تفاصيل الخبر

الاتفاق مصلحة إيرانية أميركية و «أوباما » أراد ترك هذا الإنجاز كإرث للمستقبل!

17/04/2015
الاتفاق مصلحة إيرانية أميركية و «أوباما » أراد ترك هذا الإنجاز كإرث للمستقبل!

الاتفاق مصلحة إيرانية أميركية و «أوباما » أراد ترك هذا الإنجاز كإرث للمستقبل!

 

1الاتفاق الإطار للنووي الإيراني وقع في <لوزان> السويسرية مع بداية الشهر الجاري، وأصبح الجميع على المحك، فإما أن يوقع بصيغته النهائية يوم 30 حزيران/ يونيو المقبل، وإما ينجح المتضررون في تعطيله ونعود الى نقطة الصفر، علماً ان المتضررين كثر وفي طليعتهم النواب الجمهوريون في مجلس النواب والشيوخ بعدما تقدم أحدهم ويدعى <بوب كوركر> بمشروع قانون لفرض شروط تطبيقية على الإتفاق. فهل ينجح الجمهوريون حيث فشلت اسرائيل في تدخلها المباشر لمنع توقيع الاتفاق، أم ان الرئيس الأميركي <باراك أوباما> سيمضي قدماً في تنفيذ التعهد الأميركي وتحقيق إنجاز في آخر سنتين من ولايته؟

<الأفكار> استضافت في مكاتبها سفير لبنان السابق في واشنطن الدكتور رياض طبارة وهو الخبير الاستراتيجي في الشأن الأميركي بعدما كان سفيراً هناك وقبلها، طالباً في أرقى الجامعات للعلم السياسي. وحاورته في هذا الملف بدءاً من السؤال:

ــ لماذا هذا الإصرار من الرئيس <أوباما> على إنجاز الاتفاق النووي مع إيران، وهل هو مصلحة أميركية كما هو مصلحة إيرانية؟

- صحيح، ويتضمن أيضاً شقاً نفسياً، مفاده ان كل رئيس في آخر سنتين من ولايته يهتم بما يدعى الإرث، أي انه يترك إنجازاً، وسبق للرئيس <باراك أوباما> أن جرب تحقيق إنجازات عديدة فلم ينجح. فمثلاً حاول تحقيق إنجاز <أوباما كير> أي النظام الصحي الجديد وفشل لأنه لم <يقلّع فيه> بشكل جيد، وقامت دعاوى ضده في الكونغرس بحجة انه مخالف للدستور الأميركي، وعمدت المحكمة العليا الى حذف أقسام منه فتشوّه، وبعد ذلك طرح حل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية، وأصر على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ولم يستطع أن <يقلّع بها> أيضاً. والمشاكل مع اسرائيل حالياً لا تعد ولا تحصى.

حل الدولتين معطل

ــ على ذكر حل الدولتين، ألا ترى أن <أوباما> أرسى سابقة في مطالبة اسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية؟

- طرح حل الدولتين معناه إزالة الاحتلال، لكنه قالها بوضوح ان هذا احتلال يجب أن يزول، وبالتالي كانت العبارة قاسية تجاه اسرائيل، إنما هذا يدخل ضمن صراعه مع رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتنياهو> حيث اتخذ الخلاف معه بعداً شخصياً لأن الأخير ذهب الى الكونغرس وتحدث أمامه وتجاوز الرئيس، فهذه إهانة للرئيس لكن الأمور بينهما لن تصل الى حد القطيعة.

ــ السلام على الرف الآن؟

- صحيح، حاول <أوباما> مرتين، في ولايته الاولى وحاول اليوم بواسطة وزير الخارجية <جون كيري> ولم يفلح.

ــ ما المطلوب من الفلسطينيين أمام هذه الحالة وهل يكفي الذهاب الى الجنائية الدولية لتصبح فلسطين عضواً، أم يجب أن يقوموا بخطوات أخرى؟

- الفلسطينيون لم يعد أمامهم أي خيار سوى الذهاب الى المجتمع الدولي لتحقيق حقوقهم، فإذا حصلوا على اعتراف ولو لم يكن كاملاً من مؤسسات مختلفة في الأمم المتحدة، تصعب الأمور على اسرائيل ولا تستطيع التغاضي عن تأسيس دولة فلسطينية، وهذا ما يقلق اسرائيل لأن <نتنياهو> ليس في وارد إعطاء كيان للفلسطينيين.

ــ هل يغض الأميركيون الطرف عن دخول الفلسطينيين في مؤسسات المجتمع المدني أكثر فأكثر؟

- هناك أهمية للخلاف بين <أوباما> و<نتنياهو> بالنسبة للفلسطينيين بحيث سيقبل <أوباما> طروحات جديدة لصالح الفلسطينيين مثل دخولهم في المحكمة الدولية واحتمال التصويت لصالح أي قرار في مجلس الأمن، إذا عمد الى طرح خيار حل الدولتين بحيث يخرج قرار من مجلس الأمن ولا يستعمل <أوباما> (الفيتو) وهو قال ذلك صراحة، لكن لا أعتقد أنهم سيسمحون له بذلك، إنما رفع سقف التهديد مع اسرائيل.

 

الاتفاق النووي هو الإنجاز

 

ــ إذاً لم يكن أمام <أوباما> سوى الاتفاق النووي لتحقيق إنجاز في آخر عهده؟

- صحيح، فقد سبق وجرب إعادة العلاقات مع كوبا، رغم ان هذه مسألة ليست مهمة والمفاوضات دخلت دائرة الصعوبة لاسيما وان رفع العقوبات في أميركا يتطلب وقتاً كبيراً، وإذا أراد تعيين سفير في كوبا فلا بد أن يحصل على موافقة مجلس الشيوخ، والآن مجلس الشيوخ ليس في وارد الموافقة على هذا الأمر، وبالتالي لم يكن أمام <أوباما> سوى الاتفاق النووي كإرث للمستقبل.

ــ الاتفاق الإطار سيبرم نهائياً في حزيران/ يونيو، هل سيسير هذا الاتفاق في تقديرك أم سيتعطل؟

- هذا ليس اتفاقاً حقيقياً وكان المفروض أن تنتهي المفاوضات في آخر آذار/ مارس، لكن تم تأجيلها لمدة يومين وبقي الطرفان حتى الصباح لكي يخرجا بشيء ما، لاسيما وانه عادة في المفاوضات تبقى هناك خلافات. وهنا تركوا الخلافات حتى حزيران/ يونيو على أمل حلها بدءاً من رفع العقوبات بحيث لا نعرف ما إذا كانت العقوبات سترفع مرة واحدة كما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أم على دفعات وتدريجياً  كما قال الرئيس <أوباما>، ولا نعرف متى يتم ذلك حيث ان <أوباما> يقول انه ليس بالضرورة أن يتم ذلك بعد التوقيع النهائي، بل لا بد من أن يتأكد الجانب الغربي من التزام ايران، بينما يقول الجانب الإيراني ان العقوبات ترفع عند توقيع الاتفاق الإيراني.

وتابع قائلاً:

- أضف الى ذلك ان هناك مشاكل أخرى متعلقة بالكونغرس حيث يطالب الجمهوريون بضبط الاتفاق لأنه حسب تقديرهم يترك كل البنية التحتية لإنتاج سلاح نووي، بحيث يوقفها ولا يلغيها، فإيران بعد 10 سنوات أو 15 سنة تعود الى إنتاج قنبلة نووية لاسيما وانها تملك كل البنية التحتية. ناهيك عن الموقف الاسرائيلي الذي يشبه تماماً موقف الكونغرس الأميركي، حيث يقول ان الاتفاق يعيد ايران الى الساحة الدولية عند رفع العقوبات، ويصبح اقتصادها كبيراً خاصة مع عودة 150 مليار دولار وهي العائدات المجمدة لإيران في المصارف الغربية، وتبدأ الاستثمارات الغربية بالعمل في إيران والشركات الغربية ستتسابق الى ذلك وهذا معناه انتعاش ايران بحيث لا تعود تسمع كلمة الغرب، ولذلك يربط رفع العقوبات مع كل المشاكل الاخرى، وهذا ما يؤثر علينا كعرب حيث يقول العرب إن هناك مشكلات مع إيران بسبب عدم الاستقرار في المنطقة ومنها الجماعات المرتبطة بإيران في العراق ولبنان واليمن وسوريا، وبالتالي لا بد من حل هذه الأمور كسلة متكاملة وعدم الاقتصار على النووي لأنه لا يجوز كما يقولون رفع العقوبات قبل حل هذه المشاكل، وإلا ايران القوية بعد رفع العقوبات لن تعمد الى حل المشاكل في المنطقة، لا بل يتعزز نفوذها وتغذي هذه الحركات أكثر.

الكونغرس ومشروع القانون الرافض

 

ــ الكونغرس يحضر مشروع قانون عبر السيناتور <بوب كوركر> لعرقلة الاتفاق، وهو ضمن تأييد 54 نائباً من الجمهوريين، ويحكي عن ضمان تأييد 12 نائباً من الديموقراطيين ويلزمه صوت معه ليعطل أي <فيتو> رئاسي من <أوباما> ضد الاتفاق. فماذا سيحصل في تقديرك؟

- <أوباما> يقول إنه يريد رفع العقوبات على إيران والكونغرس يرفض بل يريد زيادة العقوبات، وهناك مشروع قانون ويعملون لضمان الأغلبية لصالحه. و<أوباما> في هذه الحالة أمام حلين: أولاً يحق لرئيس الجمهورية أن يعلق قرارات صادرة عن الكونغرس أو أجزاء من قرارات لمدة معينة لأسباب تتعلق بأمن الدولة ومصلحتها. لكن الإيرانيين يشترطون رفع العقوبات وليس التعليق فقط، لأن التعليق يمكن أن يتم بشحطة قلم وأيضاً يعاد بشحطة قلم عن طريق رئيس جديد، ولذلك اشترطوا الحصول على قرار من الكونغرس، لكن عندما داخلهم الظن أن الكونغرس سيرفض، طلبوا منه الذهاب الى مجلس الأمن ليصدر الاتفاق بقرار من مجلس الأمن، وآنئذٍ تصعب الأمور على الكونغرس رغم أن القرار المحلي أعلى من قرار مجلس الأمن، لأن هذا يتعلق بالأمن الخاص للولايات المتحدة، وكذلك إذا عمد النواب الى زيادة  العقوبات هدد <أوباما> باستعمال <الفيتو> الرئاسي لكن لإسقاط <الفيتو> يجب الحصول على أغلبية الثلثين من الكونغرس أي 67 نائباً.

ــ هل هذا وارد؟

- أعتقد أنهم وصلوا الى الحافة لأن بعض الديموقراطيين سايروا الجمهوريين ومشوا معهم في هذه القضية، لكن إذا بدأ <اللوبي> اليهودي يضغط بشكل قوي، أتصور أن بعض الديموقراطيين سيسيرون مع قرار كسر <الفيتو> كونهم يعولون على الناخب اليهودي ولمصالح انتخابية، وبالتالي من المنتظر إذا حدثت المواجهة أن يستطيع الجمهوريون تأمين هذا العدد، علماً ان الجمهوريين لديهم أغلبية في مجلس النواب ويستطيعون تمرير القرار، لكن في مجلس الشيوخ لا بد للمشروع من الحصول على تأييد أصوات بعض الديموقراطيين، وهم أمنوا عدداً منهم والبعض الآخر لا بدّ أن يحصلوا عليهم إذا هددهم <اللوبي> اليهودي.

ــ ماذا يحصل في هذه الحالة؟

- آنئذٍ تزيد العقوبات ومن واجب <أوباما> أن ينفد العقوبات الجديدة، وبالتالي يطير الاتفاق، وهذا ما يريده الجمهوريون وإسرائيل، فهم يطرحون معادلة بسيطة ويسألون: لماذا جاءت إيران الى طاولة المفاوضات؟! والجواب عندهم هو ان العقوبات تركت تأثيرها السلبي على اقتصادها والإيرانيون اعترفوا بأن اقتصادهم انهار بسبب العقوبات، خاصة بعدما نزلت أسعار البترول وكان خيار المفاوضات، وبالتالي الجمهوريون يطالبون <أوباما> بالانتظار لبعض الوقت، لأن سعر البترول لن يرتفع من جديد وإيران ستعاني أكثر، وبالتالي إذا زادت العقوبات سيستسلم الإيرانيون ويرفعون الراية البيضاء، وبالتالي هم يطالبون بتأجيل تنفيذ الاتفاق حتى تستسلم إيران كلياً أو شبه تستسلم، قبل المجيء الى طاولة المفاوضات.

ــ ما هي مفاعيل الاتفاق على الساحات الأخرى لاسيما العربية إذا أقر كما هو مخطط؟

- الأمر يتوقف على <أوباما> وما سيفعله في الملفات الأخرى، فهناك النووي وهناك الملفات الأخرى ومن ضمنها ملفات المنطقة التي تسبب عدم الاستقرار فيها، لكنه فصل الملفين بعضهما عن بعض، وقال إن إيران تساعد الإرهاب وهناك عقوبات تتعلق بالإرهاب، وهذه العقوبات لن ترفع. ولكن الولايات المتحدة ستبقى تضغط على إيران بالنسبة لهذه الملفات على أن تجتمع الدول المعارضة لإيران وتقرر الدخول الى الساحات الساخنة والولايات المتحدة تساندهم وتكون خلفهم.. فهذه هي نظرية <أوباما> من زمان وهي القيادة من الخلف والتي لم تنجح سوى في مالي وليبيا، لكن بعد ذلك لن تستطيع ذلك، وفي سوريا يرفض الفرنسيون مثلاً الدخول إذا لم تكن القيادة من الأمام، والآن يجرب الأمر على العرب.

 

<عاصفة الحزم>

ــ هل عاصفة الحزم في اليمن جزء من هذه الاستراتيجية؟

- <عاصفة الحزم> كانت ضرورية بالنسبة للسعودية وجمعت حولها الدول الخليجية وأخذت موافقة الأميركيين.

ــ قيل ان هذه الحرب كانت للضغط على المفاوض الإيراني لتقديم تنازلات. فهل هذا صحيح؟

- الضغط كان على الأميركيين وليس فقط على الإيرانيين حتى قيل ان العرب سيأخذون الأمور بأيديهم إن لم يكن <أوباما> حاضراً للمساندة بعد خراب المنطقة، وأشار البعض الى البدء باليمن، فقال <أوباما> لهم انه يقود المعركة من الخلف رغم فشل القيادة من الخلف من الأوروبيين ويريد تجربتها مع العرب، حتى وصل الى درجة قال معها ان النظام السوري يتعدى على حقوق الإنسان ما يستوجب وقفه، مشيراً الى جهوزيته لمساندة العرب إذا قرروا الحرب على سوريا، ما يعني ان الفكرة الأساسية هي القيادة من الخلف، خاصة إذا اتفق العرب مع باكستان حيث تشكل حدود بلوشستان الباكستانية الخاصرة الرخوة لإيران وهي قوة نووية وعسكرية مهمة.

ــ هل من الوارد أن تتورط باكستان في الحرب؟

- الأمر وارد على اعتبار انها تساند السعودية إذا تهددت، لأن لا مصلحة لباكستان في التمدد الشيعي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة وانها تقيم علاقات قوية مع السعودية ولن تسمح بأن تتضرر السعودية بدون ان تتدخل، ناهيك عن تركيا المتخوفة من المد الشيعي، ولذلك استقبلت ايران الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأسبوع الماضي لأنها لا تريد أن تحشر بين باكستان وتركيا، والعرب ناقمون عليها، وبذلك تقيد حركتها. وهذا التواصل الإيراني مع باكستان وتركيا لهذه الغاية للحؤول دون حصول تعاون سني في المنطقة.

ــ الى أين تتجه الأمور؟

- هناك إمكانيتان: الأولى ما يقترحه <أوباما> وهو ان ايران إذا نزعت العقوبات عنها ودخلت مجال التعاون مع المجتمع الدولي ستتغير وستولد ايران جديدة المتعاونة مع جيرانها والتي لا تصدر المشاكل إليهم، بحيث يكون اقتصادها منتعشاً، وبالتالي ستتغير طريقة تعاملها مع المنطقة، والثانية هي ان ايران ستقوى بعد الاتفاق وسينتعش اقتصادها وبالتالي ستعزز من نفوذها بحيث ان ايران المفلسة قادرة على مواجهة العالم، فكيف إذا أصبحت غنية وأصبح اقتصادها منتعشاً؟! ولذلك فالعرب بادروا الى المواجهة دون انتظار أميركا ولا نعرف أين ستصل الأمور.