تفاصيل الخبر

"الغبن" الارثوذكسي في وظائف هيئات الرقابة يوسع الاعتراضات ويعلق التعيينات حتى إشعار آخر!

23/04/2020
"الغبن" الارثوذكسي في وظائف هيئات الرقابة  يوسع الاعتراضات ويعلق التعيينات حتى إشعار آخر!

"الغبن" الارثوذكسي في وظائف هيئات الرقابة يوسع الاعتراضات ويعلق التعيينات حتى إشعار آخر!

 

[caption id="attachment_77292" align="alignleft" width="251"] نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي وصرخة الدفاع عن حقوق الأرثوذكس[/caption]

إذا كانت حكومة الرئيس حسان دياب نجت من "قطوع" التعيينات المالية عندما سحب رئيسها البند من مجلس الوزراء، فإنها عادت ووقعت في "فخ" التعيينات في مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي لاسيما في مركزي رئيس ادارة الموظفين في مجلس الخدمة، والمفتش العام الاداري في التفتيش المركزي، حيث حُجب الموقعان عن طائفة الروم الارثوذكس وحلت في إدارة الموظفين سيدة من طائفة السريان الارثوذكس، وحلّ في المفتشية الادارية ماروني. ولأن "ظلم ذوي القربى أشد إيلاماً"، فإن الصرخة التي أطلقها نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي كانت مدوية في حين ظلت أصوات الوزراء الارثوذكس خافتة سواء في خلال الجلسة، أم بعدها، وتولى الفرزلي الدفاع عن حقوق الطائفة لأنه يمثلها في هيكلية الدولة من خلال نيابة رئاسة المجلس. وكرت بعد ذلك سبحة الأصوات الارثوذكسية المعارضة والمنتقدة والمطالبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعدم تثبيت التعيين من خلال رد قرار مجلس الوزراء علماً أن الرئيس عون كان يرأس الجلسة التي تمت فيها التعيينات.

الفرزلي وعودة!

الرئيس الفرزلي الذي شعر وكأنه "طعن بحربة" لم يسكت على ما فعله به مجلس الوزراء، بمن في ذلك وزراء تكتل "لبنان القوي" الذي يعتبر الفرزلي أحد أركانه الأساسيين والمدافع الأبرز (من غير وزراء التيار الوطني الحر ونوابه) عن سياسة التكتل ومواقف رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوزير السابق النائب جبران باسيل، ولعل هذه المعطيات كانت سبباً في اتساع "الجرح" الذي أصاب الفرزلي فأطلق سهامه في اتجاه الحكومة رئيساً وأعضاء و"ألمح" الى مسؤولية باسيل عن هذه التعيينات في أكثر من تصريح وموقف. وظن الفرزلي أن ردود فعله ستلقى صدى لدى بعبدا وباسيل، إلا أن الرئيس عون لم يتحدث الى الفرزلي في الموضوع، فيما تجاهل باسيل المسألة كلياً وترك الأمور تأخذ مجراها نحو مزيد من التباعد بين الرجلين. وانضم متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة الى المعترضين وقال في عظة عيد الفصح لدى الطوائف الشرقية: "بما أننا ما زلنا في نظام طائفي نأمل أن لا يكون إجحاف بحق أبناء أي طائفة وأن يعامل الجميع بالعدل والمساواة". وتوجه الى الرئيس دياب بالقول: "إذا كانت حكومتكم عابرة للطوائف فلتكن المداورة في الوظائف من الوزارات الى كل المراكز للحفاظ على حقوق الجميع مع اعتماد الكفاءة والنزاهة والخبرة وتطبيق المساءلة والمحاسبة على الجميع". ولم ينسَ المطران عودة الإشارة الى أن الشعب "نزع ثقته من الطبقة الحاكمة"!

 وعلى رغم أن معالجة الاعتراض الارثوذكسي لن تبصر النور لأن "ما كتب قد كتب" في التعيينات الادارية، فإن ثمة من يرى أن حكومة الرئيس دياب لم تكن بحاجة الى "دعسة ناقصة" من خلال إقدامها على الخطوة الأولى في ملف التعيينات الشائك أصلاً، وكان أول المعترضين ــ بالمبدأ ــ الرئيس نبيه بري الذي ألمح الى امكانية المطالبة بوقف كل التعيينات إذا لزم الأمر، كما هو حاصل مع التعيينات المالية أي نواب حاكم مصرف لبنان ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية. وتحدثت مصادر رئيس المجلس عن "توافق ضمني" بين فريق رئيس الجمهورية وفريق رئيس الحكومة على تقاسم التعيينات من دون الأخذ برأي القوى الأخرى التي تتشكل منها الحكومة، وبالتالي اعتبرت المصادر ما حصل "خرقاً واضحاً" لصيغة متفق عليها في ما خص التعيينات لاسيما وأن الحكومة شكلت "توافقياً" وبالتالي فإن كل ما تقوم به يجب أن يكون بالتوافق!

[caption id="attachment_77291" align="alignleft" width="388"] المطران الياس عودة.. فلتكن المداورة في كل الوظائف والمراكز للحفاظ على حقوق الجميع[/caption]

لا تعيينات غير توافقية!

 في أي حال الخلافات بدأت وما حصل أيقظ الكثير من المسائل النائمة ولعل أخطر ما في الأمر أن التعيينات المقبلة لن تمر بسلام بل ستكون قاعدتها التوافق، وما لم يتحقق ذلك، لا تعيينات ولا من يعينون. لقد حركت التعيينات الادارية رغبة السياسيين ورجال الطوائف بأن تكون لهم كلمتهم، وبالتالي فإن مقاربة ملف التعيينات مستقبلاً لن يكون بالأمر السهل على الحكومة ولا على فريق رئاسة الجمهورية، لاسيما وأن اعتراض الرئيس بري، لم يكن دفاعاً عن حقوق الارثوذكس، بل من باب "إفهام" الآخرين أنه لا يجوز تجاوزه في أي تعيين لاحق ولو كان التعيين لغير مواقع للشيعة. في المقابل، جمع "تجاوز" الارثوذكس، مختلف الاتجاهات، فالتقى الفزرلي مع "القوات اللبنانية" وصولاً الى الكنيسة الارثوذكسية عبر مطارنتها الأمر الذي سوف يحرج رئيس الجمهورية الذي يطالبه الارثوذكس، علمانيين وروحيين، بإعادة النظر بالتعيينات وإعادة حق الارثوذكس "بالكامل". والضغط سيكون أيضاً في اتجاه رئيس الحكومة الذي وإن قال إن حكومته "عابرة للطوائف"، إلا أنه لن يكون في استطاعته تجاهل الواقع الطائفي في لبنان، ما يجعله مضطراً الى التعويض سريعاً عن الارثوذكس، ومثل هذا التعويض سيكون على حساب طوائف أخرى مسيحية لأن المساس بحصص الطائفتين الشيعية والسنية هو في نظر زعمائهما، خط أحمر!

 أما معارضو الحكومة الذين ينتظرون "على الكوع" فقد وجدوا في التعيينات الادارية فرصة لا تعوض للهجوم على الحكومة بصرف النظر ما إذا كان هذا الهجوم مبرراً أم لا، في وقت بدأ فيه الحديث عن امكانية اعتماد المداورة في وظائف الفئة الأولى، باستثناء المراكز العسكرية. إلا أن مثل هذا الطرح، تقول مصادر ادارية، لن يلقى تجاوباً خصوصاً في الظروف الحالية لأن كل طائفة تتمسك بالمراكز التي تشغلها ولن يكون من السهل انتزاعها منها حتى باتت هذه المراكز من "الحقوق المكتسبة" و"الاعراف" الشبيهة بتلك المعتمدة في المواقع الدستورية. في أي حال، ملف التعيينات سيكون مادة خلافية من جهة بين أبناء "البيت الوزاري الواحد"، ومادة مثيرة لدى المعارضة تضيفها الى المعطيات التي تعارض من أجلها، الأمر الذي قد يعطّل التعيينات بحجة إنجاز الخطة الاقتصادية الانقاذية، علماً أن من بين بنود هذه الخطة تعيينات في مواقع أساسية في الفئة الأولى!