تفاصيل الخبر

الأزمة الاقتصادية والمالية ترخي بتداعياتها السلبية على  قطاع "تراخيص الامتياز"

14/10/2020
الأزمة الاقتصادية والمالية ترخي بتداعياتها السلبية على  قطاع "تراخيص الامتياز"

الأزمة الاقتصادية والمالية ترخي بتداعياتها السلبية على  قطاع "تراخيص الامتياز"

 

بقلم طوني بشارة

 

رئيس جمعية تراخيص الامتياز يحيى قصعة: نحن في عين العاصفة والوضع الإقتصادي يعيش أزمة كبرى وبالذات تجارة البيع بالتجزئة

[caption id="attachment_81932" align="alignleft" width="298"] ماركة goose للأحذية الرياضية أقفلت محلاتها.[/caption]

 يمر لبنان حالياً بأزمة اقتصادية خانقة كنتيجة طبيعية للهدر والفساد والهندسات المالية من جهة، وجائحة  "كورونا" وانفجار مرفأ بيروت من جهة ثانية، مما أدى حكماً الى ارتفاع معدل البطالة وازدياد نسبة التضخم ... ازمة طاولت القطاعات كافة في لبنان ومن ضمنها قطاع التجزئة فتراجعت مداخيله مما أثر على حركة مبيعاته خصوصاً "تراخيص الإمتياز" فأقفل العديد منها واهمها:" goose"(أحذية رياضية) ،"haagen dazs"( آيس كريم )، "Jacadi" (ألبسة أولاد وأطفال )، Adidas (ألبسة رياضية) الذي أبقى على عدد من محال الـ"Outlet"(ألبسة)، "Isabel marant"( أزياء)، "Just cavalli "(ألبسة وإكسسوارات)،  "Karen millen"(ألبسة)، "Mirella"(أكسسورات وهدايا منزلية)" Mayoral"(ألبسة أطفال)، "Leboutin "(أحذية نسائية) و"Coca cola"(مشروبات غازية).

فهل هذا الأمر يعتبر اقفالاً ام انه اعادة انتشار؟

قصعة والأزمة

[caption id="attachment_82080" align="alignleft" width="375"] الازمة المالية والإقتصادية في لبنان[/caption]

 رئيس جمعية تراخيص الإمتياز يحيى القصعة اعتبر ان البلد مخطوف من سياسييه والمشكلة سياسية بامتياز، ومن ثم مالية واقتصادية وبعدها أمنية اجتماعية، وراهن على المبادرة الفرنسية التي يعتبرها الضوء الذي ينير ظلمتنا، وقال: مر لبنان في الآونة الاخيرة بأزمات عديدة، بدءاً من احتجاجات 17 تشرين  الاول (اكتوبر) الماضي وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (اغسطس) الماضي . أزمات تقع في المنطقة نفسها وهي  بتسارع وتحصل بطريقة متتالية، وتؤدي حكماً إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، وتراجع الطلب على السلع، الأمر الذي يخفض من حجم المصالح التجارية في المنطقة. وهنا لا بد من الاشارة الى انه لم تبدأ الأزمة الاقتصادية ونحن في البحبوحة، بل بدأت حين كان العمال قد وصلوا إلى حالة صعبة جداً، وبالتالي هذه الخطوة جعلت أصحاب المصالح وبسبب التكلفة المرتفعة التي تكبدوها اثناء التأسيس يتبعون قرار الاقفال الجزئي لبعض فروعها والمقاومة قبل اتخاذ قرار الاقفال التام، اذ أصبحوا مضطرين إلى إعادة حساباتهم، والانتقال إلى مرحلة يصمدون فيها أكثر.

*- تتكلم عن اعادة حسابات فإلى اين تتجهون كأصحاب مصالح في لبنان؟

 - إن أصحاب المصالح التجارية عادة ينظرون إلى الأمام لمعرفة إلى أين يتجهون بعد ستة أشهر، أو سنة، أو ثلاث سنوات، أي في المنظور القريب. نحن في لبنان لا نستطيع أن نرى ماذا سيحدث بعد 15 يوماً، الأمر الذي يجعل أصحاب المصالح يفكرون بعدم افتتاح علامة تجارية جديدة في لبنان، والتموضع بالمتاح حالياً في المتاجر، أو سحبها من السوق والهجرة خارج لبنان. فنحن نخسر ما هو أهم من المصالح وهو اليد العاملة والمواهب. عادة يتم تدريب الموظفين في قطاع التجارة بطريقة عالية المستوى وفق الأنظمة الأساسية لعملنا، نظراً لأننا نفتتح فروعاً كثيرة. حالياً هؤلاء الموظفون باتوا يفكرون بشكل جدي بترك البلاد والهجرة. هذه هي الخسارة الأكبر لأن المواهب البشرية هي التي تقوم بالتصنيع والتصدير إلى الخارج، وهي التي تعمل على تطوير المستقبل.

*- في خضم هذه الازمات المتتالية ما موقع جمعية تراخيص الإمتياز؟

-  إننا في قلب عاصفة هوجاء وهي ليست عادية لأننا انتقلنا من أزمة "كوفيد 19" العالمية الى أمر أعظم بكثير في لبنان اولها الأزمة الأقتصادية والانهيار المالي وآخرها انفجار المرفأ. إننا الآن في عين العاصفة الضخمة والوضع الإقتصادي كله في أزمة كبرى وبالذات تجارة البيع بالتجزئة. صحيح انه في وقت الأزمة توجد فرصة للبعض للنجاح انما البعض الآخر مثل قطاع المطاعم يعاني الأمرين وهو يخسر. إننا عموماً في وضع صعب جداً وتوجد تحديات أساسية مثل التوظيف، اننا من القطاعات التي توظف الكثير من العمال لكن مشكلتنا الحالية هي اننا نخسر العامل الخبير. اما التحدي الثاني فهو الأمن الإجتماعي المفقود حالياً، والتحدي الثالث يتجلى بخسارتنا لصورة لبنان التي تأثرت وحدت من القيمة المضافة التي لدينا. ان اخبار لبنان المنتشرة حالياً في العالم هي عبارة عن حرائق وانفجارات ودمار وهذا يؤثر سلباً علينا، خاصة وان قطاعات عدة قد تقلصت وهي تعاني بشكل كبير وبالنتيجة تجعلنا نواجه تحديات استراتيجية للسنوات القادمة.

*- تتكلم عن تراجع كبير فهل من تفسير لهذا التراجع  بالأرقام؟

- في العام 2019 تراجع قطاع الألبسة بنسبة 56 في المئة عن العام 2012. اما قطاع مستحضرات التجميل فتراجع بنسبة 29 في المئة والتجهيزات المنزلية بنسبة 33 في المئة  والادوات المترفة بنسبة 55 في المئة  كذلك تراجع قطاع السياحة كثيراً. إن القطاعات الغذائية كان وضعها جيداً وكذلك القطاع الصحي ولا يزال حتى الآن. بعد العام 2019 اصبحت الأرقام غير مبنية على وقائع لقد اصبحت تقريبية. لقد تدنى قطاع الألبسة 62 في المئة  زيادة على 56 في المئة، أي فعلياً نسبة 15 في المئة من القطاع لا يزال يعمل وجودته متدنية. اما قطاع التجهيزات المنزلية فقد تراجع بين 58 و60 في المئة.

 

تدني القدرة الشرائية للبنانيين

 

*- ولكن الا يرتبط ذلك بقدرة المواطن الشرائية التي هي بانخفاض مستمر؟

[caption id="attachment_81934" align="alignleft" width="166"] يحيى قصعة: الخطة الفرنسية والخطوات المتبعة فيها ممتازة لأنها تضبط الهدر وتحقق التدقيق اللازم.[/caption] - في الآونة الأخيرة، اختلف نمط الحياة الذي اعتاد عليه المواطن اللبناني عمّا كان عليه في الماضي، وذلك بسبب الضائقة الاقتصادية التي زارت غالبية منازل اللبنانيين، الأمر الذي منعهم من الاستمرار بالإنفاق والبذخ بشكل كبير. كما أجبروا على الاستغناء عن الكثير من الكماليات، على مبدأ تطبيق المثل اللبناني "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود". إذ يتقاضى نحو 95 في المئة من القوى العاملة في لبنان رواتبهم بالليرة اللبنانية، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية جراء انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، ما انعكس بارتفاع حاد وملحوظ في أسعار السلة الغذائية للأسرة المؤلفة من 5 أفراد. ذلك أن قيمة السلة الغذائية لتلك الأسرة ارتفعت بمعدل 122 في المئة وهي تقدر حالياً بقيمة مليون ليرة لبنانية، بعدما كانت تبلغ نحو 450 ليرة لبنانية في حزيران ( يونيو) الماضي.  

*-المشكلة مرتبطة كما يبدو بأزمة الدولار، فما صحة ذلك؟

- جميع الشركات التجارية التي تغلق أبوابها هي مصالح لا تُصنع في لبنان، ما يعني أن العملية تقوم على الاستيراد والتصدير. ويتطلب استيراد العلامات التجارية من خارج البلاد دولارات كثيرة. وبما أن الدولار لم يعد مدعوماً في لبنان، فقد ارتفع سعر صرف الدولار نسبةً لليرة اللبنانية. ذلك في وقت لا يزال المواطن اللبناني يقبض معاشه بالليرة اللبنانية، ما يعني أن قدرته الشرائية تراجعت بشكل كبير ما يحول دون إمكانيته شراء هذه العلامات التجارية.

*-هل هناك اقفال ام إعادة انتشار للماركات العالمية؟

 - لقد سرت منذ مدة شائعة عن ان بعض الماركات العالمية ستخرج من لبنان مثل "shaya" الذي يملك اكبر تجمع للمقاهي في لبنان وهو إذا خرج فسيقفل اكثر من 60 محلاً،  لكن الصحيح ان كل الماركات تعيد انتشارها حالياً اذ تحاول التخفيف من المصاريف لكي تستمر في السوق وهذا أمر ضروري لمواجهة الظروف السيئة التي نعيشها. فعدم الرؤية بوضوح تسهم بهروب المستثمر ولا أحد اليوم يريد الإستثمار في لبنان.

*- نفهم من حديثك ان هناك حالياً إعادة إنتشار لا اقفال للمحلات التجارية؟

- هناك إعادة انتشار مع انسحاب من بعض المناطق. لقد انسحبت بعض الماركات المعدودة في مجال الألبسة. ان قطاعنا ينقسم ما بين مانح الإمتياز مثلنا أي اننا نصنع ونبيع وماركتنا موجودة في 13 بلداً. نحن باستطاعتنا المقاومة اكثر لأننا نصنع في لبنان ونصدر 52 في المئة منها ونحصل مالاً من الخارج فنستطيع بالتالي المحافظة على هيكلية نتاجنا. اما القسم الثاني فهو حامل الإمتياز وهو يحصل على امتيازه من الخارج وهو مضطر لاستيراد بضاعته من الخارج لذا يحتاج لأموال نقدية وعليه دفع ثمن الإمتياز مما يراكم عليه المتوجبات المالية بالإضافه الى ما يعانيه من الوضع الإقتصادي المتردي والذي تقلص بشكل كبير في لبنان. لذا هو يقاوم بانتظار فرصة ربما لن تحدث. انما توجد فرصة امام التجار اليوم لتبديل اعمالهم والتصنيع لبنانياً.

*- ولكن البعض اقفل نهائياً فكيف تفسر ذلك؟

- في علم الاقتصاد حين يتدنى المدخول المالي تصبح الأولوية للمواد الأساسية، وبالتالي انسحاب هذه العلامات التجارية يشكّل ما يسمى باستراتيجية الخروج من السوق، وهي تعني أنهم يقومون باختيار الخروج بعد تقييمهم للوضع وللخسائر التي يمكن أن تلحق بهم من جراء استمرارهم، وبعض الشركات التجارية أقفلت أبوابها كي تحد من خسائرها المستقبلية، لأنه كلما استمر وجودهم، تكبدوا خسائر أكبر كدفع الإيجارات وغيرها.

 

*- الازمة واقعة لا محالة، فما هي تداعياتها على العمالة ؟

[caption id="attachment_81933" align="alignleft" width="250"] وكوكا كولا غادرت لبنان.[/caption]

- التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية تتجه أكثر إلى العمالة اللبنانية، فنسبة كبيرة من العمال قد صرفوا من أشغالهم، الأمر الذي خلق بطالة إضافية، ما يعني استهلاكاً أقل وزيادة في نسبة الفقر، وتراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي، وهذا مؤشر سلبي جداً، ناهيك عن أن الاقتصاد لم يكن واقفاً على أسس سليمة لأن هذه الشركات هي مستوردة وليست مصدرة. ونحن نلاحظ أنه بعد احتجاجات تشرين الأول (اكتوبر) الماضي نحو 180 ألف عامل فقدوا وظائفهم، ارتفعت نسبة البطالة في لبنان عام 2019 من 36 في المئة  بشكل عام، و60 في المئة في صفوف الشباب، إلى أكثر من 55 في المئة بعامة في العام الحالي. في حين قدرت نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعات هذا العام بنحو 98 في المئة ، ذلك بحسب رئيس "مؤسسة لابورا" الأب طوني خضرا. لذا ارى أن لبنان يتجه نحو المجهول اقتصادياً. فالمشكلة تكمن في أن الاقتصاد اللبناني كان يعتمد على الدولار بعد إقامة قيود على حركة دخول الدولار إلى لبنان، وتوقفت التجارة لأنها تعتمد بشكل كبير على الدولار، بالتالي تدهور الاقتصاد بشكل أسرع.

 

أزمة الثقة وظاهرة الدعم

 

*- لكن الازمة أثرت أيضاً على توفير المواد الأولية ـ  فكيف تفسرون ذلك؟ وهل تؤيد ظاهرة الدعم؟

- تشكل المواد الأولية في الصناعة الجيدة ما بين 30 و35 في المئة، لكن لا شيء يمنع ان نربح أقل، كما انني ضد سياسة الدعم لأنها ليست مستدامة للمستقبل وهي تتطلب الكثير من الوقت ما بين الإقرار والتنفيذ . كما علينا ان نبذل جهدنا في الأمور التي باستطاعتنا استخدامها مستقبلاً. فالمستثمرون في قطاع المواد الغذائية يقبضون اليوم اعلى من سعر السوق، كما ان بعض السلع المدعومة تختفي بشكل غير معلوم.

*- ما هو المطلوب لكي تعود الأمور الى طبيعتها؟

- ان البلد مخطوف من السياسة. فالمشكلة سياسية بامتياز ومن ثم مالية اقتصادية وبعدها امنية اجتماعية. وأنا اراهن على المبادرة الفرنسية التي لا يستطيع السياسيون عدم الإلتزام بها والا سننتهي في المجهول .

*- هل تعتقدون ان الساسة اللبنانيين مهتمون بمعاناة الشعب اللبناني؟

- انهم غير مهتمين ولقد حذر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة  من الهدر لكن غلطته الكبرى انه سار معهم. فالمشكلة كلها تكمن في السياسة. وانا أتساءل هل المطلوب ان ينهار البلد؟.. لقد وضعت المبادرة الفرنسية خطة واضحة اول بنودها هو التدقيق المالي في المصرف المركزي وضبط الهدر، وإعادة هيكلة البنوك اللبنانية. ونحن اليوم عالقون في دوامة لكن ما إن تتخذ الاجراءات المطلوبة وتعود الثقة ستتصلح الأمور.

*- كيف ستعود الثقة برأيكم؟

- عندما تتخذ خطوة كالمبادرة الفرنسية مثلاً التي لديها برنامج يجب تطبيقه وإذا لم يطبق فأنا اعتقد بوجود مؤامرة على البلد. فاذا لم يستفد السياسيون من هذه الفرصة فبالتأكيد يوجد أحد ما يخطط لتذويب نسيج لبنان. لقد اطلعت على الخطة الفرنسية والخطوات المتبعة فيها وهي ممتازة لأنها تضبط الهدر وتحقق التدقيق اللازم. انها الضوء الذي ينير ظلمتنا.