب بالنسبة الى الوزير بوصعب، هو ورود عبارة في كتاب القيادة تشير الى ان طلب الموافقة على طلبات الترشيح <يخالف نظام قبول الترشيح للكلية الحربية> في ما خص أعمار المرشحين والعلامات التي نالوها في شهادة البكالوريا، فكيف يطلب من الوزير ــ حسب مصادره ــ أن يوقع على قرار فيه مخالفة واضحة لنظام الكلية الحربية؟! وعليه تؤكد المصادر ان الوزير ليس في وارد التوقيع على القرار المخالف، لكنه لم يقفل الباب، بل اقترح على قائد الجيش أن يحظى القرار بموافقة رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة للسير به. وفي انتظار بت هذه الاشكالية القانونية غير المسبوقة (التوقيع على قرار مخالف)، تتحدث المصادر عن ان القرار المختلف عليه ليس نقطة الخلاف الأولى بين الوزير والقائد، بل ثمة نقاط أخرى جعلت الغيوم تتلبد في سماء العلاقة بين الوزير والقائد، والتي امتدت الى العلاقة أيضاً بين الوزير ومدير المخابرات العميد طوني منصور، لعل أبرزها الخلاف حول المسؤول عن مخابرات الجيش في قضاء الشوف العقيد نضال ضو (الموقوف حالياً في قضية مقتل علاء أبو فخر) على خلفية معلومات يقول بوصعب انها غير صحيحة حول ظروف الاشتباك الذي وقع بين أنصار النائب طلال ارسلان والاشتراكيين في الشويفات بعيد الانتخابات النيابية. كذلك فإن نقطة خلافية أخرى زادت الأمور تعقيداً تتعلق بإعداد مشاريع مراسيم تطبيقية لقانون الجيش تنظم عمل كل من القيادة والمديرية العامة للادارة والمفتشية العامة والغرفة العسكرية والمجلس العسكري والمجلس التأديبي ولجنة التحقيق، وقد وافق القائد على 6 منها ورفض اقرار مشروع مرسوم تنظيم صلاحيات قائد الجيش على خلفية انه يحرم القائد صلاحيات استنسابية يمارسها في غياب النصوص القانونية. وتتحدث مصادر معنية ان هناك خلافات أيضاً حول مسألة استهلاك المؤسسات العسكرية والأمنية للمحروقات ومسألة شراء السيارات وقبول الهبات وغيرها... إضافة الى عدم استجابة القيادة لطلب رئيس الحكومة بلائحة لعدد أفراد الجيش الذين تم تطويعهم في العام 2018.

والسؤال الى أين ستصل الخلافات بين الوزير والقيادة؟ مصادر متابعة تقول ان مصير الحكومة الحالية الى نهاية مع قرب تشكيل حكومة جديدة، وعودة الوزير بوصعب الى اليرزة غير مضمونة، وبالتالي فإن ما حصل مع الوزير السابق يعقوب الصراف سيتكرر مع الوزير بوصعب، فالأول غادر وبقيت قيادة الجيش، والثاني سيغادر والقيادة باقية حيث ان مسؤولية قائد الجيش حساسة ودقيقة ولا يمكن أن يقاسمه أحد بها. لذلك لم تشأ المصادر العسكرية الدخول في تفاصيل الخلافات مع وزير الدفاع لأنها <ما بتحرز... كم يوم وبفّل!> لكن ثمة حقيقة واحدة، يقول قريبون من القيادة، ان أحداً لن يستطيع أن يحقق <مصلحته> على حساب قيادة الجيش...

فهل تتدخل بعبدا لتقرّب ما بين ركني اليرزة، أم يترك لعامل الزمن ان يحمل النهاية؟