تفاصيل الخبر

الضغوط الخارجية تتزايد على الحكم والحريري ... لكن حقيبة الصحة حُسمت لحزب الله!

09/11/2018
الضغوط الخارجية تتزايد على الحكم والحريري  ... لكن حقيبة الصحة حُسمت لحزب الله!

الضغوط الخارجية تتزايد على الحكم والحريري ... لكن حقيبة الصحة حُسمت لحزب الله!

 

في الوقت الذي اتخذت فيه الولايات المتحدة الأميركية المزيد من العقوبات ضد حزب الله ما رفع منسوب الضغط على قياديي الحزب وكوادره ومؤسساته، وفيما تعمل واشنطن بوضوح ومن دون مواربة، على تجفيف منابع تمويل الحزب بالتزامن مع سياسة التشدد المعتمدة عموماً ضد إيران وأذرعتها في المنطقة والعالم... في هذا الوقت بات محسوماً تسلّم الحزب حقيبة الصحة في الحكومة العتيدة، سواء ولدت هذا الأسبوع أو الأسبوع الذي يلي، أو في أي وقت كان، وكل ما يُقال عكس ذلك لا يستند الى الحقيقة بصلة، لأن مشاركة الحزب، واستطراداً حليفته حركة <أمل> بالحكومة الجديدة مرتبطة مباشرة بحقيبة الصحة لأن حزب الله غير وارد في حساباته الراهنة التخلي عن هذه الوزارة الخدماتية من أصل 6 وزارات مماثلة تتوزع مناصفة بين الوزراء المسلمين والمسيحيين. وإذا كانت حركة <أمل> ستنال حقيبة المال، إحدى الحقائب السيادية الأربع، فإن التوافق مع قيادة الحزب قضى بأن تكون الوزارة الخدماتية التي هي من حصة الطائفة الشيعية من نصيب حزب الله، لأن السنة سيأخذون حقيبة الاتصالات (المرشح لها بقوة رئيس اتحاد الغرف التجارية محمد شقير)، والدروز وزارة التربية (المرشح لها النائب أكرم شهيب)، فيما تتوزع الحقائب المخصصة للمسيحيين وعددها ثلاث أيضاً على <التيار الوطني الحر> (الطاقة والمياه) والعدل (حصة رئيس الجمهورية) والأشغال العامة والنقل (من حصة <المردة>).

قد يكون ما أعلنه الرئيس سعد الحريري في اطلالته التلفزيونية على محطة <أم تي في> قبل أسابيع من انه لا يعارض حصول الحزب على حقيبة الصحة، أتى تأكيداً لما هو مؤكد، إلا ان كلام الرئيس المكلف أرفق بإيحاء بأن الأمر ليس محسوماً في ظل تداعيات الحصار المضروب على حزب الله والعقوبات الأميركية في حقه، الأمر الذي حرّك موقفاً حاسماً لقيادة الحزب أُبلغ الى المعنيين في مسار تشكيل الحكومة خلاصته ان لا مجال لأي تبديل، فإما وزارة الصحة أو لا مشاركة لـ<الثنائي الشيعي> في الحكومة. وهذا الموقف حرّك ردود فعل بعضها دعم الحزب، والبعض الآخر أكثر من التهويل عما ستكون عليه الأوضاع السياسية في ما لو أعطيت وزارة الصحة لحزب الله لاسيما بعد الرسائل الأميركية الواضحة التي <حذرت> من اسناد وزارة الصحة الى الحزب، وتلتها إشارات في المعنى نفسه من بعض الدول الأوروبية، وصولاً الى كلام واضح جداً لديبلوماسي خليجي عربي قال فيه ان وجود وزير من حزب الله في وزارة الصحة يعني ان لا مساعدات عربية أو دولية للبنان في المجال الصحي... وربما في مجالات أخرى!

حزب الله مطمئن!

والواقع ان القلق الذي ينتاب بعض المسؤولين اللبنانيين من <تحذيرات> الجانب الأميركي ورسائل بعض الديبلوماسيين العرب، لا يجد مكاناً لدى قيادة حزب الله التي تؤكد ان الأمر <منتهٍ> ولا داع للنقاش فيه، لاسيما وان الرئيس نبيه بري سبق أن اتفق مع الرئيس سعد الحريري منذ بداية المشاورات لتشكيل الحكومة ان المالية ستكون من حصة <أمل> والصحة من حصة الحزب، وان هذا التفاهم ساري المفعول وليس هناك ما يستدعي تعديله، خصوصاً ان الضغوط التي مورست للحؤول دون حصول الحزب على حقيبة الصحة، أعطت مفاعيل عكسية جعلت حارة حريك تتمسك أكثر من أي وقت مضى بالوزارة الخدماتية وترفض أي نقاش حول وضعها. وفي هذا السياق، تدرج قيادة المقاومة الحملة الرافضة أو المحذرة من تسلم الحزب حقيبة الصحة، في سياق الضغوط التي تمارس لمنع الحزب من لعب دور سياسي في المرحلة المقبلة على مستوى السلطة التنفيذية، بعدما عجز المعترضون عن التأثير في صناديق الاقتراع، فأتت الانتخابات النيابية بكتلة من 13 نائباً للحزب. وفي تقدير مصادر حزب الله ان استعمال ورقة الحزب هدفه احراج الرئيس الحريري و<تكبيله> في عملية تشكيل الحكومة ووضعه تحت ضغط سياسي ونفسي يؤدي بالنتيجة الى عدم تشكيل الحكومة أو بأحسن الأحوال الى تأخير ولادتها علّ التطورات الاقليمية تحمل وقائع جديدة تجعل من الممكن المضي في سياسة <تحجيم> دور إيران في المنطقة، واستطراداً التأثير على حضور حزب الله في السلطة التنفيذية. من هنا، فإن قيادة الحزب اتخذت قرارها بعدم التخلي عن حقيبة الصحة لأي سبب كان، لأن تخليها يعني هزيمة سياسية للحزب تكون بديلاً عن هزيمة عسكرية أو أمنية يريدها خصوم الحزب والعاملون على تحجيم دوره واقصائه عن المشهد السياسي

في البلاد، وحصر صورته بالصفة العسكرية والأمنية ليسهل <ضربه> أو تشتيت قدراته.

 

 

الغرب يتعاطى بواقعية

وبعيداً عن الشق السياسي، ترى قيادة حزب الله انه سبق لوزراء من الحزب ان تسلموا وزارات خدماتية أساسية أو عادية لها علاقات مع المنظمات الدولية والدول وكل المجتمع الدولي ولم يحصل في أداء هؤلاء الوزراء أي مواجهة مع أحد، خصوصاً في وزارة الطاقة والمياه التي تسلمها لفترة الوزير محمد فنيش، أو وزارة الصناعة التي لا يزال فيها الوزير حسين الحاج حسن، أو وزارة التنمية الادارية التي تحصر كل نشاطاتها مع منظمات الأمم المتحدة والدول المانحة التي حل فيها الوزير فنيش طويلاً، ناهيك عن وزارة الزراعة وغيرها من الوزارات من بينها وزارة الشباب والرياضة (حل فيها فنيش أيضاً). وتقول مصادر قيادية في حزب الله، ان وزراء الحزب تعاملوا في وزاراتهم وفقاً للأصول ولم يقاطعوا أحداً، كما ان احداً لم يقاطعهم، وكانت الإشادة بأدائهم في هذه الوزارات أكثر بكثير من أي ملاحظة سلبية.

وتراهن هذه المصادر على ان مصالح الدول والمؤسسات الدولية تفرض عليها التعامل بـ<براغماتية> مع الواقع، وليس أدلّ على ذلك من ان جمعيات أميركية سبق أن عرضت التعاون مع بلديات واتحادات بلدية محسوبة على حزب الله، لكن العرض رُفض.

في أي حال، بات من المؤكد ان مرسوم تشكيل الحكومة لن يصدر إذا لم يكن اسم ممثل حزب الله أمام حقيبة الصحة، وهو ما أكده الوزير محمد فنيش في معرض رده على كلام الرئيس الحريري الذي أوحى بصعوبات امام اسناد الصحة الى الحزب، حين قال: <إذا كان الحريري يريد أن يمنن الحزب فلا مكان لذلك، لأن الحزب انطلاقاً من كونه أحد ركني الثنائي الشيعي الذي يحصر بيديه التمثيل النيابي والوزاري الكامل للطائفة الشيعية وانطلاقاً من كونه يمتلك كتلة من 13 نائباً، فإن ذلك يعطيه شرعية الحصول على وزارة خدماتية أساسية، وقد رسا الأمر على وزارة الصحة>!