تفاصيل الخبر

الدكتورة كارلا عيراني: الاصابة بحساسية الربيع تأتي نتيجة عوامل عديدة مثل التعرض لالتهاب قوي في الجيوب الأنفية او تغيّر الجهاز المناعي!

22/03/2019
الدكتورة كارلا عيراني: الاصابة بحساسية الربيع تأتي نتيجة عوامل عديدة مثل التعرض لالتهاب قوي في الجيوب الأنفية او تغيّر الجهاز المناعي!

الدكتورة كارلا عيراني: الاصابة بحساسية الربيع تأتي نتيجة عوامل عديدة مثل التعرض لالتهاب قوي في الجيوب الأنفية او تغيّر الجهاز المناعي!

بقلم وردية بطرس

تعدّ أمراض الحساسية من أبرز أسباب انتشار الربو في العالم، فنسبة 40 بالمئة من الأشخاص الذين يعانون حساسية أنف يواجهون خطر تحولها الى ربو، كما ان التمدن وازدياد معدلات التلوث وظهور أنواع جديدة من مسببات الحساسية كلها عوامل تزيد حدة عوارض المرض، كما انها قد تؤدي الى الاصابة بالربو في بعض الحالات. وبمجرد عدم ادراك هذه العلاقة بين الحساسية والربو يعني ان المصابين بالربو لا يتبعون الخطوات اللازمة للتحكم في المرض خصوصاً في المواسم التي تبلغ فيها الحساسية ذروتها. وتجدر الاشارة الى ان آخر دراسة أُجريت في لبنان أظهرت انه في بيروت ترتفع نسبة الربو المشخّص، فيما لا تتعدى في البقاع نسبة 2 بالمئة. ومما لا شك فيه ان عوارض الربو تزداد حدة في المدينة نتيجة ارتفاع نسبة التلوث وعدم اتباع نمط حياة صحي، وأيضاً لا شك ان ارتفاع مستوى الطبابة في المدينة وتطور تقنيات التشخيص يزيدان نسبة الربو المشخّص في بيروت مقارنة بالمناطق النائية، لكن بشكل عام يخفف التنوع البيئي والجغرافي في لبنان ووجود مناطق زراعية نسبة الربو في هذه المناطق.

وممكن ان تؤثر الحساسية على نشاط المريض وقدرته على النوم في الليل او التركيز على عمله او دراسته خلال النهار، ما قد يؤدي الى غياب عن العمل او الدراسة، كما تزيد المصاريف الطبية الاستشفائية والدوائية. وتشير الدراسات الى ان واحداً من خمسة أشخاص في العالم يعانون حساسية في الأنف، وتتوقع الاحصاءات المستقبلية للحساسية عامة بحسب دراسات <منظمة الصحة العالمية> تحسس شخص من أصل اثنين في العام 2020.

وتحدث الحساسية عند استجابة الجهاز المناعي لمادة غريبة مثل حبوب اللقاح وسم النحل ووبر الحيوانات او لنوع طعام لا يسبب تفاعل حساسية لدى أغلب الأشخاص. ويفرز الجهاز المناعي لدى الانسان مادة تُعرف باسم الأجسام المضادة، وعندما يعاني الشخص من حالات حساسية يصنع الجهاز المناعي أجساماً مضادة تُعرف بالمواد المثيرة للحساسية كأجسام ضارة حتى ان لم تكن كذلك. وعند الاحتكاك بالمواد المثيرة للحساسية يمكن لردة فعل الجهاز المناعي ان تسبب التهاباً في الجلد لديه او في الجيوب الأنفية او المسالك الهوائية او الجهاز الهضمي... ومع قدوم فصل الربيع يصبح الانسان عرضة للإصابة بالحساسية الموسمية، وبالرغم من ان فصل الربيع محبب لدى غالبية الناس اذ انه الفصل الذي تظهر فيه براعم الزهور وتزهر الأشجار، الا انه اذا كان الشخص من ملايين الأشخاص المصابين بالحساسية الموسمية فقد يعني الربيع له العطس، والاحتقان، ورشح الأنف وغيرها من العوارض الأخرى المزعجة، وبالتالي ان الربيع بسمائه الزرقاء وأزهاره وما يضيفه من شعور بالتجدد والحيوية هو كابوس للأشخاص الذين يعانون من انواع الحساسية المختلفة، ففي هذا الفصل يعطس هؤلاء الأشخاص وتدمع عيونهم أكثر من العادة، رغم ان هذه العوارض قد ترافقهم في باقي أيام السنة وفصولها ولكن تكون أقل شدة. وان حساسية الربيع هي الحساسية التي قد تحصل نتيجة لبدء تفتح الأزهار، وتشمل الحساسية بعض او كل العوارض الآتية: الرشح، التعب، الارهاق، الحرارة، السعال الذي عادة ما يكون جافاً، الصداع، العطس المتكرر والاحساس بالتهاب الحلق والتهاب الأذن الوسطى، وانعدام الاحساس بالرائحة واحتقان الأنف، وقد يسبب ذلك رائحة كريهة للفم، وقد يصاحب ذلك حكة مستمرة في الجلد بالاضافة الى ظهور طفح جلدي، وقد تكون الحساسية قوية بحيث تؤدي الى ضيق في التنفس مع صفير عند الزفير وعندها يتوجب مراجعة الطبيب وأحياناً الدخول للعناية المركزة. والسبب الرئيسي لحساسية الربيع هي حبوب اللقاح المنبعث من الأشجار والأعشاب وتفتح زهور الثمار والأشجار.

 

تأثير تغيير الطقس على الصحة!

ان صحة الانسان تتأثر بطبيعة الطقس في فصول السنة المختلفة ومنها فصل الربيع حيث تنتشر حبوب اللقاح في الجو نتيجة تفتح الورود والأزهار واثمار النباتات فتهيج وتثير الحساسية الموسمية خلال شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) من كل عام وخلال شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (اكتوبر) أيضاً من العام. والاصابة بالحساسية تطال أجهزة وأعضاء الجسم كافة، فالجهاز التنفسي يتعرض لما يعرف بحساسية الصدر فيعاني أصحاب الربو من أزمات تنفسية حادة، والسعال الجاف، وضيق التنفس، وعلامات مرضية مصاحبة. وتُعرف الحساسية بأنها حالة من التغييرات الكيميائية التي تحدث نتيجة تعرض الجسم الى مؤثرات خارجية او داخلية تؤدي الى طفح جلدي او بثور او فقاقيع او تسلخات بالجلد مصحوبة بالحكة او بعوارض أخرى تعتمد على المكان الذي حدث به ذلك المؤثر وعلى قوته وعلى مدى ردة فعل الجسم له ومدى المناعة والمقاومة التي يتصدى بها الجسم لذلك المؤثر. وفي هذه الحالة يتصدى جهاز المناعة بجسم الانسان متمثلاً في خلاياه اللمفاوية، وبقدر ما يكون المؤثر قوياً بقدر ما يزداد نشاط تلك الخلايا، اذ قد تتجمع الخلايا اللمفاوية خارج الأوعية الدموية حتى تتصدى وتقاوم عن كثب. ونتيجة لذلك الصراع بين الخلايا اللمفاوية والمؤثر تحدث التغييرات التي تنتج عنها العوارض المختلفة للحساسية. وتكون الحساسية على أنواع وهي: أولاً: حساسية العين تنتج عنها عوارض مثل الحرقة والحكة وزيادة الدمع. ثانياً: حساسية الأنف تنتج عنها عوارض مثل العطس وحكة الأنف وانسداد الأنف. ثالثاً: حساسية الصدر وتنتج عنها عوارض مثل السعال وضيق التنفس. رابعاً: حساسية الجهاز الهضمي وتكون عوارضها حدوث اسهال اذا تحسس الجهاز الهضمي مثلاً لنوع من أنواع الطعام. خامساً: حساسية الجلد وتنتج عنها عوارض مثل الحكة والاحمرار والطفح الجلدي.

وتصل نسبة المصابين بحساسية فصل الربيع نحو ما يقرب من 20 بالمئة من الأشخاص في جميع بلدان العالم، وهي عبارة عن ردة فعل مقاوم من جهاز المناعة حيث يحارب دخول المواد التي لا يعرفها مثل الأتربة وحبوب اللقاح، والتي تدخل للشخص المصاب عن طريق التنفس او اللمس او الهضم من خلال الأطعمة المكشوفة، وتقوم البكتيريا بتحفيز الجهاز المناعي على افراز مواد كيميائية في الجسم تسمى بـ<الهستامين> ومن خلالها تظهر عوارض حساسية الربيع. وعادة المراهقون من عمر 15 سنة حتى البالغين سن 25 والذين يعانون من مرض الربو الشعبي هم الأكثر عرضة للاصابة بالحساسية خلال فصل الربيع، ومن نتائجها أيضاً انها قد تسبب الاصابة بالربو.

وتعتبر الاختصاصية في أمراض الحساسية والربو والمناعة الدكتورة كارلا عيراني ان الأشخاص الأكثر عرضة لحساسية الربيع هم الذين لديهم استعداد وراثي لها، او الذين عانوا منها سابقاً تقريباً في كل فصل، وتقول:

- تظهر عادة هذه المشكلة من عمر 3 سنوات حتى مرحلة البلوغ، وتصيب أيضاً الكبار. كذلك يمكن الاصابة بحساسية الربيع نتيجة عوامل أخرى تحفّز ظهورها لا علاقة لها بالوراثة مثل التعرض لالتهاب قوي في الجيوب الأنفية، او تغيّر الجهاز المناعي، او الانتقال من مكان الى آخر مثل التوجه من بيروت الى البقاع او العكس. ويجب التمييز بين الحساسية والرشح العادي، فهي تدوم لأكثر من 10 أيام، وتكون غير متزامنة مع حرارة، وتتكرر وتسبب عوارض مثل ضيق التنفس، وسعال حاد، وصفير في الصدر. وفي مثل هذه الحالات يمكن استشارة طبيب الصحة الذي يصف العلاجات الملائمة او تُطلب استشارة اختصاصي أمراض الحساسية لاجراء فحص على الجلد او اختبار دم لرصد الحساسية بدقة ومعرفة سببها الفعلي.

 

النباتات التي تسبب الحساسية!

ــ هل هناك نوع من النباتات والأشجار التي تسبب الحساسية؟

- لاحظنا من خلال دراسة ان نسبة الاصابة بالحساسية في البقاع أقل مما هي عليه في بيروت، ويعاني الناس غالباً من الحساسية في فصل الربيع. وأكثر حساسية تصيب اللبنانيين هي حساسية الأنف ويليها الربو من ثم حساسية العين. ومن خلال الدراسة تبين ان 55 بالمئة لديهم حساسية خفيفة، و45 بالمئة شديدة القوة. وفي فصل الربيع تكثر المحسسات والعث المنزلي، وهذا النوع موجود في المنزل، ونذكر منها عشبة <Acarien> وهذا النوع موجود في لبنان لأن الجو رطب في بيروت ولكنه يخف في الجبل، <Cypres> الذي يعتبر من أبرز المحسسات في لبنان ولديه موسم في الشتاء حيث يزهر ويسبب الحساسية، كذلك <Parietaire> الموجود في البحر المتوسط ويزداد أكثر في الربيع، وشجر الزيتون وهو موجود في البحر المتوسط، وقد أظهرت هذه الدراسة أيضاً أهمية اللقاح المناعي بالنسبة للحساسية في لبنان.

وأضافت:

- كثيرون من البالغين والأطفال يعانون من الحساسية الموسمية مما يؤدي في بعض الحالات الى مضاعفات تؤثر على حياتهم اليومية منها الصداع، والعطس، والعزلة الاجتماعية، والحزن، والتدني في مستويات الطاقة... ولا شك ان توعية الأهل اساسية وضرورية لحماية الأطفال. واليوم تتوافر أدوية الحساسية ولكن على الأهل ان يقصدوا الطبيب المختص، صحيح ان الحساسية ليست مرضاً خطيراً ولكنها تؤثر على نوعية حياة الانسان وقد تؤدي للاصابة بمشاكل أخرى مثل الجيوب الأنفية.

التشخيص!

وعن أهمية التشخيص تشرح:

- من الضروري ان يحظى المصاب بحساسية حبوب اللقاح بتشخيص دقيق وعلاج مناسب، وتكمن الطريقة الأمثل للتحكم بعوارض الحساسية في معالجتها قبل ظهورها، كما ان خبراء الحساسية يملكون المعرفة اللازمة لتحديد الاصابة بالحساسية وتأكيدها، وتقديم التوصيات حول العلاجات المتوافرة، واتخاذ الاحتياطات الطبيعية اللازمة التي تساهم في تخفيض حدة العوارض وتحسين نوعية الحياة، وتتوافر علاجات عدة للسيطرة على عوارض الحساسية وتحسين نوعية الحياة. ويبقى فصل الربيع وقت الذروة للمصابين بالحساسية والربو، والفصل الأمثل لتلقي المرضى والأهل والأصدقاء وزملاء العمل النصائح والارشادات اللازمة للتصدي لهذه الأمراض.

ــ وهل ترتبط الحساسية بالربو؟

- في أغلب الأحيان يكون الربو مرتبطاً بالحساسية، ولكن لا خوف من الربو لأن هناك علاجات، ولكن يجب السيطرة على الربو ليتمكن المصاب من السيطرة على الحساسية في الأنف. بالنسبة للوقاية فطبعاً يجب الا يكون المريض موجوداً مع المدخنين لأنه أحياناً يقوم افراد العائلة بالتدخين بوجود ابنهم المصاب بالربو وهذا يضّر به. كما على الأم التنبه من وضع <الموكيت> في الغرفة التي ينام فيها ابنها المصاب بالربو. وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض المصابين بالحساسية تكون لديهم حساسية ضد الدواء، ففي هذه الحالة يجب استشارة الطبيب لكي يصف الدواء الأفضل لتفادي حدوث مشاكل. أما بالنسبة لجهاز المناعة عند الانسان فيمكن القول هنا ان الأمر يرتبط بجهاز المناعة، لأن الانسان الذي يكون جهازه المناعي قوياً تكون لديه قدرة لمحاربة الجراثيم، ولكن عندما يحدث خلل في جهاز المناعة يصبح معرضاً أكثر للاصابة بالحساسية.

ــ وهل هناك فحص يبين عما اذا كان لدى الشخص استعداد للاصابة بالحساسية؟

- يجب توضيح أمر ألا وهو: نقيم في منطقة تزداد فيها عوامل او مسببات الحساسية سواء في المنزل والأماكن المغلقة او في الطبيعة، وليس بالضرورة اجراء فحوصات جينية، فاذا كان لدى الشخص استعداد فإنه سيُصاب بالحساسية. وهناك احتمال 25 بالمئة اذا كان الوالد او الوالدة مصابين بالحساسية فالابن سيُصاب بالحساسية، ولكن يجب ان يعرف الأهل العوارض عند الأولاد الذين لديهم اكزيما اذ يكون لديهم استعداد للاصابة بالحساسية والربو.

ــ وبماذا تنصحين الناس؟

- اولاً نأمل ان يُطبّق قانون منع التدخين لأن الدخان مشكلة أساسية ويسبب الحساسية. والجميع يتحدث عن النفايات وتأثيرها على صحة الناس وعلاقتها بالحساسية، ولكن يغيب عن البال ان التلوث الناتج عن انبعاث السيارات يشكل خطورة كبيرة على صحة الانسان ويعرضه للاصابة بالحساسية، كذلك الأمر بالنسبة للدخان. طبعاً اللقاح مهم ويجب ان يبدأ المريض بالعلاج، وأيضاً لا بد من اتباع نمط حياة سليمة، ومزاولة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، فهذه الأمور تساعد الانسان كثيراً في تفادي الحساسية.