تفاصيل الخبر

الـدكـتـــورة روزيــــت جـبـــــور: مــن عـلامـــــات الـخــــرف فقـــدان الذاكــرة والصعوبـــة فــي التواصــل والتخطيـــط!

21/06/2019
الـدكـتـــورة روزيــــت جـبـــــور: مــن عـلامـــــات الـخــــرف فقـــدان الذاكــرة والصعوبـــة فــي التواصــل والتخطيـــط!

الـدكـتـــورة روزيــــت جـبـــــور: مــن عـلامـــــات الـخــــرف فقـــدان الذاكــرة والصعوبـــة فــي التواصــل والتخطيـــط!

بقلم وردية بطرس

<Dementia> او الخرف او التدهور العقلي وهو تدهور مستمر في وظائف الدماغ ينتج عنه اضطراب في القدرات الادراكية مثل الذاكرة والاهتداء والتفكير السليم والحكمة. لذلك يفقد كثير من الذين يعانون من الخرف قدرتهم على الاهتمام بأنفسهم، ويصبحون بحاجة لرعاية تمريضية كاملة. ومن أكثر أسباب الخرف شيوعاً هو مرض <الالزهايمر>. ويشكل الخرف أحد المسببات الرئيسية للمحدودية في صفوف المسنين، ويُعتبر أحد الأمراض الصعبة بالنسبة للانسان ولأفراد أسرته وللمجتمع.

الدكتورة جبور وعوارض الخرف!

فما هي مضاعفات الخرف؟ وما هي عوامل الخطر؟ وماذا عن العلاج والوقاية؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصية في الأمراض العصبية وأعصاب الرأس والأطراف الدكتورة روزيت جبور وهي رئيسة قسم الأمراض العصبية وأعصاب الرأس والأطراف في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، واستاذة محاضرة في جامعة البلمند. ونسألها بداية عن مسببات الخرف فتقول:

- لا يعتبر الخرف مرضاً من الأمراض، بل هو يصف مجموعة من العوارض المؤثرة بشدة على الذاكرة، والتفكير والقدرات الاجتماعية لدرجة تكفي للتدخل في الوظائف اليومية والتشويش عليها. وعلى الرغم من ان الخرف عادة ما يتضمن فقدان الذاكرة، الا ان فقدان الذاكرة له أسباب مختلفة. لذا لا يعني فقدان الذاكرة وحده انك مصاب بالخرف. يُعد مرض <الالزهايمر> السبب الأكثر شيوعاً للخرف التدريجي عند كبار السن، ولكن هناك عدداً من مسببات الخرف. واعتماداً على السبب، يمكن عكس بعض عوارض الخرف.

ــ ما هي العوارض؟

- تتنوع عوارض الخرف اعتماداً على السبب، لكن تتضمن العلامات والعوارض الشائعة ما يلي: أولاً تغييرات ادراكية: فقدان الذاكرة الذي قد تلاحظه الزوجة او غيرها. صعوبة التواصل او استخدام الكلمات المعبرة. صعوبة في الاستدلال او حل المشكلات. صعوبة القيام بالمهام المعقدة. صعوبة التخطيط والتنظيم. صعوبة في التنسيق وضعف القدرات الحركية. التشوش الذهني والشعور بالتوهان. ثانياً: التغييرات النفسية: تغييرات في الشخصية. الاكتئاب. القلق. السلوك غير المناسب. البارانويا. الهياج. الهلوسة.

وعن أنواع الخرف تشرح الدكتورة جبور:

- النوع الأول: مرض <الالزهايمر> الذي يصيب كبار السن في الـ65 عاماً وأكبر، ويعد مرض <الالزهايمر> أكثر أسباب الخرف شيوعاً. على الرغم من ان سبب مرض <الألزهايمر> غير معروف، ففي الغالب يتم العثور على لويحات وحبيكات في أدمغة الأشخاص المصابين بـ<الالزهايمر>. أما اللويحات فهي عبارة عن تكتلات من البروتين تُسمى <بيتا ــ أميلويد>، وأما الحبيكات فهي تشابكات ليفية من بروتين <تاو>. بعض العوامل الوراثية قد تجعل من المرجح اصابة الأشخاص بـ<الألزهايمر>.

وأضافت:

- النوع الثاني: الخرف الوعائي اذ انه الأكثر شيوعاً من الخرف الذي يحدث نتيجة تلف الأوعية التي تنقل الدم الى الدماغ. يمكن ان تكون مشكلات الأوعية الدموية ناجمة عن السكتة الدماغية او غيرها من حالات الأوعية الدموية. النوع الثالث: خرف أجسام ليوي، أما أجسام ليوي فهي عبارة عن تكتلات شاذة من البروتين تم العثور عليها في أدمغة المصابين بخرف أجسام ليوي، والمصابين بمرض <الالزهايمر> ومرض الباركنسون. هذا هو أحد الأنواع الأكثر شيوعاً من الخرف التقدمي. النوع الرابع: الخرف الجبهي الصدغي وهذا الخرف هو مجموعة من الأمراض المتمثلة في انهيار أو <ضمور> الخلايا العصبية في الفصين الجبهي والصدغي من الدماغ، وهما المنطقتان المرتبطتان بصفة عامة بالشخصية والسلوك واللغة. وكما هو الحال في أنواع الخرف الأخرى، فسببه غير معروف، النوع الخامس: الخرف المختلط، اذ تشير الدراسات التشريحية لأدمغة أشخاص يبلغون من العمر 80 عاماً فأكثر أصيبوا بالخرف الى ان لدى العديد منهم مزيجاً من مرض <الالزهايمر> والخرف الوعائي وخرف أجسام ليوي. وتجرى دراسات لتحديد كيف تؤثر الاصابة بالخرف المختلط على العوارض والعلاجات.

وعن الاضطرابات الأخرى المتصلة بالخرف تقول:

- مرض <هنتنغتون>: جراء طفرة جينية يتسبب هذا المرض في القضاء على خلايا عصبية معينة في الدماغ والحبل الشوكي. عادة ما تظهر العلامات والعوارض بما في ذلك الانخفاض الحاد في مهارات التفكير <الادراك> ما بين 30 او 40 عاماً تقريباً. اصابات الدماغ الرضحية: ينجم هذا المرض عن اصابات الرأس المتكررة مثل ما يعانيه الملاكمون ولاعبو كرة القدم، والجنود.بناءً على الجزء المصاب في الدماغ، قد يتسبب هذا المرض في علامات وعوارض الخرف مثل الاكتئاب، والتفجرية، وفقدان الذاكرة، وتنسيق الحركة، واعاقة القدرة على الكلام، بالاضافة الى الحركة البطيئة، والارتعشات، والتيبس <الشلل الرعاش>. قد لا تظهر العوارض الا بعد سنوات من الاصابة.

وتضيف:

- مرض <كروتزفيلد جاكوب>: عادة ما يحدث اضطراب الدماغ النادر في الأشخاص دون معرفة عوامل الخطر. يمكن ان يكون سبب هذا المرض التكون غير الطبيعي للبروتين. من الممكن ان يكون <كروتزفيلد جاكوب> وراثياً او ناجماً عن التعرض لأنسجة الجهاز العصبي او الدماغ المصاب. وعادة ما تظهر العلامات والعوارض لهذا المرض عند الأشخاص في سن 60. مرض <الباركنسون>: يُصاب أغلب الأشخاص المصابين بمرض <الباركنسون> في النهاية بعوارض الخرف <خرف مرض باركنسون>.

عوامل الخطر

 

وعن عوامل الخطر تشرح:

- هناك العديد من العوامل التي تؤدي الى الخرف في نهاية الأمر، بعض العوامل مثل السن لا يمكن تغييرها. أما البعض الآخر فيمكن التعامل معه للحد من مخاطر الاصابة. ان عوامل الخطر التي لا يمكن تغييرها هي: أولاً العمر: ترتفع الخطورة كلما يتقدم الشخص بالسن، خصوصاً بعد عمر 65، مع ذلك الخرف ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، ويمكن ان يحدث في الشباب. ثانياً: التاريخ العائلي: يعرض الشخص وجود تاريخ عائلي من الخرف لخطر أكبر من الاصابة بهذه الحالة. وعلى الرغم من ذلك ان العديد من الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لم يُصابوا أبداً بالخرف، والعديد من الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ عائلي يُصابون به. تُتاح الاختبارات لتحديد ما اذا كان لدى الشخص طفرات جينية معينة. ثالثاً: <متلازمة داون> في منتصف العمر، يُصاب العديد من الأشخاص المصابين بـ<متلازمة داون> بمرض <الالزهايمر> المبكر. رابعاً: الاختلال المعرفي المعتدل <MCI> يتضمن هذا صعوبات في الذاكرة لكن بدون فقدان المهام اليومية. يُعرّض هذا الأشخاص لخطر أعلى من الاصابة بالخرف.

ــ وماذا عن عوامل الخطر التي يمكن تغييرها؟

- ان عوامل الخطر التي يمكن تغييرها هي: ربما نتمكن من السيطرة على عوامل الخطر التالية المتعلقة بالخرف. أولاً: الافراط في شرب الكحول، اذا كان الشخص يشرب كميات كبيرة من الكحول، ربما يكون أكثر عرضة لخطر الاصابة بالخرف، ومع ذلك أوضحت بعض الدراسات ان شرب كميات معتدلة من الكحول قد يكون له أثر وقائي. ثانياً: عوامل الخطر المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية، وتشمل ارتفاع ضغط الدم <فرط ضغط الدم>، وارتفاع الكوليسترول، وتراكم الدهون في جدران الشرايين <تصلب الشرايين> والسمنة. ثالثاً: الاكتئاب، على الرغم من عدم فهمه جيداً حتى الآن، الا ان اكتئاب الشيخوخة قد يشير الى الاصابة بالخرف. رابعاً: داء السكري: اذا كان الشخص مصاباً بداء السكري، فربما يكون أكثر عرضة لخطر الاصابة بالخرف، ولاسيما اذا لم تتم السيطرة عليه جيداً. خامساً: التدخين، اذ قد يزيد التدخين من خطر الاصابة بالخرف وأمراض الأوعية الدموية. سادساً: انقطاع النفس أثناء النوم، ان الأشخاص الذين يشخرون ويُصابون بنوبات حيث يتوقف نفسهم كثيراً أثناء النوم، ربما يُصابون بفقدان ذاكرة قابلة للاصلاح.

 

مضاعفات الخرف

ــ وماذا عن المضاعفات؟ وكيف يؤثر الخرف على وظائف الجسم؟

- يمكن ان يؤثر الخرف في العديد من الأجهزة في الجسم وبالتالي أيضاً قدرتها على أداء وظائفها. يمكن ان يؤدي الخرف الى: أولاً: التغذية غير الكافية، يقلل العديد من الأشخاص المصابين بالخرف في نهاية المطاف من تناول الغذاء او يتوقفون عن تناوله، وقد تصبح النتيجة في النهاية عدم القدرة على البلع او المضغ. ثانياً: الالتهاب الرئوي، تزيد صعوبة البلع من خطر الاختناق او سحب الطعام الى الرئتين، مما يمكن ان يعوق التنفس ويؤدي الى التهاب رئوي. ثالثاً: عدم القدرة على القيام بمهام الرعاية الذاتية، ومع تقدم الخرف يمكن ان يؤثر في الاستحمام، وارتداء الملابس، وتمشيط الشعر او تنظيف الأسنان، واستخدام الحمام بصورة مستقلة وتناول الأدوية بصورة أكثر دقة. رابعاً: تحديات السلامة الشخصية، يمكن ان تمثل بعض مواقف الحياة اليومية مشاكل للأشخاص الذين يعانون من الخرف، وتتضمن هذه المشاكل القيادة والطهي والمشي وحيداً. خامساً: الوفاة، غالباً ما تؤدي العدوى في مرحلة متأخرة من الخرف الى الغيبوبة والوفاة.

 

العلاج والوقاية

 

ــ وماذا عن العلاج؟

- بالنسبة للعلاج فهناك أدوية معينة للمرض، وهذه الأدوية لا توقف المرض ولكنها تخفف تطوره، اذ يجعل التطور يحدث ببطء أكثر، اذ ان هذه الأدوية لا تحدّ من التلف في الدماغ، فالتلف يستمر في الدماغ حتى لو تناول المريض الأدوية، ولكن بدل ان يموت المريض خلال خمس سنوات ممكن ان يفارق الحياة بعد عشر سنوات. اذاً الأدوية تطيل عمر المريض، ويتطور الخرف لديه ببطء وعلى سنوات أطول. أما ماذا يمكننا ان نساعد بالعلاج غير الأدوية والتي أُستعملت والتي نستعملها اليوم وهي معروفة ولا يوجد غيرها بالوقت الحاضر الا وهي ان نساعد المريض ليظل يتذكر، اذ ندفعه ليقرأ، وان يحل كلمات متقاطعة، وان يقوم بعمل يدوي ونشغله، والشخص المرافق للمريض يجب ان يهتم بشكل المريض ولباسه وطريقة تصرفاته، يجب على المريض المصاب بـ<الالزهايمر> والخرف ان تكون لديه نشاطات خلال اليوم، وان يُخصص له برنامج خلال اليوم، وان يسمحوا له بالخروج قليلاً من محيطه والا يبقى ضمن محيطه، مثلاً ان يصطحبوه معهم في مشوار لمدة ساعة مثلاً او ان يمشي، وأهم ما في الأمر الا يغير المحيط والروتين الذي يعيشه لأنه عندما يغير موضعه يتراجع وضعه، وبالتالي اهتمام المرافق للمريض سواء كان قريباً او غريباً او ان كان ممرضاً، مهم جداً ويساعد بألا يتدهور وضع المصاب بـ<الالزهايمر> بسرعة. بالاضافة الى أدوية <الالزهايمر> هناك الأدوية المهدئة والتي نقدر ان نعطيها للمريض عندما يحدث تشنجات او هلوسات بسبب مرض <الالزهايمر>، اذ هناك أدوية للكآبة او للذهان التي ممكن ان تساعد، واذا كان المريض يشكو من قلة النوم نقدر ان نعطيه أدوية ليقدر ان ينام. اجمالاً هذه هي الأدوية التي نعالج مريض <الالزهايمر>.

ــ وهل هناك طرق وقائية؟

- لا توجد طريقة مؤكدة لمنع الخرف، ولكن هناك خطوات يمكن للشخص اتخاذها من شأنها المساعدة، وهناك حاجة الى مزيد من الأبحاث، ولكن قد يكون من المفيد القيام بما يلي: اولاً: ان يبقي الشخص عقله نشطاً: ان الأنشطة المحفزة عقلياً مثل القراءة وحل الألغاز واللعب بالكلمات، وتدريب الذاكرة قد تؤخر ظهور الخرف وتقلل من آثاره. ثانياً: ان يكون ناشطاً بدنياً واجتماعياً، اذ قد يؤدي النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي الى تأخير ظهور الخرف وتقليص عوارضه. وان يتحرك أكثر وان يستهدف 150 دقيقة من التمرين في الأسبوع. ثالثاً: الاقلاع عن التدخين، لقد أظهرت بعض الدراسات ان التدخين في منتصف العمر وما بعده قد يزيد من خطر الاصابة بحالات الخرف والأوعية الدموية <الوعائي>. قد يقلل الاقلاع عن التدخين من المخاطر لدى المصاب ويحسن صحته. رابعاً: الحصول على ما يكفي من فيتامين <د>، اذ تشير الأبحاث الى ان الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من فيتامين <د> في الدم أكثر عرضة للاصابة بمرض <الالزهايمر> وأشكال أخرى من الخرف. ويمكنه الحصول على فيتامين <د> من بعض الأطعمة والمكملات الغذائية والتعرض لأشعة الشمس.

وأضافت:

- هناك حاجة الى المزيد من الدراسة قبل ان ينصح بزيادة تناول فيتامين <د> للوقاية من الخرف، ولكن من الجيد التأكد من حصول الشخص على فيتامين <د> بشكل كاف، وان يخفض ضغط الدم، لأن ارتفاع ضغط الدم قد يؤدي الى زيادة مخاطر بعض أنواع الخرف، وهناك حاجة الى مزيد من البحوث لتحديد ما اذا كان علاج ارتفاع ضغط الدم يقلل من خطر الخرف، وان يتبع نظاماً غذائياً صحياً، اذ يعتبر تناول النظام الغذائي الصحي أمراً مهماً لأسباب عديدة، ولكن اتباع نظام غذائي مثل النظام الغذائي المتوسطي الغني بالفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة وأحماض <أوميغا 3> الدهنية، الشائعة في بعض الأسماك والمكسرات، قد يعزز الصحة ويقلل من مخاطر الاصابة بالخرف.