تفاصيل الخبر

البعض يدق ناقوس الخطر: الشاطئ ملوث ومسرطن!

13/07/2018
البعض يدق ناقوس الخطر:  الشاطئ ملوث ومسرطن!

البعض يدق ناقوس الخطر: الشاطئ ملوث ومسرطن!

بقلم طوني بشارة

الكنز الذي لطالما تغنّى به لبنان ولقبه العديدون بـ<الذهب الأزرق> تحوّل للأسف من نعمة الى نقمة، اذ دقّ الأهالي ناقوس الخطر لضرورة معالجة ازمة معقدة ومستشرية قبل ان تقضي على صحّتهم، ازمة تنتشر على امتداد الشواطئ من رأس الناقورة الى عكار، فهاجس تلوُّث مياه البحر بات يؤرق اللبنانيين مع بداية فصل الصيف حيث يستعد اللبنانيون لموسم السباحة الذي يحمل معه جديد كوارث بيئية اجتاحت شواطئ لبنان كما مياهه كلها.

المشكلة تتفاقم عاما بعد آخر، مما دفعنا الى ضرورة محاورة رئيس حزب البيئة العالمي دوميط كامل الذي أشار بداية بأن الشاطئ اللبناني أصبح مكبّا شرعيا للمجارير، اذ يصب في مياهه حوالى 63 مجرورا ضخما،اضافة الى مجارير المنتجعات التي تصب فيه من دون اي معالجة مفروضة.

 وأسف كامل لزمن كان فيه لبنان يتغنّى بشواطئه، مضيفاً بانه قد تم تدمير هذه الميزة، وتابع قائلا:

- المواطن بات في حيرة من امره وهو لا يدري اي منطقة بحرها صالح واي منطقة بحرها ملوّث ومؤذٍ، وحذّر كامل أيضا من الاقتراب من اي مجرور يصب في البحر، ومنع السباحة او صيد السمك بالقرب منه منعا باتاً لأنه حينئذ الثمن سيكون على حساب صحة المواطنين.

واستطرد كامل:

- بحر لبنان لم يسلم من انعكاس التغيّر المناخي سلباً عليه، وما سببه هذا التغيّر من دخول أنواع حيوانات بحرية مؤذية الى الشاطئ، ترمي بخطورتها على المواطن في حال الاقتراب منها أو السباحة بجوارها.

وأضاف:

- من هنا أطالب وزارات الدولة المختصّة بضرورة اجراء مسح شامل للشاطئ البحري من خلال فحص مخبري للمياه في كل كيلومتر، واظهار النتائج أمام الرأي العام، حتى يعلم المواطن أي منطقة ملوثة واي منطقة معرضة للتلوث، كما انني لا انكر ان هناك بعض المناطق لا تزال آمنة ومحمية من التلوّث نوعا ما، على سبيل المثال لا الحصر شواطئ صور، والناقورة، والجيّة، وشكّا، والبترون في الجهة البعيدة عن المعامل والمصانع، اضافة الى الشواطئ الممتدة من العقيبة وصولا الى عمشيت.

أمّا عن الكوارث البحريّة، فأجاب كامل:

- في هذا المضمار حدّث ولا حرج، وخير مثال على ذلك ما وصل اليه الأمر في شاطئ بيروت، ناهيك عن تلوّث المياه على امتداد الشاطئ الكسرواني من الذوق حتى جونية الى طبرجا، وفي طرابلس وعكار، لذا من الأهمية اجراء مسح لمعرفة النتيجة لأن التقديرات في هذه الحالات الدقيقة لا تكفي لأن مرحلة التلوّث التي وصلنا اليها مخيفة وخطيرة.

وعن الحلول قال كامل قائلاً:

- المفاجأة ان الحلول ليست مستحيلة، وسبل المعالجة لتلوّث مياه الشاطئ اللبناني ومنع امتداد التلوث الى بقية الشواطئ متوافرة مع وقف التنفيذ لأسباب مجهولة، فلبنان يملك أحدث طرق العالم لمعالجة المياه بكلفة غير مرتفعة، وهنا لا بد من التنبيه والتحذير من المعالجة البدائية التي يتم اللجوء اليها أحيانا لأنها ذات أخطار 100 مرة أضعاف خطورة تلوّث المياه.

ولدى سؤاله عن سبب تقاعس الدولة أجاب كامل مكتفيا بعبارة: <في فمي ماء>، وتمنّى لو تُلغى المحسوبيات السياسية والحزبية في المواضيع التي تتعلّق بالبيئة.

لكل مقام بحره وشمسه!

ازاء تحذيرات كامل بات المواطن امام خيارين، اما النزول الى المسابح الشعبية وتعريض حياته لمخاطر التلوث، واما الاكتواء بنار الاسعار الملتهبة لبطاقات الدخول الى المسابح الخاصة، ولكن امام صحة المواطن نرى ان الخيارات محدودة فهنا على الأقل يضمن رب العائلة سلامة اولاده والحد الأدنى من شروط النظافة، ولكل خدمة سعرها، فبجولة ميدانية لـ<الافكار> على المسابح الخاصة لاحظنا ان رسم الدخول للشخص الواحد يتراوح بين 20 الف ليرة و50 الفاً بحسب عدد نجوم المنتجع، والمسألة لا تتوقف عند هذا الحد، فغالبية المسابح إن لم نقل جميعها تمنع على الفرد إدخال حتى قنينة مياه إلى المسبح، فيما الجلسة على البحر تفترض اولاً شرب كميات من المياه هذا عدا عن المرطبات والسندويشات وحتى نكون منصفين فالكلفة لا تقل عن 45 الفاً للشخص الواحد أي ما يوازي 200 الف ليرة على الاقل لعائلة مؤلفة من 4 اشخاص، وبين منتجع 3 نجوم وآخر بـ 5 نجوم تصبح الكلفة اقرب إلى حلم ليلة صيف.

وكان لافتا ان بعض المسابح راعت الميزانية العائلية لكن على طريقتها الخاصة، فخفضت رسم الدخول إلى 15 ألف ليرة في ايام الأسبوع، أما في أيام <الويك اند> فيصل الرسم إلى 20 ألفاً أو 30 بحسب مكان الطاولة والشمسية المستأجرة، ولكل مقام بحره وشمسه و... طبعاً سعره!

إلى هنا تبدو الأسعار معقولة لكن مجرد ان تستحلي شيئاً من الأكشاك أو المطاعم التي استثمرت جزءاً من الشاطىء، تكتشف ان ما حاولت توفيره في المسبح الخاص سيتم صرفه هنا على الشاطىء الرملي المفترض ان يكون حقاً طبيعياً ومكتسباً للعموم.

واثناء تجوالنا كان لافتا ان لمسابح بيروت قصة أخرى تختلف عن باقي المناطق، فهنا «باريس الشرق» بكل مظاهر البذخ والترف وأكثر، وللبحر هنا نكهة مختلفة وأسعار مختلفة أيضاً حيث يلامس الخيال الواقع وتعلو المسابح فوق الشواطىء لتحطّ على سطوح المباني، وإذا اردت ان تحقق حلمك لمرة واحدة فعليك ان تدفع مبلغ 55 دولاراً كرسم دخول وهو الحد الأدنى للولوج إلى مطلق اي مسبح في بيروت هذا من دون احتساب اية خدمات أخرى! والحال نفسها باتت تنطبق على مسابح خاصة انتشرت في البترون وجبيل في الأعوام العشرة الأخيرة... وصدّق أو لا تصدق.

بيروتـــي والحملـــة علــى

المجمعات الخاصــة!

أسعار خيالية للغاية دفعتنا وتماشيا مع مبدأ الموضوعية العملية الى طرح مجموعة من الأسئلة على نقيب أصحاب المجمّعات السياحية البحريّة جان بيروتي الذي استغرب الانتقادات الموجّهة إلى المسابح الخاصة والمنتجعات والمتعلقة بارتفاع تكلفة رسم الدخول واستمرار تلوّث الشواطئ، ورد قائلا:

- مع بداية موسم كل صيف ومهما كانت الظروف الاقتصادية أو قدرة الموسم السياحي صغيرة أو كبيرة، تشهد المؤسسات السياحية البحرية ومنذ أكثر من 20 سنة حملة موجّهة على تعرفة الدخول وأسعار الخدمات داخلها، والمؤسف أن ما يغذي هذه الحملات هو النقص الكبير في عدد المسابح العامة التي هي من مسؤولية الدولة لجهة تجهيزها وتأمين أهم شروط السلامة العامة والنظافة فيها، على الرغم من قيام وزارة الأشغال العامة والنقل بمجهود بقي محدوداً في هذا الصدد لعدم وجود ميزانية كافية لذلك، واقتصر الأمر على بعض المسابح ومنها الرملة البيضاء وطرابلس والجنوب، إنما هذه النشاطات بقيت محدودة.

ولفت بيروتي إلى أن <الحملات التي تساق ضد المسابح الخاصة بعيدة من المنطق لأن معظم المؤسسات البحرية والمنتجعات تسوّق نفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأبخس الأثمان، كما أن العديد من المسابح تستقبل روادها مجاناً في مقابل الحصول على خدمات متنوّعة مثل المأكل والمشروب، وهناك 70 بالمئة منها يتقاضى رسم دخول بما يوازي ثمن بطاقة سينما أي دون العشرة دولارات>، وتساءل: <إلى متى سيستمر تشويه سمعة مؤسساتنا بحملات غير بريئة ومجهولة الأهداف؟>، لافتاً إلى أن <عدداً قليلاً من المؤسسات يتقاضى خارج العروض التي يقدّمها رسوماً مرتفعة، وهي لا تتعدّى أصابع اليد على الرغم من أننا في اقتصاد حرّ ويعوّل على العرض والطلب، في حين هناك 200 مؤسسة تتنافس على الخدمات التي تقدّمها>.

وأسف بيروتي لكون هذه الحملات تسمّي هذه المؤسسات التي لا تتعدى عدد أصابع اليد وتغفل البقية، <فالتسعيرة تحدّدها وزارة السياحة بطلب من صاحب العلاقة، وتُنشر أمام مداخل المسابح، وبالتالي مَن يطبّق التسعيرة هي أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارتا السياحة والاقتصاد>.

ودعا بيروتي المواطن إلى أن يعي الأمر لمرة واحدة، وأن يتحمّل كل مسؤول مسؤولياته، فالدولة مسؤولة عن إنشاء المسابح فيما مسؤولية القطاع الخاص المنافسة في تقديم الخدمات.

وعن تلوّث الشواطئ أوضح بيروتي بأن النسبة تتفاوت بين المناطق وهي ليست كيميائية إنما بفعل وجود مصبّات لمجارير مباشرة على البحر، وفي مناطق أخرى لا توجد مصبّات لذلك تكون نسبة التلوّث محدودة جداً والبحر نظيف والعديد من المؤسسات تقوم بالتنظيف أسبوعياً للتأكد من سلامة البحر ونظافته.

وتابع بيروتي قائلا:

- الدولة ترمي مليونيّ متر مربع من النفايات في البحر ولا يوجد رأي عام يعترض، كما أنها ترمي مجارير مباشرة في البحر وتطيح بكل قواعد السلامة العامة ويبقى الرأي العام غائباً، في حين أن هناك مؤسسات خاصة لا تزال تحترم روّادها وتقدّم أفضل معايير السلامة العامة، فهل المطلوب القضاء عليها؟؟

وعن الموسم السياحي البحري قال بيروتي:

- للأسف، إن أزمة الصيف شبيهة بأزمة غياب الثلج في موسم الشتاء، فشهر رمضان انتهى في 15 حزيران/ يونيو الماضي، والامتحانات الرسمية في 30 منه، في حين تنشط المهرجانات في شهر آب/ اغسطس، فهل تُعتبر فترة 45 يوماً من الموسم كافية حتى لو كانت نسبة الإشغال 100 بالمئة، فيما هي اليوم 30 بالمئة؟ وهل يمكن أن تغطي مؤسسات بأفضل جهوزيتها الخسائر التي تتعرّض لها؟

وأنهى بيروتي حديثه قائلاً:

- سبق ونبّهنا أصحاب المؤسسات السياحية في أول الموســــم إلى اتباع سياسة معتدلة النفقات و<سياسة البقاء>، لأن موسم السياحة البحرية في 2018 كالمواســـــم التي سبقت حيث لا أرباح إلا إذا صدقت الوعود والتوقعات بمجيء عدد كبير من الخليجيين هذا الموسم وعدد كبير من اللبنانيين المقيمين في بلدان الاغتراب.

وأخيراً، أكد بيروتي أن وزارة السياحة قامت بكل ما عليها لإنجاح هذا الموسم، إنما للأسف <حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر> في بعض الظروف.