تفاصيل الخبر

الاستحقاق الرئاسي ينتظر تحركاً أميركياً - فرنسياً - روسياً وتجاوباً سعودياً وإيرانياً وحلحلة في سوريا واليمن!

18/03/2016
الاستحقاق الرئاسي ينتظر تحركاً أميركياً - فرنسياً - روسياً  وتجاوباً سعودياً وإيرانياً وحلحلة في سوريا واليمن!

الاستحقاق الرئاسي ينتظر تحركاً أميركياً - فرنسياً - روسياً وتجاوباً سعودياً وإيرانياً وحلحلة في سوريا واليمن!

 

 جنيلاط-هولاندبين إعلان الرئيس نبيه بري أن <الثمرة الرئاسية نضجت وحان قطافها بعد هذا التأخير>، و<بشارة> رئيس تيار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري بأن مجلس النواب <سينتخب رئيساً يوم 23 آذار/ مارس الجاري أو في الدورة المقبلة للمجلس في شهر نيسان/ أبريل المقبل>، يبدو المشهد الرئاسي مع اقتراب الشغور في قصر بعبدا من سنته الثانية، يراوح مكانه في ظل استمرار التجاذبات السياسية الداخلية الحادة من جهة، واقتصار الحراك الدولي على إطلاق <التمنيات> بضرورة الإسراع في انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية اللبنانية من دون القيام بأي خطوة عملية تجعل هذا <الإنجاز> حقيقة قائمة، لاسيما وأن لا مؤشرات عملية توحي بأن القرار الخارجي قد اتُخذ لحسم الخلافات الاقليمية التي تزداد اتساعاً بين السعودية وإيران والتي تنعكس سلباً على الساحة اللبنانية، مع ازدياد الإجراءات المتخذة ضد حزب الله والتي كان آخرها قرار مجلس وزراء الخارجية العرب، باعتبار حزب الله <حزباً إرهابياً> مع ما يرافق ذلك من إجراءات عملية <تنسجم> مع هذا القرار.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر ديبلوماسية معنية لـ<الأفكار> أن الدول الكبرى التي تشجّع على حصول الانتخابات الرئاسية وتدعو الأفرقاء اللبنانيين الى التوافق على انتخاب رئيس جديد للبنان، تكتفي بعرض <خدماتها> في سبيل تقريب وجهات النظر بين القيادات اللبنانية من دون أن يعني ذلك أنها مستعدة لأن <تنوب> عن اللبنانيين في ممارسة دورهم، لذلك فهي معنية بتوفير المظلة المطلوبة ليستمرّ الاستقرار الأمني والاقتصادي في لبنان، لأنه بالنسبة إليها من <الأولويات> التي لن تتساهل في إلحاق الضرر بها، كي تبقى الأجواء اللبنانية مهيئة لانتخاب الرئيس عندما تصبح الظروف مؤاتية. إلا أن ذلك لا يسقط من حسابات الدول المهتمة بلبنان، أن استمرار هذا البلد من دون رئيس يعني حكماً المزيد من التراجع في أداء المؤسسات الدستورية الأخرى التي تقدّم الدليل تلو الآخر على عجزها عن تقديم الحد الأدنى من الإدارة المقبولة لشؤون البلاد، وآخر نموذج في هذا الإطار كان ملف النفايات التي غرقت بها البلاد ولا تزال منذ شهر تموز/ يوليو الماضي. وتضيف المصادر أنه على رغم عدم اقتناع الدول الفاعلة بالأسباب التي يتذرع بها القادة في لبنان لعدم قيامهم بالواجب الانتخابي وبتبادل الاتهامات وتحميل كل فريق للآخر مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع السياسية من تدهور، فإن تحرّك هذه الدول لن يتوقف في سبيل الوصول الى نهاية سعيدة للأزمة الرئاسية التي لم تعد أزمة واحدة بل باتت <أزمات> رئيسية تتفرع عنها <أزمات ثانوية> القاسم المشترك في ما بينها يبقى عدم <نضوج> القناعة لدى السياسيين اللبنانيين بضرورة أخذ العِبر مما يجري حول لبنان من حروب، لإبقاء بلدهم بعيداً عن النار المشتعلة التي قد يصل لهيبها الى بلدهم.

السفيرة الأميركية: تفعيل المؤسسات

 

وفي هذا المجال، أكدت المصادر الديبلوماسية نفسها أن الولايات المتحدة الأميركية راغبة في تفعيل مساعيها مع القيادات اللبنانية، وأن المهمة الأولى للسفيرة الأميركية الجديدة السيدة <اليزابيت ريتشارد> التي ستصل الى لبنان خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بعد مثولها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، هي مساعدة القيادات اللبنانية على تفعيل المؤسسات الدستورية في البلاد، وفي مقدمها انتخاب الرئيس العتيد <من دون المزيد من التأخير>، وتمكين مجلسي النواب والوزراء من استعادة دورهما في انتظام الحياة السياسية والمؤسساتية في لبنان، إضافة الى الدور الأبرز الذي تنشط فيه الديبلوماسية الأميركية مؤخراً في دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية للمحافظة على الاستقرار الأمني، وصون الاقتصاد اللبناني من خلال <حماية> القطاع المصرفي اللبناني الذي هو عموده الفقري، وعدم <اختراقه> من خلال التعاون اللبناني - الاميركي في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

غير أن هذه المصادر أشارت الى أن السفيرة <ريتشارد> مزوّدة بتوجيهات من الإدارة الأميركية بأن تكون مقاربتها للاستحقاق الرئاسي اللبناني تتسم بـ<الحيادية>، وعدم الإيحاء بأن واشنطن تدعم هذا الفريق أو ذاك، أو تفضّل هذا المرشح وتمنع وصول ذاك. وستكون أول رسالة <رئاسية> تحملها السفيرة الجديدة هي أن <لا فيتو> على أي مرشح يريده اللبنانيون رئيساً، لاسيما وأن الأسماء المطروحة <مقبولة> أميركياً وإن بنسب متفاوتة.

Elizabeth-Richardباريس تتحرّك سعودياً وإيرانياً وروسياً

كذلك، فإن باريس التي لاحظت - وفق المصادر الديبلوماسية نفسها - أن <الحماسة> قد تراجعت لدى القيادات اللبنانية لإنجاز الانتخابات الرئاسية، راغبة هي الأخرى بإعادة بث الحياة الى الاستحقاق الرئاسي الذي بحثت في حيثياته خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز لباريس الأسبوع الماضي من دون أن تصل الى نتيجة حاسمة في شأنه، لكنها ستعيد الكرّة مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي يُفترض أن يقوم بزيارة رسمية للعاصمة الفرنسية في شهر نيسان/ أبريل المقبل. وتقول المصادر إن إدارة الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> تعوّل أهمية على المحادثات التي أُجريت مع ولي العهد السعودي، وتلك التي ستجريها مع ولي ولي العهد السعودي لأنها تتزامن مع حراك مماثل يتم مع المسؤولين الإيرانيين بعيداً عن الأضواء، خصوصاً بعدما لمست باريس أن طهران تفضل أن تبقى بعيدة عن الملف الرئاسي اللبناني وتحيل مراجعيها الى القيادات اللبنانية من دون أن تركّز على حزب الله فقط. وقد لمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط خلال لقائه الرئيس <هولاند> ووزير خارجيته <جان - مارك ايرولت> والوزير السابق <لوران فابيوس> أن المسؤولين الفرنسيين يعلّقون أهمية بالغة على محادثاتهم مع الجانبين السعودي والإيراني في ما خص لبنان، لكنهم يبدون أيضاً قناعة من أنه لا بدّ من <لبننة> الاستحقاق الرئاسي على نحو يحمي الوحدة الوطنية من جهة، ويعيد الى موقع الرئاسة الأولى من جهة ثانية دوراً أكثر فاعلية مما كان عليه من قبل.

ويشير تقرير ديبلوماسي ورد الى بيروت عن لقاءات النائب جنبلاط الى ان الجانب الفرنسي لا ينوي أن ينوب عن الجانب اللبناني بأي مبادرة رئاسية، من دون أن يعني ذلك عدم القيام بأي <جهد> لإحداث خرق لحل الأزمة الرئاسية اللبنانية، بالتزامن مع الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للحرب السورية على قاعدة الحوار الذي لا يزال يتعثر بين النظام والمعارضة.

ويؤكد التقرير أن التحرك الفرنسي يتم أيضاً بالتنسيق مع موسكو التي باتت طرفاً أساسياً في منطقة الشرق الأوسط بعد مشاركتها الى جانب النظام السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية، وباتت <كلمتها مسموعة> لدى الاطراف اللبنانيين المتحالفين معها، أو الذين تربطهم علاقات جيدة مع الإدارة الروسية. ويضيف التقرير أن الإسراع في الاتصالات لحلّ الأزمة الرئاسية اللبنانية يفرضه اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد أشهر، لأن الإدارة الأميركية ستدخل <مـــــدار>الانتخابات التي ستحمل خليفة الرئيس <باراك أوباما> الى البيت الأبيض ولن يعود في استطاعة واشنطن التركيز على ما يجري خارج الولايات المتحدة الأميركية، وهذا الواقع ينسحب أيضاً على مقاربة العاصمة الأميركية لمسار الحل السياسي التفاوضي للأزمة السورية لجهة الإسراع بوضعه على <السكة> وضمان انطلاقته، وهو ما سعى إليه وزير الخارجية الأميركي <جون كيري> في لقاءاته مع المسؤولين السعوديين الأسبوع الماضي.

محمد-بن-نايف-فرنسوا-هولاندالتصعيد السعودي - الإيراني الى متى؟

ولا تستبعد المصادر الديبلوماسية أن تكون لأي تقدم نحو إرساء قواعد الحل للأزمة السورية انعكاسات إيجابية على الموضوع الرئاسي اللبناني، نظراً لما سيتركه أي اتفاق حول الأزمة السورية من <مناخات إيجابية> تعجّل في الوصول الى تفاهمات على الاستحقاقات التي تفرعت عن الحرب السورية، ومنها الاستحقاق الرئاسي اللبناني الذي يتأثر سلباً أو إيجاباً بما يدور حول لبنان من أحداث واقتراحات  حلول.. وتعقيدات أيضاً. إلا أن الأبرز يبقى - كما  تقول المصادر نفسها - بحصول حلحلة ولو جزئية للعقدة السعودية - الإيرانية التي لا تزال في وضع مأزوم مع استمرار التوجه نحو التصعيد في الخلافات بين البلدين، لاسيما في ما خص النزاع في اليمن.

ويُذكر في هذا السياق، أن الرئيس نبيه بري الذي كان تحدث عن <الثمرة الرئاسية> وقال إنها <نضجت حقاً وحان قطافها>، مبدياً خشيته من أن تسقط على الأرض قبل تلقفها وتلذذ اللبنانيين بطعمها وترياقها>، كان قد أبلغ زواره أنه يتابع بدقة مسار ما وصلت إليه الأمور في اليمن، لأن أي إيجابيات تحصل في هذه الدولة، ستنعكس حتماً على الأوضاع في دول أخرى، خصوصاً بين الرياض وطهران، ويستفيد منها لبنان أيضاً. وقد توقفت مصادر معنية عند أهمية تحقيق أي تطور إيجابي بين العاصمتين السعودية والإيرانية، لكنها تخوّفت من أن يطول الانتظار بفعل التطورات التصعيدية المستمرة بين البلدين، فيتأخر <ربيع الرئاسة> اللبنانية على عكس ما توقعه الرئيس الحريري وألمح إليه الرئيس بري في أكثر من مناسبة!