تفاصيل الخبر

البحــر للميسوريـــن واللبـنانــي يبيــع الـمـيــــاه والـرمــــل والـشـمــــس!  

13/05/2016
البحــر للميسوريـــن واللبـنانــي يبيــع الـمـيــــاه والـرمــــل والـشـمــــس!  

البحــر للميسوريـــن واللبـنانــي يبيــع الـمـيــــاه والـرمــــل والـشـمــــس!  

بقلم طوني بشارة

بحر-شكا  

اقترب موسم الصيف فبدأت المسابح تستعد لفتح ابوابها، ولكن هل ستكون هذه الابواب مفتوحة لطبقة دون سواها، نظراً لكلفة الدخول المرتفعة والتي لا تتناسب وقدرات كل اللبنانيين كما حصل في العام الماضي؟

 قاعدة أصبحت معروفة على عتبة كل موسم صيفي، البحر الذي من المفترض أن يكون للجميع بات للميسورين، رواده هم من يستطيعون دفع 30 ألف ليرة على الاقل «كبدل دخول> لتمضية نهار يتخلله شراء طعام وشراب من داخل المسبح، مما يعني ان قاصد المسبح لن يخرج دون دفع 60 ألف ليرة أقله، فالذهاب الى البحر أصبح دونه معوّقات أمام العديد من العائلات التي أصبح عليها اعادة التفكير او التريث وانتظار العروضات التي تقدمها بعض المواقع على <الانترنت> ووسائل التواصل الاجتماعي.

 ورغم ان اللبنانيين ينتظرون الموسم الصيفي للترفيه عن انفسهم وممارسة هواية السباحة او تمضية النهار على الشاطئ، الا أن لبنان الذي لم يبق من شاطئه سوى أمتار قليلة مخصصة للمسابح الشعبية يمنع على أبنائه حتى مياه بحره، ولكن كيف يمكن الحديث عن ذلك طالما ان ملكية البحر لا تزال (قانونا على الاقل) بيد الشعب على الرغم من احتلاله من قبل المتنفعين وأزلام السياسيين؟

جان-بيروتي  

<مشوار البحر بيكسر الضهر>

 

الواقع انه وعلى الرغم من كل ذلك، وعلى قاعدة <من استحوا ماتوا>، عمدت بعض المنتجعات والفنادق والمسابح الى رفع اسعار بطاقات الدخول الى الشواطىء التي تحتلها بين 5 آلاف و15 ألف ليرة بالمقارنة مع العام الماضي، في حين ان بدلات ايجار الشاليهات والغرف الفندقية المستوطنة الشاطىء العام فحدّث ولا حرج! واذا كان نهب البحر وأملاكه قد حولته الحكومات المتعاقبة الى أمر واقع، الا أن ارتفاع اسعار بطاقات الدخول جعل من المستحيل استمتاع الأسر وذوي الدخل المحدود ببرودة البحر في ظل طقس حار وكهرباء في الغالب <مقطوعة> وخصوصاً في المنطقة الممتدة من بيروت حتى الرميلة، ليصبح <مشوار البحر بيكسر الضهر>، والوصول الى شاطىء مجاني لا تعكره الأوساخ ومياه الصرف الصحي ضرباً من المستحيل على شاطىء ممتد امام رقعة جغرافية اسمها <لبنان>!

والمتتبع للأوضاع يلاحظ ومع بداية موسم كل صيف كثرة تساؤلات المواطنين، فيما الجواب واحد، فلكل شيء ثمنه في لبنان، بما في ذلك المياه والرمل والشمس، وربما حتى الهواء، ولا عجب في ان يغرق الناس في الديون او ينكفون عن الطعام لمدة شهر في سبيل تمضية يوم واحد في مسبح خاص أسعاره أقل ما يمكن القول عنها إنها حارقة، لا بل لادعة اكثر بكثير من اشعة شمس الصيف، على اعتبار انه بين رسوم <الدخولية> ومصاريف الأكل والشرب تتخطى تكلفة اليوم الواحد الـ50 ألف ليرة للشخص الواحد، فكيف الحال إذا كان عدد أفراد الأسرة أربعة او خمسة أشخاص؟ فهل اصبحت السباحة في شواطئ لبنان حكراً على الأغنياء فقط؟ فرح-فارس-ونور-فارس-) علماً ان الغالبية الساحقة من المنتجعات تخالف القانون القاضي بجعل البحر ملكاً للعموم؟

واقع نعيشه جميعا مع بداية موسم الصيف، فالبحر يغمزك، الاسترخاء يناديك، والحرّ لا يُطاق، لكن الأسعار بدأت تلهب المواطنين الذين يفكرون ويحللون ويحسبون ألف حساب قبل ارتياد المسابح الخاصة، فالبحر لم يعد ثروة عامة يتمرّغ على رماله الأطفال من دون منتجعات أو مشاريع تحصد الثراء حتى التخمة، فالذهاب الى البحر تحوّل الى رحلة مكلفة كتأشيرات السفر عند البعض، وصار مصيدة تستنفد الجيوب، إذ ان مئات المسابح تنتشر على طول الشاطىء اللبناني لتستوعب مئات آلاف المواطنين، ويتحكم في شمسها ورملها <ملوك> البحر الأجلاء.

 

اللبناني <شاطر> يبيع كل شيء

أكثر من 300 منتجع بحري تمتد على طول الساحل اللبناني وتتفاوت أسعارها حسب نجومها، وحسب فرز طبقة قاصديها، والأسعار الأرخص هي زهاء 20 دولاراً <دخولية>، و500 دولار لـ<الكابين>، و5 آلاف دولار للشاليه، من دون أن نذكر فواتير الكهرباء والهاتف وأعمال الصيانة، أو دفع مبلغ تأمين يُعاد بعد انتهاء فصل الصيف.

لكل شيء ثمنه، نحن اللبنانيين <شطار> نبيع كل شيء ما عدا الهواء، سمّينا البحر <أملاكاً خاصة>، وتركنا بضعة أمتار للعامّة متحجّجين بالوجه الحضاري وجمال الوطن وضرورة انعاش السياحة، ولا عجب في أن يغرق الناس في الديون لتمضية نهار واحد في <مسبح خاص> أسعاره <خاصة جداً>. باختصار، حبسنا البحر وسيّجنا الرمل وبعنا الشمس في صكوك شاليهات بحجم علب السردين، ليصبح ايجار شهر في أحد المنتجعات البحرية أغلى من ثمن تذكرة سفر تعبر المحيطات والبحار.

للأسف باتت كل اسرة مكونة من 4 أشخاص، ملزمة بأن تنفق مئة دولار كلفة يوم واحد قرب مياه البحر!

 وهكذا تنطلق الأسرة في يوم سبت برحلتها من خلدة، باحثة عن ملاذ آمن من أسعار المسابح المرتفعة، فتجد أن بطاقة الدخول الى مسبح <جوناس> في الجية تبلغ 30 ألف ليرة، وقد كانت كلفة البطاقة 20 ألف ليرة في العام الماضي، الرحلة مستمرة تحط رحالها في مسبح <لايزي بي> في الجية حيث تبلغ كلفة البطاقة 35 ألف ليرة مرتفعة 5 آلاف ليرة عن العام الماضي، وصولاً الى <الجنة سور مار> حيث تبلغ قيمة البطاقة 35 ألف ليرة بعدما كانت 27 ألف ليرة العام الماضي، اما مسبح <بانجيا> فكلفة دخوله 33 ألف ليرة.. وصولاً نحو الـ<أوسيانا> في الدامور حيث تصل كلفة البطاقة الى32 ألف ليرة، امام هذا الواقع استبدلت العائلة خطتها، فكانت الوجهة جونيه وما بعدها، المسابح بمعظمها <برايفت>، ولا يمكن دخولها الا اذا كان المواطن له صلة بمواطن آخر يقيم في شاليه في المسبح! الا أن اسعار البطاقات في المسابح <العامة> تُعتبر أقل من جبهة خلدة - الدامور- الجية، إذ تصل كلفة الدخول الى مسبح <بالاباس> في جونيه الى 18 ألف ليرة بعدما كانت 15 ألفاً العام الماضي، وفي مسبح <سيان> في المنطقة نفسها تصل الكلفة الى 25 ألف ليرة بزيادة ألفي ليرة عن العام الماضي، وفي <ميرامار> في القلمون تصل كلفة البطاقة الى 20 ألف ليرة، أما الـ<بلو بيتش> في شكا فسعر <الكابين> فيه 15 ألف ليرة.

<الشاليه>.. . خطر الأسعار!

شفيق-القسيس  

وقد يخطر على بال أسرة من شخصين أن تمضي <يوماً او يومين على البحر>، الا أن أسعار الشاليهات تحوّل هذه الخاطرة الى خطر! وخصوصاً حين يتبيّن أن سعر استئجار الغرفة ليوم واحد في مسبح <لاس ساليناس> في شكا هو 330 دولاراً <مع ترويقة>، وتتوازى معه في الكلفة المرتفعة أجرة الشاليه في مسبح جيّة <مارينا> التي تصل الى 200 دولار خلال أيام الأسبوع، و561 دولاراً كسعر استئجار الشاليه أيام الجمعة والسبت والاحد، لتصل كلفة الشاليه في هذه الأيام الثلاثة في الطابق الارضي الى 608 دولارات.

 ولكن على أي أساس يرفع أصحاب المسابح الخاصة أسعار الدخول إليها؟ خصوصاً أن ارتفاعها غير مرتبط بالضرورة بارتفاع مصاريف هذه المؤسسات، فأسعار رخص الاستثمار لا تختلف إجمالاً من سنة إلى اخرى، والاعتماد على الموظفين بدوامات جزئية وموسمية يخفض التكلفة ولا يلزم أصحاب هذه المسابح بدفع تأمينات لهم، وهو ما يُعتبر <الكلفة الأكبر> على المؤسسات، والملاحظ انه لا تزال الأسعار تلهب جيوب المواطنين الذين أثقل تردي الاوضاع الاقتصادية كاهلهم، واصبحوا يفكرون ويحسبون ألف حساب قبل ارتياد المسابح الخاصة، فالبحر لم يعد ثروة عامة يتمرّغ على رماله الناس، ويتمتعون بشمسه ودفء مياهه، بل أصبح ملكاً لمن ابتلعه بلا حسيب أو رقيب، وهؤلاء يزيدون التسعيرة وينتقون النخب المقتدرة مالياً لدخول مسابحهم الخاصة والغالية، كما ويتحكمون بالموارد التي أنعم الله علينا بها لحصد الثراء السريع حتى التخمة.

امتعاض بالجملة

وبجولة ميدانية على طول الشاطئ اللبناني التقت <الافكار> بالعديد من العائلات ومن محبي البحر ورصدنا بين محبّي الشاطئ والمسابح والنشاطات الصيفيّة عموماً، امتعاضاً من الأسعار المرتفعة التي يصفها البعض بأنّها خياليّة، والبارز أن الولوج الى الشواطئ والمنتجعات السياحية أصبح حكراً على الأغنياء والسياح، اذ يدفع هؤلاء مبالغ تكاد تكون خيالية للاستمتاع بالرمال والمياه، اما الفقراء فيكتفون بالسباحة في الجانب الآخر من البحر، حيث عمليات التنظيف شبه غائبة وحيث ادنى وسائل الأمان غير متوافرة.

من جهتها، تعتبر ريبيكا القسيس وهي طالبة سنة ثانية علوم سياسية <أن أرقى مسابح دول العالم ليست بهذه الأسعار، فمن المفروض أن تؤمن الدولة المسابح المجانية للمواطنين، فماذا يمكن للّبناني ان يفعل خلال موسم الصيف الحار غير التوجه الى المسابح؟ للاسف اصبح البحر لفئة دون سواها، اما طلاب الجامعات، فعليهم ان يدّخروا من مصاريفهم اذا ارادوا قصد احد المسابح الخاصة نهاية الاسبوع>.

وتتابع القسيس: <ان الغلاء لا ينحصر فقط في تسعيرة المسابح بل يشمل أيضاً الأكل داخلها، لذلك من الضروري فرض رقابة جدية على اسعار الطعام، الى جانب إقامة مسابح شعبية لائقة كما في كل دول العالم>.

رين والاسعار الخيالية

منى-عون

وبدورها رين قرقماز ربة منزل من منطقة بلونة، تعتبر ان الأسعار خيالية، فكل مرة تذهب مع ولديها القاصرين الى احد المنتجعات الخاصة تتكلف حوالى 150 دولاراً، وهذا يوازي تقريباً نصف الحد الادنى للاجور في لبنان، والمسابح لا ترحم احداً، والامر برأيها كفر ان كان لجهة اسعار المسابح او لجهة اسعار المأكولات داخلها، فــ<كيف يمكن اليوم لعائلة ذات دخل محدود ان تتوجه الى تلك المسابح ام انها اصبحت للاغنياء فقط؟>.

وعن اسعار الطعام المرتفعة داخل المنتجعات السياحية تقول قرقماز: انها مرتفعة جداً، اذ تتخطى اضعاف اسعار النوعية عينها في الخارج، وهذا أمر غير منطقي بخاصة عندما يدفع الشخص ثمن دخول باهظاً، فأقل ما يجب فعله عندئذٍ هو مراعاة المواطن بسعر الطعام والشراب.

خليل وانتفاء خدمات المسابح

من جهة اخرى، يقول شادي خليل موظف لدى <سيتي مول>: <انه يقصد منتجعاً تبلغ كلفة الدخول اليه 30 ألف ليرة (منتجع الفور سيزن)، وهذا السعر، إذ يبدو مرتفعاً إلى حدّ ما، غير أنّه يبقى ارحم من بعض المنتجعات حيث يصل السعر إلى 50 ألف ليرة، لان المسابح التي تُعتبر ذات مستوى متوسط اضافة الى المسابح العادية التقليدية لا توفّر خدمات جيدة اجمالاً.

ويتابع خليل: في كل دول العالم من دون استثناء البحر ملك عام لجميع المواطنين، غير ان لبنان لم يترك من شاطئه سوى بضعة أمتار قليلة مخصصة للمسابح الشعبية، حارماً بذلك ابناءه الفقراء وغير الميسورين حتى من مياه بحره، التي هي ملك للجميع قبل أن تصبح ملكاً للبعض فحسب، فالكثيرون من ذوي الدخل المحدود وأرباب الأسر المتوسطة قد تخلوا عن فكرة ارتياد البحر دورياً، وأصبحوا يكتفون بمشوار واحد في الأسبوعين وحتى الشهر، فالسباحة والتمدّد تحت الشمس يحرقان وحدات حرارية كثيرة ويلهبان الحلق لشرب كميات كبيرة من المياه تُباع هناك بأسعار خاصة، ويستطرد خليل: وفي غمرة الاعياء يرسل مطعم المسبح روائح شهية تنبعث في كل مكان لتوقع الحاضرين في التجربة، سندويش دجاج بـ 12ألف ليرة، واذا تفتحت الشهية على صحن شاورما مع خضرة تبلغ الكلفة 18 ألف ليرة من دون مشروب أو بطاطا مقلية أو سلطة..

وفيما لا نتحدث عن أطباق اللحوم والأسماك وغيرها من ثمار البحر الشهية التي يطيب للجميع تناولها على الشاطىء، لا بدّ من أن يسيل اللعاب أمام البوظة أو الكوكتيل أو الحلوى أو <شرحة> بطيخ ودراق وكرز، وهذه كلها بأسعار اضافية لا يمكن للجميع تحمل أعباء شرائها جراء <نقّ> الأولاد، وعن هذا الامر تحدثت نورما نصر مؤكدة أنها لن تقصد البحر مع أولادها الثلاثة قبل تناول الغداء في البيت فـ<الوضع لم يعد كما في السابق، ولا أستطيع مجاراة بعضهم لأن الأكل المتواضع في مطعم المسبح لأربعة أشخاص يكلفني 40 ألف ليرة>.

 وتابعت نصر: <العديد منا هذه السنة لم يشتر <مايوهاً> جديداً ومنشفة بلون <المايوه> نفسه ولم يغيّر نظارات الشمس الـ <سينييه> أو أحذية البحر المضادة للماء، بل اكتفينا بشراء ما يلزم للأولاد فقط بسبب اختلاف المقاييس وضرورة التبديل، كما لجأ بعضنا الى استعمال زيوت أقل جودة وأسعاراً عما هو متعارف، في حين فضّل عدد لا يستهان به من الناس والجيران الاستلقاء على سطوح المنازل أو على الشرفات توفيراً لبعض المال>.

رنا-ورولا-فرج الاسعار اقرب من اسعار <موناكو>

تنظر الي رنا فرج بكثير من الغضب وتقول لي عندما اسألها عن اسعار المنتجعات السياحية في لبنان: <أعتقد ان مسابح <موناكو> ليست بهذه الأسعار، الأمر لم يعد يطاق، من المفروض أن تؤمن الدولة المسابح المجانية للمواطنين من خلال استلام المرافق وتأمين مسابح للجميع مجاناً، واللبناني خلال الصيف ما الذي يمكن ان يقوم به غير التوجه الى المسابح؟ ويجب ان يكون البحر للعموم وليس لفئة معينة من الناس>.

وتضيف فرج: <الغلاء لا ينحصر فقط في تسعيرة المسابح بل يشمل أيضاً الاكل داخلها، هناك مسابح تأخذ تسعيرة دخول 25 و35 الف ليرة لبنانية للشخص الواحد، ومع عائلة مكونة من 4 أولاد كيف ستتدبر هذه العائلة امرها؟ وداخل المسابح اسعار المأكولات خيالية>.

وبرأيها لا يستطيع اللبناني تدبر اسعار المسابح المرتفعة، وهي اصبحت ليس فقط للاغنياء بل لكل من يقوم بتبييض الاموال، وترى ضرورة  لوجود رقابة عليها، وأنه يجب إقامة مسابح شعبية لائقة كما في فرنسا واستراليا، وكذلك يجب مراقبة اسعار المأكولات.

 

عون ومتطلبات يوم بحري

اما منى عون فتتساءل: كيف يمكن للبناني اليوم تأمين كل هذه المتطلبات؟ فعندما نذهب الى المسبح نقف 3 ساعات كي ندخل من كثرة الوالجين، والناس ينفقون اموالاً طائلة في المسابح، ولا احد يقاطع او يعترض، وتضيف عون: بالنسبة لأسعار المسابح يمكن القول انها اصبحت للميسورين فقط، ولكننا نرى داخلها أناساً من الطبقة الوسطى، أشخاص لا يريدون ان يحرموا اولادهم منها، ففعلاً لا يمكن حرمان الاولاد اليوم من الذهاب الى المنتجعات السياحية، خصوصاً ان لبنان لا يملك مسابح شعبية، ولا شيء مجانياً فيه، وترى عون ضرورة ان يكون هناك رقابة اكثر على المسابح والمأكولات فيها، اذ تقول: <إذا اردنا شراء بعض السندويشات قد نتكلف ما يقارب السبعين الف ليرة لبنانية في هذه المنتجعات، والأمر غير مقبول وغير طبيعي، وكأنهم <يسلخون> الناس بذلك>.

 وفي هذا السياق، تساءلت فرح فارس عن قدرتها على دخول المسابح، اذ أشارت في حديثها إلى أن دخول هذه المسابح اصبح <رفاهية> من الصعب تحملها بصورة مستمرة، اذ يتطلب قضاء يوم على البحر ما يزيد عن 150 دولاراً أميركياً تتوزّع بين <دخولية> والقليل من الطعام والشراب، وأضافت فارس أن كلفة الدخول إلى مسبح <لاغوافا> تصل إلى 40 ألف ليرة لبنانية للشخص الواحد، مرتفعة من 30 ألف ليرة في السنة الماضية، وهو ما يرتب عليها دفع 120 ألف ليرة كتكلفة دخول لها ولشقيقتيها، وأشارت إلى أن الراتب الشهري الذي تحصله جراء عملها في إحدى المؤسسات لن يكفيها لقضاء 3 أيام على شاطئ البحر مع شقيقاتها .

رين-قرقماز القسيس وتراجع الرواد

وننتقل الى انطلياس والى مسبح <الغولدن بيتش> لنلتقي بشفيق القسيس صاحب المسبح الذي أطلعنا على أنه وبالرغم من التحسينات المستمرة للمسبح والصيانة الدورية للمنتجع قد اتخذ قراراً بعدم إجراء اي تعديل على أسعار بطاقة الدخول، فالوضع الاجتماعي المتردي للمواطنين لا يسمح بإجراء اي زيادة، فالأسعار ما زالت كما هي: 20 ألفاً للكبار و10 آلاف للأطفال من عمر 4 سنوات حتى 13 سنة، وذلك طوال أيام الاسبوع، اما أسعار <الكابين> فتتراوح ما بين 300 دولار و500 دولار حسب كبر <الكابين> اما بالنسبة للشاليه، فتتراوح الأسعار ما بين 3000 دولار و4000 دولار طوال الموسم، وبالرغم من اتخاذ هذه الإجراءات يشدد القسيس على ظاهرة التراجع بعدد الرواد، تراجع ناهز الـ15 بالمئة مقارنة مع أعداد الرواد في الفترة ذاتها من العام الماضي.

انتقلنا من منتجع الى آخر ولاحظنا بالفعل وجود زيادة في أسعار بطاقات الدخول تراوحت ما بين الـ10000 والـ12000 ليرة مقارنة مع أسعار السنة الماضية، مما دفعنا الى التساؤل عن المعيار الذي يعتمده أصحاب المسابح في وضعهم لأسعار الدخول إليها، لاسيما أنّ الإحصاءات تشير إلى أنّ أكثر من 30 في المئة من اللبنانيين استدانوا في العام الماضي، في مؤشر الى عدم كفاية مدخولهم لتأمين حاجاتهم الأساسية، فكيف برفاهية البحر؟

 

بيروتي وعدم زيادة الاسعار

وفي سياق متصل اشار جان بيروتي، رئيس نقابة المؤسسات السياحية البحرية وأمين عام اتحاد النقابات السياحية في لبنان الى أنه <ليس هناك زيادة على الاسعار هذه السنة، فهي لا تزال على حالها كما في السنوات السابقة، هذا وتتفاوت الاسعار بين مسبح وآخر نظراً لمستوى المسبح والخدمات المقدمة فيه، غير ان 60 بالمئة من المنتجعات البحرية هي من فئة الثلاث أو الأربع نجوم، وهي بالتالي تتقاضى أسعاراً مدروسة لا تتعدّى الـ 20 ألف ليرة لبنانية، وفي المقابل هناك مؤسسات كبيرة ذات خمس نجوم وهي التي تتراوح تعرفتها ما بين الـ40 والـ60 ألف ليرة لبنانية، غير ان اللبناني يحب ان يميز نفسه، وهو يذهب برضاه الى اغلى الاماكن ثم يشكو من الغلاء>.

ويتابع بيروتي: <الناس يشتكون كثيراً ومن دون سبب، لان اغلبية المسابح الموجودة في لبنان تعريفتها ليست مرتفعة، وفي مختلف المناطق، وهناك فقط ثلاثة مسابح في لبنان أسعارها غالية، ومن يريد الذهاب إليها سوف يدفع كثيراً، وكل المسابح في لبنان تتمتع بمواصفات عالية الجودة وبسلامة عامة ونظافـــــة وخدمـــــة، والفــــــارق اليـــــوم هو الموقع والخدمات، ومن واجباتنا، يضيف بيروتي، ان نؤكد على وزارة السياحة ان تكون الاسعار منشورة على المدخل حتى لا يتفاجأ الزبون>.

هدى-وسعاد-جلبوط

بيروتي والاسعار الحرة

ولدى سؤاله عن موضوع الرقابة على الخدمات بموازاة الاسعار المطروحة؟ اجاب بيروتي: <كل المؤسسات مراقبة من قبل وزارات السياحة والاقتصاد والصناعة والصحة، الأسعار في لبنان تُراقب من وزارة السياحة، ولكنها تبقى حرة، وتبقى كل مؤسسة حرة بوضع سياستها للاسعار داخلها، انطلاقاً من هنا على الزبون ان يختار أين يجب ان يتوجه، وأؤكد مجدداً، انه لا يوجد اكثر من ثلاث مؤسسات في لبنان باهظة الاسعار، وهي الاكثر طلباً من قبل اللبنانيين، لان اللبناني بطبيعته يحب الرفاهية، بحسب مزاجه>.

وعن اسعار الطعام المرتفعة داخل المنتجعات السياحية يقول بيروتي: <فقط في بعض المنتجعات نلاحظ ذلك، لان لديها مستوى مرتفعاً من الخدمات، وليست كل المنتجعات أسعارها غالية>.

ويختم بيروتي حديثه:

- أعود واؤكد ان كل المؤسسات مرغمة على اعلان أسعارها التي تكون مصدقة من قبل وزارة السياحة، عملاً بمبدأ المضاربة المسموح بها، اما مراقبة اعمال هذه المؤسسات فتكون من قبل وزارات السياحة والاقتصاد والصناعة والصحة، فالأسعار في لبنان تُراقب من وزارة السياحة، ولكنها تبقى حرة، وتبقى كل مؤسسة حرة بوضع سياستها للأسعار، انطلاقاً من هنا، يبقى الخيار للمواطن اللبناني الذي يقرر اين يذهب، بحسب ذوقه وقدرته المادية.

ويتابع بيروتي: <في ما يتعلق بدور النقابة، فهي تعطي توجيهات وتوصيات بوجوب وضع حدّ معين للتسعيرة لكنها لا تستطيع فرض الأمر، فبعض المؤسسات ذات الأسعار المرتفعة تبرّر الغلاء بتأمينها لكل وسائل الراحة والرفاهية على اعتبار أن هذا الأمر مكلف، لذا، فالمسؤولية تقع على مرتادي هذه الأماكن، بالمقابل، فإن الشخص المتوسط الدخل يستطيع أن يقصد مسابح جيدة تمتاز بالنظافة وتلتزم شروط السلامة العامة بكلفة زهيدة، فليست كل المسابح مصنفة بخمس نجوم>.