تفاصيل الخبر

البابا «فرنسيس» في عيد الفصح بتوقيع لبناني

24/03/2016
البابا «فرنسيس» في عيد الفصح بتوقيع لبناني

البابا «فرنسيس» في عيد الفصح بتوقيع لبناني

 IMG-20160320-WA0033على عتبة الاعياد المباركة، سبق جديد للبنان من بوابة الفاتيكان العريضة هذه المرة ومن ارفع المقامات الكنسية على الاطلاق. البابا <فرنسيس> سوف يلبس في قداس عيد الفصح الزي الكنسي المصمم لبنانياً من قبل ماجد بو طنوس. هي رسالة من قلب الشرق، من بلد الارز لرسول المحبة والسلام حتى يبقى لبنان في ضميره وصلواته. فكيف تمت الاتصالات؟ ماذا عن الثوب والمراحل التي قطعها قبل وصوله الى الحبر الاعظم؟

هذه الاسئلة طرحناها على المصمم اللبناني ماجد بو طنوس، وجلنا معه في عالم الازياء الكنسية والاخرى التاريخية التي تحمل توقيعه في المسرح والدراما. فماذا يقول بو طنوس لـ<الافكار> وأي جديد يخصنا به عن معرضه المقبل؟

 من الثوب، بدأنا بالسؤال الاول:

ــ كيف بدأت الرحلة باتجاه البابا حتى يلبس الثوب الذي صممته له؟

- تعود القصة الى لحظة لقائي مع <المونسنيور غيدو ماريني> في روما، وتمنيت عليه ان يكون في ذبيحة قداسة البابا بمناسبة عيد الفصح شيء من لبنان، وكانت منه موافقة وترحيب بانتظار موافقة البابا نفسه. لقد سألته، اذا ما صممت ثوبا وقدمته لقداسته هل يقبله مني؟ خاصة وان الهدايا التي تُقدّم اليه لا تُرفض الا انها توجه لاعمال خيرية، اذ في العام الماضي جرى سحب <التومبولا> بمناسبة عيد الميلاد على جميع ما قُدّم اليه. وعدني خيرا موجها اياي بالتواصل مع القسم الخاص بالمراسم في الفاتيكان، وكان ذلك قبل سبعة أشهر. طلبوا مني ان اكتب رسالة خاصة لقداسته أشرح فيها دوافعي يقرأها شخصيا ليبدي موافقته من عدمها، واصروا علي ان اترك رقم هاتفي.. وللحمد لله جاءتني الموافقة.

ــ هل كان التواصل صعباً مع قسم المراسم؟

- سألوني اموراً تفصيلية وتعرفوا على ما قمت به سابقاً من اعمال، خاصة وانني مصمم أثواب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والعديد من المطارنة، وكان الشرط الوحيد بناءً على طلب البابا أن يكون الثوب متواضعاً. واذكر هنا، ان قداسته، ومع إبداء الموافقة قد يغيّر رأيه في آخر لحظة مطيحاً بكل ما يكون مجهزاً له بشكل مسبق، فهو <بابا المفاجآت> وتغيير الخطط في آخر لحظة.

ــ ماذا عن المقاسات للبدلة؟ وكم تطلّبت وقتاً لتنفيذها؟

- البدلة اللاتينية تمتلك المواصفات نفسها عادة وليست كما الاثواب الكنسية المارونية، فالبدلات الليتروجية لا تتغير كثيراً وقصتها بالاجمال واحدة. انهيت التصميم في مدة عشرين يوماً، اما القماش فهو من الحرير الخالص ذي اللمعة الخفيفة، والتاج كذلك مع لمعة بسيطة مطرَز بالخيطان الذهبية التي نتميز بها كشرقيين، وعلى الثوب ايضا منمنمات مستوحاة من <الفريسك> الموجودة على الجداريات في دير قنوبين من حيث استوحيت العروق التي توحي بالنفحة الشرقية، وكللته بذخيرة القديس شربل من لبنان، قديس المسيحيين والمسلمين على السواء.

 البطريرك الراعي!

ــ هل التقيت بقداسته؟

desinger-pope-francis-(2) - لا، بالطبع لو حصل لكنت في قمة السعادة، الا ان هدفي الاساس كان ايصال الثوب اللبناني التصميم الى مذبح الفاتيكان، بكل ما فيه من رموز ورسائل.

ــ ما هي علاقتك بالتصاميم الدينية؟ وكيف تعرفت بغبطة البطريرك بشارة الراعي؟

- انا مصمم للازياء من منطقة ابلح في البقاع درست تصميم الازياء في معهد <ميكيلانج> في بيروت، وقمت بدورات عدة في باريس وغيرها، ولي في المهنة حوالى الـ25عاماً. عملت ولا زلت في المسرح الديني، مع الأب فادي تابت بشكل خاص. صودف ذات يوم ان المسرحية التي يقدّمها الاب تابت كانت مضمونة من قبل البطريرك الراعي حين كان مطراناً على ابرشية جبيل، وصادف ان كان عيد ميلاده في ذلك اليوم ايضاً، فتقدمت منه داعياً له بطول العمر وبأن أراه في سدة الصرح البطريركي، مؤكداً له انه في حال إعلانه بطريركاً فإن ثوبه البطريركي سيكون من تقديمي، وهذا ما حصل، ووفيت بوعدي بعد ان تمّ انتخابه بطريركاً، فاتصلت بالسيد وليد غياض سكرتيره وأعلمته برغبتي وبأنني ما زلت على وعدي لغبطته وحدّد لي موعداً في التاسعة من مساء ليلة الاتصال..

وأضاف ماجد:

- انا متعمّق في فن الازياء الكنسية وفي بحث متواصل في مجالها، وغالباً ما أسافر الى فرنسا وايطاليا لهذا الغرض، وها انا في صدد التحضير لمعرض للازياء الدينية ما بين شهري ايار/ مايو وحزيران/ يونيو سيتم فيه عرض اثواب وأزياء كنسية قديمة تعود الى ما فوق المئتي سنة، كنت اشتريتها من جميع انحاء اوروبا. فهذه اثواب كنسية لم نعد نراها اليوم حيث كان الرهبان والراهبات يرسمون الخطوط ويطرزونها بالحرير الخالص في اعمال يدوية فائقة الدقة، خاصة وان الطائفة المارونية تفتقر لتأريخ فن الازياء الكنسي.

ــ هذه الازياء توازي ثروة لقيمتها الدينية والتاريخية، بعد المعرض، ماذا سيحل بها؟

- أمتلك هذه المجموعة وهي توازي ثروة كما ذكرت، وتحتاج للحفاظ عليها الى المال والموارد، فتم الاتفاق انه بعد المعرض سوف يُوزع هذا الارث الغني على الاديرة والآباء فيشترونها وتكون لكل دير حصة من هذه الازياء.

ــ كيف جمعت هذا الارث التاريخي - الكنسي؟

- جمعته على مراحل، خاصة في مزادات مختلفة منذ اربع أو خمس سنوات.

ــ اين وجدت الثوب الاكثر قِدماً؟

- في باريس، وحصلت عليه من خلال مزاد علني ويعود للقرن السادس عشر. للاسف فإن الاديرة في باريس تحول عن وجهتها الحقيقية، فقد طغت العلمنة على الحياة هناك، وما عادت الناس تأبه للدين، فلا تحظى هذه الاثواب بالاهمية المطلوبة للحفاظ عليها. في روما يختلف الوضع قليلاً حيث تحاول الكنيسة الحفاظ على هذا التراث الديني التاريخي IMG-20160320-WA0032الكبير.

يوسف بك كرم..

 

ــ بجانب الاعمال الدينية علمنا انه يتمّ الاتصال بك أيضاً لمسرحيات وأعمال تاريخية مميزة..

- صحيح لقد عملت على مسرحيات وأعمال درامية عدة، من مسرحية <شمس وقمر> للراحل وجدي شيا التي أدّى بطولتها النجم عاصي الحلاني والفنانة نادين الراسي، وعملت في مسرحية لغسان الرحباني بطلها الموسيقار غسان صليبا بعنوان <من الحب ما قتل>، واذكر ايضاً مسرحية <كلنا تقلا> وعملت ايضا على أزياء المسلسل الذي تابعناه جميعاً <وأشرقت الشمس> من بطولة يوسف الخال وايميه صياح، مع النجمين الكبيرين غسان صليبا ورولا حمادة، وها انا اعمل اليوم على المسلسل التاريخي الضخم <امير الليل> ومسلسل الاديبة والكاتبة مي زيادة..

ــ ومن الفنانات النجمات، لمن صممت؟

 - ألبست الشحرورة صباح رحمها الله، كما الفنانات مادونا وماري سليمان ونادين الراسي وسلوى القطريب الى جانب من ذكرتهم في الاعمال المسرحية والدرامية.

ــ مـــــاذا عــــن ازيــــــاء مسلســــــل <امــــــير الليـــــــل> الــــذي يــــلعب بطولتــــــه النجــــــم رامــــــي عيــــــاش ويعـــــــود لفترة الانتداب الفرنسي؟

- الاعمال التاريخية هي الاحب الى قلبي، انها غرامي اذا امكن القول. في الجامعة، كانت اطروحتي حول الملابس التاريخية، ولم اجد مراجع عن الازياء التاريخية اللبنانية إلا في ما ندر، ما جعلني اغوص في هذا العالم، واكتب كتابا عنها بعد رحلة شاقة في البحث والتمحيص، فكان بحث عميق في تاريخ الازياء اللبنانية، وتألّف الكتاب من خمسمئة صفحة ويمكنه ان يشكّل مرجعاً لكل مهتم او مصمم في المجال، وقد طبعته في العام 2009 وكان يومئذٍ المحامي ايلي ماروني وزيرا للسياحة، فكان الكتاب برعايته. وبالنسبة لمسلسل <امير الليل>، فإنني قمت بأبحاث عديدة حوله ولا اعتمد على الاطلاق على مصادر عن <الانترنت> التي عادة لا تكون موثوقة ولا موثقة بالشكل الكافي..

ــ هل من فنانة معينة تطمح لأن تلبسها من ازيائك؟

 - ما من اسم معين، ومن تلبس من تصاميمي تصبح نجمة.. (يقولها ماجد، ويبتسم)..

ــ اين هو محترفك ومن يعاونك فيه؟

 - المحترف الخاص بي هو في منطقة الجمهور ويُقسم الى قسمين: الاول للاثواب الدينية يعاونني فيه ثمانية اشخاص، والثاني للازياء الراقية وعدد المعاونين في هذا القسم يختلف بحسب المواسم والمناسبات، وبينهم السوريون المعروفون في مجال الخياطة والتطريز.

ــ في جملة واحدة، كيف يمكن ان تلخص خطك او هويتك في التصميم؟

- أميل الى الكلاسيكية، واحب التصاميم الناعمة والهادئة.. احب تصميم الازياء التي تعود الى حقبات ولّت، كما ان فن الزي الكنسي عالم قائم بذاته. الحمد لله ان اسمي معروف في ابعد من لبنان، ويتصل بي الموارنة المنتشــــرون خاصـــــة في استراليـــــا وكنــــدا والمكسيك وجنــــوب افريقيـــــا لاهتـــــم باثـــــواب الكهنـــــة والمطارنـــة في الاعياد المختلفة.

IMG-20160320-WA0034ــ ما اجمل ما صممت حتى الآن؟

- لكل زي طابعه الخاص، الا انني اعتز جدا بتصاميمي لمسرحية <يوسف بك كرم>، وهو أثّر بي كشخصية كبيرة، ولما جلنا بالمسرحية في استراليا وشاهدتها الجاليات هناك، تحمّست جداً، وضج الحنين بالمهاجرين جميعهم، وقد جرى شراء احدى البدلات التي صممتها للعمل من قبل احد المغتربين بمبلغ 35 ألف دولار. فالمهاجرون متعلقون بجذورهم بشكل لا يوصف، ويعرفون قيمة هذا البلد التي لا نعرفها نحن. وكم خجلت من نفسي خلال زيارتي الاخيرة الى روما حيث كان سائق التاكسي يتحدث مع شخص ايطالي عن النفايات المنتشرة في الشوارع اللبنانية.

ــ بمن انت متأثر من المصممين العالميين؟

- بالتأكيد بالثلاثي العالمي <ديور> و<شانيل> و<ايف سان لوران> خاصة الاخير الذي اشعل ثورة في عالم الازياء، ولا تزال تصاميمهم من اساسيات الموضة. ولقد ذكرت في كتابي الحادثة التي ذكرها مرة احد مصممي <ايف سان لوران>، كيف تم طرده من <هوليوود> لما البس النجمة الفرنسية العالمية <كاترين دونوف> بنطالاً دخلت به الكازينو.. فقد كان اول من البس المرأة البنطلون وأحدث حينذاك ثورة كبيرة في عالم الازياء..

ــ وصلت تصاميم اللبنانيين الى العالمية، لكن هل يمكننا الحديث عن تصميم او قصة معينة اطلقتها بيروت الى العالم؟

- وصلنا الى العالمية بالطبع لكننا حتى الآن لا نمتلك الجرأة التي يمتلكها المصممون الغربيون. من منا يوازي بجنونه وابداعه جنون <غاليانو> مثلاً او جرأة <ايف سان لوران>.. الجرأة تنقصنا حتى اليوم والاسباب عديدة.

ــ بالعودة الى ثوب البابا فرنسيس، قد نسمع من يقول انك قدّمت هديتك لقداسته في مسعى منك لترويج اسمك، خاصة وان التصميم حظي بضجة اعلامية كبيرة..

- اتفهّم كل من يتوجّه الي بمثل هذا التفكير، لكنني أجزم انني لم ابغِ الشهرة من خلال هذا التصميم، وحتى اخي الكاهن لم يكن على علم بالموضوع. ما جرى انه صودف وجود الفنان وسام حنا في الفاتيكان، وتعرفون كم هو مؤمن، علم بقصة الثوب وتم تسريب الخبر الى الاعلام، فكبرت كرة الثلج اعلامياً. لم ارد ذلك عن قصد. لا اخفي بان الضجة هذه كانت ايجابية وأنا سعيد بهذا الإنجاز، وذلك من دون اية نية لاستغلاله لحسابي.

ــ وكلمتك لقداسته؟

- اقول له: <اعلم أنك تحمل كل إنسان بصلاتك وخصوصاً الشباب، أطلب منك أن تصلي أكثر لعائلاتنا وللبنان ولكل الشباب ليحل السلام>.