تفاصيل الخبر

البدانة ازدادت منذ الثمانينات وأصبحت مشكلة صحية على مستوى العالم!

26/10/2018
البدانة ازدادت منذ الثمانينات وأصبحت مشكلة صحية على مستوى العالم!

البدانة ازدادت منذ الثمانينات وأصبحت مشكلة صحية على مستوى العالم!

 

بقلم وردية بطرس

البدانة او السمنة هي اضطراب معقد يتسبب في وجود كمية زائدة من دهون الجسم، وليست البدانة مجرد قلق حيال الشكل الخارجي حيث انها تؤدي الى زيادة خطر الاصابة بالأمراض، والمشاكل الصحية مثل أمراض القلب، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم. والبدانة المفرطة تعني احتمال تعرض الشخص بشكل خاص للمشاكل الصحية المرتبطة بزيادة الوزن، ويتم تشخيص اصابته بالبدانة عندما يشير مؤشر كتلة الجسم الى 30 أو أكثر، ويتم احتساب مؤشر كتلة الجسم عن طريق قسمة الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر المربع.

وتُعرّف زيادة الوزن والبدانة بأنها تلك الحالة الطبية التي تتراكم فيها الدهون الزائدة بالجسم على نحو غير طبيعي او مفرط وتشكّل خطراً على صحة الفرد. وان مؤشر كتلة الجسم <BMI> هو عبارة عن مؤشر بسيط يُحسب بتقسيم الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر ويُستخدم عادة كمعيار لقياس فرط الوزن والبدانة لدى البالغين، ويحدد الأفراد الذين يعانون البدانة بأنهم أصحاب مؤشر كتلة الجسم الذي يبلغ 30 كغم/م 2 وما فوق.

وكانت دراسة جديدة نشرتها مجلة <ذي لانسيت> العلمية قد أظهرت ان معدل الأعمار المتوقعة لذوي الوزن الزائد يقل عن غيرهم بعام واحد الى عشرة أعوام في حالات السمنة المفرطة، وأجريت هذه الدراسة لما يقارب أربعة ملايين شخص من اربع قارات وركزت على المخاطر المؤدية الى الوفاة المبكرة قبل سن السبعين. ويقول باحث في جامعة <كامبدريدج> البريطانية ان هذه الدراسة التي أشرف على اعدادها تظهر بشكل أكيد وجود صلة بين الوزن الزائد ومخاطر الوفاة المبكرة، وان المصابين بالبدانة المفرطة يتراجع مدى الحياة المأمول لديهم عشر سنوات مقارنة بغيرهم، ويضيف الباحث في الجامعة ان لدى البدناء خطراً أكبر للاصابة بأمراض الشرايين والسكتات الدماغية والأمراض التنفسية وأمراض السرطان، ووفقاً للباحثين تزداد مخاطر الوفاة المبكرة كلما ازدادت الكيلوغرامات الزائدة، وأشارت الدراسة أيضاً الى ان أثر الوزن الزائد على أمد الحياة المتوقع يزداد لدى الرجال ثلاث مرات عما هو لدى النساء.

ولقد أُدرج في تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية ان تسعة من بين بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا هي على قائمة الدول التي فيها أعلى مستويات للبدانة في العالم: تأتي الكويت في المرتبة الأولى حيث تصل معدلات البدانة الى 37.5 بالمئة، يليها الأردن مع 35.5 بالمئة، والسعودية مع 35.4 بالمئة، وقطر مع 35.1 بالمئة، وليبيا مع 32.5 بالمئة، ومصر ولبنان مع 32 بالمئة، ومن ثم الامارات العربية المتحدة مع 31.7 بالمئة يليها العراق مع 30.4 بالمئة.

 

البدانة عند الأطفال

وتشكل البدانة عند الأطفال احدى أخطر مشاكل العصر، فزيادة الوزن تسبب مضاعفات صحية كثيرة. ولقد أظهرت الأبحاث الحديثة ان زيادة الوزن عند الأطفال قد تؤثر كذلك في قدراتهم العقلية والتحصيل العلمي، وان أبرز مخاطر السمنة وأضرارها عند الأطفال تتمثل ان من يعانون من فرط الوزن والسمنة من المحتمل ان يبقوا على حالهم عند الكبر أكثر من الأطفال الآخرين، كما أنهم معرضون أكثر من غيرهم للاصابة بالعديد من الأمراض المرتبطة بالبدانة في سن مبكر مثل الأمراض القلبية الوعائية ومرض السكري، الى جانب ان الأطفال الذين يعانون من فرط الوزن من المحتمل ان يتعرضوا في سن صغير للاصابة بأمراض الجهاز التنفسي وارتفاع ضغط الدم وزيادة الكولسترول أكثر من غيرهم من الأطفال. وتعد البدانة انحرافاً في النمو الطبيعي والمسلك المعتاد لحياة الانسان ووجودها يكون مصاحباً لكثير من الأمراض العضوية والنفسية والتي تهدد حياة الانسان بصفة عامة والطفل بصفة خاصة.

ولقد كانت البدانة حتى وقت قريب مرتبطة بنمط حياة كسول يعتمد على الجلوس واستهلاك زائد للسعرات الحرارية بشكل متواصل، ولكن اليوم معروف بأن أسباب البدانة هذه مهمة، ولكن هناك أيضاً عوامل وراثية مختلفة تلعب دوراً في حدوث

البدانة.

ويُعتقد اليوم ان البدانة هي مزيج من جينات معينة وليست فقط نتيجة لوجود خلل في جين واحد، رغم ان الزيادة في السمنة تعزى بالأساس للتأثير البيئي مثل نمط الحياة والعادات الغذائية، والسبب الأساسي لزيادة الوزن والبدانة هو اختلال توازن الطاقة بين السعرات الحرارية التي تدخل الجسم والسعرات الحرارية التي يحرقها، وعلى المستوى العالمي هناك زيادة في مدخول الأغذية التي تولد طاقة كثيفة والغنية بالدهون، إضافة الى الخمول البدني بسبب طابع عدم الحركة الذي يتسم به كثير من أشكال العمل، وتغير وسائل النقل الى ما هنالك...

أما في لبنان فلقد أطلقت <الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات> فريق عمل للتوعية حول ارتفاع معدلات البدانة التي تطال بحسب تقديرات مختلفة ما بين 18 الى 32 بالمئة من المجتمع اللبناني... ويقول <ستاثيس بسيمنوس> مدير عام <نوفو نورديسك> في لبنان الشريكة <للجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات> في المعركة ضد البدانة:

- من المهم جداً ان يعي الناس ان البدانة مرض مزمن وخطير ينتج عن عناصر متعددة وتترتب عليه تداعيات صحية مختلفة، على الرغم من انه قابل للتفادي وللعلاج. علينا ان نخفض معدلات البدانة بالربع أقله لكي نتفادى ان يعيش 100 مليون شخص اضافي مع داء السكري بحلول العام 2045، ومن جهتنا نحذّر من المعدلات المرتفعة لداء السكري من النوع الثاني، فمن دون تكاتف جميع الأطراف المعنية بالصحة العامة لن نتمكن من السيطرة على هذا الوباء وحسره.

ويتابع السيد <بسيمنوس>:

- بالنسبة لـ<منظمة الصحة العالمية> فإن البدانة تشكل خطورة على صحة الانسان، وتبين الدراسات لعام 2016 ان 340 مليون انسان يعانون من البدانة في العالم، والبدانة تزداد في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وهي تؤثر على الأولاد اذ ان عدداً كبيراً من الأولاد يعانون من البدانة في لبنان، وبحسب الدراسات ان حوالى مليون انسان في لبنان يعانون من البدانة، وهدفنا ومهمتنا ان نعمل لتخفيض نسبة البدانة، وعلينا ان نحث الناس للتنبه لمخاطر البدانة ونشر التوعية ومواجهة البدانة إذ ان البدانة مرض يجب معالجته ويجب عدم التساهل مع هذه المشكلة التي قد يظن البعض ان لها علاقة بالشكل الخارجي للانسان وحسب الا انها في الواقع تضر بصحة الانسان وتعرضه للاصابة بأمراض عديدة ومزمنة.

وعن التوعية حول مخاطر البدانة تشرح رئيسة <الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات> الدكتورة باولا عطالله:

- سيسعى فريق العمل الى تعزيز التعاون بين الجهات المعنية كافة في القطاعين العام والخاص من أجل التوعية بشأن ضرورة الاعتراف بالبدانة كمرض، وتشجيع من يعانون من البدانة او من الوزن الزائد على تحقيق خسارة مستدامة للوزن من أجل تحسين صحتهم. وفي حين يتمثل العلاج الأول للبدانة في اتباع حمية غذائية وممارسة التمارين الرياضية الا ان أغلبية الأشخاص المصابين بالبدانة لا يواظبون على هذه الحلول وبالتالي لا ينجحون في الحفاظ على الوزن بعد انقاصه، ولهذا عليهم التحدث الى أطبائهم عن خسارة الوزن وتفادي اعادة اكتسابه.

وتتابع:

- ما يزيد من حدة المشكلة ان الأشخاص الذين يفقدون الوزن يعانون عموماً من ازدياد في الشعور بالجوع وانخفاض في الشعور بالشبع والامتلاء، فتزداد لديهم بالتالي الرغبة في تناول الطعام، ويلجأ الجسم نتيجة لذلك الى احداث تقلبات لمدة سنة واحدة على الأقل في مستويات ما بين تقدم وتراجع كوسيلة للكفاح ضد فقدان الوزن. لهذا السبب تحديداً تزداد الحاجة أكثر فأكثر الى الخيارات العلاجية البديلة بما في ذلك العلاج الدوائي، وتُمنح المشورة الطبية في هذا الصدد بناءً على تقييم لخطورة الأمراض المرافقة للبدانة لدى كل فرد ومدى تأثيرها على صحته.

وعن حملة التوعية تقول الدكتورة عطالله:

- في لبنان بدأت حملة التوعية عن مخاطر البدانة في العام 2015 وكل عام تُقام الحملة لأن البدانة مرض ويجب معالجته، ونحن في الجمعية نشارك في اليوم العالمي للبدانة لأنها مرض، ومن خلال الدراسات التي أجريت في العام 2016 تبين ان نسبة البدانة ازدادت مقارنة بالماضي في زمن السبعينات، اذ بدأت مشكلة البدانة تظهر أكثر في مطلع الألفين وراحت النسبة تزداد من سنة لأخرى، ويجب ان يدرك الأشخاص الذين يخضعون للحمية من أجل التخلص من الوزن الزائد أن عليهم أن يحافظوا على الوزن المعتدل والا يكتسبوا الوزن الزائد من جديد. لا شك ان نسبة البدانة ازدادت في المنطقة ككل في الوقت الذي نرى فيه <الجمعية الأوروبية> و<الجمعية الأميركية> تهتمان بمشكلة البدانة وتوليان اهتماماً كبيراً بهذه المشكلة التي تسبب العديد من الأمراض. وهنا يجب التنويه بأمر الا وهو أنه يجب ان يُصار الى تقليل الاعلانات التي يظهر فيها الأشخاص المصابون بالبدانة لأن ذلك يؤثر سلباً على نفسيتهم فيُصابون بالكآبة وبالتالي لن يتحمسوا للتخلص من الوزن او استشارة الطبيب او اختصاصية التغذية.

وبالسؤال عن سبب الاصابة بالبدانة، وعن السعرات الحرارية التي تدخل الى أجسامنا فتقول:

- اذا سجلنا يومياً ماذا نأكل والسعرات الحرارية التي نتناولها يتبين لنا اننا نأكل الكثير من الطعام، وطبعاً لا ننسى العامل الجيني في هذا الخصوص، كما أن هناك بعض الأدوية مثل دواء الكورتيزون الذي يؤدي لزيادة الوزن، وأيضاً بعض أدوية الأعصاب تؤدي لزيادة الوزن، وهناك بعض الأمراض تسبب البدانة. صحيح ان هناك أشخاصاً ينتبهون لكمية ونوعية الطعام الذي يتناولونه، ولكن يجب الا يغيب عن البال انه في بعض الأحيان لا تسمح امكانيات الشخص المادية ان يتناول أطعمة مفيدة وصحية له مثلاً قد يتناول يومياً منقوشة زعتر لأنه ليس بمقدوره أن يتناول فطوراً أو طعاماً آخر وبالتالي يزداد وزنه. وتبين الدراسات ان 2 بالمئة من أصل 10 أشخاص يفقدون الوزن الزائد ويستمرون بالحفاظ على الوزن المعتدل.

 

البدانة والأمراض المزمنة

وبالسؤال عن الأمراض المزمنة التي لها ارتباط بالبدانة تقول:

- اليوم لم يعد التساهل مع زيادة الوزن مقبولاً لأن زيادة الوزن تعّرض الشخص للاصابة بالسكري او أمراض السرطان مثل سرطان القولون وسرطان الثدي، وهذا الأمر مبني على دراسة علمية، وبالتالي كلما كان الشخص بديناً يكون عرضة للاصابة بالأمراض.

وتجدر الاشارة هنا الى انه أحياناً لا يشير الشكل الخارجي للشخص الى وضعه الصحي، مثلاً أحياناً حتى لو كان الشخص نحيفاً فهذا لا يعني انه لا يعاني من مشاكل تتعلق بالدهون وربما أحياناً تكون مشكلة الدهون لديه أكبر من الشخص البدين، اذ يتبين لنا ان بعض الأشخاص حتى لو لم يكونوا يعانون من البدانة فلديهم مشاكل صحية، وطبعاً نمط الحياة له تأثير كبير في هذا الخصوص، مثلاً السكرتيرة تكون عرضة للاصابة بمشاكل صحية لأنها تمضي ساعات وراء مكتبها دون ان تتحرك، ولهذا ننصح دائماً الأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة في مكاتبهم ان يتحركوا أكثر داخل المكاتب لأن الجلوس لساعات طويلة مضر جداً بصحة الانسان. ويجب ان يدرك الانسان انه ليس هناك معيار في هذا الموضوع، فالشخص غير البدين قد يعاني من مشاكل صحية أيضاً لها علاقة بالدهون، والأهم من كل ذلك انه ليس كل شخص يعاني من مشكلة الوزن الزائد عليه ان يلجأ الى العملية لأنه اذا اكتسب بضع الكيلوغرامات فهذا لا يعني انه بدين ويحتاج للعملية.

النصائح

وعن النصائح لتفادي الاصابة بالبدانة تقول:

- المطلوب من كل شخص ان يقوم بالتمارين الرياضية مرتين او ثلاث مرات في الاسبوع، اذ بامكان الشخص ان يمشي او ان يقوم بحركات رياضية داخل المنزل او المكتب، وهناك عادات يجب ان نتخلص منها مثلاً بامكان الشخص ان يحضر القهوة بنفسه بدل ان يطلبها من العاملة وما شابه. ويجب على الشخص ان يستشير الطبيب عندما يزداد وزنه والأهم ان يبقى على تواصل مع طبيبه لمتابعة وضعه وعما اذا كان يخسر الوزن بالطرق السليمة. ويجب ان يكون هناك وعي أكثر بما يتعلق بموضوع البدانة لأنها لم تعد مشكلة تتعلق بالشكل الخارجي وحسب بل انها تسبب العديد من الأمراض المزمنة، ولهذا تُبذل الجهود لمكافحة البدانة في كل أنحاء العالم نظراً لمخاطرها وتأثيرها السلبي على صحة الانسان.