تفاصيل الخبر

الاستحقاق الرئاسي يتأرجح بين «مبادرة» مجمّدة في «الثلاجة» و «حــراك جــدّي » لاقـنـــاع جعـجــع بترشيـــح عــــون!  

15/01/2016
الاستحقاق الرئاسي يتأرجح بين «مبادرة» مجمّدة في «الثلاجة»  و «حــراك جــدّي » لاقـنـــاع جعـجــع بترشيـــح عــــون!   

الاستحقاق الرئاسي يتأرجح بين «مبادرة» مجمّدة في «الثلاجة» و «حــراك جــدّي » لاقـنـــاع جعـجــع بترشيـــح عــــون!  

الحريري-فرنجية مع انقضاء شهرين على ما سُمّي <مبادرة> رئيس تيار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، يبدو المشهد الرئاسي اللبناني على حاله كما كان منذ أن بدأ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية يوم 25 أيار/ مايو 2014، لجهة عدم وجود أي معطيات يمكن أن تؤشر الى خروج قريب للبنان من النفق الرئاسي الذي دخله بعد انتهاء عهد الرئيس السابق ميشال سليمان. ذلك أن <المبادرة> التي حُكي عنها ولم تُعرف تفاصيلها باستثناء عزم الرئيس الحريري على إعلان ترشيح النائب فرنجية، أدخلتها المواقف الداخلية من جهة والخلاف السعودي - الايراني من جهة أخرى، <ثلاجة> الانتظار في رأي المتفائلين، في حين يعتبر متشائمون أنها باتت من الماضي، وأن <الطاحونة> التي <طحنت> غيرها من <المبادرات>، فعلت فعلها فيها هي أيضاً، بدليل أن صاحب <المبادرة> الرئيس الحريري لم يُعلن بعد موقفاً رسمياً وعلنياً حول النقاط التي اتُفق عليها مع النائب فرنجية، مع علمه التام بأن هذا الموقف <أضعف> حجج مؤيدي <المبادرة> بمن فيهم النائب فرنجية نفسه الذي يتابع ردود الفعل على ترشيحه من دارة الرئيس الحريري في باريس قبل شهرين تماماً من دون أن يُبدي أي ردة فعل علنية، علماً أنه يردّد أمام زواره في بنشعي أن ترشيحه مستمر حتى إشعار آخر، وان الرئيس الحريري أبلغه مباشرة وعبر موفديه الدائمين انه <لا يزال> مرشح تيار <المستقبل> وغالبية قوى 14 آذار، وانه في صدد لقاء قيادات مسيحية لاطلاعهم على أسباب ترشيحه له.

وفيما يتجدد تأكيد المعنيين بـ<مبادرة> الرئيس الحريري ان هذه <المبادرة> وُلدت كي تبقى حية، وانها <لم تمت>، ثمّة من يعتقد في صفوف 14 آذار أن الخلل الذي أصاب ترشيح النائب فرنجية هو من النوع القابل للإصلاح، إلا أنه يحتاج الى وقت لاسيما بعد القطيعة شبه الكاملة بين السعودية (التي دعمت <المبادرة>) وايران (التي لم تبدِ موقفاً واضحاً منها)، والتي دفعت الرئيس نبيه بري الى القول بأن تدهور العلاقات السعودية - الإيرانية شكّل ضربة قوية لـ<مبادرة> انتخاب النائب فرنجية رئيساً، خصوصاً في ظل المعارضة الداخلية التي واجهتها، من دون أن يعني ذلك - حسب الرئيس بري - أنها <ماتت>، بل أصبحت في <الثلاجة>، أي انها مجمّدة حتى إشعار آخر، ما انعكس أيضاً على الاستحقاق الرئاسي بكامله وبات الانتظار سيد الموقف، ولن تنقشع الغيوم التي تلبّدت في المشهد العام في وقت قريب لاعتبارات عدة لعل أبرزها التأزم المستمر بين الرياض وطهران. وتقول مصادر الرئيس بري ان انتظار حصول انفراج بين العاصمتين سيتأخر بعض الشيء، وهو ما دفعه الى تحريك ملف تفعيل العمل الحكومي ليس بهدف صرف النظر عن الاستحقاق الرئاسي، بل لرغبة في تسهيل تصريف حاجات الناس والإدارات والمؤسسات، وبتّ المواضيع المعلقة منذ شهر تموز/ يوليو الماضي، وإذا ما <تحلحلت> العقدة الرئاسية خلال الأشهر المقبلة، فسوف تكون البلاد قد حققت بعض التقدم في العمل الحكومي الروتيني ولم تبقَ الحكومة واقفة عند رصيف الانتظار.

 

<المردة>: <المبادرة> عائدة بزخم

وفي الوقت الذي تجاري فيه مصادر <المردة> رئيس مجلس النواب بمقولة <الثلاجة> تضيف ان هذه الحالة لن تستمر طويلاً، وأن <المبادرة> عائدة و<بزخم> خلال شهرين كأقصى حد وان إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري يوم 14 شباط/ فبراير المقبل سيكون مناسبة لإطلاق الرئيس الحريري مواقف حاسمة في ما خص الاستحقاق الرئاسي ومفاعيل <لقاء باريس>. وحتى ذلك التاريخ، تضيف المصادر نفسها، فإن الاتصالات مستمرة والمشاورات متواصلة بين الأفرقاء المعنيين بالملف الرئاسي لتهيئة <الظروف المناسبة> أمام <المبادرة> التي ستتلقى - حسب المصادر نفسها - جرعات دعم متتالية خلال الأسابيع المقبلة تأخذ في الاعتبار موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي يدعم عملياً خيار ترشيح النائب فرنجية وإن كان ميّز هو بين دعمه <المبادرة> بصرف النظر عن اسم الشخص المعني بها.

وفي يقين مصادر <المردة> أنه لن يكون في وسع الرئيس الحريري <التنصل> من <المبادرة>، ولا هو راغب في ذلك، لكنه في الوقت نفسه ليس قادراً في الوقت الحاضر على دفعها الى الأمام من دون التفاهم مع حزب الله الذي يقف بصلابة مع العماد عون على رغم وضع النائب الحليف فرنجية. وقد تفهّم زعيم <المردة> دقة موقف الرئيس الحريري، وهذا ما جعله يُحجم عن أي مطالبة علنية له بإعلان موقف <حاسم> من الترشيح، فضلاً عن <تفهّمه> أيضاً لموقف الرئيس بري الذي قال انه يؤيد <المبادرة> لكنه غير قادر في المقابل على المشاركة في جلسة نيابية لانتخاب الرئيس العتيد، لا يحضرها حزب الله، تماماً كما هو الأمر بالنسبة الى إتاحة مشاركة 86 نائباً في الجلسة لا يكون بينهم من حزب الله والتيار الوطني الحر، علماً أن النصاب القانوني يمكن أن يتأمّن من دون نواب الكتلتين، لكن النصاب السياسي - وهو الأهم في المرحلة الراهنـــــة - لن يكون مؤمناً.

 

حزب الله و<السلة الشاملة>

وسط هذه المعطيات غير القابلة للتبدّل القريب، تلتقي مصادر سياسية على الاعتقاد بأن حزب الله الذي يتمسك بترشيح العماد عون ويرفض <كسره> ليس في وارد التراجع عن موقفه هذا الذي يتزامن أيضاً مع موقف غير مُعلن لا يبدي فيه الحزب <حماسة> لعودة الرئيس الحريري الى السرايا الكبير في المرحلة الراهنة، لاسيما وأن المعطيات التي وصلته عن حوار الحريري - فرنجية الباريسي جعلت منسوب قلقه يتصاعد خصوصاً بعدما تبلّغ ان الرئيس الحريري أعطى الشأن الاقتصادي الأولوية خلال <مفاوضاته> مع النائب فرنجية وصولاً الى حد طرح موضوع الضريبة على القيمة المضافة (TVA) واقتراح الحريري رفع نسبتها الى 15 بالمئة بدلاً من 10 بالمئة، كما هو الحال راهناً، إضافة الى مواضيع أخرى منها مستقبل شركة <سوليدير> وإجراءات اقتصادية أخرى توفر مليار دولار سنوياً قيل إن الرئيس الحريري طالب بتوفيرها كي يتمكن من أن يحكم!

ويقول أحد نواب حزب الله الذين يتابعون مسار الاستحقاق الرئاسي <عن قرب>، إن معادلة <رئيس من 8 آذار> ورئيس حكومة من <14 آذار> التي بُنيت عليها <مبادرة> الحريري - فرنجية لا تعني أن الاتفاق على رئيس الجمهورية يكفي لتطبيقها، بل إن <السلة الشاملة> هي التي يُفترض أن تكون موضع نقاش وتداول مع الحزب خصوصاً الذي لديه الكثير لمناقشته مع رئيس الجمهورية أولاً ومع المرشح لرئاسة الحكومة ثانياً، علماً أنه في حالة الحريري - فرنجية، فإن البحث في مضامين <السلة الشاملة> يُفترض أن يتم مع الرئيس الحريري لأن مواقف النائب فرنجية معروفة من المواضيع التي يطالب حزب الله عادة الحصول على <ضمانات> في شأنها، ويضيف النائب المذكور ان ما جعل <لقاء باريس> غير مكتمل النتائج يعود لأن الرئيس الحريري اعتبر أن مجرد <التفاهم> مع النائب فرنجية يعني عملياً <التفاهم> مع حزب الله على مواضيع <السلة الشاملة>، في وقت لم يكن النائب فرنجية يحمل <تفويضاً> من الأمين العام للحزب في هذه المسألة تحديداً.

 

<سالكة وآمنة>

 بين الرابية ومعراب!

وإذا كانت مواقف الأوساط السياسية تتباين في ما خص مصير <مبادرة> ترشيح النائب فرنجية بين من يؤكد استمرارها وبين من يتحدث عن <سقوطها>، فإن هذه الأوساط تتابع باهتمام مسار العلاقات بين زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، في ضوء الحراك القائم بين الرابية ومعراب منذ <عدم رضاء> الطرفين على ترشيح النائب فرنجية على النحو الذي تمّ فيه، ذلك لأن كمية كبيرة من <التفاؤل> ضُّخّت الأسبوع الماضي حيال ما قيل عن <تفاهم رئاسي> بين عون وجعجع قد يُبصر النور في الآتي من الأيام <يتوّج> في عيد القديس مار مارون، شفيع الطائفة المارونية يوم 9 شباط/ فبراير المقبل بإعلان جعجع ترشيحه للعماد عون لرئاسة الجمهورية في مواجهة ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية من دون التشاور المسبق مع جعجع في هذه الخطوة. وذهبت المعلومات التي <ضُخّت> بغزارة الأسبوع الماضي الى حدّ القول بأن <الحكيم> اتخذ قراره بترشيح عون ولم يبقَ سوى توقيت إعلانه، وإن ذلك سوف يتمّ فور إعلان الرئيس الحريري رسمياً عن ترشيح زعيم <المردة>. ولم تُشِر مصادر المعلومات ما إذا كان موقف جعجع سيُعلن خلال زيارة العماد عون لمعراب أم أن إعلان الموقف سيسبق الزيارة بحيث تكون <زيارة شكر> على التأييد، خصوصاً أن جعجع سيكون بذلك قد انسحب من المعركة الرئاسية لصالح العماد عون. وإذا كانت مصادر معراب تتكتم حيال هذه المعلومات تاركة لها أن تتفاعل في الأوساط السياسية لرصد ردود الفعل عليها، فإن ثمة من زار معراب الأسبوع الماضي عاد ليؤكد <جدّية> الدكتور جعجع في دعم العماد عون كترجمة طبيعية للتقارب المتزايد بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والذي <أراح> الساحة المسيحية كثيراً وأوجد مساحة واسعة من التفاعل الإيجابي بين <العونيين> و<القواتيين> في مختلف المواقع النقابية والتربوية والجامعية إلخ...

ويروي العائدون من معراب أن الاتصالات التي يتلقاها الدكتور جعجع من فريق تيار <المستقبل> ولاسيما من المقربين الى الرئيس الحريري تحديداً تهدف الى التخفيف من ردة فعل جعجع حيال <مبادرة> الرئيس الحريري ترشيح النائب فرنجية، وذلك من خلال طمأنة <الحكيم> بأن <المبادرة> لم تكتمل أُسسها بعد، ولا بد من المزيد من التشاور حول الكثير من النقاط التي لم تُحسم خلال <لقاء باريس>، إلا أن جعجع الذي <يستمع> الى هذه <التطمينات> من دون أن يعلق عليها، يتابع في الوقت نفسه ما يصدر عن أركان في <المستقبل> كان آخرهم الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق، من أن الرئيس الحريري <مستمرّ> في ترشيحه النائب فرنجية، ما يجعله - أي جعجع - لا يتوقف كثيرا عند <التطمينات المستقبلية>، بل يفعّل حركة موفده الى الرابية ملحم رياشي لتظهير المزيد من الدعم للتحالف بينه وبين عون، من دون أن يعني ذلك الوصول الى حد الإعلان عن سحب ترشيحه لمصلحة <الجنرال>.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر قريبة من جعجع أنه سيعطي التواصل مع العماد عون مداه الأوسع لزيادة عامل الثقة بين الزعيمين. أما إعلانه رسمياً ترشيح عون للرئاسة، فمسألة تتطلّب المزيد من التقييم والدرس والتشاور، وهذا ما يحصل في اجتماعات مغلقة تشهدها معراب وتستمر أحياناً الى ما بعد منتصف الليل. وتضيف هذه المصادر أنه ستكون لقرار جعجع دعم العماد عون أصداء مختلفة وتأثيرات مباشرة على علاقات عون وجعجع على السواء مع أفرقاء محليين وخارجيين، الأمر الذي يفرض التأني وعدم التسرّع لئلا تحدث أي مغامرة في هذا الاتجاه أو ذاك ضرراً على أي من الزعيمين أو على كليهما ربما.

عون-جعجع

مقارنة بين <المرشحين> عون وفرنجية       

وبين <الحذر> في التعاطي <القواتي> مع خيار دعم ترشيح عون، والصمت الذي تلتزمه الرابية حيال هذه المسألة بالذات، تقول مصادر متابعة ان أي متعاطٍ مع الملف الرئاسي من الساعين للوصول الى حلول فيه، لا بدّ له أن يقيم مقارنة بين ترشيح كل من العماد عون والنائب فرنجية باعتبار أنهما الأكثر جدية في هذا المجال، تقوم على ملاحظة أن ترشيح <الجنرال> قبلته قوى 8 آذار ورفضه أفرقاء في 14 آذار (لأن موقف القوات اللبنانية لم يعد سلبياً تجاه عون كما كان في السابق)، في حين أن ترشيح النائب فرنجية لم تقبله كل مكونات 8 آذار ولم يحظ بدعم كل مكونات 14 آذار، إذ اقتصر الدعم على فريق <المستقبل> وبعض <المستقلين>، في حين رفضته القوات ولم يحسم حزب الكتائب موقفه بعد بشكل نهائي. وعليه، فلا إمكانية للحسم في الاستحقاق الرئاسي بعد، وإن كان ثمة من يتحدّث عن أن ترشيح النائب فرنجية لا يزال قائماً، وتمّ التأكيد على ذلك خلال لقاء جمعه مع الرئيس الحريري الأسبوع الماضي من دون أن تؤكد مصادر الزعيمين حصوله فعلياً، يقابله استمرار ترشيح العماد عون وتأييد حزب الله له، ما يجعل فكرة البحث مع أحد المرشحين للتنازل للآخر قابلة للنقاش الجدّي بعد تسليم فريق 14 آذار، ولاسيما زعيمه الأبرز الرئيس سعد الحريري، بأن الرئيس العتيد يجب أن يكون من قوى 8 آذار ليصبح رئيس الحكومة من فريق 14 آذار. إلا أن هذه الفكرة تحتاج الى <مغامر> ليتبنّاها ويسوّقها، علماً أنها بدأت تلقى اهتماماً لدى الأوساط الديبلوماسية والمرجعيات اللبنانية الفاعلة، خصوصاً إذا ما أعلن جعجع انسحابه لصالح العماد عون، بعدما أظهرت ردود الفعل بعد <مبادرة> الحريري - فرنجية، قدرة عون وجعجع على تعطيل أي محاولة لاستفرادهما أو <القفز> فوقهما وأنهما وحدهما من القيادات المسيحية السياسية والروحية اللذان قد يتمكنان من إحداث خرق جدّي في هذا الملف.

وفيما ذكر مصدر في 14 آذار أن النائب جورج عدوان نائب رئيس القوات اللبنانية، أبلغ لقاء قيادياً لـ14 آذار عُقد برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أن خيار القوات هو السير بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، مثلما كان خيار الرئيس الحريري ترشيح النائب فرنجية، قالت مصادر في القوات إن هذا الأمر لم يُحسم بعد وإن كان موضع <درس جدّي> لدى جعجع وفريق عمله.

وكان لافتاً في هذا السياق، قول الرئيس بري أمام زواره يوم الأحد الماضي انه إذا أقدم الدكتور جعجع على ترشيح العماد عون للرئاسة، فلينزل الجميع الى البرلمان ومن يربح أهلاً وسهلاً به، مشيراً الى أن قوله عن أن <مبادرة> الحريري - فرنجية أصبحت في <الثلاجة> لا يعني أنها لم تعد قائمة، لاسيما وأن أصحابها يتحدثون عن استمرارها.

وأشارت مصادر متابعة أن <الحراك> القائم لإقناع جعجع بترشيح عون هو <جدّي> وقد حقق خطوات <متقدمة>، أما التوقيت فمتروك للتفاهم بين <الحكيم> و<الجنرال>، فهل يتم قبل عيد مار مارون؟!