تفاصيل الخبر

الباحثة والطبيبة السويدية اللبنانية الأصل رندة عاقوري: نجري عملية زرع الرحم في السويد منذ عشرين سنة ونفتخر اليوم اننا نجريها للمرة الأولى في لبنان والشرق الأوسط...!

10/08/2018
الباحثة والطبيبة السويدية اللبنانية الأصل رندة عاقوري: نجري عملية زرع الرحم في السويد منذ عشرين سنة ونفتخر اليوم اننا نجريها للمرة الأولى في لبنان والشرق الأوسط...!

الباحثة والطبيبة السويدية اللبنانية الأصل رندة عاقوري: نجري عملية زرع الرحم في السويد منذ عشرين سنة ونفتخر اليوم اننا نجريها للمرة الأولى في لبنان والشرق الأوسط...!

بقلم وردية بطرس

للمرة الأولى تُجرى عملية زرع رحم في لبنان والشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث أعلن <مستشفى ومركز بلفو الطبي> خلال مؤتمر صحي برعاية وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني عن نجاح العملية بمشاركة المدير الطبي ونائب الرئيس عن الشؤون الطبية في المستشفى غسان معلوف، والمدير التنفيذي نايف معلوف وبحضور نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون... ولقد أتت عملية زرع الرحم في لبنان ضمن برنامج بحث علمي أجراه فريق طبي لبناني من أفضل الاختصاصيين في عمليات الزرع والجراحة النسائية في المستشفى، وبالتعاون مع فريق طبي سويدي متخصص بقيادة البروفيسور <ماتس برانستورم> والطبيبة اللبنانية الأصل الدكتورة رندة عاقوري. وأجريت العملية في 21 حزيران (يونيو) الماضي لسيدة أردنية يناهز عمرها 26 عاماً تبرعت لها والدتها التي تبلغ 50 عاماً برحمها، ولقد استغرقت عملية استئصال الرحم من الواهبة حوالى 12 ساعة وزراعته 6 ساعات، كما خضعت المتلقية للمراقبة مدة شهر للتأكد من عدم حصول اية مضاعفات على أمل ان تستتبع تلك المرحلة بالتلقيح الصناعي بعد تسعة أشهر، يليه حمل وولادة سليمة.

وبدوره هنأ وزير الصحة العامة غسان حاصباني لبنان على هذا الانجاز الجديد للقطاع الصحي والفريد من نوعه اذ يجعله سباقاً وقال:

- لبنان لا يعمل فقط على المستوى المحلي بل على المستوى العالمي ايضاً لتحسين حياة الانسان، وقد كانت الدكتورة رندة عاقوري في طليعة القائمين بالأبحاث التي تحصل على المستوى الدولي في اطار عمليات زرع الرحم، وهذا ما يجب ان يبقى في مقدمة الاهتمام، لأن القطاع الصحي هو قطاع الاهتمام بالانسان وليس قطاعاً خاضعاً للتسييس والمناكفات بل هو قطاع أولويته حياة الانسان وصحته.

من جهته يقول المدير الطبي ونائب الرئيس عن الشؤون الطبية في <مستشفى ومركز بلفو الطبي> البروفيسور غسان معلوف:

- نحن فخورون جداً بأن يكون المستشفى بارقة أمل للبنان ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، ومسرورون جداً بنجاح أول عملية زرع رحم تضع لبنان على قائمة البلدان العشرة عالمياً التي تعيد الأمل للنساء غير القادرات على الانجاب، ونشكر الثقة التي وضعتها وزارة الصحة بالمستشفى وثقة الفريق السويدي الذي نقدّر جهوده، اضافة الى جهود الأطباء اللبنانيين والطاقم التمريضي والعاملين في المستشفى الذين أثبتوا جدارة ومهنية عالية، وقد جاء اختيار الفريق السويدي لـ<مستشفى بلفو> التي تتمتع بمقومات معينة نظراً لتجهيزاتها المتطورة في غرف العمليات وقدرتها على المتابعة الحثيثة لكل من المريض الواهب والمتلقي.

 

الدكتورة رندة عاقوري وشروط اجراء عملية زرع الرحم

<الافكار> أجرت مقابلة مع الباحثة الدكتورة رندة عاقوري التي حققت في السويد مساهمة كبيرة بما يتعلق بعملية زرع الرحم، وهي كانت بدأت دراستها وعلومها في السويد التي انتقلت اليها في الثمانينات وتخصصت في علوم المختبر والأبحاث الطبية، ثم تخصصت في العلوم الانسانية ولاحقاً في الطب النسائي في مدينة <غوتنبرغ> السويدية، كما نالت أيضاً شهادة في الجراحة التنظيرية النسائية، وهكذا بدأت رحلة علوم زراعة الرحم. وكافأت السويد الدكتورة رندة على جهودها الطبية والبحثية المضنية، هي التي شقت طريقها نحو الابداع من خلال استاذها الدكتور <ماتس برانستروم> الذي كان في زيارة عمل الى استراليا حيث صودف ان استأصل رحم فتاة هناك، وكانت بداية هذا الانجاز الطبي عندما سألته الفتاة عن امكانية زراعة رحم لها قياساً الى ما يشهده الطب من زراعة متقدمة للعديد من الأعضاء. وبالفعل بعد عودته الى السويد حمل الدكتور <برانستروم> السؤال المعضلة الى الدكتورة رندة عاقوي وكان ذلك في العام 1999 ونال موافقتها، وبدأت مسيرة الخلق والابداع والأبحاث المضنية التي أفضت عام 2014 الى تحقيق ما كان مستحيلاً في السابق، زراعة رحم وولادة طفل لعائلة حُرمت من هذه النعمة. ونسأل الدكتورة رندة عاقوري:

ــ هل من شروط معينة لاجراء عملية زرع الرحم؟ وهل من سن معين لاجراء هذه العملية؟

- لاجراء هذه العملية يجب أولاً ان يكون هناك المتلقية والواهبة، وهناك شروط للواهبة والمتلقية لكي نقوم باجراء هذه العملية بنجاح، اي لا نقدر ان نأتي بأي سيدة ونقوم بزرع الرحم لها، فأولاً تكون لدى المتلقية أسباب معينة وهي: انها وُلدت بلا رحم، او ان لديها تشوهات في الرحم، او انها خسرت رحمها بسن الانجاب بسبب معين مثلاً نزيف خلال الولادة او تلاصقات ببطانة الرحم او سرطان بعنق الرحم مما يضطر الى استئصال رحمها وما شابه ذلك... وهناك سيدة من أصل 1400 فتاة في العالم تُولد بدون رحم. ولكن لا يمكن ان نزرع الرحم بأي عمر كان إذ يجب ان تكون المتلقية بسن الانجاب، فبالنسبة للمتلقية حددنا من عمر 18 لغاية 38 سنة، وبالنسبة للواهبة فبعد سبع سنوات من انقطاع العادة الشهرية شرط ان تكون بصحة جيدة، ولا تواجه اي مشكلة في زيادة الوزن، والا تدخن، والا يكون لديها اي مرض (جسدي او نفسي).

وتتابع:

- بالنسبة للواهبة فيمكن ان تكون اي سيدة حتى من خارج العائلة، ولكن نحن نفضّل ان تكون من أفراد الأسرة لأسباب معينة: اذ انه إذا كانت هناك صلة قرابة، تعرف الواهبة وضع المتلقية أكثر وتحب ان تساعدها مجاناً بدون اي مقابل، ونحن هنا نفكر بالأم او الأخت، وحتى اذا كانت الواهبة من الأقارب فيمكن ذلك لأنها لا تضطران تأخذ كمية كبيرة من الأدوية لعدم حصول رفض عند الرحم المزروع، واذا كانت غريبة فيمكن أيضاً إجراء العملية ولكن يجب ان يكون هناك تطابق بما يتعلق بالجينات، وطبعاً يجب ان نتأكد ان التي تقدم الرحم تقوم بذلك مجاناً بدون اي مقابل، اي فقط كمساعدة بينها وبين المتلقية لكي لا نقع في مشكلة اخلاقية التي هي تجارة الأعضاء ولهذا نضع هذه الشروط.

كيفية إجراء عملية زرع الرحم

ــ كيف تُجرى عملية زرع الرحم؟

- تخضع الواهبة والمتلقية لاجراءات عديدة من فحوصات الدم، وأهمها فحصان تخضع لهما الواهبة إذ يجب ان تكون زمرة الدم بينهما متطابقة. وثانياً جينياً يجب ان يكون هناك توافق بينهما. ثالثاً يجب ان تخضع الواهبة لفحص <MRA Angiography> لنرى اذا كانت الشرايين لديها سليمة لنتأكد من ذلك قبل اجراء العملية، ثم هناك فحوصات دم كثيفة للمتلقية والواهبة. ومن خطوة لأخرى تُجرى الفحوصات اللازمة فاذا حصل اي عائق عند الواهبة مثلاً اذا تبين ان نسبة السكر في الدم عالية او الكوليسترول او ان هناك مرضاً في القلب فلا نكمل لأننا لا نريد ان تتأثر صحتها بعد العملية أو ان تحدث لديها مضاعفات والأمر نفسه بالنسبة للمتلقية. وبعدما ننتهي من الفحوصات ونتأكد بأن الأمور تسير بشكل جيد، تخضع المتلقية وزوجها لـ<طفل الأنبوب> اي نقوم بـ<Stimulation> لكي نأخذ منها البويضات ونقوم بتلقيحها مع بذرة الزوج، ومن ثم نقوم بتفريز البويضات، وبعد ذلك نعيدها الى الرحم المزروع. وتبدأ العملية أولاً مع الواهبة اي نخدرها ونأخذ منها الرحم، لاننا سنستأصل الرحم خلال ساعة او ساعتين، ونبدأ مع المريضة المتلقية في الغرفة الثانية ونحضرها، اذ نشق البطن ونحضّر الشرايين التي ستُزرع مع الشرايين من عند الواهبة، وبعد العملية تأخذ المتلقية الأدوية لكي لا يرفض الجسم هذا العضو، وطبعاً كل يوم تخضع لفحوصات دم، وتكون هناك متابعة من خلال فحوصات الدم لتنظيم الأدوية، ومن خلال خزعة من عنق الرحم الذي يُزرع لها إذ عندما نأخذ الرحم من الواهبة نأخذ الرحم مع عنق الرحم، فالمتلقية عادة لا يكون لديها رحم ولا عنق رحم، ومن هنا نأخذ من المتلقية خزعة مرة كل اسبوع خلال الشهر الأول من اجراء العملية، وفي الشهر الثاني نأخذ مرة كل اسبوعين، واذا كان كل شيء جيداً ولا يحدث اي رفض نأخذ الخزعة مرة في الشهر.

وأضافت:

- بهذه الطريقة نتابع المتلقية فإذا حدث اي نوع من الرفض نقوم بمعالجته في الحال لتفادي حدوث مشكلة، وبعدها تكمل فحوصاتها مرة في الشهر، وخلال فترة الزرع محتمل ان يحدث لديها نوع من الرفض ولكن نحن نتابع الأمر لنعالجه فوراً، وبعد عشرة أشهر تقريباً ننظم الأدوية ونسيطر على الوضع، واذا كان كل شيء يسير بشكل جيد والرحم سليماً نعيد البويضات واحدة واحدة، وليس اثنتين اثنتين لكي لا يحصل حمل بتوأم، لأنه في الأساس هذا الحمل فيه مخاطر لأن المرأة قد خضعت لعملية زرع عضو وتأخذ أدوية المناعة فلا نقدر ان نضغط على جسمها بالحمل بالتوأم، وعند حدوث الحمل نتابعها كل اسبوعين تقريباً، وبعد الاسبوع العاشر والثاني عشر يتابعها الطبيب ويجري لها فحص الصورة ليرى كيف هو وضع الطفل، وتتم الولادة بعملية قيصرية لأن بعد زراعة الرحم لا تشعر المرأة بالحركة نفسها والاحساس نفسه مئة بالمئة مثل التي تحمل بدون زراعة رحم.

 

التعاون بين الفريق السويدي واللبناني

ــ وما أهمية التعاون بين فريق العمل السويدي و<مستشفى بلفو> لانجاح هذه العملية؟

- لقد ساعدنا فريق العمل في <مستشفى بلفو> لاجراء هذه العملية، اذ طبعاً عندما قررنا ان نفتح المركز في بيروت قمنا بجولة في مستشفيات عديدة في بيروت، ووقع الاختيار على <بلفو> لأن المستشفى جديد والأطباء الذين يعملون في المستشفى من افضل الاختصاصيين مثل الدكتور جوزف عبود والدكتور بدران والدكتور توفيق نكد والدكتور واكد وهم أطباء بارعون، وبعدما قمنا بجولة في المستشفى وجدنا ان غرف العمليات جديدة وتتوافر فيها المعدات التي كنا نبحث عنها اي وجدنا انها بالمستوى نفسه في السويد، والمعاملة كانت جيدة من قبل المسؤولين عن العمليات والمعدات التي طلبناها كانت كلها متوافرة، وكنا على مدى سنتين نحضر لهذه العملية وفي الوقت نفسه نطلب الرخصة من الدولة اللبنانية لنقدر ان نجري هذه العملية، اذ نحن لم نقم بأي خطوة بعيداً عن اطار القانون اللبناني وأخلاقيات القانون اللبناني، وبعد التواصل مع وزارة الصحة ووزير الصحة غسان حاصباني الذي ساعدنا كثيراً للحصول على الرخصة، تم كل شيء بشكل قانوني، اذ لم نرض ان نجري العملية قبل ان يكون كل شيء يجري وفق القانون، وفي الوقت نفسه كنا نحضّر المريضة التي سنجري لها العملية، ونحضّر المستشفى لشراء الأجهزة التي نحتاجها لكي يكون كل شيء جاهزاً، كما دعونا الأطباء العاملين في <مستشفى بلفو> الى السويد حيث خضعوا للتدريب لكي يروا كيف تُجرى هذه العملية وليكونوا جاهزين ليوم اجراء العملية للسيدة الأردنية ريهام في لبنان.

وعن مدة اجراء العملية تشرح:

- يتطلب اجراء عملية استئصال الرحم مدة 12 ساعة وتتطلب زراعته تقريباً 6 ساعات لأننا نعمل بدقة عالية، اذ أتينا انا وفريق العمل السويدي المؤلف من ثلاثة أطباء سويدين وعلى رأسهم البروفيسور <ماتس برانستورم> قائد الفريق، فأجرينا نحن الأربعة العملية مع الأطباء اللبنانيين وبمساعدتهم، وتمت العملية بنجاح ونحن فخورون وفرحون بذلك وان شاء الله نحضّر المريضة ونتابعها اذ مر شهران على اجراء العملية حيث أجريناها في 12 حزيران (يونيو)، وبعد سبعة أشهر سنعمل على ان تصبح حاملاً.

وعن السيدة الخاضعة لعملية زرع الرحم تقول:

- خلال كل تلك السنوات كانت السيدات يتابعنني ويتواصلن معي حول عملية زرع الرحم، وكنت أجيب عن أسئلتهن لانني اشعر بما يعانين، وكنت أدرك ان الحلم سيتحقق، ورغم عملي ومسؤولياتي كطبيبة وام، أرى النتيجة رائعة وأكبر برهان هي السيدة الأردنية ريهام اذ انها كانت تتواصل معي لمدة 4 و 5 سنوات وكنت أمنحها الأمل دائماً. وبعد نجاح هذه العملية تشجعت السيدات اكثر لإدراكهن بأنني جدية بما كنا نتحدث عنه اننا سنفتح مركزاً في بيروت، وسيُتاح لكل السيدات من الدول العربية وشمال أفريقيا ان يقصدن لبنان لاجراء عملية زرع الرحم، وهكذا أصبح لديهن أمل كبير، اذ أرسلهن الى <بلفو> ومنهن من يتواصلن مع المستشفى مباشرة، وبالتالي لبنان سيحقق نجاحاً كبيراً في مجال زراعة الرحم، ونحن اليوم نعمل مع فريق <بلفو> لتحقيق هدفنا بأن يتحقق حلم السيدات بالانجاب.

وختمت قائلة:

- أود ان أشكر <بلفو> لاهتمامه بهذا الموضوع والأطباء المشاركين وعلى رأسهم الدكتور معلوف، والعاملين في المختبر، وغرف العمليات او الممرضات على الجهود لانجاح العملية، وأشكر الوزير غسان حاصباني لدعمه للحصول على الموافقة لاجراء هذه العملية اذ كان هدفي منذ سنوات طويلة أن أنجز هذا العمل، وقد استطعت بمساعدة <بلفو> تحقيق الحلم، اذ اصبح اسم لبنان من بين عشرة أسماء بلدان في العالم تجري فيها هذه العملية، وهذا فخر لنا ولـ<بلفو> وللبنان، وأشكر الفريق السويدي لدعمه وثقته بي، وأؤكد بأن لبنان البلد الصغير من حيث المساحة استطاع ان يحقق هذا الانجاز، وأشكر ريهام ووالدتها لثقتهما وايمانهما بي لكي تخضعا لهذه العملية الأولى من نوعها في الشرق الأوسط... ونحن في السويد نجري هذه العملية منذ عشرين سنة، وفي العالم أُجريت تقريباً 40 عملية زرع رحم وكلها محصورة بمراكز معينة في العالم، ولقد شاركنا في هذه العمليات لأنه اينما تُجرى عملية زرع الرحم نكون كفريق طبي سويدي موجودين معهم ونشارك في إجراء هذه العملية ونساعدهم لانجاحها، اذ نشرف على هذه العملية. واليوم نأمل ان يتحقق النجاح كاملاً عندما يحدث الحمل عند السيدة ريهام وتنجب طفلاً.