تفاصيل الخبر

”الفيروس“ يتفشّى ودياب..أول دخوله عجز على طوله!

05/03/2020
”الفيروس“ يتفشّى ودياب..أول دخوله عجز على طوله!

”الفيروس“ يتفشّى ودياب..أول دخوله عجز على طوله!

بقلم علي الحسيني

<بكل أسف دولة اليوم في حالة ترهّل وضعف الى حدود العجز والوطن يمر بمرحلة عصيبة جداً والخوف يتمدد من الوضع المالي الى الأوضاع الاقتصادية والواقع الاجتماعي والظروف المعيشية وصولاً الى الهموم الصحية>. بكل أسف، نزل هذا الكلام على اللبنانيين كالصاعقة لا لكونه تهويلاً ويُهبط من عزيمتهم، ولا لأنه يستشرف مرحلة صعبة هم مقبلون عليها، إنما لأنه خرج عن لسان رئيس حكومتهم حسّان دياب الذي يبدو أنه أعلن استسلامه قبل أن يُباشر مهامه وقبل أن ينطلق بتنفيذ ولو جزء بسيط من البيان الوزاري الذي تكفلت من خلاله حكومة الضعف والوهن بوضع أولى خطواتها على طريق الحد من الهدر والفساد والارتقاء بالمواطن إلى أمكنة تليق به، ليتبيّن أنها أعجز من أن تواجه خطورة <فيروس> انتشر كالنار في الهشيم بين اللبنانيين نتيجة ممارستها سياسة العجز والضعف ودفن رأسها بالرمال كالنعامة بدل أن تتخذ قرار المواجهة.

 

حكومة العجز والخذلان تسحب يدها من لبنان!

قمة الخوف والرعب وعدم الاطمئنان أن يشعر أي المواطن في أي بلد كان بأن دولته غير قادرة على حمايته، فأي مصير يُمكن ان يواجهه المواطن بعد ان تتخلى دولته عنه وتُعلن عجزها عن تأمين أدنى مقومات الصمود والحياة الكريمة له ولعائلته. هذا مع العلم أن الرئيس دياب كان أطلق قبل تأليف حكومته بأيام خطاباً انشائياً ووجدانياً أين منه خطابات العرب في زماناهم وفصاحتهم في تعريف المرض وتشخيصه وذلك عندما بشّر اللبنانيين بولادة حكومة <إنقاذ لبنان> والتي تعبّر بحسب ما قال عن لون واحد ستعمل على تلبية مطالب وتطلّعات المعتصمين اللبنانيين وتحديداً الموجودين في الساحات. لكن يبدو أن <كورونا> الآتية من بلاد <الحلفاء> قبل أن تفعل فعلها في بلد لا حول له ولا قوة وقبل أن تنتشر لتزرع رعبها في الشوارع والمنازل، قد فضحت الدولة بمؤسساتها وحكامها الخائفين على مناصبهم، وقد انعكس خوفهم هذا بالتقاعس عن القيام حتّى بأقل واجباتهم، أقلها اغلاق المجالات الجوية بين لبنان وبين الدول التي تكاثر فيها <الفيروس>.

وعند حدود فيروس <كورونا> الذي يواصل انتشاره في العالم بوتيرة أسرع من البرق وبات يشكّل تهديداً كبيراً لحياة الناس المتنقّلة عبر حدود الدول ويحصد المزيد من الأرواح مع تسجيل عدد جديد من الإصابات في الأيام والساعات الماضية، فقد أعلنت وزارة الصحة العامة، في بيانٍ لها أنه بتاريخ 29 شباط (فبراير) الماضي أجرى مختبر مستشفى الحريري الجامعي 57 تحليلاً مخبرياً لعينات من أشخاص مشتبه بإصابتهم بفيروس <الكورونا>، وكانت النتيجة 54 سلبي وثلاثة ايجابي، بذلك يكون قد تم تشخيص ثلاث حالات إضافية مصابة بفيروس <الكورونا>. وأوضح ان الحالة الاولى تتعلق بشخص مصاب من التابعة السورية كان قدم من ايران عن طريق سوريا ثم نقل الفيروس لابنه. أما الحالة الثانية ترتبط مباشرة بالحالتين الآنفتي الذكر وهو صديق لهما ظهرت عليه عوارض المرض بتاريخ 27 شباط (فبراير)، وهو قيد الحجر أيضاً داخل المستشفى، وأمّا الحالة الثالثة فهي زوجة المصاب الايراني الذي شخص بتاريخ 27/2/2020 وهما أيضاً موجودان في المستشفى قيد العلاج.

وقد عوّلت الوزارة على وعي الوافدين من الدول التي تشهد انتشاراً محلياً للوباء لجهة التقيد التام بأصول العزل المنزلي، كما ناشدت جميع المواطنين التزام تدابير الوقاية وتفادي الاشاعات والامتثال بباقي الدول بالتعاطي الحضاري والتضامن ومساندة مؤسسات الدولة لتخطي هذه المرحلة.

 

.. ويُغلق المدارس والمجالات الجوية.. ولو متأخراً!

كان مرّ أكثر من اسبوع على تعرض مواطنين لبنانيين لإصابات بفيروس <كورونا> قبل أن تُعلن وزارة التربية في لبنان تعليق الدراسة لمدة اسبوع، كإجراء احترازي لمواجهة الفيروس المستجد. والسؤال الذي لا بد من طرحه أمام هكذا حالة، هل كان قرار اغلاق المدارس والجامعات والمعاهد بحاجة إلى مشاورات في ظل حالة من الرعب يعيشها البلد؟. فاللأسف مجدداً فإن حرص وزارة التربية على الطلاب واصدار وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب قرار الاقفال، جاء بعد التشاور مع وزير الصحة العامة حمد حسن وذلك كإجراء احترازي. ويوم الاثنين الماضي سُجلت في لبنان اصابة عاشرة تزامناً مع إعلان الدولة وقف حركة النقل الجوي والبري والبحري للوافدين من الدول الرئيسية التي تشهد انتشاراً للمرض، باستثناء اللبنانيين الراغبين بالعودة إلى بلدهم أو الأجانب المقيمين في لبنان. وقبلها بيومين دعا وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار وقف النقل جواً وبراً وبحراً لجميع الأشخاص القادمين من الدول التي تشهد تفشياً لفيروس <كورونا>، على أن يستثنى من ذلك فقط المواطنون اللبنانيون والأجانب المقيمون في لبنان. والدول المعنية بشكل رئيسي بهذا القرار هي الصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا.

المؤكد أن خوف اللبنانيين مشروع ومُبرر لأن الحكومة تأخرت في اتخاذ التدابير الوقائية منذ تسجيل أول حالة، وجميع المؤشرات تدل على انه إذا استمرت على هذا المنوال فإن الفيروس سينتشر بين اللبنانيين بشكل كبير بعد شهر لأن الحكومة انتظرت وصول <كورونا> لتبدأ بالتحرك، فهي لم تخصص مسبقاً مستشفيات خاصة لاستقبال الحالات المُشتبه بإصابتها بالفيروس. كما تأخرت في ضبط حركة الطيران مع الدول الموبوءة. فمن أتى من بلد يشهد انتشار <كورونا> بشكل سريع من غير المُستبعد أن يكون مُصاباً، وهذا لا يظهر إلا بعد 24 يوماً.

 

بين الاحتياطات وصراحة دياب!

وبحسب الإحصاءات التي ترد من الصين، منبع انتشار <كورونا> تبيّن بحسب الدراسات أن المُصاب بالفيروس ينقل العدوى الى 4 و6 أشخاص، وبما أنه حطت في لبنان بالأسابيع الأخيرة طائرات عدة آتية من إيران تحديداً وإيطاليا وكوريا الجنوبية، فمعناه أن ما لا يقل عن ألف شخص قد يكون مُشتبهاً بإصابتهم بـ<كورونا> يتنقلون بحرية بين المناطق اللبنانية، خصوصاً أنهم لم يخضعوا لفحص PCR للكشف عن الفيروس. وبحسب العديد من الأطباء فإن الإجراءات التي اتخذها لبنان حتى الآن هي غير كافية، لأن عوارض <كورونا> لا تظهر على المُصاب إلا بعد فترة تتراوح بين أسبوعين وشهر، ومن هنا فإن قياس الحرارة التي تتخذها الدولة في المطار وعلى المعابر ليست مقياساً للإصابة بالفيروس. واللافت في الأمر أنه وبحسب ما صرّح به سياسيون لبنانيون أن كل هذه الإجراءات المتأخرة التي تتخذها الدولة اللبنانية لمنع وصول <الكورونا>

لا تمنع وصول الفيروس وإنما تأخره.

من قلب هذا الواقع المخيف، أطل الرئيس دياب على اللبنانيين ليواجههم بالصراحة وهي أن الدولة في ظل واقعها الراهن، لم تعد قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم وأنها فقدت هذه الدولة ثقة اللبنانيين بها وتراجع نبض العلاقة بين الناس والدولة إلى حدود التوقف الكامل. وقال: اليوم نحن أمام معضلات كبرى، بينما آليات الدولة ما تزال مكبلة بقيود طائفية صدئة، وجنازير فساد محكمة، وأثقال حسابات فئوية متعددة، وفقدان توازن في الإدارة، وانعدام رؤية في المؤسسات. ولفت إلى أن الأيام المقبلة ستشهد حسم النقاش لاتخاذ قرار مفصلي لهذه الحكومة، وهو قرار حساس ودقيق، ندرسه بعناية شديدة، لأنه يشكل محطة مهمة نحو رسم معالم لبنان المقبل.

هل تعمّر الحكومة؟

 

خلال الأيام الماضية القليلة، جرت تسريبات عن جهات سياسية فاعلة في لبنان تؤكد أن حكومة الرئيس دياب لن تُعمّر لأكثر من ثلاثة أشهر، وذلك نظراً إلى الحجم الهائل للمشاكل التي تعترض طريقها، وهذا بالفعل تجسيد واقعي لما ينتظرها من استحقاقات ستجد الحكومة نفسها عاجزة أمامها، على رغم جرعات الدعم، التي يحاول حزب الله مدّها بها، خصوصاً بعد كلام أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي طلب من الجميع إعطاءها فرصة. والأبرز ان الفرصة التي طلبها نصر الله للحكومة التي يُحكى عن انها صنيعته وأنها ولدت بمشورته وموافقته وشروطه، لن تلقى الفرصة نفسها عند الولايات المتحدة الأميركية ولا العديد من الدول العربية. ففي أميركا يتوزّع النقاش في دوائر الإدارة بين فريقين أساسيين، الأول متشدّد، ويعتبر أن الحكومة اللبنانية تزيد من نفوذ حزب الله في الدولة اللبنانية، ويجب مواجهتها بإجراءات قانونية ومالية واضحة، ويكون لها تأثير على لبنان وعناصر السلطة فيه مثل وقف المساعدات للمؤسسات الأمنية، لكن ظل هذا المقترح محاصراً في أروقة البيت الأبيض وعلى لسان بعض الصقور من إدارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب>.

أمّا الفريق الثاني في النقاش تمثّل في تيار وزارة الخارجية، ويقوم على انتظار ما ستفعله حكومة حسّان دياب، ويبدو أن هذا التيار المتروّي تمكّن من وضع معادلة من لبنان وحكومة دياب، وفي هذه المعادلة الكثير من التروّي، لكنها تخفي الكثير من التشدّد. ومع هذه المعادلة أصبحت وزارة الخارجية الأميركية والوزير <مايك بومبيو> في موقع القيادة ومسؤولة عن الملف. من هنا جاء كلام مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لقنوات عربية أشار فيه الى أن ما نراه الآن من حكومة دياب ليس واعداً، ولا يتطابق مع المطلوب ولا مع ما يطالب به اللبنانيون، مؤكداً أن الولايات المتحدة تراجع دائماً موقفها ومساعداتها وهي ستفعل ذلك. ويبدو أن العقوبات الجديدة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على حزب الله، المقصود منها احراج الحكومة امام <الحزب> وبالتالي تعكير حالة الصفو القائمة بين التوليفة الواحدة ورمي الخلافات بينها، من بوابة تقاذف المسؤوليات والاتهامات بين مكوناتها.

 

جعجع يُلخص حالة البلد.. بإيجاز!

صباح الاثنين الماضي فتحت معراب بابها أمام عدد من الاعلاميين لغرف ما تيسّر لهم من اطلاع شامل على الأوضاع في البلاد في لقاء حواري مع رئيس حزب <القوات اللبنانية> سمير جعجع الذي استهل حديثه بالكلام عن فيروس <كورونا> واصفاً اياه على انه موضوع علمي بحت وان الإصابات المسجلة في الآونة الأخيرة جاءت من ايران، داعياً الدولة الى تحمّل مسؤولياتها من بوابة منع الرحلات بين البلدين غير تلك المنظّمة. كما تمنّى على وزير الصحة في لبنان التشدد في موضوع الحجر الصحي على المصابين. أمّا حول الشائعات التي طالته شخصياً على انه مصاب بمرض السرطان، فقد كشف جعجع أن أشخاصاً يعملون لخدمة النظام السوري هم الذين يروجون هذه الشائعة، طبعاً مع نفيه هذا الأمر جملة وتفصيلاً.

من الباب الصحي ينتقل جعجع الى الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان ليؤكد انه لامس قعر القعر علماً ان أقصى تمنياتنا هو نجاح الحكومة في عملها، هذا مع العلم أن النجاح يتطلب معالجات جدية وهذا للأسف ما لم نلمسه حتى اليوم. كما انني سبق وحذرت عشرات المرات من هذا الوضع لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود، فطالما أن جماعة <8 أذار> ممسكون بالحكم في لبنان، فهذا يعني <فالج لا تعالج>. وأضاف: إذا كان صندوق النقد الدولي <شيطان رجيم> نتمنى على نائب الأمين العام لـحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن يجد لنا أي جهة يُمكن ان تقرضنا المال. وفي تصويبه على العهد يرى جعجع أنه لو كان مكان الرئيس ميشال عون لتخلى عن كل الأفكار المسبقة ولقام بالتركيز على ايجاد الحلول لانقاذ البلد مما هو فيه، فنحن اليوم بأمس الحاجة الى استعادة الثقة بين المواطن والدولة وهذا الامر مفقود في الوقت الراهن حتى مع الخارج.

 

الهدر والفساد ونظام الأسد!

 

وفي ملف الهدر والفساد، لفت جعجع إلى انه يوجد في لبنان بين 10 و11 معبراً غير شرعي يهدر لبنان من خلالها ملايين الدولارات سنوياً. كما ان جميع اللبنانيين يعلمون حجم الفساد والهدر في الجمارك وهذا الموضوع على وجه التحديد بحاجة الى قرار سياسي. وفي بقية القطاعات دعا جعجع الى ضرورة انشاء هيئات ناظمة في قطاعي الاتصالات والكهرباء. أما في ما يتعلق بالدعوة الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة، اكد ان القانون الحالي هو من أبرز القوانين التي توصلنا اليها بعد مخاض طويل وعسير، وهو القانون الذي اسقط المحادل وعطل البوسطات. ومن يدعو الى انتخابات مبكرة، هو بكل تأكيد لا يُريد اجراؤها.

ولفت الى أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية هو رجل قناعات على عكس الرئيس عون الذي كان خصماً لحزب الله قبل أن يُصبح شريكه وحليفه. المشكلة الأساس في البلاد هي حزب الله وسلاحه، لكن المواجهة معه يُمكن ان تؤدي الى حرب أهلية. وفي سياق تركيز حزب <الكتائب> هجومه المستمر على <القوات> لفت جعجع إلى ان <الكتائب> تطلب منا ما تعجز هي عن القيام به، ومشكلتها أنها تُطلق على حزب الله رصاصة بينما تطلق علينا عشرات الرصاصات. وانهى جعجع حديثه بالشق المتعلق بسوريا ليؤكد أن الشعب السوري بطل لكن القيادات عجزت عن ايصال سوريا إلى بر الأمان. كما ان الثورة السورية لم تنته بعد، والأكيد أن لا مقومات لبقاء نظام بشار الأسد.