بين عين التينة وبكركي، انطلق مسار الاستحقاق الرئاسي في الأسبوع الأول لبدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس ميشال سليمان الذي يستعد لمغادرة قصر بعبدا ليل 24 - 25 أيار/ مايو المقبل، منهياً بذلك ولاية استمرت ست سنوات لن تتجدد على عكس ما حصل في العهدين الرئاسيين الأولين بعد اتفاق الطائف، حيث مدّد لكل من الرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود ثلاث سنوات لتصبح مدة رئاسة كل منهما تسع سنوات بدلاً من ست سنوات.
وعلى الرغم من أن لا عين التينة أو بكركي تصنع وحدها الرئيس العتيد أو تحدد هويته لتفرضه على الآخرين، إلا ان الحراك الذي سجل في مقر الرئاسة الثانية، ثم في الصرح البطريركي في بكركي، أطلق دينامية الاستحقاق الرئاسي الى الواجهة، بعدما كانت له الاولوية، لكن في الصالونات والمحافل السياسية والديبلوماسية، وسط تساؤلات كبرى عما إذا كان هذا الاستحقاق سيتم في موعده، أي قبل 25 أيار/ مايو المقبل، أم ان البلاد ستدخل في فراغ رئاسي يتحدث كثيرون عن احتمال حصوله، في حين تختلف مدة هذا الفراغ وتتراوح بين ثلاثة وستة أشهر..
وإذا كان القاسم المشترك بين حراك الرئيس نبيه بري وحراك البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي هو حصول الانتخاب الرئاسي في موعده الدسوري،وتهيئة الأجواء المناسبة لذلك، فإن الواضح أن لا الرئيس بري ولا البطريرك الراعي في وارد <التأكيد> على انتخاب الرئيس العتيد في موعده، ما أعطى لتحرك الرئيس بري طابع <الاستئناس والتشاور>، فيما غلب على تحرك البطريرك طابع <الحث> على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وليس <الفرض> كما يتمنى البعض أن يحصل.
نصاب الثلثين مخرج للاتفاق والخلاف!
غير أن هذا الفارق في الهدف لا يلغي سلسلة وقائع سجلت الى هذين التحركين، لعلّ أبرزها اعتماد هيئة مكتب مجلس النواب برئاسة الرئيس بري نصاب الثلثين للجلسات الرئاسية أياً كان عددها، مع التشديد على أن انتخاب الرئيس في الدورة الأولى يحتاج الى تأييد ثلثي أعضاء المجلس، خلافاً للدورات الأخرى التي ينتخب فيها الرئيس بنصف عدد النواب زائداً واحداً (65 صوتاً). وأتى هذا التحديد الذي أصرّ عليه عضو هيئة مكتب المجلس النائب مروان حمادة، ليخالف استشارة قانونية أعدها وزير العمل السابق سليم جريصاتي، ورأى فيها أن انتخاب الرئيس بدءاً من الدورة الثانية يتم بنصف عدد النواب زائداً واحداً، أي بالعدد نفسه المطلوب لتأمين النصاب القانوني لانعقادها. وهذا <الحسم> الذي اعتمدته هيئة مكتب المجلس علّق عملياً كل بحث آخر في نصاب النصف زائداً واحداً وإمكانية قيام جدل دستوري حوله، ما أبقى المبادرة في يد رئيس مجلس النواب الذي سيتسلح بقرار هيئة مكتب المجلس، لعدم الرد على طلبات كتل نيابية واجتهادات، باعتماد النصف زائداً واحداً.
وفي المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار>، ان الرئيس نبيه بري وضع آلية لانتخاب رئيس الجمهورية تقضي بإبقاء جلسات الانتخاب متواصلة الى أن ينال أحد المرشحين أو من يرشحهم النواب الأكثرية النيابية المطلوبة (65 صوتاً)، وذلك لضمان استمرار النصاب، لا أن يظل النصاب خاضعاً عند عقد كل جلسة لشتى الاعتبارات والتأثيرات والمداخلات ولأهواء سياسية ومساومات تجعل التعطيل في يد كل من لا يرغب في الاقتراع لهذا المرشح أو ذاك. واعتبرت مصادر سياسية أن <تثبيت> نصاب الثلثين <ضربة معلم>، قطع بها الرئيس بري الطريق أمام مطالبات من هذا الفريق أو ذاك، علماً أن ثمة من يعتبر بأن جعل النصاب بالثلثين يشكل جواز مرور سياسي توافر لفريق 14 آذار للاعتراض على انتخاب مرشح قد يكون فريق 8 آذار محرجاً في ترشحه، نظراً الى أن من ضمن قوى 8 و14 آذار مرشحين يمكن أن يحرجوا حلفاءهم في ترشيحهم، بحيث لا تكون لدى هؤلاء القدرة على التملص من دعمهم علناً، في حين أن هؤلاء لا يودون وصول هؤلاء المرشحين الى سدة الرئاسة الأولى. وإذ ذاك ترمى كرة العرقلة أو عدم اكتمال النصاب على الفريق الآخر، وتخفف وطأة الانقسامات والخلافات من ضمن الفريق الواحد. وثمة <سيناريو> متمم لهذا الطرح يقول إن الجلسة الأولى للانتخاب عندما تنعقد بنصاب الثلثين وفي حال عدم حصول مرشح على غالبية الثلثين، فإن انسحاب نواب 14 آذار أو نواب من 8 آذار يفقد الجلسة الثانية نصابها الضروري للانعقاد، وليس للتصويت على أساس أن الجلسة تقوم بنصابها. وعليه فإن اعتماد نصاب الثلثين يشكل <جسر عبور> لأي من الفريقين بتعطيل الجلسة الانتخابية، الى أن يتم التوافق على مرشح معين، أو على الأقل عدم الاعتراض عليه، فينتخب بالنصف زائداً واحداً انما بحضور غالبية الثلثين من أعضاء المجلس النيابي.
بري... والمطبخ الرئاسي اللبناني
في موازاة ذلك، حرّك الرئيس بري لجنة نيابية من «كتلة التنمية والتحرير> للقاء القيادات السياسية ورؤساء الكتل، لاستطلاعهم مواقفهم من الاستحقاق الرئاسي وتحديد موعد الدعوة الى عقد جلسات انتخابية. وعلى الرغم من أن ثمة من يعتبر أن هذه اللقاءات لنواب الرئيس بري هي لـ<ملء الوقت الضائع>، لأن مواقف الأفرقاء معروفة ولا تحتاج الى تشاور و<استئناس>، إلا أن رئيس المجلس الذي اطلق السباق نحو الاستحقاق الرئاسي مع بدء المهلة الدستورية لذلك، يرغب في سماع مواقف رؤساء الكتل، كي يعتمد عليها في أي خطوة يخطوها نحو الدعوة الى جلسات الانتخاب، وذلك للمحافظة على <البعد اللبناني> لانتخاب رئيس الجمهورية وسط حديث يتنامى عن تدخلات خارجية و<إيحاءات> من خارج الحدود. وفي هذا السياق، نقل بري قوله <من أراد ان يستعين بصديق فهو حرّ، أما انا فإني انطلق في تحركي من ان الاستحقاق الرئاسي يجب أن يكون لبنانياً، بحيث لا يتجاهل <الخارج> عندما يقارب هذا الأمر، الرغبات التي تبديها الكتل النيابية>. ويلمس زوار بري انه يريد ان يعطي لـ<المطبخ اللبناني> دوراً في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، خلافاً لما كان يحصل في السابق بعد اتفاق الطائف، حيث تم صنع رئيسين برعاية <الوصاية> السورية، فيما أتى الرئيس الثالث نتيجة تسوية عربية - اقليمية - دولية، وُلدت في الدوحة عاصمة قطر.
وعلى الرغم من أن رئيس المجلس يحاذر إبداء <التفاؤل أو التشاؤم> في حصيلة ما يعمل من أجله، إلا انه في المقابل يرغب من خلال جولات لجنته النيابية توسيع هامش التشاور لتفادي الدعوة الى عقد جلسات نيابية لا يكتمل نصابها، كما حصل في الاستحقاق الرئاسي السابق حين دعا الى أكثر من 18 جلسة من دون طائل، ويسعى هذه المرة الى ضمان عقد جلسة ناجحة ومكتملة النصاب قبل الدعوة اليها، بدلاً من جلسات لا نصاب فيها. وهذه الاولوية التي حددها الرئيس بري تقوم على معادلة تأمين النصاب أولاً، وانتخاب الرئيس ثانياً من خلال دورات متتالية حتى يحصل الرئيس العتيد على الاكثرية المطلوبة في ظل نصاب مكتمل!
وتنقّل اللجنة النيابية من موقع سياسي الى آخر ديني لسماع آراء جميع المعنيين بالاستحقاق لم يلغِ اللقاءات المباشرة التي بدأها الرئيس بري مع قيادات ومرجعيات، وهو سيواصلها بعيداً عن الاضواء للوصول الى ما يتوخاه من نتائج، علماً أن اللجنة لم يدخل في صلب عملها البحث في اسماء المرشحين للرئاسة لأن هذا الامر من مسؤولية الكتل عندما تحدد موقفها ويعلن المرشحون عن ترشحهم..
لقاء بكركي كرر الثوابت
وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس بري يؤثر عدم الرد مباشرة على الدعوة التي أطلقها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لرئيس مجلس النواب لفتح أبواب المجلس والدعوة فوراً الى جلسة لانتخاب الرئيس العتيد، وذلك لرغبته في «التروّي وعدم حرق المراحل> وإيصال النواب الى طريق مسدود، كان البطريرك الماروني يجمع حوله في بكركي ثلاثة من الاقطاب الموارنة هم الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، فيما غاب الدكتور سمير جعجع لأسباب امنية، وذلك للتشاور في الاستحقاق الرئاسي وفي الخطوات المرتقبة لإتمامه في التوقيت الدستوري المحدد. وقد انتهى <التشاور> الى إصدار بيان وافق عليه الاقطاب الثلاثة مباشرة والقطب الرابع جعجع هاتفياً، تضمن عناوين عريضة أكد خلالها الاقطاب الموارنة على وجوب اجراء الانتخابات الرئاسية <كواجب وطني> على المجلس النيابي في الموعد الدستوري ووفق الاصول الدستورية، داعين الى الإسراع في إجراء الدورة الأولى من الانتخابات في اقرب وقت ممكن <إفساحاً في المجال لعملية انتخابية ديموقراطية، من دون المخاطرة بانقضاء هذه المهلة بلا انتخاب رئيس جديد للجمهورية>.
كذلك أكد الاقطاب على <متابعة التنسيق في ما بين المجتمعين والتشاور المستمر مع البطريرك حتى إتمام عملية الانتخاب>، مجددين تبنيهم المبادئ التي يجب أن ترعى الاستحقاق الرئاسي والتي كانت اللجنة السياسية قد وضعتها بين يدي البطريرك الاثنين الماضي، مع التشديد على آلية تضمن حصول انتخاب رئيس وفق الاصول، وتمنع فرض تسويات لا تتوافق مع السعي الى تحقيق المشاركة الوطنية الميثاقية الفعالة.
وإذا كان الاقطاب الثلاثة قد أجمعوا على القول إن <أجواء ايجابية> سادت اللقاء مع البطريرك الراعي، فإن المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> تشير الى أن المجتمعين لم يتطرقوا الى تحديد اسم مرشح أو أكثر على اساس ان الحاضرين هم - مع جعجع - من المرشحين <الطبيعيين>، جعل الحديث يتطرق خصوصاً الى اهمية اجراء الانتخابات والآلية التي يفترض أن تعتمد لإنجاز هذا الاستحقاق في وقته الدستوري. وقد تناوب الاقطاب على الحديث عن <ملاحظاتهم> حول مسار الاستحقاق الرئاسي حتى الآن، لكنهم اجمعوا على ضرورة ان يكون للرئيس المقبل <حيثية> في المكون الذي ينتمي إليه. وكان تأكيد على ضرورة استبعاد <الفراغ> لأي سبب كان، مع التشديد على انه من غير الجائز تحميل الطائفة المارونية خصوصاً، والمسيحيين عموماً، مسؤولية تعطيل الانتخابات في حال برزت معوقات في وجه انتخاب الرئيس العتيد، مع التشديد بالتوازي على أن الكلمة الاساس لا بد أن تكون للمسيحيين في ما خص الرئاسة الاولى، كما هو الحال بالنسبة الى السنة للرئاسة الثالثة والشيعة للرئاسة الثانية.
لماذا استطلاع الرأي؟
وفي المعلومات أيضاً ان الوضع الاقليمي، ولا سيما في سوريا، استحوذ على قسط من البحث، لاسيما لجهة تأثيره سلباً على الاستحقاق الرئاسي في لبنان، اضافة الى سلبياته الامنية والاجتماعية مع تنامي موجة نزوح السوريين. وأعاد البطريرك شرح وجهة نظره من عديد من المسائل المطروحة، خصوصاً بعدما تطرق أحد الأقطاب الحاضرين الى ما صدر عن البطريرك خلال المقابلة التلفزيونية لمناسبة مرور ثلاث سنوات على توليه الكرسي البطريركي. وتركزت <ملاحظات> هذا القطب على أن البطريرك <فلش> كل اوراقه على شاشة التلفزيون من دون ان يترك اي <ورقة> يمكن طرحها عند الضرورة خلال مسار <المفاوضات> الدائرة حول الاستحقاق الرئاسي. كذلك فإن طرح موضوع استطلاعات الرأي على النحو الذي أشار إليه البطريرك في حديثه، لا يمكن الركون إليه أوالاعتداد بصدقيته، لأن مثل هذه الاستطلاعات لا تعكس عادة حقيقة خيارات المواطنين، كما انها تخضع في أحيان كثيرة للتلاعب تبعاً للجهة التي تطلب الاستطلاع، والشركة التي تنفذه. ولم يكن لاقتراح الاستفتاء الذي تحدث عنه البطريرك الصدى الإيجابي لدى بعض الأقطاب الحاضرين، وقد ابدى أحدهم تخوفاً من ان تؤدي مثل هذه الطروحات الى العودة الى نغمة قديمة - جديدة للاقتراع الشعبي المباشر وما يرافق ذلك من نتائج تفرض التبصر قبل الدعوة اليها أو الخوض بتفاصيلها.
ولاحظ الذين التقوا البطريرك في اليوم التالي للقاء الأقطاب الموارنة أن سيد بكركي بدا مرتاحاً لأجواء اللقاء، مشيراً الى انه ينتظر اجوبة الاقطاب على بعض الافكار والاسئلة التي تم طرحها خلال اللقاء ليبنى على الشيء مقتضاه، لكنه لفت الى ان لا موعد محدداً لاجتماع مقبل، وان المشاورات ستكون شبه يومية، بحيث يمكن في اي لحظة الدعوة الى عقد اجتماع آخر مكمل لاجتماع ليل الجمعة. وحرص البطريرك على إعلام محدثيه ان هاجسه الاول والاخير هو الحؤول دون وقوع فراغ في الموقع الرئاسي الاول، بالتزامن مع سعيه للمحافظة على وحدة الصف المسيحي وضرورة توافق القادة الموارنة، لأن في ذلك مصلحة لجميع اللبنانيين، المسلمين منهم والمسيحيين. وجزم البطريرك أمام محديثه غداة لقاء بكركي بأنه اعلم المشاركين ان لا مرشح لديه ولن يقدم اسماء، وهو متمسك بالمواصفات التي حددها وبالمبادئ التي وردت في البيان الذي صدر عن بكركي في اليوم التالي للقاء مع الاقطاب. وهذه التوجهات تلتقي مع إرادة الكرسي الرسولي في جمع كلمة المسيحيين خصوصاً، واللبنانيين عموماً، مع التركيز على أهمية الحوار المسيحي - الاسلامي لينتج عنه التوافق المطلوب الذي يحمي لبنان ويكرس مجدداً دور المسيحيين فيه.
وأتى اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن تشجيعه اجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعدم الانتظار الى الربع الساعة الاخير بمنزلة دعم لتوجهات بكركي، وإن كانت أسباب دعم السيد نصر الله لهذا المقترح تختلف ربما عن الاسباب التي أوردها البطريرك.
عون وجعجع: لا تراجع
وفيما تنتظر بكركي الردود على الصيغ التي اقترحتها للآلية الواجب اعتمادها في الانتخاب الرئاسي، للانتقال الى المرحلة <ب> من تحركها، وهي انتزاع التزام واضح بحضور الجلسة الانتخابية حين يدعو الرئيس بري الى عقدها، شهدت بورصة الترشيحات للانتخابات الرئاسية تكراراً للأسماء نفسها، مع شبه تأكيد على أن المواجهة الاولى ستكون بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وإذا فشل الاثنان في الحصول على الاصوات اللازمة لفوز أحدهما، يصبح السعي الى اقناعهما بأن يكونا من <الناخبين البارزين>، عوضاً عن ان يكون احدهما رئيساً منتخباً.
لكن التطور الذي توقفت عنده المراجع السياسية المتابعة برز من خلال رد العماد عون على الداعين الى انتخاب <رئيس توافقي> (وأبرزهم في هذا المجال كان النائب وليد جنبلاط)، الذي اعتبر ان <الرئيس التوافقي> يتقاسمه الزعماء ويقسمون
الوطن مناطق نفوذ، فيما الرئيس الوفاقي يجمع لبنان واللبنانيين في وحدة وطنية شاملة. والمحصلة الاولى لموقف العماد عون تصب في انه ماضٍ في خوض المعركة الرئاسية أقله خلال المهلة الدستورية التي تنتهي مع نهاية ولاية الرئيس سليمان يوم 25 أيار (مايو) المقبل. غير ان زوار الرابية نقلوا أخيراً معطيات تشير الى <ارتياح> العماد عون لمسار الاتصالات الممهدة للانتخابات الرئاسية خصوصاً أنها تصب في اتجاه <الرئيس القوي> الذي يدعو عون الى انتخابه مقارناً بين مواصفاته، هو ما يفترض أن يتوافر من مواصفات في <الرئيس القوي> الذي هو في النهاية الرئيس الذي يحقق التوافق.
وفي خط مقابل، كان الدكتور جعجع يجدد التأكيد على انه رئيس الحزب الاكثر تمثيلاً لدى المسيحيين، وبالتالي هو المرشح الطبيعي للرئاسة، وراح يطلق وعوداً رئاسية أبرزها سحب عناصر حزب الله من سوريا <بالتأكيد> إذا ما انتخب رئيساً. وجدد معارضته للتمديد او لتعديل الدستور لتمكين موظفي الفئة الاولى من الوصول الى قصر بعبدا، معتبراً انه يجب استبعاد الاستثناءات للوصول الى انتخابات رئاسية في ظرف طبيعي ومنطقي. ولاحظت مصادر في 14 آذار ان جعجع يوجه من خلال اطلالاته الاعلامية والتي كان آخرها الاحد الماضي مع الزميل جورج صليبي على تلفزيون <الجديد> رسائل الى حلفائه في 14 آذار خلاصتها انه المؤهل للوصول بمشروع <ثورة الارز> الى سدة الرئاسة، من خلال امتلاكه ليس فقط صفة <الرئيس القوي>، بل كذلك مواصفات الرئيس القائد القادر على حماية الخيارات الآذارية واتخاذ القرارات المناسبة. ولا يزال <الحكيم> ينتظر اجوبة واضحة من حلفائه في 14 آذار، لاسيما الرئيس سعد الحريري الذي يتريث في الجواب، ما يثير حفيظة جعجع ويدفع به الى مزيد من التأكيد على أنه مرشح جدي وليس في وارد الدخول في مناورات أو مساومات، وهو بالتالي القادر على مواجهة العماد عون، أو النائب سليمان فرنجية في قوى 8 آذار. وتتوقع مصادر معنية في 14 آذار ألا يقول الرئيس سعد الحريري كلمته في الوقت الراهن، الى حين يتم فيه تحديد موعد الجلسة الاولى لانتخاب الرئيس العتيد، ومثل هذه الخطوة لن يتخذها الرئيس بري إلا متى برز الخيط الابيض من الخيط الاسود، وأصبح في الامكان القول بوجود <مرشحين> فعليين، تقابلهم <جهوزية> نيابية في اختيار <الأقوى> منهم، وهذه الجهوزية ليست بقريبة وفق المصادر المتابعة، لاسيما وان ثمة من يتحدث عن مفاوضات تجري بعيداً عن الاضواء بين الرياض وطهران، بتنسيق أوروبي ودولي من ضمن مجموعة الـ 5+1 التي تتولى التفاوض مع ايران في الملف النووي الايراني. أما التواصل مع الرياض فيبدو مجهولاً في الوقت الراهن، ريثما تتبلور صورة التغييرات الداخلية التي تحصل ضمن القيادة السعودية والتي كان آخرها مبايعة الأمير مقرن بن عبد العزيـــــز وليـــــاً لـــولي العهــــد، وملكاً محتمــــلاً إذا ما شـــــغرت السدة الملكيــــة وولاية العهد دفعة واحدة.