تفاصيل الخبر

الفنان الأميركي ”جوني تشيتوود“:لبــنان بلــد رائـع ولمست خـلال زيارتي اهتمام اللبنانيين بالفن!

24/05/2019
الفنان الأميركي ”جوني تشيتوود“:لبــنان بلــد رائـع ولمست خـلال زيارتي اهتمام اللبنانيين بالفن!

الفنان الأميركي ”جوني تشيتوود“:لبــنان بلــد رائـع ولمست خـلال زيارتي اهتمام اللبنانيين بالفن!

بقلم وردية بطرس

تألق <أرتوال غاليري> في وسط بيروت وسط بوتقة من الألوان المشعّة مع افتتاح المعرض الجديد لأعمال الفنان الأميركي صاحب الشهرة الواسعة <جوني تشيتوود> الذي أتى الى لبنان خصيصاً لهذه المناسبة. ويتضمن المعرض وعنوانه: <That’s Dallas Baby> مجموعة مذهلة من أعمال <تشيتوود> التي تفيض بالملامس والأطياف اللونية المتلألئة والنابضة بالحياة، والتي تزخر بصور بورتريه مفككة على نحو يجعلها تبدو قريبة جداً من رسوم الكرتون التي تتراقص على ايقاع الحنين الى الماضي وتلك الحيوية المعاصرة والانفعالية في آن واحد. ويستمر المعرض لغاية يوم الأحد 16 حزيران/ يونيو 2019.

يُذكر ان الفنان <جوني تشيتوود> ولد في العام 1986 في <ثاوزند أوكس> في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية. التحق بجامعة ولاية أريزونا في <تيمبي أريزونا>، الولايات المتحدة الأميركية. ويعيش حالياً في <لوس أنجلوس> في ولاية كاليفورنيا حيث يعمل أيضاً. ولقد عُرضت أعمال <تشيتوود> في العديد من المعارض الفردية والجماعية على مستوى العـــــالم بمـــــا في ذلك في مؤسســـــة <Rema Hort Mann> نيويــــــــورك، وفي العديـــــد مـــــن المعـــــارض والمتــــــاحف العالميــــــة، منها متحف <تورانس> للفــــــن، لــــــوس أنجلـــــوس، كاليفورنيـــــــا (2016)، ومعارض <TW Fine Art> في <بريسبـــــــــــان>، استراليــــــــــــــا (2018)، و<MAKASIINI CONTEMPORARY> توركو، فنلندا (2018)، و<BEER London> في لندن، المملكة المتحدة (2018)، و<Over the Influence> في هونغ كونغ (2018).

يبدو <تشيتوود> وكأنه منهمك بلعبة استراتيجية على كل مساحة لوحاته المخاطة، فيتخذ سلسلة قرارات خطوة بخطوة، تأتي كأجوبة سريعة لكل حركة محتملة. تبدأ الآلية بآلة خياطة، بعدها تنتقل الى الأرض ثم الى الجدران ومنها الى الأرض مجدداً، فيما يتنقّل من <كانفا> الى أخرى تاركاً وراءه مخلفاته العرضية ومواده المنسكبة، مدوّناً تاريخه وكأنه يصيغ سيرته الذاتية باستخدام الأقمشة والألوان الجريئة والخطوط الواضحة وقوة الخام التي تمتزج كلها وسط مقاربة جاهزة وحادة، انما تتمكن بشكل ما من الحفاظ على رونقها وجاذبيتها البصرية.

وتأتي أحدث أعماله الفنية التي تتمتع بمقاسات كبيرة، نتيجة آلية عمل طويلة اتبعها الفنان في بناء <الكانفا>. اذ انه انكبّ على مزج مجموعة من الأنسجة الممددة والمخاطة يدوياً مع صور فوتوغرافية، التقطت في حقبة خمسينات القرن الفائت. بعدها راح <تشيتوود> يتلاعب بتركيبة اللوحة من خلال اضافة طبقات لونية نابضة تمزج بين الاكريليك والألوان الزيتية، وسط أشكال تجريدية مستلقاة على خلفيات تنضح بالألوان الانفعالية. وعلى امتداد مجموعة من الوسائط تعكس المعروضات مزيجاً مذهلاً، حاداً وقوياً من التناقضات التي تتراوح بين السيطرة والفوضى وصولاً الى القديم والحديث في لوحة <تشيتوود> وعنوانها: < Not Many People Can Hit That Note but I Can> بما معناه: <ليس الكثير من الناس بامكانهم التغلب على هذه الملاحظة لكنني قادر على ذلك>، يبدو بطلها لاعب <بيسبول> مفكك، يبدو وكأنه ليس مستعداً للمواجهة فحسب، بل مخاط لكي ينقل العديد من الأفكار التي لعلها تدور في ذهنه، في موازاة سير المباراة. تبدو بعض أعماله الأخرى ومنها <3 Phones Jones> أكثر تجريداً لتترك للمشاهد حرية فهم الأشكال والخطوط والكتل اللونية التي يجمعها الفنان في هذه اللوحة.

وتجدر الاشارة الى ان <أرتوال غاليري> تتخذ من وسط بيروت مقراً لها، وهي صالة عرض تأسست على مفهوم خاص من قبل هند أحمد هدفه التعاون مع معارض دولية من اجل استضافة أعمال فنانين عالميين ناشئين ومعروفين تمهيداً لاطلاقهم في منطقتي الشرق الأوسط وشمال افريقيا، اضافة الى تقديم معارض فريدة. وتعليقاً على الافتتاح عبّرت هند أحمد عن سرورها الكبير لنيلها فرصة تقديم أعمال <جوني تشيتوود> للجمهور اللبناني وقالت:

- يجد عشاق الفن حول العالم أنفسهم منجذبين، لا بل متعطشين للاطلاع على المجموعة الغنية من الشخصيات التي يروي <جوني> قصصها في لوحة تلو الأخرى. واثق تماماً من ان زوار <أرتوال غاليري> كافة حريصون كل الحرص لاكتشاف المزيد حول آليات العمل غير المألوفة التي يعتمدها هذا الفنان المثير، والمواضيع غير المادية وغير الدنيوية التي يبتكرها رغم انها في الوقت نفسه تبدو مألوفة ومحبوبة.

من جهته قال الفنان <جوني تشيتوود> انه شعر بسعادة غامرة لدى رؤيته ردود فعل الجمهور ازاء أعماله في الأمسية الافتتاحية للمعرض وقال:

- يشتهر اللبنانيون بفضولهم الذي لا ينضب، وعشقهم السفر وتقديرهم لكل ما هو أصيل في عالم الفنون البصرية. انه لامتياز حقيقي لي لقدرتي على مشاركة أعمالي معهم وفي بلدهم الأم وذلك ضمن مساحة مثالية يوفرها <أرتوال غاليري>.

يُذكر <جوني تشيتوود> طوّر لغة تصويرية ملهمة تستثير المخيلة، وتسعى الى الغاء الحدود الواضحة بين السوريالية والتصويرية والتعبير التجريدي، وذلك على نحو يجعلها تتكامل مع نظامه الكتابي الخاص الذي يحاكي فن الغرافيتي رغم انه قريب جداً من أسلوب التجريري الذي تُستخدم فيه أساليب رش الألوان وتنقيطها وبعثرتها عبر حركات عفوية.

 

اهتمام اللبنانيين بأعمال <تشيتوود> الفنية!

<الأفكار> قصدت <أرتوال غاليري> في وسط بيروت وكان لها حديث مع الفنان الأميركي <جوني تشيتوود> بعدما قمنا بجولة في ارجاء المعرض وتحدثنا عن لوحاته وزيارته للبنان للمشاركة في هذا المعرض ونسأله:

 ــ ما الذي يجعل هذا المعرض مختلفاً عن بقية المعارض؟

- لفتني اهتمام الفنانين اللبنانيين بأعمالي الفنية وهذا أمر مميز بالنسبة الي، كما لاحظت اهتمام الزوار باللوحات وكانوا يسألونني عن هذه اللوحات اذ اعجبوا بالألوان كثيراً، والقصص الكامنة وراء العمل، مما يجعل المجيء للبنان للمرة الثانية أمر ممتع لعرض أعمالي الفنية في بيروت.

تسمية المعرض!

بالنسبة لتسمية المعرض بـ<That’s Dallas Baby> يقول:

- انه مجرد اسم، لقد جاءت التسمية من باب المزاح اذ انني اقيم في <لوس أنجلوس> وزوجتي ايضاً من <لوس انجلوس> ولدينا صديقان مقربان وهما ثنائي مرح يقيمان في <تينيسي> في الساحل الشرقي، ولدينا صديقان وهما ثنائي ايضاً يقيمان في <دالاس>، اذ نلتقي جميعنا في <دالاس>، وهكذا اطلقت اسم <دالاس> على المجموعة الفنية التي اعرضها الآن في <أرتوال غاليري> في وسط بيروت. وبالتالي تُعتبر دالاس النقطة الأساسية والتلاقي فيما بيننا كأصدقاء، ومثل كل عام نقوم برحلة جميعنا الى <دالاس> ومنذ ثلاث سنوات ذهبنا الى تكساس وطبعاً الحياة في تكساس مختلفة عن الحياة في لوس أنجلوس اذ لم نكن نستخدم البريد الالكتروني هناك، ولا نعمل وبالتالي كان الأمر مريحاً للغاية بعيداً عن ضغط العمل وما شابه، وبينما كان أحد اصدقائي يجول في دالاس قال <انها دالاس يا عزيزي>، وهكذا اطلقت على مجموعتي الفنية هذه التسمية، وبعدما قضينا بضعة أيام عدنا الى <لوس انجلوس> لكي أبدأ بالعمل لانهاء العرض بالوقت المحدد، اذاً هذه هي طريقتي بالعمل اذ استمتع بعملي كثيراً .

ــ وهل حضّرت عدداً كبيراً من اللوحات لهذا المعرض؟

- لقد حضّرت حوالى 12 او 14 لوحة، ولكن ليس هذا مهم، ما يهم انني عملت بشغف وطبعاً اتمنى ان اعود الى <لوس انجلوس> دون ان يكون معي ولا لوحة. لفتني اهتمام اللبنانيين بلوحاتي وهذا أمر يسعدني كثيراً لأنني كنت متحمساً للمجيء الى لبنان وعرض اعمالي هنا. كما لاحظت ان اللبنانيين يحبون الألوان كثيراً وهذا يدل على حبهم للحياة وكل ما هو جميل. وهذا ما يجعلني احب عملي اكثر فأكثر خصوصاً عندما ارى الزوار في لبنان يبدون اعجابهم بلوحاتي ويعبّرون بكل حماس فهذا امر يحفّز الفنان ان يقدم افضل ما لديه للمعارض المقبلة.

الزيارة الأولى لبيروت!

ــ زرت لبنان للمرة الأولى العام الماضي لتشارك في المعرض فما كان انطباعك قبل المجيء وماذا تغير؟

- أولاً لمست مدى اهتمام اللبنانيين بالفن وحظيت باهتمام كبير أثناء زيارتي الأولى لهذا البلد الجميل. وابدى اصحاب الغاليري شكرهم لقدومي الى لبنان، كما لمست دعم الناس الذين قصدوا المعرض للتعرف على اعمالي الفنية. وبدوري كنت متحمساً لزيارة لبنان للمرة الأولى. انطباعي الأول عن لبنان انه بلد رائع، وايضاً خلال زيارتي الثانية للبنان شعرت بالمثل. وكنت الاحظ من خلال الدردشة مع زوار المعرض في الزيارة الأولى لبيروت ان اللبناني يحب الفن كثيراً ويتمتع بالتعرف على فنون مختلفة. كما ان اقامة معرض في بيروت امر مميز فهذه المدينة تجمع الثقافة والفنون على انواعها فتجذب اليها ليس فقط محبي الفنون ولكن ايضاً الفنانين من مختلف البلدان، ويسعدني انني قدمت الى لبنان العام الماضي وهذه السنة ايضاً.

ويتابع قائلاً:

- بالتالي اعتبر زيارتي الأولى للبنان مميزة وممتعة. وما اذكره انذاك عندما غادرت بيروت اردت العودة مرة ثانية. وأذكر قبل ان اقوم برحلتي الى لبنان كنت في مشغلي احضر اللوحات فاتصل بي والدي وقال لي عليك ان تلغي الرحلة الى لبنان اذ كان قلقاً علي، ولكنني اجبته بأنني لا اقدر ان الغي الرحلة بعدما تم حجز الطيران والاوتيل وما شابه، وطبعاً بعدما وعدت القيمين على المعرض انني سأحضر الى لبنان لا يمكنني ان الغي الرحلة. ولكن والدي كان قلقاً علي اذ تعلمين هناك قلق حيال المجيء الى الشرق الأوسط خصوصاً ما يجري في سوريا والعلاقات المتوترة بين سوريا والولايات المتحدة. ومن جهتي كنت متحمساً لزيارة بيروت وما ان وصلت الى العاصمة اتصل بي والدي ليسألني كيف تسير الأمور فأجبته عما تتحدث يا والدي؟ هنا كل شيء على ما يرام ولا داعي للقلق او الخوف... وعندما وصلت الى بيروت ارسلت رسالة الى صديق لبناني تعرفت اليه في <لوس انجلوس> اذ انه صديق لأحد اصدقائي هناك لأعلمه انني في بيروت وسألته عن الوضع في البلد فأجاب بأن الوضع جيد في بيروت ولا داع للقلق. وبالفعل بلدكم جميل قلما نعلم عنه وعن جماله خصوصاً في وسائل الاعلام اذ ما نراه في وسائل الاعلام لا يبرز الوجه الجميل لهذا البلد. وبالرغم من انني كنت منشغلاً بالمعارض في <لوس انجلوس> ولكن عندما اتصل بي صاحب الغاليري في بيروت للمشاركة في معرض هنا اجبته بأنني سأحضر بكل سرور، وبالفعل كانت رحلة موفقة من حيث المعرض، كما تعرفت على هذه المدينة واتيحت لي الفرصة زيارة مدينة جبيل الجميلة. والأجمل من كل هذا ان لبنان بلد منفتح ويستوعب كل الثقافات وهذا ما يميز مدينة بيروت، لذا كان من السهل العمل والتمتع في آن واحد، واعجاب اللبنانيين بلوحاتي يجعلني اود العودة مرة اخرى وأخرى.

الفن في <لوس انجلوس>!

وبالسؤال عن اهتمام الناس بالفن في <لوس انجلوس> يقول:

- طبعاً هناك اهتمام بالفن في مختلف الولايات ومنها: <نيويورك>، و <لوس انجلوس>، و<سان فرانسيسكو>، و <شيكاغو>. وبالتالي للفن اهمية كبيرة هناك ولكن في <لوس انجلوس> نشطت الفن في السنوات الاربع الماضية كثيراً، اذا ان المؤسسات الكبيرة تنتقل الى <لوس انجلوس>. ففي <لوس انجلوس> تنتشر صالة العرض في كل مكان، لقد عشنا حوالى 12 سنة في ولاية <أريزونا> اذ كان هناك حوالى 5 صالات عرض، بينما في <لوس انجلوس> هناك مليون معرض للأعمال الفنية وهذا امر جيد مميز ورائع. لهذا من الرائع ان اقيم في <لوس انجلوس> وان احظى باهتمام الناس ودعمهم لأعمالي الفنية. من خلال زيارتي للبنان مرتين لاحظت ان هناك اوجه شبه بين <لوس انجلوس> وبيروت اذ كلاهما منفتحان على كل الشعوب والثقافات، كما يجمعان القديم والحديث وهذا يجعل منهما مدن مميزة وجميلة. ولكن طبعاً من حيث التاريخ فإن لبيروت تاريخاً قديماً يعود لآلاف السنين بينما <لوس انجلوس> لا يتجاوز عمرها المئة سنة. وكوني ازور بيروت للمرة الثانية اشعر انني في بيتي. طبعاً لبنان بلد منفتح على الثقافات مما يجعله مقصداً لكل الشعوب، وشعرت بمدى تأثر لبنان بالثقافة الاوروبية وتحديداً الثقافة الفرنسية كون اللبنانيين يتحدثون الفرنسية وطبعاً الى جانب الانكليزية مما يسهل التواصل بين اللبنانيين وشعوب العالم. بالنسبة الي وجدت لبنان وكأنه باريس الشرق الأوسط وهذا امر واضح ويشعر به كل زائر.