تفاصيل الخبر

الأسبوع الرابع للمهلة الدستورية بدأ... ولا جلسة نيابية في المدى القريب

11/04/2014
الأسبوع الرابع للمهلة الدستورية بدأ... ولا جلسة نيابية في المدى القريب

الأسبوع الرابع للمهلة الدستورية بدأ... ولا جلسة نيابية في المدى القريب

جعجع ترشّح بعد تحديد سليمان مواصفات «الرئيس المكتمل الولاء للبنان » ودعم الحريري له سيؤدي الى انكفاء عون.. وتعطيل الانتخابات!

 

ALDO6463 ... وفي الأسبوع الثالث من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمورية قبل 25 أيار/ مايو المقبل تاريخ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، تنقّل ملف الاستحقاق الرئاسي بين قصر بعبدا ومقر القوات اللبنانية في معراب، مع محطات سريعة في عين التينة والرابية، من دون أن تحمل المعطيات المتوافرة اي تأكيدات حول حصول الانتخابات قبل انتهاء الولاية الرئاسية، ومن دون أن تتضح صورة المرشحين الرئاسيين، باستثناء إعلان رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع رسمياً عن ترشحه وتوالي ردود الفعل المتباينة حول الترشيح. وكان اللافت في مسار الاستحقاق الرئاسي <التناغم> الذي ظهر بين ما صدر من قصر بعبدا من مواقف، وبين توقيت إعلان جعجع ترشيحه، ما جعل فريق 8 آذار يتحدث عن أن رئيس الجمهورية <مال> في خياره صوب جعجع، لاسيما عند تحديده مواصفات الرئيس العتيد خلال احتفال أقيم لمناسبة إطلاق مشروع اللامركزية الإدارية، بأن يكون <قوياً ولبنانياً وعربياً وتوافقياً إذا أمكن وينتمي الى خط سياسي لبناني مكتمل الولاء للبنان>.

وقد سارعت قوى 14 آذار الى الترحيب بالمواصفات التي حددها الرئيس سليمان، معتبرة أنها تنطبق على المرشحين الذين يمثلون خطها السياسي وخياراتها الوطنية، علماً أن الوحيد الذي أعلن ترشيحه من هذه القوى كان الدكتور جعجع فقط. وقالت مصادر في 14 آذار إن الرئيس سليمان أراد من خلال تحديده مواصفات الرئيس العتيد ان يوجه رسالة الى من يهمه الأمر بأن الرئيس <القوي> الذي ينادي به قادة الموارنة، الزمنيين والروحيين، هو الذي  ينتمي الى خط سياسي لبناني مكتمل الولاء للبنان، ما يعني استبعاد العماد عون عن هذا التوصيف، لأن <الجنرال» ينتمي الى فريق سياسي يقسّم ولاءه بين لبنان وسوريا وايران.. كذلك فإن الرئيس سليمان - حسب المصادر نفسها - لم يتمسك بأن يكون الرئيس <توافقياً> كما ينادي البعض مثل الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط،وهو استعمل تعبير <إذا أمكن> حتى <يحرر> النواب من حتمية <الرئيس التوافقي> التي لا تنطبق على جعجع.

وفيما لم تشأ مصادر رئاسة الجمهورية إعطاء المزيد من الإيضاحات حول المواصفات التي أطلقها الرئيس ميشال سليمان وتوقيتها وأهدافها، مكتفية بالإشارة الى أن رئيس الجمهورية أبدى وجهة نظره و<ما يراه لمصلحة لبنان>، كما حدد توصيفه لـ<الرئيس القوي> بعد تضارب التفسيرات والاجتهادات، فإن قوى 8 آذار تلقت بـ<حذر شديد> موقف الرئيس سليمان ووصفته في عداد المواقف الداعمة لرئيس من 14 آذار بعد استبعاد خيار التمديد نهائياً بتوافق إقليمي ودولي. وفي هذا السياق، قالت مصادر في 8 آذار إن الرئيس سليمان كاد أن يعلن دعمه لترشيح جعجع عندما أورد المواصفات التي يراها للرئيس العتيد، لكنه آثر ترك مهمة التفسير للقيادات السياسية التي أدركت بسرعة خيار الرئيس وتصرفت على هذا الأساس، رفضاً أو تأييداً، دعماً أو معارضة!

جعجع ترشح لإحداث <نقلة نوعية>..

وكي ينطلق مسار الاستحقاق الرئاسي في اتجاه فتح باب الترشيح العلني، بدلاً من الترشيحات المبهمة، كان قرار الهيئة التنفيذية لـ<القوات اللبنانية> ترشيح الدكتور جعجع رسمياً في بيان ترك فيه الأبواب مفتوحة على أكثر من اتجاه، على أن يعرض لاحقاً برنامجه الرئاسي على الرأي العام خلال مهرجان شعبي بدأت القوات تستعد للإعلان عنه. ويسجل لجعجع في هذا السياق أنه كسر العرف الذي كان معتمداً بعدم الإعلان سلفاً عن المرشحين الرئاسيين، وبقاء معظم هؤلاء بعيدين عن الأضواء، وهو في ذلك اكد لمن يهمه الأمر بأن ترشيحه ليس مناورة وأنه ماضٍ في <المعركة> الرئاسية سواء انتخب أم لم ينتخب، لأنه بذلك يحفظ لنفسه موقعاً بعد ست سنوات، فضلاً عن أنه أضفى حيوية سياسية على المشهد الرئاسي الذي يدخل أسبوعه الرابع ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي يوم 25 أيار/ مايو المقبل.

ولعل ما جاء في بيان الترشيح ما يؤكد على توجه القوات اللبنانية في إحداث <تغيير جذري في الواقع الراهن>، وكذلك <إحداث صدمة إيجابية> بهدف استعادة الدولة هيبتها ورئاسة الجمهورية موقعها كضمانة للجميع. وأكد جعجع على أهمية ترشيحه لأنه وضع الموضوع الرئاسي على طاولة البحث بقوة، وأن الهدف إحداث نقلة نوعية في العمل الديموقراطي.

... وعون ينكفئ إذا دعم الحريري جعجع!

وفي الوقت الذي كان فيه الدكتور سمير جعجع يعلن ترشيحه لرئاسة الجمهورية ويعلن أنه <لا يحمل ضغينة وبغضاء لحزب الله>، كان قد صدر إعلان رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أن قرار ترشحه للرئاسة لم يحسم بعد، وأنه <لا يزحف الى الرئاسة>، يتردد في معراب وغيرها من الاندية والمقرات السياسية، لاسيما وأنه أقرن هذا الكلام، بإعلانه أمرين لافتين:

الأول، انه إذا تبين له أن ثمة ظروفاً مؤاتية لترشحه <فلا بأس إذاً وأنا مرشح قوي>، الأمر الذي فسرته مراجع سياسية بأن الاتصالات الداخلية والخارجية لم تنقطع بعد، وأن كل الاحتمالات واردة، وان ما يقال عن تواصل بين الرابية والرياض لتأمين زيارة للعماد عون للسعودية، لم يعد مجرد تمنيات، بل أصبح أمراً واقعاً، وسط ما تردد عن خطوط مفتوحة بين الرياض وطهران وواشنطن وموسكو حول الملف الرئاسي.

أما الأمر الثاني فهو إعلان <الجنرال> بأنه إذا لقي ترشيح جعجع للرئاسة تأييداً من قوى 14  آذار ولاسيما تيار <المستقبل>، فإنه - أي عون - لن يترشح وليتحمل فريق 14 آذار عموماً وتيار <المستقبل> خصوصاً مسؤولية قراره بدعم جعجع <والذي قد يرتّب احتمالات سلبية>. وقد فسرت مراجع مطلعة هذا الكلام بأنه إعلان مبكر لمقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من قبل عون وحلفائه في 8 آذار، ما يعني عملياً تعذر انعقاد الجلسات الانتخابية لعدم توافر غالبية الثلثين المحددة أصلاً للنصاب القانوني في جلسة انتخاب الرئيس. وفي رأي هذه المراجع فإن 8 آذار لن تسهّل انعقاد أي جلسة انتخابية يمكن أن يفوز بها غير مرشح قوى 8 آذار، أقله في المهلة  الدستورية، أي قبل 25 أيار/ مايو المقبل. أما في حال الوقوع في الفراغ الرئاسي، فإن كل الاحتمالات تصبح واردة.

وما لم يقله العماد عون حول ترشيح جعجع في إطلالته التلفزيونية الأخيرة على محطة <الميادين>، ينقله زوار الرابية هذه الأيام الذين يلاحظون أن <الجنرال> يقود معركته الرئاسية بهدوء وصلابة في آن، وأنه خلافاً لما كان يحصل غالباً، فإن <أعصابه باردة> وهو يحاول تجميع ما أمكن من الأوراق الرابحة من خلال إحداث <تناغم> بين ثوابته وخياراته من جهة، وبين الحاجة الى الانفتاح على الناخبين الكبار محلياً وخارجياً من جهة ثانية. ويؤكد زوار الرابية أن العماد عون ليس في وارد التراجع هذه المرة عما يسميه <حقه الطبيعي> في الوصول الى قصر بعبدا لتحقيق الاصلاح والتغيير المنشودين، وهو سيخوض <المعركة> حتى تحقيق مبتغاه، لاسيما وأن التوازن في لبنان والشراكة الحقيقية يفرضان أن يكون الرئيس العتيد <ممثلاً شرعياً> للمسيحيين كما سائر الشركاء في الوطن، الشيعة منهم الممثلون بـ<الثنائية بري - حزب الله>، أو السنة الممثلون بـ<تيار المستقبل> ورئيسه سعد الحريري الذي بات من الأكيد أنه سيعود الى لبنان للمشاركة في انتخابات

ويضيف زوار الرابية أن مقولة <الرئيس التوافقي> لا تلقى لدى عون أي صدى إيجابي، تماماً كما هو الحال بالنسبة الى <الفكرة الاغرائية> التي يطرحها عليه البعض بأن يكون <صانع الرئيس> بدل الرئيس، لأنه لم يعد يثق بالمقولتين: الأولى لأن <الرئيس التوافقي> هو رئيس ضعيف لا يحقق الشراكة الوطنية المطلوبة، ولأن <صانع الرئيس> سرعان ما يُحاصر ويُطوق من قبل الرئيس العتيد نفسه والحلفاء الجدد - القدامى الذين يشاركونه الحصار على <الجنرال> الذي يعتبر أن تجربته مع الرئيس سليمان ليست بعيدة.. وهي لن تتكرر في أي حال من الاحوال!الرئيس العتيد، ثم في ترؤس حكومة العهد الجديد الأولى.

جعجع بين الحظوظ والأهداف

sleiman

وفي رأي مصادر متابعة ان هذه الأجواء التي ترشح من الرابية وتصل الى الاندية السياسية والرسمية والديبلوماسية، مقرونة بإحصاءات واستطلاعات رأي تعطي العماد عون الحصة الأكبر من الأصوات تضع ترشيح جعجع في مواجهة حقيقية مع العماد عون الذي وإن لم يعلن ترشيحه رسمياً، يبقى <المرشح الفعلي والأقوى>، كما تقول مصادر التيار الوطني الحر، الذي أعلن معظم  حلفائه دعمهم له إن ترشح، لسيما حزب الله وتيار <المردة> وحزب الطاشناق، إضافة الى أن الرئيس بري لا يمكنه إذ ذاك أن يخرج عن خيار حزب الله حفاظاً على وحدة الموقف الشيعي.

في المقابل، فإن حلفاء جعجع في 14 آذار لم يعلنوا موقفهم من ترشحه، وكل ما صدر عن نواب <المستقبل> وغيرهم من قوى 14 آذار يعكس <التريث> في إعلان موقف نهائي من ترشيح الدكتور جعجع. من هنا قالت المصادر نفسها إن من اهداف إعلان جعجع ترشيحه استعجال حسم فريق 14 آذار موقفه من ترشيح شخصية واحدة منه، سواء وقع الخيار على جعجع نفسه أم على شخصيةأخرى من ثلاثة مرشحين محتملين هم الرئيس أمين الجميل والنائبان بطرس حرب وروبير غانم. فضلاً عن أن تحديد قوى 14 آذار مرشحها سيساهم استطراداً في دفع فريق 8 آذار الى إعلان الموقف الرسمي بدعم العماد عون قبل الموعد المتوقع للجلسة الانتخابية الأولى التي يتحدث بعض المطلعين عن إمكانية انعقادها قبل نهاية شهر نيسان/ أبريل الجاري.

كذلك فإن ثمة من يرى في إعلان جعجع ترشحه للانتخابات الرئاسية، إضافة الى <إحراج> الحلفاء في 14 آذار ودفعهم الى تمديد خيارهم، تعطيلاً لمفاعيل ترشح العماد عون، لأن تيار <المستقبل> لن يكون قادراً على دعم <الجنرال> طالما ان <الحكيم> أعلن ترشيحه، وكذلك الأمر بالنسبة الى الرئيس امين الجميل الذي يعتقد جعجع أنه يعمل في الداخل والخارج، على أن يكون هو <الرئيس القوي والتوافقي> في آن، وان رحلاته الخارجية تصب كلها في هذا الاتجاه. وإذا لم يتم انتخاب جعجع، فإنه على الاقل سيُعطى حق <الفيتو> بحيث يكون ناخباً اساسياً يرفض العماد عون والرئيس الجميل على حد سواء، ويفرض <الرئيس التوافقي> الذي سيكون إذ ذاك الخيار البديل عن <الرئيس القوي> وهو سيحجز موقعاً له في الانتخابات الرئاسية المقبلة  في العام 2020.

متى يحدد الحريري موقفه؟

وأتت ردود الفعل السلبية من افرقاء في 8 آذار على ترشيح جعجع لتضيف قناعة لدى المعنيين بالاستحقاق الرئاسي بأن حظوظ الدكتور جعجع ليست كبيرة، طالما أن الفريق الشيعي بكامله ونصف الفريق المسيحي والفريق الدرزي بثنائيته (جنبلاط وارسلان) وقسم من الفريق السني، لن يؤيدوه في الانتخابات وهم عارضوا علناً اعلان ترشيحه، ما يعني استطراداً أن جعجع - حسب فريق 8  آذار - يريد إقصاء العماد عون ومنعه من الوصول الى قصر بعبدا لا أكثر ولا أقل!

وترقب قوى 8 آذار ما سيكون عليه موقف الرئيس الحريري من ترشح جعجع وسط تفسيرين محتملين:

الأول يرى أن موقف جعجع لن يشكل أي عملية ضغط أو إحراج للرئيس الحريري إذ سبق أن تجاهل <الشيخ سعد> ردة فعل القوات اللبنانية من تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، ومضى تيار <المستقبل> في المشاركة فيها الى جانب حزب الله، ووفر لها الدعم السياسي والتمثيلي، إضافة الى تسهيل الانجازات الامنية التي تحققت في طرابلس - ولو باستعراضية لافتة - والبقاع. وبالتالي فإن لا شيء يمنع أن يتكرر موقف الحريري وتياره في الاستحقاق الرئاسي لاسيما إذا نجحت الاتصالات السعودية - الايرانية - الروسية - الاميركية في الوصول الى تفاهم على العماد عون رئيساً للجمهورية.

أما التفسير الثاني، فينطبق من معادلة تقوم على دعم الرئيس الحريري و<المستقبل> لترشيح جعجع في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التي لن ينال فيها <الحكيم> غالبية الثلثين، ثم الاعتذار منه والتوجه الى التوافق في الدورة الثانية  على مرشح غيره لأن إمكانات انتخابه بالأكثرية المطلقة معدومة، لأن قوى 14 آذار لا تملك وحدها هذه الأكثرية، وهي بحاجة الى دعم نواب جنبلاط وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي وكتلة الرئيس ميشال المر، علماً أن جنبلاط ليس في وارد انتخاب جعجع، لا الرئيس ميقاتي الذي يتطلع الى تحالف مع الرئيس عمر كرامي في الانتخابات المقبلة، وموقف آل كرامي من ترشيح جعجع حدده الوزير السابق فيصل كرامي بعبارات قاسية. أما النائب المر فأعلن أنه متضامن مع الرئيس نبيه بري وخياراته، فضلاً عن أنه أعاد فتح خط التواصل بينه وبين الرابية وإمكانية اللقاء بين <ابو الياس> و<الجنرال> تكاد تكون حقيقة قائمة!

وتؤكد مراجع معنية بالملف الانتخابي انه في حال إعلان الرئيس الحريري دعم تيار <المستقبل> و14 آذار للدكتور سمير جعجع، فإن ردة فعل العماد عون ستكون الانكفاء عن الترشح على الانتخابات، وبالتالي مقاطعة الجلسة الانتخابية، وسيتضامن معه الحلفاء في 8 آذار، ما سيؤدي عملياً الى تعطيل الجلسات الانتخابية طالما أن المواقف لم تتبدل. وتضيف المراجع ان هذا الأمر تدركه <الجهات المؤثرة> محلياً وعربياً ودولياً وستعمل على تفادي الوقوع في هذا المأزق، من دون أن يعني ذلك أن ما هو غير مضمون بالنسبة الى فوز جعجع بالموقع الرئاسي الأول، ليس مضموناً أيضاً بالنسبة الى العماد عون إذا لم يحصل الاتفاق السعودي - الايراني - الاميركي - الروسي، على دعم انتخابه رئيساً. أما السعي الى <الرئيس التوافقي> فهو أيضاً غير مضمون في المرحلة الراهنة على الأقل، ما يعني ان الفراغ في موقع الرئاسة الأولى قد يقع بعد 25 أيار/ مايو المقبل، وان فرصة التوافق الإقليمي والدولي على إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية قد تنتظر استحقاقات أخرى مماثلة لاختيار مدى التوافق الاقليمي والدولي، وفي مقدمة هذه الاستحقاقات، الانتخابات في العراق في أواخر الشهر الجاري، والانتخابات الرئاسية في سوريا في حزيران/ يونيو المقبل، في ضوء المستجدات الأمنية والميدانية والدولية، وما يمكن أن ينتج عنها من مفاعيل، وكذلك الانتخابات الرئاسية في مصر يوم 28 أيار/ مايو المقبل، و مدى تسهيل الاميركيين لانتخابات المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً وفق ما تسعى إليه السعودية لمواجهة التدخل القطري المرتقب. أما الاستحقاق الآخر الذي سيؤثر حتماً على التوافق الاقليمي والدولي على إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل الفراغ في الموقع الأول، فهو مسار المفاوضات الايرانية - الغربية حول الملف النووي، وحجم التقارب الايراني - الاميركي حول هذا الملف الحساس، وإمكانية الوصول الى <تفاهم> ينسحب من الملف النووي.. الى ملفات أخرى في مقدمها الملف اللبناني!

لقاء عبد الله - <أوباما>

من هنا، تقرأ مصادر ديبلوماسية التكتم الشديد الذي سيطر على الشق اللبناني من المحادثات التي أجراها الرئيس الاميركي <باراك أوباما> مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وعدد من معاونيه الأسبوع الماضي، لاسيما وان ما رشح من معلومات قليلة جداً ركزت على أن الاتفاق تم بين الرئيس الاميركي وخادم الحرمين الشريفين انحصر في ضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان وعزله عما يجري في سوريا. أما في ما خص الاستحقاق الرئاسي فما تسرّب أشار الى حرص الطرفين على أهمية حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري. وفسّرت المصادر الديبلوماسية ما رشح من محادثات روضة الخريم السعودية  والاتصالات السعودية - الاميركية للاتفاق على خيار رئاسي لبناني واحد لم تصل بعد الى خواتيمها السعيدة، وان الرياض تنتظر المزيد من المعطيات حول هذا الملف وان واشنطن تنتظر بدورها ما ستؤول إليه هذه الاتصالات التي يرعاها من الجانب الاميركي السفير <ديفيد هيل> في بيروت، وهذا ما يفسر بالتالي عدم صدور أي موقف عن الاستحقاق الرئاسي من الرئيس سعد الحريري الذي ينسّق سعودياً وأميركياً في هذا الصدد.

Samir-Geagea-official-Photos-aldo-ayoub-29  

في المقابل، ترى المصادر نفسها ان التفاهم بين العاهل السعودي و<أوباما> حول اهمية الاستقرار في لبنان تُرجم عملياً من خلال <تسهيل> تنفيذ الخطة الامنية في طرابلس بسحر ساحر إثر اختفاء قادة المحاور وأنصارهم وسفر قادة الحزب الديموقراطي العربي، لاسيما علي عيد ونجله رفعت من جبل محسن، ثم دخول الجيش الى جبل محسن وباب التبانة على حد سواء، واستقبال أفراده بالورد والأرز والعطور، بدلاً من الرصاص وقذائف الـ<الآر بي جي> ورمايات القنص كما كان يحصل قبل يومين فقط من بدء تنفيذ الخطة الامنية التي قيل عنها الكثير، سلباً وإيجاباً، ورُسمت علامات استفهام حول جديتها وفعاليتها في حال سقطت، لأي سبب كان، المظلة التي رفعت فوقها ومكّنت الجيش من تحقيقها.. لكنها تبقى في مطلق الاحوال  أفضل بكثير من إهراق المزيد من دم الأبرياء، عسكريين ومدنيين، وتدمير طرابلس وضرب العيش المشترك فيها.

وسط هذه المعطيات، ثمة من يرى أن الرئيس بري يتجه الى دعوة مجلس النواب الى عقد جلسات متتالية، وهو على علم مسبق بأنه ما لم يحصل أي اتفاق على اسم الرئيس العتيد، فإن كل الجلسات ستبقى من دون نصاب، وربما أدت الى <إسقاط> مرشحين محتملين، الواحد بعد الآخر، بحيث لا يبقى إلا من هو محور الاتصالات الخارجية مع امتداداتها الداخلية التي تبقى بعيداً عن الإعلام، لأن الاقتراب من الضوء في هذه المرحلة هو شبيه باقتراب الفراشة من النور... أي الاحتراق!