تفاصيل الخبر

الاتفــــاق الـنـــووي بـيـــن إيــــــران والـغــــــرب مـظـلـــة واقـيـــــة للاستـقــــرار فـي لـبـــــنـان

16/07/2015
الاتفــــاق الـنـــووي بـيـــن إيــــــران والـغــــــرب  مـظـلـــة واقـيـــــة للاستـقــــرار فـي لـبـــــنـان

الاتفــــاق الـنـــووي بـيـــن إيــــــران والـغــــــرب مـظـلـــة واقـيـــــة للاستـقــــرار فـي لـبـــــنـان

 

بقلم وليد عوض

hariri حسم الرئيس سعد الحريري في خطاب الإفطار من شاشات <الفيديو> أمر الساحة اللبنانية، وسحب منها فتيل الفتنة، ومكامن الأخطار التي تنذر بالانفجار، فأعلن أن لا <فيتو> على أحد، وخطوط الحوار مفتوحة مع الجميع بدون استثناء.

   فلا أحد يستطيع أن يعزل أحداً في لبنان، لقد جربت الحركة الوطنية برئاسة الزعيم الراحل كمال جنبلاط أن تعزل حزب الكتائب، بالتوافق مع المقاومة الفلسطينية، فكانت النتيجة ان اثنين من حزب الكتائب أصبحا رئيسين للجمهورية هما الأخوان بشير الجميّل وأمين الجميّل.

   وظاهرة العماد ميشال عون، بكل ما فيها من التباسات، يجب أن تأخذ حقها من الدراسة، ولا تكون مدعاة لتراشق التهم في الوسطين السياسي والإعلامي، وهذا ما تنبه إليه الرئيس سعد الحريري فلم ينضم الى مروجي الحملات على العماد عون، والحملات المضادة، بل ترك المبادرة للحوار، بدلاً من المتاريس الطائفية. ومن طلائع هذا الحوار أن تتصحح النظرة الى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، فلا يرمى بتهمة تهميش المسيحيين، بل كان مأخذ بعض الأوساط الاسلامية عام 1992 على تمام سلام انه رفض أن يخوض الانتخابات النيابية بسبب مقاطعة حزب الكتائب لهذه الانتخابات، وهي سابقة تسجل لصالحه في حياته السياسية.

   وعندما يعود مجلس الوزراء الى الاجتماع يوم الخميس 30 تموز (يوليو) الجاري، تكون غيوم بالجملة قد انقشعت من سماء لبنان والمنطقة، ودخلنا مرحلة جديدة من حياتنا السياسية والاقتصادية. فنهاية النزاع الإيراني ــ الغربي، بعد توقيع الاتفاق النووي في فيينا صباح الثلاثاء الماضي، تفتح الباب لانفراجات بالجملة، منها قدرة إيران على التحرك في أرجاء المنطقة بطريقة أكثر يسراً، ولكن مع محاذرة أي تورط في شؤون الدول الأخرى. فالاتفاق النووي مع الدول الخمس الكبرى زائد ألمانيا، هو جرس تنبيه لأي تورط إيراني في الخليج، وأي إمعان إيراني في التدخل بشؤون مملكة البحرين، وأخذ ناصر الحوثيين في اليمن ضد النظام الشرعي اليمني للرئيس عبد ربه منصور هادي.

   ومع ان هذا الاتفاق النووي لم تتضح معالمه كاملة، حتى كتابة هذه السطور، فإن هناك تسريبات إعلامية تقول إن إيران لم تخرج من هذه المفاوضات بدرع المنتصر وإن حاول الرئيس <حسن روحاني> أن يطل بهذه الصورة. كما لم تلحق بها تهمة الهزيمة، بل بقيت حالتها بين انتصار واستسلام لمشيئة دول الغرب، وأول الملامح موافقتها على دخول مفتشي الوكالة الذرية في فيينا الى محطاتها النووية ساعة يشاؤون بعدما كان ذلك من المحظورات في البداية. ومن ملامح استسلامها أيضاً أن العقوبات المالية لن تكتفي بالملف النووي، بل ستتجاوزه الى الحد من الأسلحة البالستية ذات الرؤوس النووية وبقاء شريحة من العقوبات في باب هذه الأسلحة. وقد حاول الرئيس الأميركي <باراك أوباما> في اطلالته الإعلامية بعد توقيع اتفاق فيينا أن يشرب حليب السباع ويقول إن أميركا لن تسمح لإيران بامتلاك القنبلة النووية.

 

hassan-nasrallah إيران.. ودور الاطفائي!

   ولكن الاتفاق النووي الإيراني سوف يسمح لدول الغرب، بدءاً من فرنسا وانكلترا، وطبعاً الولايات المتحدة، بأن تستعين باليد الإيرانية لإطفاء بعض حرائق المنطقة، مثل اليمن والعراق وسوريا، والمساعدة على توفير الأجواء في لبنان لانتخاب رئيس جمهورية جديد.

   ولنأخذ هذه الاحتمالات واحدة واحدة.

   فإيران متهمة بتزويد الحوثيين في اليمن بالمال والسلاح، وإلا لما استطاع الحوثيون أن يصمدوا في وجه <عاصفة الحزم> حتى الآن، وأن يطلقوا صواريخهم صوب المباني الحكومية في عدن، وصوب مؤسسات شرعية يمنية في صنعاء. ولا تستطيع إيران، وهي تجالس الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا الى طاولة واحدة، أن تنفض يديها من التورط المحسوب عليها في اليمن، بل ان تبحث عن سبل إطفاء الحرائق في ذلك البلد. فالشريك في الاتفاق النووي هو شريك في مواجهة مشاكل المنطقة.

   وبعد اليمن يأتي العراق المحموم بتفجير السيارات والحزام المزود بوسائل التفجير. فلا مهرب من الاعتراف بأن لإيران دوراً في ترتيب شؤون البيت العراقي، من خلال رعايتها للشيعة ولاسيما منطقة البصرة. والاتفاق النووي الموقع مع دول الغرب في فيينا، يجعل من إيران شريكة في الحرب ضد تنظيم <داعش> الذي استولى على محافظة الأنبار، وبنى مملكة خلافته في مدينة الموصل القريبة من الحدود السورية. ونزول إيران بقضها وقضيضها الى جانب الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد <داعش> لا بد أن يخلق حالة مواجهة جديدة في العراق، فلا تقول إيران انها لن تتعاون مع <الشيطان الأكبر> وهو الاسم الذي أطلقته سابقاً على الولايات المتحدة، بل هي الآن جزء من حملة <الشيطان الأكبر> في العراق.

 

أي تسوية في سوريا؟

   أما في سوريا فالأمر مختلف. ذلك ان سوريا هي الآن تحت المظلة الإيرانية، كما هي تحت المظلة الروسية، وأي تسوية سياسية في سوريا، بالاتفاق مع الولايات المتحدة شريك الاتفاق يجب أن تراعي الحفاظ على الرئيس بشار الأسد، حتى تكون هناك انتخابات رئاسية جديدة، حيث يخلق الله ما لا تعلمون، وأول من تنبه الى تغيير موقف الولايات المتحدة في سوريا، وعدم تشديده على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، كما كانت الحال سابقاً، كان النائب الفرنسي اليميني <جان فريديريك بواسون> الذي توجه الى سوريا، وهو يحمل بركة حزب الجمهوريين الذي يترأسه الرئيس السابق <نيقولا ساركوزي>، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد على انفراد، ثم رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام.

   وفي إطار مؤتمرها الصحفي الاليكتروني نفضت وزارة الخارجية الفرنسية يدها من زيارة النائب اليمني لسوريا، وقالت: <إن هذا النائب الذي زار سوريا كغيره من البرلمانيين الفرنسيين الذين سبقوه الى زيارة سوريا لا يحمل أي تفويض من السلطات الفرنسية، وليس مكلفاً بنقل أية رسائل رسمية>.

معنى زيارة النائب <بواسون>!

iran-1

   وفي تفسير لزيارة دمشق قال النائب <بواسون>: <لقد ظلوا يقولون لنا ان الرئيس الأسد سيقع في الأسبوع المقبل، لكنه لا يزال في موقعه>!

   وكانت الحجة الثانية على لسان النائب <بواسون> لتبرير هذه الزيارة الغريبة ان مسيحيي سوريا في خطر ومن مصلحة الأقليات أن يبقى الرئيس الأسد، ولا يأتي مكانه <داعش>، سواء أكان هناك من يكرهه أو من يحبه.

   والحديث عن <داعش>، وقرار الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية، يطرح التساؤل: الى أي حد يمكن للولايات المتحدة أن تذهب في تسليح المعارضة السورية المعتدلة؟! وإذا كانت جادة في هذه المساعدة وتريد وقف البراميل المتفجرة التي تسقطها الطائرات السورية، فلماذا لم تزود مقاتلي المعارضة المعتدلة بصواريخ أرض جو لمنع تحليق طائرات النظام فوق الأراضي التي تحتلها المعارضة؟

   الجواب ان تزويد مقاتلي المعارضة السورية بهذه الصواريخ سلاح ذو حدين، إذ يمكن أن ينسحب بعد ذلك على تزويد المقاتلين العراقيين بهذه الصواريخ لإسقاط الطائرات الأميركية في التحالف الدولي ضد <داعش>.

   أما لبنان، فلم يكن في مباحثات الاتفاق النووي في فيينا، ولا على هامشها، وربما كان كذلك في الكواليس، ولاسيما بالنسبة لموقف الاتحاد الأوروبي. فها هو وزير الخارجية الايطالي <باولو جنتيلوني> يقول خلال زيارته لبيروت: <ان المعارك التي تخاض على مساحة كيلومترات قليلة من الحدود اللبنانية، والضغط الاقتصادي والاجتماعي الهائل الناجم عن وجود اللاجئين السوريين يشكلان عوامل الخطر الرئيسية. ومع ذلك فإننا نعتقد ان لبنان سيكون قادراً على الحفاظ على التعايش السلمي والديموقراطي لمصلحته ومصلحة المنطقة ككل>.

   والمفهوم من كلام رئيس الديبلوماسية الايطالية ان لبنان واقع الآن تحت مظلة الرعاية الأوروبية، وهذا ما ينبغي أن تدركه إيران شريكة الغرب في الاتفاق النووي!