تفاصيل الخبر

الاستثمار خارج لبنان هروب أو مغامرة؟

26/07/2019
الاستثمار خارج لبنان هروب أو مغامرة؟

الاستثمار خارج لبنان هروب أو مغامرة؟

 

بقلم طوني بشارة

 

بات شائعا أن حس المغامرة الذي يتمتع به رجل الأعمال اللبناني يدفعه للإستثمار حيث لا يجرؤ الاخرون، فاللبناني يمتلك نجاحات ضخمة يضرب بها المثل في الدول الأكثر تشددا من النواحي القانونية والنظامية، ولكن يبقى للمثالية والقدرة على التكيف والإدارة نكهة خاصة عند المستثمر اللبناني، فأين يستثمر اللبنانيون أموالهم؟ وما هي الدول التي تجذبهم؟ وما سبب إستثماراتهم خارج لبنان؟ وهل هناك تكافؤ إقتصادي ما بين لبنان وهذه الدول؟ وما أثر هروب الإستثمارات والمستثمرين اللبنانيين على الإقتصاد الوطني؟

أسئلة عديدة للإجابة عنها التقت <الأفكار> الرئيس التنفيذي لـ<يوروتك> الدكتور فادي جواد، كما التقت رئيس <مجلس الأعمال اللبناني العماني> المهندس شادي مسعد وجاءت بالتحقيق الآتي:

فــادي جواد يكشف حجم الاستثمارات في الخارج!

بداية مع الدكتور فادي جواد وكان السؤال المدخل:

ــ ما حجم الإستثمارات اللبنانية في الخارج وذلك في الدول العربية وغير العربية؟

- تقدر الإستثمارات بمئات مليارات الدولارات حيث في السعودية والكويت تبلغ ما يفوق 125 مليار دولار، بينما في بقية دول العالم فتقدر بعدد من المليارات وخصوصا في افريقيا وجنوب اميركا حيث يصل عدد اللبنانيين عما يزيد عن 20 مليوناً، ويركز المستثمرون اللبنانيون في عملهم على قطاع المقاولات بالدرجة الاولى والصناعة ثانياً والخدمات (والمصارف) والسياحة ثالثاً، كما يبرع اللبنانيون في عمليات التفاوضات الدولية التي تدخلهم في شراكات تجارية تدر لهم مزيداً من الايرادات التي يوظفونها في مشاريع اخرى.

ــ في أي مجالات تتم هذه الإستثمارات؟ وبالتالي كم يبلغ تقريبا عدد الشركات اللبنانية في الكويت وفي الخليج؟

- أكثرها في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية والصناعة والهندسة والمقاولات، بالإضافة الى قطاع الفنادق والمطاعم حيث ما يزال السوق الخليجي المقصد الأول للبنانيين لما فيه من فرص على جميع الأصعدة من المشاريع الحكومية الى مشاريع القطاع الخاص على مختلف أحجامها، وتتزايد أعداد الشركات اللبنانية أو المشتركة وتقدر بالآلاف حيث يوجد في السعودية حوالى 6000 شركة وفي الكويت أكثر من 3000 ويوجد أكثر من 300 شركة في منطقة الشارقة.

ــ ما السبب الرئيسي لهذا الاتجاه؟ وهل هذا الأمر متعلق بالأوضاع الاقتصادية غير المطمئنة في لبنان؟

- الكثيرون من رجال الأعمال اللبنانيين يتجهون إلى دول الخليج للإستثمار حيث تشهد المنطقة عدداً من المشاريع الضخمة في مجالات المقاولات وتطوير الخدمات ومشاريع لها علاقة بالقطاع النفطي، وبسبب الإنحسار الإقتصادي الذي يعاني منه

السوق اللبناني بدأ الكثيرون بالتفتيش عن فرص بديلة وأسواق جديدة، ودائما السوق الخليجي هو المفضل لرجال الاعمال اللبنانيين لقرب التشابه في الثقافة وحب الخليجيين للتعامل مع الشعب اللبناني.

ــ ما أثر ذلك على الاقتصاد اللبناني؟

- له تأثيران إيجابي وسلبي، يؤثر سلبياً على ضخ الأموال في مشاريع داخلية، والوجه الايجابي فيه زيادة التحويلات من الخارج، وإيجاد فرص عمل للشباب اللبناني عبر هذه الشركات، وتحريك حركة تصدير المواد والبضائع التي يفضل رجل الأعمال اللبناني جلبها من موطنه، وتشجيع حركة الزوار والسائحين نحو لبنان والتي تنتج عن العلاقات الشخصية والعملية.

 

المنطقة الحرة وحجم الصادرات

الى البلاد العربية!

ــ ما حجم الصادرات بين لبنان والبلاد العربية والحركة الاقتصادية بين لبنان والعالم العربي؟

- يبلغ حجم التبادل التجاري مع الدول العربية 10 بالمئة، حوالى 180 مليار دولار فقط، ويعتبر من أضعف النسب في العالم، مقارنة بـ 65 بالمئة بين الدول الأوروبية و49 بالمئة بين الدول الاميركية!

وتبلغ حوالى مليار ونصف المليار دولار كمعدل عام منها 217 مليوناً للسعودية، 87 مليوناً للكويت، وحوالى 350 مليوناً الى باقي دول الخليج، والباقي في بقية الدول العربية، وعليه يجب البدء فورا بتطبيق إتفاقية إقامة المنطقة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان المتفق عليها والتي تنص على الإلغاء الفوري لجميع الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب على السلع ذات المنشأ الوطني المتبادلة بين الطرفين.

ــ بالإشارة الى وضع المنطقة ككل، هل لاحظتم أي تحركات إقتصادية ايجابية في المنطقة؟

- بالتأكيد جميع المؤشرات الإقتصادية في المنطقة العربية تتسم بالإيجابية نبدأ من الكويت ومشروع مدينة الحرير الذي وقعته مع الصين بحوالى 600 مليار دولار بالإضافة الى مشروعات بترولية بقيمة 400 مليار دولار للعشرين سنة المقبلة، مروراً بمصر حيث تشهد ورشة مشاريع جبارة من العاصمة الإدارية الجديدة الى مدينة العلمين الضخمة بالاضافة الى مشاريع التنمية التي يشارك بها القطاع الخاص كما نشهد إنشاء أضخم مبنى سكني <سكاي لاين> على مساحة 200,000 متر مربع بتوقيع تحالف المرشدي والمصمم العالمي محمد حديد! وصولاً الى مدينة <نيوم> الواقعة بين ثلاث دول: السعودية، مصر والاردن والتي سوف توفر فرصاً استثمارية للخمسين سنة المقبلة ومئات الاف فرص العمل للشباب العربي ما يعتبر نقطة تحول في اقتصاديات المنطقة.

ــ اين لبنان من كل الإستثمارات التي ذكرتها؟

- يعيش لبنان حالياً أقصى درجات الإنحدار على مقياس الحركة الإقتصادية للسنوات السبع الماضية مما أدى إلى هروب رؤوس الاموال اللبنانية والعربية وتقلص حركة تحويلات المغتربين من 9 مليارات دولار الى 6 مليارات دولار سنويا، وليس خافياً أن زيادة الضرائب على الودائع وعدم إستقرار الوضع المالي والإقتصادي جعلا لبنان قبلة منفرة للإستثمار! ولكن رغم كل ذلك ومع معالجة بعض القوانين الإستثمارية والضريبية أرى لبنان كأفضل مكان للإستثمار في الوقت الحـــالي بسبب تــــدني التكلفــــة على جميع المستويات، لـــذا أدعـــو لعــــودة الإستثمارات الخليجية الى لبنان حيث كلفة المشاريع بأدنى مستوياتها مقارنة بدول المنطقة.

 

تعديل قانون الشركات ومحاولة جذب الشركات العربية!

 

ــ وما هي القوانين التي ترى (وذلك بحكم موقعك) أن هناك حاجة للمسارعة بتعديلها؟

- قانون الشركات من أكثر القوانين التي هي بحاجة الى تعديل جذري حيث يعاني الكثيرون من الأصدقاء الخليجيين والعرب من كارثة حل أي شركة يملكونها في لبنان والدخول في استثمارات اخرى حيث يستغرق الموضوع سنين طويلة! وهذا الموضوع أدى إلى نفور المستثمرين العالميين، بالإضافة إلى قانون المناطق الحرة حيث علينا المسارعة بإنشاء منطقة دولية حرة لها قوانينها وبنيتها التحتية والتي لا تخضع للقوانين اللبنانية.

ــ وما هي الاستثمارات التي لبنان بحاجة لها في السنين المقبلة؟

- نحن أمام دخول لبنان نادي الدول المنتجة للنفط مما يحتم علينا خلق سوق موازٍ يخدم هذا الإقتصاد ويدر إيرادات إضافية على الدولة والمؤسسات والأفراد، مما سيخلق طفرة مالية بين جميع العاملين مباشرة في هذا القطاع وبشكل غير مباشر على الاخرين، مما سيخلق دورة إقتصادية يستفيد منها الجميع وبالتالي ننتقل لخلق إستثمارات جديدة، والتي آمل أن تكون في قطاع العالم الرقمي والتكنولوجيا والتي أعتبرها هي المستقبل لتطوير اقتصاديات اي دولة للـ150 سنة المقبلة، وادعو فورا لإنشاء مدينة التكنولوجيا مع تسهيلات للشركات العالمية لتكون <وادي سيليكون> الشرق الاوسط.

ــ وهل هناك نية للاستثمارات العربية في لبنان؟

- بالتأكيد وخصوصا بعد البدء بالحفر حيث يوجد إهتمام من عدد كبير من شركات الخدمات النفطية للحصول على عقود وأخذ حصة من قطاع الغاز والنفط اللبناني الذي يعد مبشراً، وخصوصا بعد الهجوم الاميركي للإستثمار به واللحاق بجولة التراخيص الثانية!

ــ هل من سعي شخصي من قبلكم لجذب الشركات العربية وتشجيعها على فتح فروع في لبنان؟

- نسعى دائما مع اخواننا رجال الإعمال والمستثمرين الخليجيين والعرب على تشجيعهم للاستثمار في لبنان، وخصوصا في الوقت الحالي لما يشهده السوق ولوجود فرص استثمارية ممتازة في مختلف المجالات، وفي اجتماعنا الاخير في القمة الاقتصادية العربية ومؤتمر اتحاد رجال الاعمال العرب وجدنا نية واضحة بهذا التوجه سوف نرى ثمارها في الاشهر المقبلة.

 

مسعد وعدم الاستقرار!

وللإطلاع أكثر على أسباب هروب المستثمر اللبناني إلى الخارج نقلت <الأفكار> رأي رئيس <المجلس اللبناني العماني> المهندس شادي مسعد الذي أفادنا بأن الإستثمار وبشكل عام يعتمد على فكرة وجود سوق ثابت ومستقر، وللأسف في لبنان السوق غير ثابت، كما ان دراسة الجدوى من الاستثمار غير مطمئنة، لذا نرى المستثمر اللبناني يتجه للإستثمار خارج لبنان وبالتالي يتردد قبل بدء أي مشروع إستثماري داخل البلد.

وتابع مسعد قائلاً:

- في الدول المستقرة نلاحظ أيضا اتجاهاً من قبل المعنيين لتشجيع الاستثمار داخل بلادهم، ولكن ما نشهده حاليا في وطننا لاسيما من جهة المصارف ولجوئها الى زيادة الفوائد على الاموال المودعة، يجعلنا ندرك بأن ليس هناك اي تشجيع للإستثمار، فالاموال تودع في المصارف ولا تستثمر بالسوق اللبناني.

 وفي السياق ذاته نلاحظ بأن الفساد يؤدي حكما الى هروب الإستثمارات، فحاليا وللأسف وفي نقاط معينة نرى أن القضاء مشكوك بأمره، مما يعني وبإختصار أن المستثمر ــ وبسبب عدم ثبات السوق من جهة وبسبب الفساد من جهة ثانية ــ يتجه مرغما للإستثمار خارج الوطن ويختار حكما الدول المتمتعة بنوع من الإطمئنان من ناحية الأسواق والاستثمار لاسيما دول الخليج العربي وعمان...