تفاصيل الخبر

الضغط الأميركي لتعديل مهام "اليونيفيل" في الجنوب سيواجه بــ" فيتو" روسي وصيني تعمل باريس على تفاديه

10/06/2020
الضغط الأميركي لتعديل مهام "اليونيفيل" في الجنوب  سيواجه بــ" فيتو" روسي وصيني تعمل باريس على تفاديه

الضغط الأميركي لتعديل مهام "اليونيفيل" في الجنوب سيواجه بــ" فيتو" روسي وصيني تعمل باريس على تفاديه

 

[caption id="attachment_78667" align="alignleft" width="417"] القوات الدولية في الجنوب[/caption]

 لم يكن كلام سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في بيروت "دوروثي شيا" في الاجتماع الذي رئسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حضور رئيس الحكومة حسان دياب وحضره سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، حول دور القوات الدولية العاملة في الجنوب" اليونيفيل"، المؤشر الوحيد عن أن عملية التجديد لهذه القوات لن تكون سهلة في نهاية شهر آب (اغسطس) المقبل. ذلك ان كل المعطيات التي وردت الى بيروت من مقر الامم المتحدة في نيويورك، تشير الى ان المداولات الجارية في اروقة المنظمة الدولية تدل على ان التمديد لــ " اليونيفيل" سيكون هذه السنة مشروطاً خلافاً عما كان عليه في الأعوام السابقة.  ولعل أبرز هذه الشروط تمكين القوات الدولية من القيام بمهامها من دون أي عراقيل تبرز أحياناً امام هذه القوات عندما ترغب في تفتيش المنازل التي تعتقد القيادة الدولية بوجود اسلحة فيها ما يناقض مضمون القرار 1701 الذي يفرض ان تكون منطقة العمليات الدولية خالية من أي سلاح غير سلاح الجيش اللبناني والقوى المسلحة الأخرى مثل قوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة. لكن الملفت ان السفيرة الاميركية ذهبت بعيداً عندما طرحت اسئلة حول المواقع شمالي الخط الارزق التي تصر واشنطن على وجود مقاتلي حزب الله فيها بشكل كثيف مع اسلحتهم الفردية والمتوسطة ربما "صواريخ"  وفق ما كانت ذكرت تقارير امنية وردت من واشنطن قبل اسابيع.

 من هنا، تعتقد مصادر مطلعة ان الاشهر المقبلة حتى نهاية آب (اغسطس) المقبل، موعد التمديد لــ " اليونيفيل" سوف تشهد حجماً كبيراً من الضغوط داخلياً على السلطات اللبنانية والجيش وخارجياً على منظمة الامم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن في سبيل إحداث تعديل رسمي لمهمة " اليونيفيل" يتناغم مع التوجه الاميركي الذي تعبّر عنه واشنطن من حين الى آخر، وأضاءت عليه السفيرة "شيا" في اجتماع بعبدا. إلا أن هذا التوجه يلاقي، حتى الآن على الاقل، اعتراضاً روسياً وصينياً، وعدم تجاوب فرنسي، علماً ان الديبلوماسية الفرنسية تعمل بهدوء وبعيداً عن الاضواء، على التخفيف من تأثير التحفظات الاميركية على مسار القرار الاممي الذي غالباً ما تضع باريس مسودته وتسوقه في مجلس الامن وفي اروقة الامم المتحدة، وذلك لتفادي استعمال بكين وموسكو حق النقض( الفيتو) ما يعرض قرار التمديد لــ " اليونيفيل" الى أخذ ورد يؤثران على بقاء هذه القوات في الجنوب، وبالتالي تعريض الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية لهزات لن تكون في مصلحة الهدوء الذي تنعم به المنطقة المحاطة بجبهات مشتعلة في سوريا.

 وفي هذا السياق تنشط الديبلوماسية الفرنسية في تأمين " الأجواء المناسبة" ليأتي التمديد لــ"اليونيفيل" في مناخات هادئة، وهو ما عبّر عنه السفير الفرنسي في بيروت "برونو فوشيه" الذي ابلغ معنيين ان بلاده تريد ان يتم التمديد للقوات الدولية وسط إجماع أعضاء مجلس الامن الدولي كما يحصل في كل مرة، لذلك فهو"ينصح" باستمرار الهدوء ومنع اي احتكاكات على الحدود ومع " اليونيفيل" لأن اي حادث فردي مهما كان بسيطاً سيتم "تضخيمه" ليساعد في الطروحات الاميركية الداعية الى تعديل مهام القوات او خفض عديدها او موازنتها. ولاجل ذلك كان اجتماع بعبدا قبل ثلاثة اشهر من موعد التمديد، لأن موازنات القوات الدولية العاملة في العالم تعدّ في نيويورك خلال شهر حزيران ( يونيو) الجاري ولا بد من تحرك ديبلوماسي واسع من اجل تمرير هذا "القطوع" من دون اي خلل يؤثر على موازنة قوات حفظ السلام في دول العالم وبينها لبنان لأن اي تعديل سلبي في الموازنة يؤدي الى تخفيف عديد القوات الدولية وبالتالي اعادة النظر في عملها وفي انتشارها ويؤثر على تسيير الدوريات وعلى كل عمل لوجستي تحتاجه.

 

موقف لبنان

 من هنا كانت الرسالة التي أبلغها لبنان الى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من ثلاث نقاط:

  • إن لبنان لن يتخلى عن قوات "اليونيفيل" وهو متمسك ببقائها في الجنوب حفاظاً على الاستقرار فيه، مع الاحتفاظ بعددها وموازنتها.
  • التمسك بالتعاون والتنسيق بين الجيش و"اليونيفيل" علماً ان لبنان تجاوب مع الرغبة الدولية وانشأ فوجاً قتالياً متخصصاً في الجيش ليكون على الأرض مع "اليونيفيل".
  • لبنان حريص على استمرار علاقات متينة بين "اليونيفيل" والاهالي في القرى الجنوبية التي تنتشر فيها، وأن الحوادث التي تقع من حين الى آخر لا خلفيات لها بل هي وليدة الساعة وبالتالي لا يمكن التوقف عندها ويمكن معالجتها وتفادي تكرارها من خلال التنسيق مع الجيش اللبناني وتسيير دوريات مشتركة عند الحاجة.

 وفي هذا السياق، تستغرب مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية نية الولايات المتحدة الاميركية خفض تمويل قوات الطوارىء الدولية، علماً ان هذه القوات، ومعها الجيش اللبناني، يؤمنان الاستقرار الذي ينعم به الجنوب، الا اذا كانت هذه الرغبة الاميركية مقدمة لعمل امني وعسكري ما يعيد الامور الى مرحلة الصدامات المسلحة بين لبنان واسرائيل. وتشدد الحكومة اللبنانية، على الحفاظ على سقف التمويل الموضوع لــ" اليونيفيل" وذلك لكي تسير الامور كما هي وبالشكل الذي كان سابقاً وإلا فالوضع قد ينذر بالسوأ ويطرح علامات استفهام عديدة عن الهدف من تغيير قواعد عمل القوات الدولية. وبالنسبة الى التمويل، فإن الحكومة اللبنانية تسعى للحفاظ على هذا الشرط الاساسي لقيام قوات الدولية بعملها، علماً أن المسّ به يعتبر مساً بعملها وفعاليتها وتقليصاً لدورها الذي يحظى باجماع كبير على رغم بعض الاعمال المتنقلة والاعتداءات التي تتعرض لها في بعض قرى الجنوب.

 أما بالنسبة الى العديد، فإن لبنان الرسمي متمسك بالعدد الذي نص عليه القرار رقم 1701 والبالغ 15 الف عنصر يتوزعون على جنسيات عدة، وهذا العدد يسمح لتلك القوات بتغطية منطقة جنوب الليطاني ومؤازرة الجيش في ضبط الامن والحدود، ويأتي التمسك اللبناني بهذا الرقم لأن الجيش اللبناني يقوم بمهمات عدة، فعند صدور القرار 1701 نص ايضاً على انتشار 15 الف عسكري لبناني الى جانب "اليونيفيل" في منطقة جنوب الليطاني، لكن التطورات المتسارعة من الارهاب الى المهام الملقاة على عاتق الجيش على طول السلسلة الشرقية اضافة الى مهمة ضبط الامن في الداخل تجعل وجود "اليونيفيل" في الجنوب الى جانب الجيش أمراً ضرورياً جداً.

 وفي ضوء المعطيات المتوافرة، فإن مصادر ديبلوماسية تؤكد ان التمديد لــ " اليونيفيل" سيتم من دون اي تعديل في مهامها او عديدها، لاسيما وان اي تعديل سيواجه بـــ " الفيتو" المزدوج الروسي والصيني!