تفاصيل الخبر

الآثار الجانبية للعلاج الاشعاعي لمرض السرطان تختلف من مريض الى آخر ومن حالة لأخرى!

14/12/2018
الآثار الجانبية للعلاج الاشعاعي لمرض السرطان تختلف من مريض الى آخر ومن حالة لأخرى!

الآثار الجانبية للعلاج الاشعاعي لمرض السرطان تختلف من مريض الى آخر ومن حالة لأخرى!

 

بقلم وردية بطرس

يشكل تشخيص مرض السرطان نقطة تحول عميقة في حياة الانسان، ونتيجة لذلك يُعرض على الانسان العديد من امكانيات وسبل العلاج، الى جانب العمل الجراحي والعلاج الكيميائي والعلاج بالاشعاع... فالعلاج بالاشعاع او علاج الأورام بالاشعاع هو علم ودراسة حول الأشعة ومبدأ الأورام الخبيثة وهو مجال طبي تخصصي ينمو بشكل سريع. تجدر الاشارة الى ان خلايا الجسم تنمو عادة وتنقسم لتشكيل خلايا جديدة، ولكن الخلايا السرطانية تنمو وتنقسم بشكل أسرع من الخلايا الطبيعية، ولذلك يستخدم العلاج الاشعاعي جزئيات او موجات عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية او اتلافها، حيث يعمل الاشعاع على تدمير الحمض النووي داخل الخلايا مما يمنعها من النمو والانقسام، وبالتالي يتسبب بموتها، ولكن من الممكن أيضاً ان تتأثر الخلايا الطبيعية القريبة من المنطقة المعالجة بالاشعاع، ولكنها تتعافى وتعود الى العمل بشكل سليم كما ينبغي. وخلافاً للعلاج الكيميائي الذي يعرض الجسم كله لتأثير الأدوية المستخدمة فيه، فان العلاج الاشعاعي يعتبر علاجاً موضعياً، اذ انه في معظم الحالات يستهدف جزءاً معيناً من الجسم ويؤثر فيه.

 

أنواع العلاج الاشعاعي

 

يعد العلاج الاشعاعي نوعاً من أنواع علاج السرطان حيث يستخدم حُزم الطاقة المكثفة للقضاء على الخلايا السرطانية، ويستخدم العلاج الاشعاعي غالباً الأشعة السينية، ولكن يمكن استخدام البروتونات او أنواع أخرى من الطاقة أيضاً، ويقوم العلاج بالاشعاع على تدمير المواد الوراثية التي تتحكم في نمو وانقسام الخلايا. وبينما يجري اتلاف الخلايا السليمة والمسرطنة على حد سواء في العلاج الكيميائي، يكون هدف العلاج الاشعاعي تدمير أقل قدر ممكن من الخلايا السليمة الطبيعية، ويمكن للخلايا الطبيعية ان تقوم بعملية اصلاح بشكل أكثر للتلف الناتج عن الاشعاع.

تجدر الإشارة الى أن معظم أنواع العلاج الاشعاعي لا تصل الى جميع أجزاء الجسم، مما يعني انها ليست مفيدة في علاج السرطان الذي انتشر الى العديد من الأماكن داخل الجسم، ومع ذلك يمكن استخدام العلاج الاشعاعي لعلاج العديد من أنواع السرطان، ومن الحالات التي يُستخدم فيها العلاج الاشعاعي ما يلي: لعلاج او تقليص السرطان في مرحلة مبكرة: بعض أنواع السرطان حساسة جداً للاشعاع، ولذا يمكن استخدام الاشعاع في هذه الحالات لجعل السرطان يتقلص او يختفي تماماً، وفي حالات أخرى قد يتم اعطاء عدد قليل من دورات العلاج الكيميائي قبل العلاج الاشعاعي، وفي أنواع أخرى من السرطان يمكن استخدام الاشعاع قبل الجراحة لتقليص الورم، او بعد الجراحة لمنع السرطان من العودة مرة أخرى. لمنع انتشار السرطان الى أماكن أخرى: في بعض الحالات يمكن اعطاء العلاج الاشعاعي كطريقة وقائية لمنع وصول السرطان الى المناطق المحتمل ان ينتشر او ينتقل اليها، فمثلاً يمكن للأشخاص الذين يعانون من أنواع معينة من سرطان الرئة الحصول على الاشعاع الوقائي في الرأس لأن سرطان الرئة غالباً ما ينتشر الى الدماغ. لعلاج العوارض الناجمة عن السرطان المتقدم إذ قد ينتشر السرطان في بعض الأحيان الى حد كبير مما يجعل علاجه صعباً، ولكن يمكن عندئذٍ اعطاء العلاج الاشعاعي بهدف تقليص حجم الورم وبالتالي تقليل حدة العوارض التي يسببها السرطان مثل الألم، او صعوبة البلع، او مشاكل التنفس، او انسداد الأمعاء وغيرها، وهذا ما يُسمى في كثير من الأحيان بالعلاج الاشعاعي التلطيفي.

علماً ان أضرار العلاج الاشعاعي ومضاعفاته وآثاره الجانبية تختلف حسب الجزء من الجسم الذي تعرض للاشعاع ومقدار الاشعاع المستخدم، كما ان معظم الآثار الجانبية تكون مؤقتة وتختفي غالباً مع مرور الوقت بمجرد انتهاء العلاج، ومن الجدير بالذكر ان بعض الأشخاص قد لا تظهر عليهم أية آثار جانبية، فيما بعضهم الآخر قد تظهر عليهم بعض الآثار الجانبية.

الدكتور نيكولا زوين وأسباب استخدام العلاج الاشعاعي

 

فلأي أسباب يُستعمل العلاج الاشعاعي؟ وما هي الآثار الجانبية للعلاج الاشعاعي؟ وكيف يتم العلاج بالعلاج الاشعاعي؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على رئيس قسم الطب الشعاعي في مركز كليمنصو الطبي الدكتور نيكولا زوين وهو بروفيسور سابق في جامعة <فلوريدا> ونسأله:

ــ ما السبب الذي يستدعي اخضاع المريض للعلاج الاشعاعي؟

- يجب التذكير هنا انه لعلاج السرطان هناك ثلاثة أنواع من العلاجات الرئيسية: العلاج الجراحي، العلاج الاشعاعي، والعلاج الكيميائي. وان العلاج الاشعاعي ليس جديداً فأول مريض خضع للعلاج الاشعاعي كان في العام 1905 في جامعة <شيكاغو> اذ كان هناك طالب يدرس الطب في الجامعة وعرض على البروفيسور الذي يدرّسه ان يقوم بمعالجة سيدة مصابة بالسرطان بالشعاعي وبالفعل قاموا بمعالجتها وشُفيت، ومن ثم قامت عالمة الفيزياء والكيمياء الباحثة <ماري كوري> بتطوير العلاج الاشعاعي بالأشعة، وفي العام 1959 اكتشف الكنديون ماكينة <COBALT> وبالتالي قاموا بتطوير العلاج الاشعاعي، وفي العام 1960 اخترع الفيزيائيون <VARIAN BROTHERS>  في <كاليفورنيا> اول <LINAC> (LINER ACCELERATOR) لمعالجة السرطان، ولغاية الآن نستعمل <LINAC>  بالعلاج الاشعاعي، ولا شك ان هذه الآلة تطورت منذ خمسين سنة لغاية اليوم، ونقوم بمعالجة المريض بحسب نوع المرض الخبيث والمرحلة التي يمر بها المريض، اذ يمكن ان يحتاج الى العلاج الكيميائي والعلاج الاشعاعي والجراحة، على سبيل المثال في حالة سرطان الثدي نبدأ بالجراحة ثم نقوم بالعلاج الكيميائي من ثم العلاج الاشعاعي. وفي سرطان المستقيم أحياناً نبدأ بالعكس اي نبدأ بعلاج كيميائي خفيف مع العلاج الاشعاعي، لكي نصغّر حجم التورم الخبيث، وبعد شهرين نقوم بالاستئصال الجراحي، ومن ثم نقوم بالعلاج الكيميائي. اذاً نقوم بالعلاج وفقاً للبروتوكولات التي تصدر بمعظمها من أميركا، والقليل منها من أوروبا، اذ تصدر ارشادات لكل نوع من أنواع السرطانات، وما يجب ان نقوم به خلال مرحلة العلاج، واي بروتوكول نعتمد وما شابه، لأن مرض السرطان ليس مرضاً واحداً بل هو عائلة أمراض، وبالتالي نعتمد بروتوكولاً معيناً حسب نوع التورم الخبيث ومرحلة المرض وبالتالي هناك بروتوكولات للقيام بما يلزم.

ــ وهل يُستعمل العلاج الاشعاعي لوحده في بعض الحالات لدى مرضى السرطان؟

- يمكن أحياناً ان نستعمل العلاج الاشعاعي لوحده مثلاً لعلاج سرطان البروستات او سرطان الدماغ اذ يكون العلاج الوحيد هو العلاج الاشعاعي، مثلما أحياناً نستعمله في سرطان المستقيم قبل الجراحة لكي نصغّر الورم الخبيث او أحياناً بعد الجراحة، وأحياناً نستعمله كعلاج تلطيفي مثلاً اذا انتشر السرطان في العظام وكان يسبب ألماً كبيراً لدى المريض، فبهذه الحالة يمكن ان نستعمل الأشعة لنخفف الألم عند المريض وبالتالي يتجنب حدوث كسور في العظام.

 ويتابع الدكتور زوين:

- وعندما نخضع المريض للعلاج الاشعاعي، ففي المرحلة الأولى يعاين الطبيب المتخصص في العلاج الاشعاعي المريض، وفي المرحلة الثانية يخضع الطبيب المريض لجلسة تحضيرية وهو ما يُعرف بـ<سكانر تحضيري> حيث نثبت المكان الذي نخضعه للعلاج، وبعدها يذهب المريض الى المنزل، أما مدة الجلسة التحضيرية فهي نصف ساعة، اذ يعمل كل من الطبيب والفيزيائي على البرمجة اذ يستعملان برامج متطورة لكي يقوما ببرمجة تمكنّ من ايصال كمية عالية من الأشعة الى التورم الخبيث، وبالتالي هذه البرمجة تحمي كل الأنسجة السليمة قدر الامكان، واذا تبين ان البرنامج الذي عمل به قد أدى الى ايصال الأشعة الى الأنسجة السليمة بطريقة تؤذي النسيج او العضو، فعندئذٍ لا نقبل بالبرنامج ونعيد البرمجة، ولهذا أحياناً يتطلب الأمر اسبوعاً بين الجلسة التحضيرية وبداية العلاج اذ نظل نعمل على برامج عدة لنختار الأفضل الذي يقدم لنا أفضل نتيجة دون ان يؤذي الأنسجة السليمة.

 

الآثار الجانبية لاستعمال العلاج الاشعاعي

 

ــ ما هي الآثار او العوارض الجانبية لاستعمال العلاج الاشعاعي؟

- ان العوارض الجانبية هي بشكل عام: الشعور ببعض التعب وعادة يتحمله المريض، وهناك العوارض حسب المنطقة التي نقوم بمعالجتها، فعلى سبيل المثال اذ كنا نقوم بمعالجة سرطان البروستات فالأشعة تصيب البروستات وتصيب قليلاً المستقيم وبالتالي هذه المنطقة قد تتأذى او تنزعج من الأشعة، وبالتالي لن يتساقط شعر المريض لأن العلاج بعيد عن منطقة الرأس، وبالتالي يعتمد الأمر على المنطقة التي نقوم بمعالجتها بالأشعة. وبفضل التقنيات المتطورة فان العوارض الجانبية للأشعة تخف قليلاً بالمقارنة عما كانت في السابق اي منذ 20 و30 سنة لأن المنطقة التي تصل اليها الأشعة باتت أصغر. ثانياً نستعمل يومياً < IGRT> اي يتم اجراء صورة للتورم الخبيث لنتأكد من الهدف، وان تقنية <IGRT> تقوم بأخذ الصورة، وتُعطى الأوامر الى الطاولة المتطورة او <Robotic Coach> مثلاً اذا كنا نقوم بعلاج شعاعي للبروستات، وتحرك البروستات 2 ميليمتر على اليمين وتقوم بالدوران بدرجتين عندئذٍ نراها على <CBCT> الذي يعمل كل يوم على <IGRT> فيتحرك <Robotic Coach> لاعادة الهدف الى مكانه لكي نتأكد انها اصابت المنطقة التي نريد ان نصيبها، وفي الوقت نفسه نحمي الأنسجة السليمة دائماً إذ نريد ان نخفف العوارض الجانبية على المدى القصير، وأيضاً عندما نقوم بالعلاج نعطي المريض ارشادات معينة مثلاً اذا كنا نعالج سرطان الثدي نطلب من السيدة الا تتعرض لأشعة الشمس او <السولاريوم>، وألا تقصد المسبح لأنه يحتوي على الكلور مما يؤذي الجسم، ولهذا ننصحها باستخدام كريم مرطب للجلد لكي لا يُصاب الجلد بالجفاف، وبالتالي هناك ارشادات معينة نقدمها للمريض. مثلاً اذا كنا نعالج المريض المصاب بسرطان المريء نطلب منه الا يأكل البهار كثيراً لأنه يؤذيه ويسبب الحريق، وبالتالي نقدم للمريض ارشادات معينة حسب المنطقة المصابة بالسرطان، وبالتالي هذه الارشادات هي مرحلية وليس على المدى الطويل لكي نساعد المريض ليعود كل شيء لطبيعته.

 

البرامج المتطورة

 

وعن البرامج المتطورة يشرح:

- تساعد البرامج المتطورة الأطباء المتخصصين في العلاج الاشعاعي والفيزيائيين للتأكد قبل البدء بالعلاج. والمراكز المتطورة تستعمل <Quality Control> او ضبط او مراقبة الجودة لكل خطة تُجرى للمريض، أي قبل ان نبدأ بمعالجة المريض نقوم بمراقبة الجودة على ماكينة <LINAC ACCELERATED> للتأكد ان البرنامج الذي أُجري على الكمبيوتر صحيح، وليس هناك اي خطأ ولا اية مشكلة، فالهدف ان نستعمل برنامجاً متطوراً لكي لا تحدث اية عوارض جانبية أو أية مشاكل بسبب الأشعة والتي يتم تجنبها قدر المستطاع بهذه الطريقة، لأنه يهمنا الا تحدث أية مشكلة للمريض فنقدم له الارشادات لتخفيف وطأة العلاج.

ــ والى اي مدى يُستعمل العلاج الاشعاعي على المستوى العالمي؟

- ان نسبة استعمال العلاج الاشعاعي في أميركا تصل الى 40 بالمئة، اي في 60 بالمئة من الحالات لا يحتاج المريض للعلاج الاشعاعي، اما استعمال العلاج الاشعاعي في لبنان فهو بنسبة أقل مما يُستعمل في اميركا.

 

العلاج

ــ وكيف تتم معالجة المريض؟

- أولاً يأتي المريض الى قسم الطب الشعاعي اذ يستلقي المريض على <Robotic Coach> وعليه الا يتحرك على الطاولة لمدة تتراوح بين 5 و10 دقائق، وأحياناً نعمل على أكثر من منطقة مصابة بالسرطان، وتقوم الماكينة بتصوير المكان المصاب بالسرطان، وقد يحتاج المريض لجلسة واحدة فقط، ويمكن ان يحتاج لـ30 او 40 جلسة يومياً ما عدا يومي السبت والأحد وذلك حسب نوع التورم الخبيث، وأيضاً حسب المعيار، وحسب البروتوكول المعتمد اي انه قد يخضع المريض لجلسة واحدة او 30 جلسة وذلك حسب التورم الخبيث كما ذكرت.

ــ وهل يختلف تلقي العلاج من ناحية عمر المريض اذا كان شاباً او مسناً؟

- لا يختلف الأمر من ناحية السن، ولكن أحياناً يتطلب الأمر ان ننتبه اكثر اذا كان هناك وزن زائد، او ان المريض كان مصاباً بأمراض أخرى مثل القلب او الضغط وما شابه.

ويختتم الدكتور زوين حديثه قائلاً:

- نأمــــل ان تقوم الجهات الضامنة بتغطية تكاليف العــــلاج الاشعاعــــي لأنــــه للأســـــف الجهــــات الضامنـــــة لا تقوم بذلك.