تفاصيل الخبر

الــضــاحــيــــــة الــجــنــوبــيـــــــة لــبــيــــــــروت.. مــنــطــقـــــــة أهــمــلــهـــــــا الــقــانـــــــــون

21/04/2017
الــضــاحــيــــــة الــجــنــوبــيـــــــة لــبــيــــــــروت..  مــنــطــقـــــــة أهــمــلــهـــــــا الــقــانـــــــــون

الــضــاحــيــــــة الــجــنــوبــيـــــــة لــبــيــــــــروت.. مــنــطــقـــــــة أهــمــلــهـــــــا الــقــانـــــــــون

بقلم علي الحسيني

ا------3ل-سيد-نصرالله-أو-الداعين-لمكافحة-المخدرات-في-الضاحية

في تطور بدا لافتاً شهدت الضاحية الجنوبية، وتحديداً بعض أحياء منطقة برج البراجنة الاسبوع الماضي، دوريات راجلة لعشرات العناصر من حزب الله وصفت بأنها عملية استعراض قوة أطلقها الحزب على شكل رسالة للداخل والخارج. لكن حزب الله الذي لم يُصدر بياناً توضيحياً حول طبيعة التحرك هذا، اعتبر من خلال اوساطه أو مقربين منه، أن الموضوع أخذ حجماً تجاوز حقيقة ما جرى والذي وضعه نائبه الحاج علي عمار في إطار العمل الفردي والتلقائي واعداً بأنه لن يتكرر على الاطلاق.

واقع الضاحية الجنوبية اليوم

 

من المعروف أن منطقة الضاحية الجنوبية وقبل أن تدخلها القوى الشرعية منذ سنوات قليلة، ظلت لعهود تحت سيطرة القوى الحزبية لأسباب منها سياسية وبعضها طائفي وربما مذهبي. هي منطقة تُشبه في خليطها وناسها كل المناطق اللبنانية حيث يوجد فيها الصالح والطالح ودائماً ما يؤخذ الأول بجريرة الثاني بحيث وإن حصل أمر خارج المعقول أو المقبول، يُصبح سكان وأهالي الضاحية بنظر البعض، مجرمين وخارجين على القانون، حتى انه في كثير من الاحيان تحول هؤلاء إلى مضرب مثل لدى الشعب اللبناني سواء لجهة عمليات السطو على محلات البيع والخوات التي يفرضها بعض الشبان على التجار بالإضافة إلى عمليات ترويج المخدرات وسرقة السيارات والقتل... كل ذلك بفعل وجود قوى حزبية مسلحة أعطى وجودها أسباباً للبعض بتكريس الطابع العشائري أو الاجرامي في ظل الغياب الفعلي لأجهزة الدولة ومؤسساتها والاستعاضة عنها بفتوى رجل دين من هنا، أو بقرار من قيادي سياسي أو حزبي من هناك.

الحالة التي لا تُعتبر فريدة في الضاحية الجنوبية والتي تمثلت بخروج عدد من الشبان التابعين لحزب الله في احد شوارع منطقة برج البراجنة، أظهرت للقريب قبل البعيد أن هناك تحركاً ما ينوي الحزب القيام به في القريب العاجل من شأنه ان يُحدث خضة أمنية في البلد، حتى ان البعض تكهّن بإمكانية قيام الحزب بـ 7 آيار جديد من أجل فرض واقع ما يرى الحزب أنه قد آن الأوان لحصوله وقد يكون تثبيت مؤتمر تأسيسي جديد يُلغي كل القوانين والامتيازات السابقة في الدولة والذهاب الى عقد شراكة جديد بين اللبنانيين يرضى عنه حزب الله وحلفاؤه في الداخل والخارج. لكن النائب علي عمار أكد أن التحرك نتج من حماسة بعض الشبان نتيجة شكاوى المواطنين إزاء تفاقم آفة المخدرات في المنطقة، مشيراً إلى انه تمت معالجة الأمر في الليلة نفسها ولن يتكرر على الإطلاق. وإذ شدد على أن المرجعية الأمنية في الضاحية هي الدولة عبر أجهزتها الأمنية المطلقة اليد للقيام بواجباتها، أكد دعم أي إجراء للدولة عملياً وليس بالكلام، وقال: نحن لو كنا نعلم أن هذه الحماسة ستولد هذه الحركة لكنا حلنا دون حصولها. وهذه الجملة الاخيرة لعمار، جعلت البعض يجزم بأن الحزب كان على دراية منذ البداية بهذا التحرك وبأن المجموعة التي تحركت قد نالت الرضا والموافقة قبل قيامها به وإلا أين كانت أجهزة الحزب الأمنية في حينه؟

عناصر-حزب-الله-في-شوارع-برج-البراجنة-----2 التحرك الحزبي بين مؤيد ومعارض

في السياق عينه، رأت أوساط قريبة من حزب الله أن الهدف من التحرك الميداني الذي جرى تنفيذه لا يتجاوز توجيه رسالة داخلية إلى بعض الأشخاص الذين يحتمون داخل البيئة الحاضنة في الضاحية الجنوبية، ويقومون بأعمال خارجة على القانون تضر بالسكان وبسمعة المنطقة، تبدأ بفرض الخوات وتمر بإثارة الإشكالات والتسبب بمواجهات مسلحة ولا تنتهي عند الترويج للمخدرات. وأضافت أن الحزب رغب بإبلاغ العائلات والعشائر التي تؤيده أن إستمرار حال الفلتان في بعض الشوارع والأزقّة في الضاحية وغيرها من المناطق مرفوض، وان الحزب سيتخذ كل الإجراءات الضرورية لمعالجة هذه الظواهر، حتى لو اقتضى الأمر التدخل ميدانياً ومباشرة من دون الاكتفاء بإجراءات القوى الأمنية الرسمية. ومن دون ادنى شك، فإن حزب الله كان من اكثر المتضررين خلال الاشتباكات التي حصلت منذ فترة وجيزة بين أشخاص من داخل مخيم برج البراجنة، وأبناء عشائر تسكن الضاحية الجنوبية، إذ وبحسب أوساط مقربة منه، فقد شعر الحزب وكأن هناك مخططاً لقلب الاوضاع في هذه المنطقة وجعلها منطقة مشبوهة دولياً وعربياً ومحلياً، على غرار ما يحصل في بعض المخيمات الفلسطينية في لبنان وخصوصاً مخيم عين الحلوة.

في المقابل، دان وزير الداخلية نهاد المشنوق الاستعراض جملة وتفصيلاً، واعتبره صفعة في وجه العهد الجديد وتحدياً لمنطق الدولة، وقال: ستتخذ الإجراءات التي يفرضها القانون منعاً لكل افكار الأمن الذاتي التي يرفضها كل اللبنانيين. ورأت أوساط معارضة للحزب أن العراضة العسكريّة التي قام بها هذا الأخير لا تحمل رسائل إلى بعض الخارجين على القانون ضمن البيئة الحاضنة له، ولا الى بعض النافذين ضمن العشائر الشيعيّة الذين لا يتقيدون بتوجيهات حزب الله في أكثر من موضوع، بقدر ما هي موجهة إلى السلطة اللبنانية التي تواصل أجهزتها الأمنية المختلفة تنفيذ مداهمات مفاجئة وعمليات رصد وتعقّب وتوقيف لعدد من المطلوبين في مختلف المناطق المحسوبة على الحزب من الضاحية وصولاً إلى بعلبك. ورأت أن حزب الله حاول عبر تحركه الميداني التذكير بالخطوط الحمراء الممنوع تجاوزها في أي مداهمات مستقبلية للقوى الأمنية اللبنانيّة.

 كما اعتبرت الأوساط نفسها، ان الحزب أراد توجيه رسالة استباقية للسلطات الأمنية اللبنانية بضرورة عدم المبالغة في التجاوب للضغوط الدولية التي تطالب لبنان بالتشدد أكثر في ضبط حركة الركاب في مطار بيروت وحركة البضائع في المرافئ اللبنانية، حيث يرفض الحزب التخلي عن امتيازات يحظى بها ويدرجها في سياق ضرورات عمل المُقاومة.

 

إيجابيات وجود الدولة في الضاحية

بالطبع لا توجد فئة في لبنان تُحمل حزب الله بشكل مباشر وقوفه وراء التجاوزات التي تحصل في الضاحية اليوم سواء من قبل ما يُسمون بـ<الزعران> أو تجار المخدرات، لكن بكل تأكيد فإن معظم الجهات تعتبر ان سلاح الحزب بالإضافة الى غياب الدولة، شكل دافعاً لكل هؤلاء بارتكاب الموبقات والاحتماء ببعض الشخصيات سواء أكانت سياسية او حزبية او عشائرية، ولذلك يجوز حسم مقولة ان وجود الدولة وأجهزتها الأمنية في الضاحية، هو حماية بالدرجة الاولى للحزب وأمنه ومقاومته، فبهذا الوجود يتخلص حزب الله ومعه حركة <امل> تدريجياً من عبء الأمن الذاتي الذي فرضاه على هذه المنطقة يوم وقوع التفجير الإرهابي الذي استهدف حي الرويس. كما وان هذا الوجود من خلال الخطة التي كانت اعلنتها في السابق وزارة الداخلية والرامية الى نشر 800 عنصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن والأمن العام، يؤكد إن استعادة الدولة أمن الضاحية الجنوبية يشكل إنقاذاً للحزب من ورطة القيام بالنيابة عن الدولة، بمهمة حفظ الأمن ومراقبة المداخل المؤدية اليها والتدقيق في وجود-الشرعية-يعزز-امن-الضاحية----4هوية من يود الدخول الى شوارعها أكانوا من سكانها المقيمين فيها أو من العابرين اليها من خارج المنطقة

وبالعودة الى الشق المتعلق بحزب الله لجهة الخيار الأمني الذي كان اتخذه في السابق، فمن الطبيعي الملاحظة وبشكل كبير، أن هذا الخيار الذي ترافق مع اتهام الحزب بفرض الأمن الذاتي بالتذرع بغياب الأجهزة الأمنية للدولة عنها، قد اشعر الحزب بعدم قدرته على الاستمرار بهذا الخيار الذي أدى الى خنق الضاحية اقتصادياً، لأن سكانها وإن غفروا له الإجراءات التي فرضها فور حصول التفجير الذي ضرب حي الرويس ولم يأخذوا بالحملة التي استهدفته، عادوا وأخذوا يتأففون من الإجراءات والتدابير الأمنية بعد أن أدركوا أن لا مصلحة لهم في استمرارها لأنها أخذت تشل الحركة الاقتصادية فيها.

 كما وان أهالي الضاحية يذكرون جيداً أن الذين تولوا التدقيق في هوية الذين يدخلون الضاحية الجنوبية هم جلهم من المتطوعين الذين لا خبرة لهم في هذا المجال، ولم يسبق لهم ان تمرسوا في التعاطي المباشر مع سكانها أو الوافدين اليها، وهذا ما تسبب باحتكاكات يومية دفعت بعدد من المسؤولين في حزب الله الى التدخل لفض الإشكالات الناجمة عنها، اضافة الى أن الإجراءات التي فرضت حصاراً غير مسبوق على جميع شوارعها وأحيائهــــــا تجلــــــى في اقفـــــــال بعض المعابر والإبقاء على بعضها الآخر لتسهيــــــل مراقبـــــة حركة الخـــــروج والدخول.

 

نصر الله والضوء الأخضر

 

بُعيد اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الاستثنائية والتي خاطب فيها جمهور المقاومة مسلطاً الضوء على قضية تعد الابرز والاكثر حساسية نظراً لأبعادها العشائرية والسياسية، رافعاً في حديثه الغطاء عن كل المطلوبين، يُماط اللثام يومياً عن عمليات توقيف تطال مطلوبين جُدداً بحيث يرخي هذا التعاون الأمني بين حزب الله والدولة بظلاله انفراجية واسعة على الساحة الداخلية والأمنية.

العملية تسارعت وتيرتها في الساعات والايام الماضية مع تعاظم المداهمات التي تستهدف مطلوبين محددين، لكن تسارع العملية اصطدم بارتفاع مستوى الجهوزية والتأهب لدى المطلوبين او من يدور بفلكهم حيث سجل في الايام الماضية حصول اشتباك وصف بالعنيف في منطقة تحويطة البرج بين قوة من استقصاء جبل لبنان المدعومة باللجنة الأمنية التابعة للحزب مع المطلوب محمد زعيتر وهو احد اهم الاذرع لرئيس كارتيل المخدرات، نوح زعيتر في توزيع الممنوعات على أصنافها في الضاحية. لكن الدولة والحزب اعلنا بصريح العبارة ان القرار قد اتخذ وان العودة الى الوراء ممنوعة وان العبث بأمن اهالي الضاحية وصحة الشبان هو ايضاً ممنوع. فالخطة وضعت بوقت وجيز بعد جمع المعلومات وتحليلها من قبل القيادات الأمنية العاملة على هذا الملف.

بين التأييد الواضح والعلني من بيئة المقاومة للعمليات الأمنية التي تقوم بها اجهزة الدولة بالتعاون مع جهاز أمن حزب الله، تقول سيدة سبعينية على الملأ: الله يعين سماحة السيّد حسن، على شو بدو يلحق، ما بيلحق يكمش عميل، حتى يظهر مختلس ونصاب وتاجر مخدرات وزعران ببعض المناطق. وتضع السيدة كل اللوم على الدولة التي ظلت غائبة عن الضاحية لأكثر من خمسين عاماً. وتقول: عندما أرادت الدولة العودة الى الضاحية، عادت بكل قوتها وثقلها وهذا أمر مطلوب، لكن الأجدى لو انها كانت عالجت ملفات المطلوبين الممتدة من الشمال الى البقاع والجنوب وصولاً الى بيروت وضاحيتها.

 

تجار المخدرات والبحث عن فريسة

انواع-من-المخدرات-----5  

التركيز على الضاحية الجنوبية خلال هذا التحقيق، لا يعني على الاطلاق أنها منطقة مشبوهة ولا ان سكانها هم من الخارجين على القانون او حتى متهمين، لكن التناول هنا جاء من باب الحملة الأمنية التي تقودها الدولة في هذه المنطقة بالتعاون مع اهلها، وهو أمر يجب الاحتذاء به في كل المناطق تقريباً وليس في الضاحية فقط. لكن اليوم ومع هذا التفلت الذي لم تعهده الضاحية من قبل حتى في ذروة الحروب، ظهرت الى العلن مشكلة تفشي المخدّرات بشكل كبير، لتصبح اليوم ظاهرة علنيّة لدى معظم الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و40 عاماً، وهو عدد كبير بالنسبة إلى منطقة تسكنها مليون نسمة تقريباً معظمهم من جيل الشباب.

يُمكن وصف الحالة الصعبة والشاذة في الضاحية لجهة ملف المخدرات بالشكل الآتي: في السابق كنت تجدهم يجوبون أحياء وزواريب الضاحية الجنوبية باحثين عن فريسة يوقعونها في شرك الإدمان، إنّهم تجار الموت، يبيعون مخدراتهم من دون حسيب أو رقيب، وعلى أعين الجميع، وبحسب بعض السكان إن هؤلاء التجّار هم في معظمهم من أبناء العشائر التي لا يقوى حزب الله على مجابهتها لأسباب كثيرة. وعند سؤالك الأهالي من أين يحصل هؤلاء الشبّان على المال لكي يبتاعوا السم؟ فإن الجواب يأتيك بسرعة البرق، فيقول أحدهم: ينطلق المروجون من هنا لبيع سمومهم إلى طلاب الجامعات ورواد الملاهي الليلية في بيروت والمعاملتين وغيرهما من المناطق، ويجدون هنا الملجأ الآمن من الملاحقة.

أما بالنسبة الى المتعاطين، فإذا لم يكن المال متوافراً لديهم وهذا ما يحصل معظم الأحيان، فيمكنك اللجوء الى خيارين: إما الى التقسيط الذي يترافق مع تهديد دائم، وإما الاستهداء الى أنواع أخرى من المخدرات يلجأون اليها مثل حبوب <ريفوتريل> المعروفة لديهم بـ <ريفو>، وهي حبة تعطي دفعاً من القوة والشجاعة عند اللزوم، بالإضافة الى أدوية <السعلة> وحقنة <ترامال> المتوافرين في الصيدليات بكثرة، وهذان الدواءان يُستعملان للتهدئة من سرعة الانفعال والغضب، لكن يبقى <السيمو> و<البينزيكسول> الأكثر شيوعاً بين المدمنين، حيث يتراوح سعر العلبة الواحدة بين 30.000 و40.000 ليرة لبنانية.

 

كيف تشكّلت الضاحية الجنوبية؟

الضاحية-اليوم------1 

ازداد عدد الوافدين الشيعة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت مع بداية الحرب الأهلية العام 1975، حيث اضطر أكثر من 150 ألفاً من سكان الأحياء الشرقية للعاصمة بيروت، إلى ترك النبعة والدكوانة وحارة الغوارنة وسبنيه وبطشيه وتل الزعتر وجبيل وغيرها قسراً، واحتضنت الضاحية قسماً كبيراً من شيعة الجنوب الذين نزحوا إليها نتيجة الاعتداءات والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للقرى الجنوبية. كما نزح إليها البقاعيون طلباً للرزق، فتحولت حقول الحمضيات والصبير وأحراج الصنوبر، إلى أحياء سكنية عشوائية غير منظمّة، وظهرت أحياء جديدة أخذت بمعظمها طابع الفوضى والعشوائية. ويبلغ حالياً عدد سكان الضاحية الجنوبية لبيروت من اللبنانيين نحو مليون نسمة يتوزعون على الشكل الآتي: 53 بالمئة من الجنوب.21 بالمئة من البقاع.14 بالمئة من بيروت و10 بالمئة من جبل لبنان من ضمنهم سكان المنطقة الأصليين.

واليوم عندما يُذكر اسم الضاحية الجنوبية في وسائل الإعلام يتبادر الى الذهن المعنى السياسي لها لأنها عرفت سابقاً بـساحل المتن الجنوبي. فالضاحية اليوم امتدت الى مسافات جديدة، ووصلت الى حدود الحدث والشويفات وسن الفيل، وأصبح فيها شوارع وأوتوسترادات لم تكن قائمة سابقاً. ومن أحيائها الجديدة حي الأميركان الذي يقع بين الحدث وصفير، وشارع الجاموس. وامتد العمران الجديد الى مناطق بئرحسن واوتوستراد المطار الجديد ومنطقة الطيونة. وتحولت المساحات الرملية الى بنايات ضخمة وفخمة ولا يقل سعر الشقة في هذه المناطق عن 250 ألف دولار أميركي. ويتسم الجو الثقافي في الضاحية بسمة حزبية واحدة مع غياب التنوع، فنادراً ما نسمع عن إقامة معارض فنية في الضاحية الجنوبية بعيدة عن السلطة الموجودة فيها والمتمثلة بـحزب الله، ما عدا الشياح حيث السيطرة البارزة هي لحركة <أمل>. رغم ان القاطنين بالضاحية هم من شتى المشارب والأهواء. ويتابعون نشاطهم الثقافي خارج هذا الحيز المكاني ربما بسبب البيئة المحافظة. وتحتفظ مؤسسات المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بجزء من المشهد العام الذي يعطي الأمر نكهة خاصة، لكن لا يميزها او ينفِر منها الآخر صاحب الكلمة الفصل كونها تبقى في اطار الثقافة الدينية.

 

الضاحية بخير.. حزب الله بخير

الضاحية بخير إذاً حزب الله بخير، شعار لطالما ردّده أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت منذ سنين، لما تتمتع به هذه المنطقة من خصوصيّة إن على الصعيد الجماهيري أو لناحية المزيج الشيعي. وفي الموضوع الأصل اي عرض القوة والمعطوف على واقع الحزب والضاحية معاً، يجوز القول انه بين نظرية الحزب ومؤيديه من جهة، ونظرية معارضيه من جهة أخرى، ثمة تضارب كبير وتفسيرات مختلفة تماماً، لكن ما هو أكيد أن خللاً أمنياً متمادياً تشهده الضاحية الجنوبية ويحتاج لمعالجة سريعة، حفاظاً على أمن المواطنين اللبنانيين وعلى ما تبقى من هيبة للدولة. والأكيد أن الخطة الأمنية التي تناولها الإجتماع الأخير الذي عُقد في قصر بعبدا بحضور رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري وبعض الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية، يجب أن تنفّذ حفاظاً على أمن واستقرار لبنان واللبنانيين وليس استجابة لأي مطالب غربية. والأكيد أيضاً أن العراضات العسكرية الطابع لقوى خارج اطار الشرعية من دون تسليم أي موقوف، لم تأت بأي نفع سوى بزيادة تهميش سلطة الدولة المركزية، وضرب هيبتها. ومن هنا يؤكد السكان ان التعاون بين الدولة وحزب الله، هو أمر أكثر من مطلوب، بل هو ضمانة لـ«استمرارنا> هنا.