تفاصيل الخبر

الباحث في ”الدولية للمعلومات“ محمد شمس الدين: هناك تجاوز فاضح للقانون والفوضى تعم الحماية والمرافقة!

27/01/2017
الباحث في ”الدولية للمعلومات“ محمد شمس الدين:  هناك تجاوز فاضح للقانون والفوضى تعم الحماية والمرافقة!

الباحث في ”الدولية للمعلومات“ محمد شمس الدين: هناك تجاوز فاضح للقانون والفوضى تعم الحماية والمرافقة!

بقلم كوزيت كرم الأندري

aaaaa 

إنه تضخّم غير مسبوق في عدد المرافقين الرسميين. جيش من العناصر والحراس، المفروض أنهم يُفرزون للقيام بمهمة أمنية وهي حماية السياسيين وعائلاتهم، إلا أنهم يتحولون إلى الخدمة المنزلية التي لا علاقة لها بالأمن، كالتبضّع وشراء الحاجيات، إيصال الأولاد إلى المدرسة و<السِتَ> إلى السوق أو إلى <صبحياتها>. حتى أن البعض منهم يقوم بدور <الجلاية> بعد انتهاء الولائم! تجاوُزٌ للحد الأقصى المحدد قانوناً لعدد المرافقين، إهانة للبزة العسكرية، وهدر فاضح للمال العام. نقاط تطرقت إليها <الأفكار> مع محمد شمس الدين، وهو باحث في <الشركة الدولية للمعلومات> التي قامت بدراسة مفصلة عن هذا الموضوع.

ــ كم كانت هذه الكلفة في السابق، أعني هل انخفضت أم ارتفعت؟

كانت كلفة المرافقات العسكرية في لبنان 60 مليار ليرة سنوياً، منذ حوالى عشر سنوات. أما اليوم، فارتفعت الكلفة إلى 90 مليار ليرة في السنة الواحدة، بسبب التضخم في عدد مرافقي السياسيين الحاليين والسابقين من جهة، وزيادة أجورهم ورواتبهم من جهة أخرى. القانون واضح في هذا الإطار ويحدد العدد المولج لكل شخصية، لكن يتم اختراقه في كل الفئات.

ــ أعطنا مثلاً لو سمحت!

- بحسب آخر تعديل على القانون أي بحسب المرسوم رقم 2512 الصادر بتاريخ 14 تموز/ يوليو 2009، يحق للنائب العام التمييزي بمرافق واحد، لكن في الواقع هو محاط اليوم بعشرين عنصراً أمنياً إن لم يكن أكثر. عديد سرية الحرس الحكومي مثلاً، وصل إلى 600 عنصر، كذلك الأمر بالنسبة لشرطة مجلس النواب التي كانت تضم نحو مئة عنصر قبل أن تتوسع ويصبح عديدها أكثر من 500 عنصر. المرسوم المذكور يعطي للقضاة الحق بالحصول على عنصر واحد للمرافقة والحماية إلا أن معظم القضاة يتمتعون بحماية عدد من المرافقين يفوق بكثير العدد المحدد.

ــ ما هو، قانوناً، عدد المرافقين لكل من الوزير والنائب؟

- يحق للوزير بأربعة عناصر وللنائب بعنصرين، لكن عملياً العدد يتخطى ذلك بكثير. <بحطّوا واحد بتصرفن وواحد بتصرف مرتُن وواحد بتصرف لولاد وواحد بتصرف إمّن>...

ــ وهل يحق لهذه العناصر أن تهين <البزة> التي ترتديها؟

- <ما عندن مشكلة طالما أريَحْلن من الخدمة برا>. بالنسبة لهم، الخدمة داخل البيت أقل تعباً وأكثر ربحاً، لذا كثر هم العناصر الذين يطمحون للعمل كمرافقين خاصين للشخصيات. يقصدون، مثلاً، النائب الفلاني ويقولون له <حطّني معك>. ففي 90 بالمئة من الحالات يقتصر دور هؤلاء العسكر على الخدمة وليس على الأمن.

ــ ماذا عن حراسات رجال الدين؟

- الفوضى عينها تنطبق عليهم. فرؤساء الطوائف محاطون بعشرين وثلاثين مرافقاً بدل الستة مرافقين المحددين في القانون. إنها خروقات فاضحة لا يمكن التغاضي عنها.

ــ وماذا عن رؤساء الجمهورية السابقين؟

- يحظى هؤلاء بثلاثة وأربعة أضعاف عدد المرافقين المحدد لهم في القانون وهو عشرة عناصر.

ــ هل يحق للنائب أو للوزير السابق بأن يُبقي على مرافقيه وحراسه الخاصين؟

- إطلاقاً، القانون لا يعطيه هذه الصلاحية لكنه غير مطبق من قبل كثر منهم. هناك أيضاً إعلاميون يتمتعون بحماية خاصة بحجة أنهم مهددون. معظم الشخصيات والمراجع السياسية والدينية المشمولة بحق الحماية لا يتهددها، في الواقع، أي خطر على حياتها.

ــ ومن يحدد ما إذا كانوا بالفعل مهددين؟

- دعيني أشير، بداية، إلى أن المرسوم رقم 4411 الصادر بتاريخ 30 كانون الأول/ ديسمبر 1993 ينص على أن <أي شخصية معرضة للخطر تُؤمَن حمايتها بقرار من مدير عام أمن الدولة بعد موافقة مجلس الأمن الداخلي المركزي>، مما زاد من عدد أفراد جهاز حماية الشخصيات والمراجع في أمن الدولة. أما كيف يتم التحديد فليس هناك من معايير إذ يقول المعني إنه يتلقى إتصالات وتهديدات فيقدم طلباً والدولة طبعاً مطّاطة في هذا المجال و<ما عندا مشكلة>. إنها مسألة تقديمات وخدمات وعلاقات خاصة و<واسطات>...

ــ كم يتقاضى المرافق الأمني؟

- بالحد الأدنى مليون ونصف المليون ليرة لبنانية في الشهر وثلاثة ملايين ليرة في الشهر كحد أقصى. يختلف الأمر باختلاف رتبته وسنوات الخدمة.

ــ هل هناك توصيف محدد  لمهامه لاسيما وأن بعضهم يتحول، كما قلنا، إلى خادمة في المنزل ومربية للأولاد...؟

- دوره، في الأساس، هو المرافقة والحماية، لكن عملياً الجميع يستخدمهم في الخدمة المنزلية والعديد من الشخصيات <تغريهم> بمردود مادي إضافي. حتى أن بعضهم يحتج إذا كان النائب أو الوزير <كَرحوت> ويطلب أن يعمل مرافقاَ للميسورين من السياسيين.

ــ مَن من الشخصيات هو اليوم الأكثر إحاطة بمرافقين؟

- لا أعلم، لكن هناك <أساطيل> في هذا المجال! لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مثلاً 284 عنصراً يؤمنون الحماية له ولمقر الوزارة.

ــ بأي جهة ينيط القانون مسألة الحمايات والمرافقات الرسمية؟

- بعد الحرب، وبغية تنظيم هذا الأمر والحد من انفلاته وإناطته بجهاز أمني واحد، صدر المرسوم رقم 3509 بتاريخ 20 أيار/ مايو 1993 بتكليف المديرية العامة لأمن الدولة مهمة حماية الشخصيات والمراجع السياسية، وتحديد الحد الأقصى لكل شخصية. لكن في الواقع شرطة مجلس النواب ترسل مرافقات وقوى الأمن الداخلي ترسل مرافقات... أي أنه يتم تجاوز القانون ليس فقط من حيث العدد، وإنما من حيث الجهة المعنية بالموضوع أيضاً.

ــ متى تفشت الفوضى في مسألة المرافقات الرسمية للسياسيين؟

- لم تكن هذه الظاهرة موجودة قبل الحرب. أثناء الحرب <صار هيدا يجيب من الجيش وهيدا من الدرك وهيدا مدري من وين حتى تفرعطت القصة>. بعد <عودة> الدولة، عمدت السلطات المعنية إلى تنظيم موضوع الحمايات والمرافقات وأناطت مهمة الحماية والمرافقة بجهاز أمن الدولة فقط، كما سبق وذكرت، لكن رغم محاولة تنظيم العدد والجهات التي توفر هذه المرافقات لا تزال المشكلة تتفاقم.

ــ أظن أنه كان للرئيس الشهيد رفيق الحريري أكبر موكب من حيث عدد الحراس والمرافقين، ومع ذلك تم اغتياله!

- صحيح، لذا نقول إن الحماية، حتى تلك المبالغ فيها، لا تمنع من وقوع الحوادث. المواكبة لم تردع منفذي الاغتيالات من القيام بجرائمهم لا بل زادت من عدد القتلى والجرحى، والأمثلة كثيرة في هذا المجال. فقد أثبتت تجارب الأمم المتقدمة أن الأمن والحماية لا يتحققان من خلال العناصر العسكرية بل من خلال أجهزة مخابرات واستقصاء فاعلة.