تفاصيل الخبر

الفساد في قطاع النفايات.. روائح كريهة ودعاوى معلقة!

13/12/2019
الفساد في قطاع النفايات.. روائح كريهة ودعاوى معلقة!

الفساد في قطاع النفايات.. روائح كريهة ودعاوى معلقة!

 

 

بقلم طوني بشارة

 

مؤسس ”متحدون“ الدكتور رامي عليق: القضاء على المحك وإذا كان القاضي فاسداً  فكيف سيحكم بملف الفساد؟

 

 

 

ملف النفايات في لبنان تفوح منه رائحة فساد كريهة، رائحة طالت وجوهاً مدنية وسياسية عديدة، مما دفع البعض الى رفع دعاوى فساد بحقهم، دعاوى اغلبيتها تم التحفظ عليها من قبل القضاء، والنجم الأبرز في ملف الفساد هو نبيل الجسر، يليه جهاد العرب، ومن ثم داني خوري وشادي ورانيا بو مصلح.

<الأفكار> ليست بمجال إدانة احد اذ ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته، ولكنها ستعرض وقائع ومعلومات جمعتها من خلال حوارها مع مؤسس <متحدون> (مجموعة من المحامين متحدين ضد الفساد) الدكتور رامي عليق.

وكان السؤال المدخل:

ــ بصفتك مؤسس <متحدون>، حدثنا عن الية العمل المتبعة من قبلكم بملفات الفساد؟

- الالية المعتمدة من قبلنا تتضمن ما يلي:

أ- نعمل على الدعاوى القضائية بالوكالة وندعي بالأصالة، ونتخذ صفة الإدعاء الشخصي لنتحمل المسؤولية كمحامين بشكل كامل، وهذا ما جعل كبار القضاة يعلنون بأننا نقدم أدلة دقيقة جداً، وعلاقتنا ممتازة مع النائب العام المالي.

ب- نسعى لخلق رأي عام حول قضايا الفساد معتمدين على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال صفحة وموقع <متحدون>، معتبرين ان كل ملف لا يتحول الى ملف رأي عام ينتهي بجوارير القضاء.

ج- الحضور بقوة على الأرض وقد ظهر هذا الامر بملف الضمان وقضية الإذن للإدعاء على سمير عون.

ــ تتخذون صفة الإدعاء الشخصي، فمن أين تحصلون على التمويل؟

- نعتمد على التمويل الذاتي وأتحدى أياً كان ان يتمكن من إثبات أي إشاعة تطالنا لاسيما لجهة تلقينا أموال من أي جهة سياسية كانت، ولدينا ما يقارب 70 ملف فساد و90 بالمئة من عملنا ينصب على هذه الملفات وبمعدل 11 محامياً متفرغاً، وهنا كنا نتمنى أن نحصل على دعم من الجهات التي يهمهما أن تجري الأمور بشفافية بملف الفساد.

القاضية عون وعدم تنفيذ القرار!

 

ــ من ضمن الملفات نرى تركيزاً على ملف النفايات، فمتى ابتدأ الاهتمام بهذا الملف وعلى ماذا تم التركيز؟

- ابتدأنا الاهتمام بملف النفايات في نيسان (ابريل) 2018، وتقدمنا أمام القاضية رلى شمعون بعاليه (قاضي الأمور المستعجلة) نطلب منها وقف توسعة الكوستابرافا، علما ان افرقاء هذا الملف هم مجلس الانماء والاعمار بشخص نبيل الجسر، شركات جهاد العرب (شركة الجهاد للتجارة والمقاولات) وقد نتج عن ذلك قرار صادم بإقفال مشروع

التوسعة.

وتابع عليق قائلا:

- تم تبليغ مدعي جبل لبنان القاضية غادة عون بتنفيذ القرار عن طريق إرسال الضابطة العدلية، ولكن القرار للأسف لم ينفذ حينها من قبل الضابطة العدلية، فاضطررنا كـ<متحدون> الى أخذ دور الضابطة العدلية ونزلنا الى الكوستا مع القرار وألزمناهم بالتسكير خلال ساعتين.

وهنا أود ان اشير انه والى جانب تقديم الدعوى امام الأمور المستعجلة، كنا قد تقدمنا بشكوى جزائية امام النيابة العامة المعنية (النيابة البيئية) وطالبنا بفتح تحقيق جنائي وتم تحديد موعد للجلسة ومن ثم أُجل الموعد بحجة وجود نبيل الجسر خارج لبنان، وبعد أسبوع لم يحضر أيضا الجسر ولا حتى جهاد العرب، وأجرينا التحقيق الجنائي مع تحفظنا على عدم حضورهما واستمرت الجلسة لساعات عديدة مما جعلنا نحصل على المزيد من الأدلة، ومن بعدها تم استدعاء الخبراء، وبالمراجعات تم تمييع القضية من قبل القاضية غادة عون.

واستطرد عليق قائلا:

- اما الشكوى الثالثة فقدمناها امام النائب العام المالي، وكانت شكوى مدعمة بالأدلة الدامغة وبالأسماء وللأسف تم حفظ الشكوى بحجة عدم وجود دليل.

ــ وما قضية الحل الوسط الذي تم الوصول اليه آنذاك بملف التوسعة مع جهاد العرب؟

- بعد أسبوعين من تنفيذنا لقرار وقف التوسعة، تولى مجلس الإنماء والإعمار مهمة التهويل علينا وعلى القاضية شمعون مشيرين الى اختيار حل من إثنين، إما فتح الكوستا وأما إعادة النفايات الى الشارع، فلجأنا الى حل وسط يقضي بما يلي:

اصلاح الغطاء العازل - استكمال التمديدات لشبكة غاز الميتان - استكمال محطة التكرير وضرورة تشغيلها - اتباع الفرز الصحيح، وعلى أساس هذا الحل تم فتح التوسعة من اجل إتمام الإصلاحات الأربعة.

ــ الخبراء اصدروا تقريرا ينص على عدم وجود مواد عضوية تدخل الى المكب، فما كانت ردة فعلكم آنذاك؟

- بالفعل الخبراء المكلفون من القاضية رلى شمعون اصدروا تقريرا كاملاً ناقض التقرير الأولي، وأشار الى عدم وجود مواد عضوية تدخل الى المكب، عندها طلبنا من القاضية شمعون تحديد جلسة استماع للخبراء، فتمت المعارضة من قبل مجلس الانماء والاعمار، وبالرغم من ذلك حددت الجلسة واستمرت لخمس ساعات، وتم الاستماع لكل خبير بشكل منفرد، وتم التأكد من خلال جلسات الإستماع بأن الخبراء لم يتولوا أي عملية تحليل للمياه واكتفوا بالمقابلات النظرية وعلى أساسها اصدروا تقريرهم، واستناداً لذلك تقدمنا بدورنا بشكوى ضد الخبراء امام التفتيش القضائي.

ــ يقال انه حصل تفاوض بينكم وبين جهاد العرب بوساطة احد النواب، فما صحة ذلك؟

- بالفعل في تلك الفترة وردنا اتصال من بولا يعقوبيان تبلغنا من خلاله بأن جهاد العرب يطلب التفاوض معنا عبر جواد عدرا، وقد عقدنا اربعة اجتماعات مع عدرا، كل اجتماع امتد بمعدل اربع ساعات، والمتفاوضون كانوا رامي عليق وهاني الاحمدية من قبل <متحدون>، وجهاد عرب وجواد عدرا من جهتهم.

بنهاية هذه الاجتماعات طرحنا فكرة توقيع مذكرة تفاهم تتضمن تنفيذ الحلول العلمية بمعالجة النفايات لاسيما موضوع الفرز وضرورة وجود هيئة لديها خبرات تقنية مولجة بالتنفيذ، ولكن فشلت اول جولة بالمفاوضات لكون نبيل الجسر لم يسمح لجهاد العرب بالتوقيع على مذكرة التفاهم، وعندها تابعنا الدعاوى الى ان وصلنا الى مرحلة دعانا العرب للاجتماع معه، فعقدنا اربعة اجتماعات أخرى حاول خلالها العرب جاهدا الاستغناء عن توقيع المذكرة، ولكننا اصررنا كـ<متحدون> على التوقيع مع التركيز على موضوع الفرز، فتم اصدار قرار من مجلس الانماء والاعمار بتخصيص ما يفوق الـ20 مليون دولار لتأهيل معامل الفرز بالعمروسية والكرنتينا.

ــ ولكن بالرغم من هذا القرار نرى إصراراً من قبلكم على استمرار الدعاوى، فلماذا هذا الإصرار؟

ــ بنظرنا المشكلة لا تزال قائمة لسببين:

- اولاً نسبة الفرز لا تتعدى الـ 3 بالمئة وتقنيا المعدات قديمة وبالية والفرز يتم شكليا كما ان الكادر البشري غير مؤهل، ناهيك عن كون اغلبية هذا الكادر مصابة بأمراض مزمنة وخطيرة وناتجة عن التلوث.

- اما السبب الثاني فمفاده ان كمية النفايات تفوق بحوالى 1000 طن الكمية الممكن فرزها داخل هذه المعامل، وهذه الكمية لا يتم فرزها ولا حتى وزنها بل ترسل فورا الى المطمر علما ان القيمين على عملية الفرز يتقاضون تكلفة الفرز.

ــ وكيف تمكنتم من توقيع المذكرة مع عرب؟

- بخلاصة المرحلة الثانية من الاجتماعات تم توقيع المذكرة من قبل جهاد العرب بعد ان كان قد رفع علينا دعاوى بالنيابة العامة وبقضاء العجلة ببيروت واللافت انه لجأ أيضا الى قضاء العجلة بالمتن لرفع دعوى شخصية ضدي بغرامة اكراهية ودعوى تصفية غرامة تفوق المليار ليرة، وبسبب عدم رضوخنا قام العرب بتوقيع المذكرة معنا، وخلاصة المذكرة كانت تقضي بمعالجة النفايات علميا وبيئيا علما ان لهذه المعالجة مردوداً مالياً كبيراً.

ولكن تفاجأنا كـ<متحدون> ونحن بخضم تنفيذ المذكرة بأن جهاد العرب اخذ مناقصة معمل التخمير في الكوستا علما انه كان ضد فكرة التخمير، كما انه لم يتم اعطاؤنا بقية المستندات التي تسمح لنا بتكملة المعلومات الميدانية حول المطمر ومعمل الفرز، فتم إيقاف المذكرة.

شائعة الـ100 الف دولار والدعاوى المرفوعة!

ــ وما صحة الاشاعة بأن رامي عليق قبض مبلغ 100 الف دولار من جهاد العرب من اجل التعاون او حتى طمس موضوع الكوستا؟

- من ضمن عملنا كجمعية تنمية علينا القيام بالامور التي لم تنفذها لجنة الخبراء، فتم الزام جهاد العرب بدفع مبلغ 100 الف دولار كدفعة أولى، ولنا الفخر بإلزام شخصية كجهاد العرب بدفع مبلغ من المال كمدعى عليه أولا وكملوث للبيئة ثانيا، ونحن وتوخياً للشفافية والعلنية الكاملة قمنا بإعداد ملف بالمصاريف المالية وهو معد للإطلاع لكل من يرغب، وهنا اود ان اشير ان إيصال القبض هو باسم الجمعية وليس بإسمي.

ــ وماذا شملت هذه التكاليف؟

- أجرينا تحاليل كثيفة للمياه بالجامعة الأميركية، وكلفنا فريق غطس لاخذ عينات ولتصوير بقاع المياه، واعددنا تقريراً علمياً واعلنا عن بعض النتائج ومنها ظهور غاز الميتان بمكب الكوستا، وهذا الامر بسبب خطورته يغطي على الموضوع الأساسي وهو التلوث، فالمطمر بمثابة قنبلة موقوتة بقرب المطار اذ هناك مدرج للطائرات قريب جدا من التوسعة، وبالفعل ان ما قام به جهاد العرب ومجلس الانماء من معالجة غاز عن طريق الانابيب مفيد للتلوث ولكنه لا يكفي ابدا ويعتبر قنبلة موقوتة بمحيط المطار.

ــ بالعودة الى القضايا المرفوعة من قبلكم نرى ان هناك ادعاء على وجوه عديدة تعتبرون انها فاسدة بملف النفايات، فما واقع هذه الدعاوى؟

- لقد فتحنا ملف النفايات على مصراعيه، بدءا من برج حمود مرورا بالجديدة وصولاً إلى طرابلس والمنية والضنية، والنجم الأساسي بالفساد في ملف النفايات هو نبيل الجسر ومن ثم يليه جهاد العرب وداني خوري ورانيا وشادي بو مصلح، والدعاوى موضوعها هدر هبات واموال عمومية واستغلال وظيفي وصرف نفوذ واختلاس وتبديد أموال عمومية وتلوث...

فضيحة معمل فرز المنية!

ــ حدثنا عن فضيحة طرابلس وبالتحديد معمل فرز المنية؟

- في المنية هناك اكبر معمل فرز بلبنان ابتدأت فكرته عام 2006 حيث ان الاتحاد الأوروبي دفع ملايين الدولارات لتشغيل معمل الفرز ولكن دون نتيجة اذ ان الأموال تبخرت، والادعاء حاليا يشمل الأطراف الاتية:

- شركة جهاد العرب ممثلة برئيسها

شركة رانيا وشادي بو مصلح

اتحاد بلديات المنية ممثلا بأحمد قمر الدين

نبيل الجسر (مجلس الانماء والاعمار).

وقد اتصلنا كـ<متحدون> على مدى اشهر بمكتب محاماة بفرنسا وتبادلنا الزيارات على أساس ان يتم رفع الموضوع الى السلطات العليا بالاتحاد الأوروبي لاجراء اللازم، وهذا الموضوع اثير مؤخرا ببرلمان الاتحاد الأوروبي وكذلك اجرينا اجتماعاً مع سفارة الاتحاد من اجل التعاون لاعادة الأموال التي نهبت.

ــ اشرت الى وجود ما يمكن تسميته بالقنبلة الموقوتة بالقرب من مطار بيروت، فهل سعيتم الى إيجاد حل قانوني لهذه القضية؟

- بالفعل هذا الامر خطر جدا وقد تقدمنا كـ<متحدون> وبالتعاون مع شركائنا (غرين غلوبال) بدعوى امام النيابة العامة التمييزية بجبل لبنان ضد كل من مجلس الانماء والاعمار ــ جهاد العرب ــ داني خوري للمقاولات وشركة رفيق خوري للاستشارات ودار الهندسة، وهذه الشكوى وبالرغم من أهميتها ما تزال محفوظة لدى النيابة العامة التمييزية، فتقدمنا بشكوى أيضا على الغاز بالنيابة العامة المالية وتم حفظها بتاريخ 9-10-2019 امام مجلس القضاء الأعلى.

ــ هناك تحفظ على ملفات الفساد بمجال النفايات كما ابلغتنا، فهل من مساعٍ من قبلكم لتحريك هذه الملفات؟

- عندما انطلقت الثورة كانت هناك ملفات محفوظة ومتوقفة، وقد أجرينا تواصلاً او تدخلاً من قبل مجلس القضاء الأعلى بواسطة رئيسه لوضع دعاوى <متحدون> بشأن الفساد على السكة القضائية الصحيحة، وادعينا على النائب العام المالي علي إبراهيم من اجل تنحيته عن بعض القضايا، وحاليا نعتبر ان القضاء على المحك وما زلنا بحال مراوحة، فإذا كان القاضي فاسداً فكيف سيحكم بملف الفساد؟

ولخدمة ملفاتنا أجرينا تواصلاً مع مجلس القضاء الأعلى عبر رئيسه كما تواصلنا مع كل من يمكنه دعم هذا المسار، ومن ضمن اتصالاتنا تواصلنا مع رئيس الجمهورية الذي عرض مرارا استعداده لمواجهة الفساد.

ــ هذا على الصعيد المحلي، فماذا عن التحرك الدولي بشأن ملف فساد النفايات؟

- لجأنا من اجل انقاذ الشاطئ اللبناني الى برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن طريق سفارة الاتحاد الأوروبي ومنذ سنة تقريبا نعطيهم الأدلة، ولكن اصطدمنا بتداخل الصلاحيات على مستوى الأمم المتحدة ولم نصل الى نتيجة.

تجدر الاشارة إلى ان <الأفكار> وتماشيا مع مبدأ الموضوعية العلمية حاولت الاتصال بالاطراف الأخرى المعنية بالموضوع أمثال العرب وابو مصلح والخوري، ولكنها لم تلقَ أي جواب او حتى رغبة بالتواصل معها.