تفاصيل الخبر

الفنــــان محمــــــود حميـــــــدة: لا يــــــوجــد احـتـكــــــار فــــــي الـسـيـنــمـــــــــا الـمصـــــــريــة ولــــــكـن هــنـــــــاك «بـلـطـجـــــــــــة»!.  

26/02/2016
الفنــــان محمــــــود حميـــــــدة: لا يــــــوجــد احـتـكــــــار فــــــي الـسـيـنــمـــــــــا  الـمصـــــــريــة ولــــــكـن هــنـــــــاك «بـلـطـجـــــــــــة»!.   

الفنــــان محمــــــود حميـــــــدة: لا يــــــوجــد احـتـكــــــار فــــــي الـسـيـنــمـــــــــا الـمصـــــــريــة ولــــــكـن هــنـــــــاك «بـلـطـجـــــــــــة»!.  

1ربع قرن وأكثر، صنع خلالها الفنان المميز محمود حميدة تاريخاً تنظر له بعين الاحترام وتأخذ منه الدروس.. ورغم اعتزازه بهذا التاريخ، إلا أنه يكسر توقعات الناس حياله، ويستمر في الانحياز للفن بحساباته الخاصة جداً.. أثناء حضوره الدورة الأخيرة من <مهرجان دبي السينمائي الدولي> التقيناه على شرف العرض الأول لأحدث أفلامه <نوارة> ودار اللقاء الآتي..

ــ 3 أفلام في عام واحد.. كيف تفسر نشاطك في وقت يعاني فيه الفنانون الكبار من عدم توافر أدوار تناسبهم؟

- بالطبع لهم كل الحق في الابتعاد، والسبب في ذلك هو غياب القانون الخاص بالصناعة الذي أنادي به منذ أكثر من 20 سنة، فغيابه منع الاستثمار الحقيقي في صناعة السينما، وببساطة لن نجد مصرفاً يموّل فيلماً، لأنه لن يستطيع تقدير المخاطر في ظل غياب القانون، فمثلاً لو كان لدي نجم صاعد وأريد أن أتبناه وأستثمر فيه، مادياً ومعنوياً، ومن الطبيعي أن النجم بعد فترة من الزمن سواء كان ذكراً أو أنثى، يصبح خارج دائرة اهتمام رواد السينما الذين تشير استطلاعات الرأي أن تصنيفهم العمري يتراوح ما بين 14 و24 سنة، وهم روّاد السينما الذين نحسب على أساسهم إيرادات السينما باعتبار أنهم يذهبون إلى دور السينما مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، وحالياً زاد الهامش وأصبح التصنيف من 12 إلى 27 سنة، وهؤلاء ناس مقبلون على الحياة، يريدون أعمالاً متوائمة مع الحالة التي يعيشونها، في وقت لا يحقق كبار السن من الفنانين هذه الحالة إلا في نوعيات معينة من الكتابة. ومن أمثلة الصناعة المستقرة التي تمتلك قانوناً أذكر الصناعة الأميركية، فهم فقط من يستطيعون الاستثمار في النجوم الكبار ويعرفون كيف يستثمرونهم، مثلاً الفنان <جين هاكمان> تخطى مرحلة الشباب، فماذا فعلوا حتى تستمر عملية الاستثمار به؟ قاموا بتأليف أعمال وأدوار خصيصاً له، ولو نظرنا في استغلالهم لـ<كاترين دينوف> النجمة الفرنسية التي تخطت السن وهي مثل هند رستم في مصر، نرى أنه قد تم تفصيل أدوار لها، وانني أتساءل كيف تكون لدينا نجمة كبيرة مثل هند رستم قبل وفاتها ولا نستغلها للصناعة وللجمهور؟ وكذلك الفنان محمود عبد العزيز لا يعمل، وعادل إمام وأي نجم أو نجمة في المرحلة العمرية التي نمر بها، وهذه خسارة كبيرة للصناعة والجمهور.

 

لا احتكار بل <بلطجة>

 

ــ ولكن الصناعة تسير منذ بدايتها بالعُرف الذي وضعه رُوّاد السينما؟

- سألني أحدهم ذات مرة: هل هناك احتكار في السينما؟ فرددت عليه وقلت: لا يوجد احتكار لكن هناك <بلطجة>، لأن الاحتكار لا يتناسب مع غياب القانون، فما يحدث هو <بلطجة> حيث الناس التي تفهم في الصناعة تنسحب في إطار انسحاب العقول على المستوى العام في مصر، وهذه الظاهرة لاحظتها منذ 20 عاماً، فنرى أناساً تأتي لكي تصلح الأحوال بدون أن تحصل على أجر، ولا يبخلون بخبرتهم أو دراستهم، لكن لا يؤخذ بها، فيقررون الانسحاب على الفور، رغم معرفتنا بقيمتهم العلمية وخبراتهم.

ــ وما سر استمرارك سينمائياً؟

- لأنني سلكت طريقاً آخر بدأته منذ زمن وهو بسيط للغاية، فأنا في بداياتي كنت منطلقاً بسرعة الصاروخ كما قيل عني وقتئذٍ، إذ كان يأتي منتج ويطلب أن أقدم دوراً صغيراً في فيلم وكنت أوافق، فقدمت أدواراً مع عادل إمام وأحمد زكي، حتى إن المنتج الراحل رياض العريان في فيلم <الباشا> كان رافضاً لقيامي بدوري فيه لأنه كان صغيراً جداً، بخلاف دوري في فيلم <الرجل الثالث>، فكيف ألعب دوراً متساوياً في فيلم والعمل الذي يليه أقوم فيه بدور صغير؟! وكانت وجهة نظر العريان أنه كيف تلعب دوراً كبيراً في فيلم <الامبراطور> وبعدها تلعب دوراً صغيراً في <الباشا>؟ فأنا لم أهتم بذلك منذ البداية، لذلك سلكت طريقاً من الصعب أن يسلكه غيري، وهم لهم كل الحق في ذلك، أما أنا فتجدني ألعب دوراً صغيراً في فيلم ودوراً كبيراً في آخر.

ــ في رأيك، ما الجهة المنوطة بوضع القانون الذي يحكم الصناعة؟

- الصُنّاع أنفسهم، وهو ليس من اختصاص الغرفة لأن الهدف من وجودها أصلاً هو حل مشاكل الصناعة بعيداً عن القضاء، ووضع لائحة خاصة لمجموعة من الصُنّاع في سلعة ما، وإن القانون المنظم للغرفة تم وضعه بمعرفة وزير الثقافة، وهي ككيان تتبع اتحاد الصناعات الذي يتبع بدوره وزارة الاستثمار، فيما الأصول ودور العرض والمعامل تتبع وزارة قطاع الأعمال العام، فعندما كنت أقابل الوزير فاروق حسني كنت أسأله كيف لوزير الثقافة أن يقدم قانوناً لغرفة لا تخصه؟!

 

النجوم والإعلانات

ــ لماذا ترفض اقتحام النجوم لمجال الإعلانات؟

- الاعلانات بالنسبة للفنان كارثة، لأنها تأخذ كل جاذبيته ولا تترك له أي بصمة، لأنه يقف أمام المنتج ليصور به، فالمنتج يأخذ نجوميته، لذلك تجد بعدها أن إيراداته انخفضت، وسأذكر مثالاً: <جورج كلوني> هو نجم كبير، لكن عندما قدّم إعلان نظارة وجدنا أن إيراداته انخفضت، لذلك عندما يفكر في تقديم عمل جديد يستعين بنجوم آخرين حوله، إنما هو بمفرده لن يحقق أي إيرادات، لذلك الإعلانات تستهلك النجومية، ورأيت ذلك منذ زمن عندما قدّم الفنان الراحل حسن عابدين إعلاناً لإحدى شركات المياه الغازية، وكان ممثلاً كبيراً وعظيماً، وكنت أذهب لمشاهدته يومياً طوال عرض مسرحياته لأستمتع بأدائه، لكنني لا أذكر أي عمل له سوى الإعلان، فهو منعني من الاستمتاع بنجمي ولا أعرف السبب لذلك، وشرحتها لنفسي بعد ذلك بأن الإعلانات تأخذ وهج النجومية من الفنان أياً كان الإعلان أو النجم، فالإعلانات أصبحت الفن الثامن.

ــ كل ممثل عمل مع يوسف شاهين تطبّع بأدائه إلا أنت.. ما السبب؟

- ليس تمرداً ولكنه تفهم للتوجيه الدرامي، شاهين شأنه شأن كل المخرجين الذين لم يتعلموا التوجيه الدرامي، فكانت لديه طريقة خاطئة في توجيه الممثل حيث يقوم بتذكيره بلحظة إنسانية تخص الممثل ولا تخص الشخصية التي يلعبها، فمثلاً عندما كان يريد الممثل حزيناً، كان يسأله عن والده إن كان حياً أو ميتاً، فإذا كان ميتاً يطلب أن يتذكر يوم وفاته، ويطلب أن ينظر في عينيه ليتذكر ويبدأ الممثل في العودة بالذاكرة ويبكي، وفي هذه اللحظة يبدأ التصوير على الفور، فعندما تتواصل مع شاهين وتصدقه انسانياً تبدأ تتحدث بالنوتة الموسيقية نفسها التي يتحدث بها، وعندما بدأت أعمل معه قال لي أنظر في عيني فقلت له أنظر في أذني وقل لي ماذا تريد، فاستغرب ونفذ ما طلبت، لذلك أرى أن توجيه <جو> هو ما فعل ذلك بالممثل، وهذا ليس ضعفاً من الممثلين، ومن أهم البارزين في أعماله هند رستم وفريد شوقي وفاتن حمامة وحسين رياض، هؤلاء كان لا يعطيهم توجيهاً فنياً بل كان الكلام معهم عمومياً، وأيضاً يوسف كان ناشطاً اجتماعياً كبيراً جداً.

ــ لماذا دخلت مجال الانتاج رغم المشاكل التي يعاني منها صُنّاع السينما؟

- لو سألتني في السابق هل ستنتج؟ كنت سأرفض، لأنني رجل متخصص في التمثيل، ولم أفكر نهائياً في الانتاج، لكن عندما سافرت لأتعلم في أميركا، وكنت أحب مشاهدة أفلام كثيرة جداً، وجدت في <التتر> أن المنتجين هم ممثلون معروفون أو مخرجون كبار، وعندما ذهبت للتعرف على <ستيفن سبلبيرغ> وعملت معه 15 يوماً، و<جورج لوكاس> عملت معه حوالى شهر ونصف الشهر، فهمت أن هؤلاء هم من يغيرون الصناعة ويتقدمون بالسينما، فعرفت أن الممثل يجب أن يكون ضليعاً في الإنتاج حيث نجد أن كل المعدات الجديدة التي شهدتها السينما سببها مخرج أو مدير تصوير، مثلاً <الاستيدي كام> صنعها مدير تصوير بناءً على طلب مخرج، لذلك قررت إنشاء شركة إنتاج، ولم أكن أعرف ماذا سأنتج، والهدف هو أنني سأكون ضالعاً في السينما، لأنني أحبها، فعندما تحدثنا عن وحدة عربية كان الأمل في السينما، لأن السينما هي نوع من <الديالوغ>، لذلك عندما كنا نسافر الى الدول العربية كنا نجد أن الناس تتحدث إلينا باللهجة المصرية، فكان الفيلم المصري تقارباً للأنماط المعيشية.

ــ هل انتاجك فيلم <جنة الشياطين> كان مغامرة؟

- قرأت سيناريو الفيلم وقد أعطاني كاتبه مصطفى ذكري ومخرجه أسامة فوزي نسخة منه وأنا في طريقي الى تونس لحضور عرض فيلم <عفاريت الأسفلت> في <مهرجان قرطاج>، وعندما نزلنا من الطائرة قررت إنتاجه، وقال لي أسامة: <لن يكون لك دور فيه>، فقلت له لا أريد دوراً بل سأقوم بإنتاجه، لم يصدق ما قلته وكان رافضاً، لأنه كان متوقعاً للفيلم أنه يدخل بمنتجه في <حيطة>، والفيلم فني جداً، ونسبة إيراداته لن تتجاوز 1 بالمئة من ميزانيته، وفكرت في مقاييس إنتاجية جديدة من ورائه، لأنه أول فيلم مصري سيتم تنفيذه بنظام <الدولبي>، وهو أول فيلم يتم الترويج له في الشوارع بصور و<أفيشات> من تصميم ناجي شاكر، وقد أعطيت الفيلم لنجم كبير أول مرة أعلن عنه وهو عمر الشريف، ولكنه لم يرد علينا نهائياً، وكنت أعرفه بشكل جيد، وبعد ذلك عُرض الدور علي واخترنا ممثلين شباباً، وقمت بدور شخص ميت، وقدّمنا التجربة وكانت مغامرة كبيرة.

ــ ما رأيك في الوضع السياسي في مصر؟

- مصر هي مصر تحت رئاسة أي شخص، لكن لا بد أن يكون الحكم للشعب وليس لطائفة واحدة من الشعب، فحكم مصر بإرادة طائفة واحدة لا يجوز، فالحاكم في مكانه، لكن نظام الحكم أهم من الحاكم بكثير.