تفاصيل الخبر

الدعوة الى "مؤتمر تأسيسي" غير مطروحة... وحزب الله مستمر في سياسة "استيعاب الصدمات"!

06/05/2020
الدعوة الى "مؤتمر تأسيسي" غير مطروحة... وحزب الله مستمر في سياسة "استيعاب الصدمات"!

الدعوة الى "مؤتمر تأسيسي" غير مطروحة... وحزب الله مستمر في سياسة "استيعاب الصدمات"!

[caption id="attachment_77675" align="alignleft" width="327"] الرئيس ميشال عون: البلاد غير مهيأة في الوقت الراهن للدخول في اي مغامرة سياسية[/caption]

تبدي أوساط سياسية مطلعة حذراً من تجدد الحديث عن امكانية عقد "مؤتمر تأسيسي" تعاد فيه تركيبة الدولة اللبنانية، والملاحظ في هذا المجال، ان التهمة توجه دائماً صوب حزب الله على أساس ان الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله كان قد طرح في العام 2012 فكرة عقد "مؤتمر تأسيسي وطني" لبناء الدولة في العام 2020، وهو أمر ينفيه أكثر من مصدر في الحزب ويؤكد بأن إحياء هذه الفكرة غير وارد في أجندة قيادة الحزب على رغم ان الفكرة التي كان السيد نصر الله طرحها في العام 2012 كانت مجرد فكرة للبحث والتشاور فيها، ولم تكن هناك رغبة حزبية في أن تعتمد على أساس أنها "خيار" من حزب الله لمستقبل لبنان. ويؤكد المصدر ان إحياء هذا الطرح في الوقت الراهن ليس وارداً ولا صحة بالتالي لما يشاع عن "تحضيرات" سياسية واجتماعات داخل قيادة الحزب تناقش هذه المسألة التي يعرف حزب الله ان لا صدى ايجابياً لها في الوضع الراهن حيث تواجه البلاد ظروفاً اقتصادية ومالية صعبة جداً، وان أي طرح في هذا السياق سيلاقي ردود فعل سلبية لأسباب مختلفة.

ولعل أكثر من يجعل حزب الله بعيداً عن فكرة "المؤتمر التأسيسي" عدم وجود أصداء ايجابية له حتى من حلفائه ولاسيما المسيحيين منهم وفي مقدمهم "التيار الوطني الحر" الذي قالت مصادره ان البحث في هذه الفكرة غير وارد وان القول بأن هذا الطرح "لا يحتمل المماطلة والتأجيل" هو قول مردود لأن البلاد غير مهيأة في الوقت الراهن للدخول في "مغامرة" سياسية تغيّر معالمها وأركان النظام فيها. وتضيف هذه المصادر ان المعلومات التي راجت الأسبوع الماضي عن ان حزب الله أبلغ الفرنسيين ان استمرار الوضع الراهن اقتصادياً ومالياً و"الحصار" المفروض على الحزب من السلطات الأميركية هي عوامل قد تؤدي الى إعادة إحياء فكرة "المؤتمر التأسيسي"، هي معلومات خاطئة وتم التأكد من عدم صحتها في اتصال مع الفرنسيين أنفسهم الذين نفوا أن يكون أحد قد فاتحهم في هذا الموضوع منذ زمن بعيد. كذلك نفت مصادر الرئيس نبيه بري أن يكون موضوع "المؤتمر التأسيسي" قد طرح في أي لقاء من اللقاءات التنسيقية التي تعقد بين قيادتي حزب الله وحركة "أمل"، علماً ان مثل هذا الموضوع لا يمكن أن يبقى سراً في الأندية السياسية التابعة للحركة، لا بل العكس فإن مواقف الرئيس بري معروفة في هذا المجال ولا لبس فيها وهو يعارض الطرح "جملة وتفصيلاً" وليس في وارد الترويج له أو تبنيه...

مخاوف من مخطط أمني!

[caption id="attachment_77676" align="alignleft" width="332"] ليس في اجندة "الثنائي الشيعي" الدعوة لعقد "مؤتمر تأسيسي"[/caption]

وتقول مصادر على اطلاع على مواقف حزب الله ان قيادة الحزب متخوفة جدياً من وجود مخطط لضرب البلد أمنياً، لاسيما وان المناخ الشعبي والسياسي والظروف الاقتصادية باتت بيئة خصبة لاعادة إحياء الاضطرابات والفتن الطائفية والمذهبية، وهو أمر يضاعف حرص قيادة الحزب على التنبه لعدم فتح الأبواب أمام مواضيع ينقسم اللبنانيون حيالها مثل الحديث عن "المؤتمر التأسيسي"، وبالتالي تبقى الأولوية للمحافظة على الاستقرار السياسي الذي هو صنو الاستقرار الأمني، وبالتالي لا مجال لأي اجتهادات في هذا المجال، تماماً كما هي الحال بالنسبة الى الكلام عن "استعدادات" في صفوف قوى "14 آذار" تهدف الى اسقاط حكومة الرئيس حسان دياب لأن هذه الحكومة يعتبرها حزب الله "حكومة الفرصة الأخيرة" وعلى جميع الأطراف تركها تعمل لتنتشل البلاد من الأزمات التي تعيشها ولتعبّد الطريق أمام الاصلاح المنشود. وصحيح ان قيادة حزب الله، كما يقول المطلعون على مواقفها، ليست في وارد القيام بأي خطوة تنعكس سلباً على حكومة الرئيس دياب، إلا ان الصحيح أيضاً ان القلق لدى هذه القيادت متأتٍ من أداء معارضي الحكومة في السياسة وفي الشارع أيضاً خصوصاً انهم يشنون حروباً سياسية ويفتحون مواضيع سرعان ما تجد صداها في الشارع من خلال التحركات الشعبية التي لم تعد عفوية أو سلمية خصوصاً في طرابلس والبقاع، الأمر الذي يفرض مقاربة هذا الأمر من زاوية تعيد "ضبط" أداء معارضي الحكومة للحؤول دون امتداده ميدانياً، على ان تبقى لغة الحوار اللغة الوحيدة القادرة على منع أي تدهور خطير في السياسة والأمن معاً.

كذلك فإن قيادة الحزب، على ما يقول المطلعون على مواقفها، قلقة من "احباط" كل محاولات الاصلاح ومحاربة الفساد المتكررة التي تعمل الحكومة على تحقيقها من خلال مؤسسات الدولة ووزاراتها المعنية، خصوصاً ان المواقف التي تصدر عن معارضي الحكومة تنذر بتطويق أي محاولة اصلاحية ممكنة بهدف عدم تمكين حكومة الرئيس دياب والعهد من تحقيق أي انجاز يسجل لهما في هذا الظرف بالذات، وذلك من خلال استعمال العقدة الطائفية والمذهبية وتوفير التغطية لأي متهم بالفساد أو أي مرتكب يلاحقه القضاء، ولعل وضع "خطوط حمر" حول هذا الموظف أو ذاك من قبل سياسيين في المعارضة خير دليل على ان الهدف يبقى "تطويق" العهد والحكومة لعدم تمكنهما من ملاحقة الفاسدين والمرتكبين ما يعني عملياً استحالة تصحيح الخلل القائم في لبنان من خلال "التطييف" حيناً و"التمذهب" أحياناً وتأمين الغطاء الضروري لمنع الوصول الى هؤلاء الفاسدين أو المرتكبين. من هنا تأتي عودة المشهد الداخلي الى توتره بعد استراحة امتدت ثلاثة أشهر كان الرئيس الحريري خلالها في الخارج نتيجة وباء "كورونا" الذي عطل كل شيء في البلاد بما في ذلك الحياة السياسية.

"14 آذار" بالمرصاد...!

وفي هذا الإطار، تقول مصادر قوى "14 آذار" ان حزب الله حقق "صعوداً" تدريجياً منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في قيادة الحلول المطروحة للأزمات المتلاحقة وحقق تقدماً في "تحميل خصومه" وزر تفاقم الأوضاع و"الهروب" من الاستحقاقات، علماً ان المعارضة لا قيادة موحدة لها بل تعمل بـ"المفرق" وفق قناعات كل طرف فيها. وتتهم هذه المصادر قيادة حزب الله بأنها تريد تعزيز أمن بيئتها الاجتماعية التي تضررت أسوة بغيرها من البيئات اللبنانية الأخرى، الأمر الذي يفرض ــ وفق "14 آذار" ــ مضاعفة الضغط الداخلي على الحزب لإرباكه وعدم تمكينه من تحقيق الأهداف التي يعمل لها، و"الحد" من دعمه لحكومة الرئيس دياب، ومحاولة التخفيف من التحالف القائم بينه وبين "التيار الوطني الحر" ورئاسة الجمهورية خصوصاً ان الأطراف الثلاثة (أي الحزب والتيار والرئاسة) ترفض اجراء مراجعة شاملة لمرحلة ما قبل سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري وما بعدها أو نقد موضوعي للنصف الأول من ولاية الرئيس عون. وتتهم مصادر "14 آذار" الأطراف الثلاثة بالاستمرار على الايقاع نفسه ونهج "التفرد" وتحميل المسؤولية للآخرين وكأن لا انتفاضة حصلت ولا وباء اجتاح لبنان ولا انهيار اقتصادياً تعاني منه البلاد. وتتوقف المصادر نفسها عند "التميز" الذي عرف الرئيس بري كيف يمارسه في لحظة حساسة كالتي يعيشها لبنان مع المحافظة على تحالفه القوي مع حزب الله من خلال "الثنائية الشيعية"، الأمر الذي جعل الرئيس بري يلتقي في بعض من مواقفه مع أحزاب المعارضة ولاسيما الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار "المستقبل"، والتي تشجع استمرار هذا "التميز" عن حزب الله لاشعاره بأنه بات وحيداً في دعمه للعهد والحكومة. وتعترف مصادر المعارضة ان الدفع باتجاه إحداث "فصل" بين الرئيس بري وحزب الله لا يؤدي الى نتائج سريعة وقد لا "يثمر" أبداً لكنه يخلق مناخاً تستفيد منه المعارضة في صراعها مع العهد والحكومة، ولعل المواقف التي يتخذها كل من وزراء "أمل" وحزب الله داخل جلسات مجلس الوزراء خير دليل على ان هذا "التميز" له فوائده في الظرف الراهن. وتنفي مصادر المعارضة ما يروج عن "استغلالها" الانهيار الاقتصادي والمالي في البلاد لحصول "مواجهة" مع حزب الله، مشيرة الى ان الصراع سيبقى سياسياً ولن تُستدرج المعارضة الى أي مواجهة على الأرض لأنها تعرف ان مثل هذه المواجهة مُكلفة من جهة ولا نتائج ايجابية تحصدها منها من جهة اخرى لأن الواقع الميداني ليس لصالحها على رغم التنسيق الحاصل بين بعض أطراف المعارضة مع المجموعات التي تتحرك في الشارع خصوصاً في البقاع الأوسط وطرابلس.