تتخوف الولايات المتحدة من انعكاس الأزمة السعودية ــ الإيرانية على مسار المراحل الأخيرة من الاتفاق النووي المبرم بين واشنطن وطهران عام 2014، ووفق اتفاق فيينا فإن إيران توافق على تعليق تخصيب <اليورانيوم> بنسبة 20 بالمئة، والسماح لها بتخصيب نسبة خمسة بالمئة، وتقليص أجهزة الطرد المركزي من 19 ألفاً الى 6014، وتشغيل 5060 منها لعشر سنوات، وإعادة تصميم مفاعل <آراك> للمياه الثقيلة بمشاركة مجموعة الدول الست الكبرى (أميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا.. وألمانيا)، وتقليص ذخائر إيران من <اليورانيوم> من عشرة آلاف كيلوغرام الى 300 كيلوغرام لفترة 15 سنة، وموافقة إيران على التفتيش الدولي للتحقق من تنفيذ الاتفاق النووي، ويشمل التفتيش منشأة <بارشين> للتأكد من عدم تلوثها بمواد انشطارية.

كما نص الاتفاق على أن توقف إيران تخصيب <اليورانيوم> لمدة 15 عاماً في منشأة <فوردو> ولا يسمح لها بتطوير وبناء منشأة لتخصيب <اليورانيوم> على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة، ويسمح لها بالبحث وتطوير تخصيب <اليورانيوم> في منشأة <نطنز> ولفترة ثمانية أعوام فقط. وتطبق إيران البروتوكول الاضافي بشكل طوعي طيلة فترة تنفيذ الاتفاق النووي، وبالمقابل ترفع عقوبات الأمم المتحدة المتعلقة بالملف النووي، ويتم اختصار القيود على برنامج الصواريخ البالستية على ثمانية أعوام فقط، كما تستمر عقوبات الأسلحة المتعارف عليها لخمس سنوات مقبلة.

ما تلتزم به إيران!

وقد بلغت قيمة الأحكام القضائية الأميركية على إيران جراء دعمها الارهاب 46 مليار دولار، ويأمل محامو الولايات المتحدة أن يتمكنوا من الوصول الى سبل لتحصيل تعويضات بمبالغ كبيرة بمجرد أن تعود إيران الى علاقات تجارية أكثر نشاطاً وحيوية مع الغرب، وليس من الواضح ما إذا كان ذلك ممكناً، ومن المحتمل أن تتم مصادرة الأموال التي تمر عبر البنوك الأميركية. وإحدى القضايا المعروضة على المحكمة الأميركية العليا تتعلق بمبلغ مليار و720 مليون دولار تم تجميدها أثناء نقلها باسم المصرف المركزي الإيراني، حتى إذا أصدرت المحكمة الأميركية العليا قراراً بامكانية الاستحواذ على هذه الأموال، ربما لن تكون تلك سابقة أولى من نوعها، لأن القضية الآن أمام المحكمة العليا وتتعلق بامتلاك الكونغرس الحق في تمرير قانون يطلب قرار محكمة استئناف نيويورك (الدائرة الثانية) بعدم امكانية الاستحواذ على هذه الأموال المنقولة، بمعنى انه حتى إذا تم الاستحواذ على ذلك المبلغ، فلن ينطبق الأمر على معاملات أخرى مشابهة، إذا أجرى الكونغرس مزيداً من التعديلات على القانون للسماح بعمليات الاستحواذ.

800 مليار دولار في الهواء!

ومع اقتراب دخول الاتفاق النووي الإيراني حيز التنفيذ الذي يقضي برفع العقوبات الغربية عن طهران، زادت التوقعات بعلاقات عربية ــ إيرانية تقودها دول الخليج على أساس المصالح التجارية. ويذهب بعض الخبراء الى امكانية إعادة ترتيب ملامح خريطة الاستثمار في المنطقة، وجذب استثمارات عربية الى إيران تتراوح بين 600 مليار دولار و800 مليار دولار خلال العقد المقبل، إلا ان تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول الخليج تسبب في بدء قطع العلاقات الديبلوماسية، وبعض من التوترات الاقتصادية، وقد يصل التطور الى قطع كامل للعلاقات الاقتصادية.

وتفوق هذه الأرقام الناتج المحلي الاجمالي لدولة إيران والذي وصل الى 425,3 مليار دولار في عام 2014، منخفضاً بنسبة 27 بالمئة عما كان عليه عام 2012، مما يظهر حاجة إيران الى التعويض القوي والسريع لخسائرها في سنوات العقوبات.