تفاصيل الخبر

الأسر اللبنانية تقع تحت عبء نفقات التعليم بعدما زادت 200 بالمئة خلال السنوات الماضية!

13/09/2019
الأسر اللبنانية تقع تحت عبء نفقات التعليم بعدما زادت 200 بالمئة خلال السنوات الماضية!

الأسر اللبنانية تقع تحت عبء نفقات التعليم بعدما زادت 200 بالمئة خلال السنوات الماضية!

 

بقلم طوني بشارة

أيام قليلة ويبدأ العام الدراسي 2019 ــ 2020 وتبدأ معه التساؤلات: هل ستكون فرحة عودة الطلاب مترافقةً مع غصة وألم الاهالي؟ وهل سترجح كفة فرحة التلاقي مع الاساتذة ورفاق المدرسة في ظل العودة إلى المقاعد الدراسية الخشبية وملاعب المدرسة، أم كفة غصة وألم الاهالي من لوعة الأقساط المرتفعة المترافقة مع تزايد لامحدود لاسعار الكتب وفاتورة القرطاسية والأوتوكار؟ غصة والم في ظلّ أوضاع معيشية متردية، تزداد وتيرتهما مع عودة الحديث عن احتمال حدوث حرب مع اسرائيل مع ما يترافق ذلك من ارتفاع بأسعار المحروقات والسلع الغذائية...

أيام ويبدأ العام الدراسي وسط تراجع ملحوظ للمستوى التعليمي في لبنان من جهة، وإهمال وتلكؤ وتهرب من المسؤولية من قبل الجهات المعنية من جهة ثانية، تلكؤ ما زال يطال المدارس الرسمية بشكل عام لاسيما تلك الموجودة في المناطق النائية حيث لا بنى تحتية ولا تدفئة وحتى لا إنارة مؤمنة..

وبالتالي يتزامن تحضير الأهالي المستمر للعام الدراسي مع تساؤلات عديدة تتمحور حول سبب عدم استعادة المدرسة الرسمية لثقة اللبنانيين لاسيما في مراحل التعليم الأولى؟ ناهيك عن الدافع وراء تغيير الكتب والمناهج المستمر كل ثلاث سنوات بالتزامن مع تغيير ممنهج للباس الرسمي للمدارس؟ لاسيما وان الدراسات تشير الى أن الأسر اللبنانية هي الأكثر إنفاقاً على التعليم بالمقارنة مع الأسر في بقية دول العالم اذ يقدّر إجمالي الإنفاق على التعليم في لبنان بنحو 13 بالمئة من الناتج المحلّي القائم، وتتحمّل الأسر 9 بالمئة منه، اما القطاع العام فيتحمّل 4 بالمئة فقط، علما ان اكثرية الدول تتميز ببنية او بنسبة إنفاق على التعليم ترتكز على وزن نسبي اكبر لإنفاق القطاع العام، وذلك حكما عكس ما هو حاصل في لبنان، فبدراسة ميدانية وبمراقبة دقيقة للارقام المنفقة نجزم وللاسف بأن الأسر اللبنانية تتحمل العبء الرئيسي في تمويل التعليم عبر إنفاقها المباشر من ميزانياتها، او عبر الضرائب والرسوم التي تتكبدها من ضريبة على القيمة المضافة او غيرها من الضرائب...

 وبلغة الارقام نلاحظ انه وخلال السبع سنوات الاخيرة فإن الأسرة التي كانت تنفق على تعليم اولادها نحو 60 دولاراً لكل ولد من كل الف دولار شهرياً بأسعار اليوم، باتت تنفق الآن نحو 170 دولارا على الولد الواحد، مما يعني أن عبء التعليم الملقى على عاتق الأسر ازداد بنسبة تقارب المئتين بالمئة في السنوات السبع الماضية.

<الأفكار> ولالقاء الضوء على التذمر والخوف المسيطر والمهيمن على العائلات قابلت العديد من الافراد وجاءت بالتحقيق الاتي:

القصيفي وحسن الاختيار!

 

بداية مع ريتا القصيفي التي افادتنا قائلة:

- نحن كأهالي مسؤولين نسعى دائما لتأمين الأفضل لاولادنا من مأكل وملبس وتعليم، مما يحتم علينا حكما أعباء إضافية، وهنا لا بد من الإشارة الى ان القسم الأكبر منا يسعى لتأمين ذلك من اجل تحقيق رفاهية أولاده، اما القسم الباقي فيسعى من وراء ذلك للتباهي والتفاخر امام الاهل والأصدقاء.

وفي السياق ذاته تقول القصيفي:

- زوجي وبحكم وظيفته <خبير محاسبة> يتخذ قراراته من بعد القيام بدراسة علمية وموضوعية لكافة النواحي، وانا على يقين بحسن اختياره وقد قام بتسجيل أولادنا(جاين وبيتر) لدى مدرسة راهبات الوردية وذلك من بعد إجراء مقارنة بين كافة المدارس المتوافرة في منطقتنا وذلك من ناحية النتائج الرسمية والمناهج المعتمدة والنظام الداخلي، وبالفعل النتائج التي تحققها مدرسة الوردية لا تقل عن الـ98% كنسبة نجاح، كما ان أسعار القرطاسية والتسجيل والاقساط مقبولة، وهنا أيضا لا بد من التأكيد بان الكتب المعتمدة لا يتم تغييرها الا في حال حدوث أي تغيير بالمناهج أي بمعنى اخر لا يعتمد القيمون على اختيار الكتب سياسة الاحتيال المعتمدة من قبل البعض والتي ترمي الى تغيير المنهج سنويا بقصد الربح واستمرارية البيع ومنع الأهالي من الاستفادة من الكتب القديمة..

العكاري وتكلفة التعليم بالأرقام!

 

وبدورها رينيه العكاري (والدة لاربعة أولاد يتابعون تحصيلهم العلمي لدى مدرسة النازاريت كفرزينا)، ابلغتنا قائلة:

- نحن في عصر شئنا أم ابينا بات التحصيل العلمي فيه امراً ضرورياً ومحتماً للبقاء والاستمرارية، ولكن للأسف ثقتنا حتى تاريخه بالتعليم الرسمي ما قبل المرحلة الثانوية ما زالت ضعيفة، مما يجعلنا ملزمين على تحمل الأعباء المرتفعة للتعليم الخاص وذلك حتى نيل الطلاب الشهادة المتوسطة، مما يعني ان زوجي مضطر سنويا ومع بداية كل عام دراسي الى دفع فقط رسوم تسجيل وقرطاسية لاولادنا الأربعة ما لا يقل عن أربعة ملايين ليرة وذلك دون احتساب تكلفة الكتب واللباس الرسمي المعتمد من قبل المدرسة.

وتتابع العكاري قائلة:

- بعملية حسابية بسيطة ندفع مع بداية كل عام حوالى ستة ملايين ليرة نجد انفسنا مضطرين الى تجميعها خلال فترة الصيف لكي نتمكن من ادخال أولادنا الى المدرسة، ومن ثم تبدأ رحلة المدفوعات الشهرية التي لا تنتهي ابدا الا مع نهاية العام، رحلة تتضمن القسط الشهري، تكلفة النقل والمصروف اليومي، مدفوعات لا غنى لنا عن دفعها وتقدر قيمتها من اجل تعليم أبنائنا الأربعة بحوالى 25 مليون ليرة.

وتستطرد العكاري قائلة:

- للأسف دور النشر تعتمد سياسة أقل ما يقال عنها بأنها غير شريفة لانها تعمد الى تغيير الكتب المدرسية كل ثلاث سنوات مما يجعلنا غير قادرين على الاستفادة من إمكانية شراء الكتب القديمة او حتى بيع كتبنا المستعملة، اما في المرحلة الابتدائية فتلزم الطلاب بحل التمارين على الكتب مما يحرمنا أيضا من إمكانية بيع الكتب او حتى استفادة الاخوة والاخوات من كتب بعضهم البعض، وفي السياق ذاته نعاني أيضا كأهالي من تعمد بعض المدارس الخاصة تغيير اللباس المعتمد او حتى تعديله كل ثلاث سنوات مما يجعلنا ملزمين بشراء لباس مدرسي جديد ورمي اللباس القديم لكونه لم يعد ملائماً لاولادنا الصغار.

 

ياسر والمدارس المسؤولة!

نترك العكاري ونلتقي بياسر سليمان صاحب مؤسسة <سباركل> الذي افادنا قائلا:

- التعليم الرسمي في لبنان وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل القيمين عليه من اجل تطويره ما زال حتى تاريخه دون المستوى المطلوب لاسيما لغاية المرحلة المتوسطة، مما يجعلنا كأهالي نبحث عن مدارس خاصة اقساطها مقبولة ونتائجها الرسمية ممتازة من اجل تسجيل أولادنا، وبالفعل ونظرا الى سمعة مدرسة سان جورج ــ عشاش اتخذت قرارا بتسجيل ابنتي لاسيما بعدما علمت بنتائجها المميزة بالامتحانات الرسمية وبمدى تفاني اساتذتها من اجل استيعاب الطلاب وتعليمهم وتزويدهم بالمعلومات ومواكبتهم طوال فترة الامتحانات الرسمية من اجل ضمان نجاحهم، كما وبشهادة كافة الأهالي نلاحظ بأن اقساطها جدا مدروسة واقل بحوالى 30 % من أقساط المدارس المجاورة كما ان القرطاسية واللباس المدرسي اقل بحوالى 20 %، ناهيك عن كون الأساتذة قد اعتمدوا كتباً أسعارها جدا مدروسة وصادرة عن دور نشر لا تعتمد أي سياسة تجارية أي انها لا تقوم بتعديل الطبعات والمناهج وتعتمد كتباً من الممكن بيعها واستخدامها او حتى استفادة الاخوة والاخوات منها.

 

روحانا والاقبال الضعيف!

ولالقاء الضوء على الحركة وعلى المناهج والكتب المعتمدة وكيفية تغيير النسخ نقلت <الأفكار> رأي المسؤول الإداري لدى <مكتبة سان شربل> بديع روحانا الذي ابلغنا بأن الاقبال حتى تاريخه ما تزال وتيرته بطيئة على اعتبار ان البعض يراهن على اندلاع الحرب ويتمنع عن شراء الكتب او يتأخر بشرائها من اجل المحافظة على السيولة لديه، حتى ان الذين يتوافدون الى المكتبة يعمدون الى بيع كتبهم القديمة ويسعون قدر الإمكان الى شراء كتب مستعملة على اعتبار ان العديد من المدارس لم تعمد الى تغيير المناهج ولا حتى الطبعات المعتمدة لديها متقيدة بأن التغيير لا يتم الا للضرورة القصوى وكل فترة خمس سنوات، علما ان المدارس ذات المنهاج الفرنسي عمدت الى تغيير طبعات الكتب بكاملها مما حرم الأهالي من إمكانية الاستفادة من كتب الاشقاء والاقارب.

عبد النور والقرارات غير المسؤولة!

أما المسؤولة عن المخزن والمشتريات لدى <مكتبة سان شربل> ميراي عبد النور فأفادتنا بأن قسماً كبيراً من الأهالي عمد الى نقل أولاده الى المدارس الرسمية، فالعديد من الزبائن نراهم يحملون لائحة كتب المدارس الرسمية التي لا تتعدى كلفتها الـ100 الف ليرة أي حوالى ثلث تكلفة كتب المدارس الخاصة، وتراهم قد اضطروا مرغمين الى اتخاذ هذا القرار بسبب غلاء الأقساط لدى المدارس الخاصة ناهيك عن ارتفاع تكلفة القرطاسية ورسوم التسجيل وأسعار الكتب لاسيما الطبعات الأجنبية.

وتتابع عبد النور:

- عمدوا الى نقل أولادهم من المدارس الخاصة الى المدارس الرسمية بسبب الضائقة الاقتصادية والركود المتحكم بالأسواق من جهة، وبسبب طمع القيمــــــــــــــــين على التعليم الخاص وعدم اتخاذهم القرارات الصائبة لاسيما لجهة تحديد الأقساط ورسم التسجيل وحتى تغيير المناهج، غير اخذين بعين الاعتبار غصة والم الأهالي الذين باتوا ملزمين بالرضوخ والاستسلام للوضع الميؤوس منه...