تفاصيل الخبر

الأزمة الاقتصادية المالية وواقع الاضرابات والتظاهرات والحل المطلوب!

11/10/2019
الأزمة الاقتصادية المالية  وواقع الاضرابات والتظاهرات والحل المطلوب!

الأزمة الاقتصادية المالية وواقع الاضرابات والتظاهرات والحل المطلوب!

 

بقلم طوني بشارة

بمراقبة سريعة لأوضاع السوق نلاحظ بأن المؤشرات وتداعيات القرار الضريبي أظهرت على أرض الواقع عكس ما توقعه المعنيون بالأوضاع الاقتصادية في لبنان، فاللافت أن إقرار قانون الضريبة قد مس الفقراء والطبقة الوسطى أكثر من الأغنياء والمصارف والشركات الكبرى، فالاسعار وبمراجعة دقيقة للأرقام نلاحظ بأنها وخلال فترة وجيزة قد ارتفعت بشكل عشوائي وبنسب تراوحت ما بين الـ10 والـ15 بالمئة وذلك في ظل غياب الرقابة ووضع حد لجشع التجار.

 ولكن هل من أقر هذه الضرائب قد فاته فكرة أن وطننا يعاني من مشكلة الركود؟ وهل تغاضى عن تزايد مشكلة الإنكماش في ظل فرض هذه الضرائب؟ على إعتبار أن المطلع ولو قليلا على كيفية معالجة المشاكل الاقتصادية يدرك بأن الركود يتطلب إجراءات معاكسة أي خفضاً للضرائب وزيادة للإنفاق، ولكن ما حصل فعلا هو عكس ذلك مما أدى حكما الى خنق الاقتصاد وزيادة في الفوائد والمديونية وارتفاع وتفاقم لمشكلة التضخم والانكماش الاقتصادي.

 فهل فعلا نحن مقبلون على مرحلة أشبه بمرحلة التضخم الجامح؟ وبالتالي ما مصير الـ170 ألف لبناني فهل سينتزعون قسرا من فئة الطبقة الوسطى ليضافوا الى عداد الطبقة الفقيرة البالغ عددها مليوناً و800 الف فقير؟ وما قضية العدالة الاجتماعية والاقتصادية فلماذا لم تتحققا في ظل المقاربة الهندسية الاقتصادية التي تبجح المسؤولون واستفاضوا بشرحها مع اقرارهم للموازنة وفرضهم لمجموعة من الضرائب؟

الواقع يبدو ان هناك محاولة لمعاقبة الانتاج المحلي من اجل تجميده والحد من نموه وتطوره.

 ولكن ما واقع السوق اللبناني؟ هل ثمة إجراءات يفترض اتخاذها لمعالجة الازمة المستشرية لا محالة؟

 

الجميل والوضع المزري!

 

بداية مع رئيس جمعية تجار جبل لبنان الأستاذ نسيب الجميل الذي أشار الى أن التجار وللأسف يمرون حاليا بوضع مزري للغاية، وأكد الجميل انه وبمراجعة دقيقة وعلمية يمكن الملاحظة بان هذا الوضع هو نتيجة لتراكمات سلبية ناتجة عن ما يمكن تسميته بالمعالجة الاقتصادية، وهذه التراكمات انبثقت عن قرارات اعتباطية وغير مدروسة كانت الغاية منها معالجة الوضع الاقتصادي، ولكن للأسف أدت هذه المعالجات الى تراجع مخيف بالحركة وغلاء اشبه بالتضخم الجامح، والازمة ابتدأت بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب واستكملت مع ما ترافق من زيادة في الرسوم والضرائب وصولا الى ازمة الدولار وقرار حاكم مصرف لبنان... وكل هذه المعالجات ترافقت مع تراجع حاد بتحويلات المغتربين بالإضافة الى جمود حاد بالحركة الاقتصادية.

وتابع الجميل قائلا:

- الدولة فرضت ضريبة 3 بالمئة على السلع المستوردة مثل المواد الغذائية وادوات التنظيف والأدوات الكهربائية.... مما فتح الباب واسعا امام زيادة الأسعار، التي بالفعل قد تجاوزت قيمة الـ3 بالمئة بسبب الية التدوير، فعلى سبيل المثال السلعة التي ارتفع سعرها من عشرة الاف الى عشرة الاف وثلاثمئة ليرة سيدفع المستهلك مئتي ليرة زيادة عن سعرها لاستحالة إعادة مئتي ليرة.

واستطرد الجميل قائلا:

- الجهات المسؤولة فرضت ضرائب على سلع عديدة من الممكن ان يستقدمها معه المواطن اللبناني اثناء وجوده في الخارج مثل الثياب وغيرها، لذا لا بد من إعادة دراسة وجدولة للسلع التي يفترض اخضاعها للضرائب، ، والحل لا يكون ابدا بالاضراب او بالتجاذب السياسي بين الجهات المعنية بل بالاجتماع والتشاور لايجاد مخرج ملائم للمأزق الذي نمر به...

فبالتاكيد الأسعار ارتفعت وسيستمر الارتفاع في ظل ازمة الدولار على اعتبار ان التاجر يحتسب التكلفة وفقا لسعر الدولار المتأرجح في الوقت الراهن ومن ثم يعمد الى إضافة هامش ربح معين، مما سيجعل الأسعار عرضة للارتفاع اليومي، لذا المطلوب من المعنيين إيجاد حل بطريقة علمية موضوعية وليس عن طريق اصدار قرارات اعتباطية.

 

عطيه والازمة!

وبدوره رئيس جمعية تجار البترون روك عطيه افادنا بأن تجار المنطقة يمرون حاليا بمرحلة دقيقة جدا، وفي حال لم تتم معالجة الازمة بطريقة علمية فسنذهب تلقائيا الى المرحلة الرابعة من مراحل دورة حياة المنتج الا وهي مرحلة التدهور، وسيترافق ذلك بالتأكيد مع ارتفاع ملحوظ بنسبة البطالة وستنتج عن ذلك تداعيات سلبية على الصعيد الاجتماعي...

وتابع عطيه قائلا: بالتأكيد هناك ارتفاع بالأسعار وهذا الامر ابتدأ مع زيادة الضرائب على السلع المستوردة بنسبة 3 بالمئة، وهذه النسبة بعملية حسابية بسيطة تصل الى حدود الـ6 بالمئة تقريبا، وقد ازداد الامر سوءا مع ازمة الدولار واستفحلت المشكلة مع قرار حاكم مصرف لبنان بدعم الدولار من اجل استيراد الدواء والقمح والبنزين، وهنا سنلاحظ أزمة كبيرة وارتفاعاً ملحوظاً بأسعار السلع التي تستورد بالدولار، فالتجار في هذه الحالة تراهم ملزمين بإجراء عمليات حسابية دورية تأخذ بعين الاعتبار يوميا سعر الدولار وتكلفة الشحن مع إضافة هامش الربح نفسه، مما يجعل أسعار هذه السلع عرضة للتقلبات اليومية بسبب ارتباطها الوثيق بسعر الدولار..

الشماس والاقفال!

أما رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس فاشار الى أن <جمعية تجار بيروت، والتي لطالما تمتعت بالصدقية وصوابية الرؤية، كما في طروحاتها الأخيرة حول <الدولار الإجتماعي>، وتحذيرها من <العنف الإقتصادي>، تنبه اليوم من أن الأزمة المتدحرجة لن ترحم أحدا من كبير وصغير، من قريب وبعيد، من قديم وجديد، فإن الجميع سائر نحو المطحنة>.

وتابع الشماس قائلا:

- والأشنع أن كل التضحيات، والتي بدل أن تكون محل تقدير من قبل القيمين على الوضع، لم تشفع بشيء، فنعت القطاع التجاري بأبشع الصفات، من ريعي وإنتهازي وجشع، في حين أنه يتلقف الضربات بصبر وشجاعة، بينما الريع الحقيقي متعشعش في الطبقة السياسية ومحميات القطاع العام. فالسلطة أجرت، من حيث تدري أو لا تدري، مفاضلة مجنونة لصالح القطاع العام، وإستنزفت ولا تزال القطاع الخاص بنشاطه، والمواطن اللبناني بلقمة عيشه، فباتت تقفل مؤسسات معمرة وعريقة ــ بنسبة سنوية تراوحت بين 4 و12 بالمئة في بيروت، وأكثر من ذلك في المناطق الأخرى، بعد أن تراجعت أرقام الأعمال بنسبة وسطية بلغت 40 بالمئة منذ أواخر العام 2011 ــ من أجل تأييد إمتيازات باهظة للمستفيدين من القطاع العام، وهذا ما ولد وسيولد أكثر فأكثر نقمة كبيرة آثارها وخيمة على تماسك المجتمع اللبناني وتكامله لا سمح الله.

وأضاف الشماس:

- وبما أن القطاع التجاري هو الإبن البكر للإقتصاد اللبناني، تراه يتحرك أولا بأول لنصرة القطاع الخاص، حيث لا مسؤول يسأل عنه، لا وزير ولا مدير ولا حتى حاجب، ولا يتوجهون إليه إلا للملامة والتوبيخ والإقتصاص منه عن غير وجه حق، والتطوع لفرض المزيد من الضرائب والرسوم لإرهاقه، كما وكأن المطلوب هو شطب القطاع التجاري من الوجود فيما هو قطاع تأسيسي في الجمهورية اللبنانية، وهنا اؤكد بأن للقطاع التجاري أباً وأماً، على رأسهما جمعية تجار بيروت، لرد الضربات عنه والدفاع عن ديمومته بعد أن أصبح القطاع على شفير تبدد كل ما تحقق منذ ثلاثين عاما.

واستطرد الشماس قائلا:

- بما أن أزمة الدولار، التي أسهبت الجمعية في شرحها وتفصيلها، ما هي إلا نتيجة لسوء الإدارة المالية والإقتصادية، نعود ونؤكد، وحتى إنقطاع النفس، أن المطلوب هو تخفيض العجز في الموازنة وتقليص التورم في القطاع العام وإطلاق عجلة النمو المتين والمستدام.

وبما أن القطاع الخاص يرفض بعد اليوم أن يقتاد إلى المسلخ الإقتصادي، يبادر القطاع التجاري، كما في كل مرة، إلى التحرك والإقدام.

وإن هذه المبادرة غير موجهة ضد أحد، بل هي برسم الجميع ولمصلحة القطاع الخاص والمجتمع اللبناني برمته.

وبعكس الخطوات العشوائية المتخذة هنا وهناك والمجهولة الفاعل، إن تحركنا مدروس ومنظم ومعروف الفاعل والعنوان، عنينا جمعية تجار بيروت، متوسطة القطاع التجاري بأسره.

ــ وهل من تنسيق او من توافق بالرأي بينكم وبين الهيئات الاقتصادية؟

- الهيئات الاقتصادية وبعد نقاشات مطولة، أصدرت بياناً، أكدت من خلاله بأنها أجرت جولة أفق موسعة حول مختلف التحديات المطروحة والتي شملت التراجعات الكبيرة التي تصيب الأسواق ومختلف قطاعات الأعمال والخوف الكبير الذي يتحكم برجال الأعمال وبالمواطنين، والتحديات التي تواجهها الدولة لجهة خفض عجز الموازنة والاجراءات التي ستتخذها في هذا الاطار، وكذلك خيارات الهيئات في المستقبل لاسيما ما يتعلق بشق التحركات التصعيدية.

وأعلنت الهيئات بأنها ستكثف اجتماعاتها وسترفع من جهوزيتها لمتابعة مختلف المعطيات، بعدما علمت نية السلطة زيادة الاعباء الضريبية عبر سلة من الاجراءات الضريبية التي ستطال بالمباشر القطاع الخاص والمواطنين.

ــ كجمعية تجار ترفضون الضرائب فما هو موقف الهيئات الاقتصادية من هذا الامر؟

- أوضحت الهيئات الاقتصادية رفضها المطلق لزيادة أي أعباء ضريبية جديدة لأن جميع من في البلد لم يعد يحتمل، لاسيما المؤسسات والمواطنين، وأكدت باجتماعاتها بأنها تستهجن التوجه لزيادة الضرائب في ظل وضع إقتصادي متدهور حيث النمو سلبي أي تحت الصفر.