تفاصيل الخبر

الإرهـــابي خـالـــد حـبـلـــص بـهـيـئـــة شبـيـهــــة بـ «ألـفـيـس بــــرسـلـي» بـفـضـــل عـمـلـيـــات تـجـمـيـــل!

12/06/2015
الإرهـــابي خـالـــد حـبـلـــص بـهـيـئـــة شبـيـهــــة  بـ «ألـفـيـس بــــرسـلـي» بـفـضـــل عـمـلـيـــات تـجـمـيـــل!

الإرهـــابي خـالـــد حـبـلـــص بـهـيـئـــة شبـيـهــــة بـ «ألـفـيـس بــــرسـلـي» بـفـضـــل عـمـلـيـــات تـجـمـيـــل!

 

بقلم عبير انطون

a00022 خالد حبلص أم هيثم قبوط؟ هارب من وجه العدالة أم <ألفيس برسلي الشرق>؟ أوهَمَ الطبيب بشخصية أخرى أم اتفق معه؟

هذه الأسئلة كانت تدور في مختلف الأروقة وعبر مختلف الوسائل الإعلامية منذ فترة، بعد ان أجرى أحد أطباء التجميل المشهورين في لبنان عملية تغيير في الشكل لإرهابي، يقول الطبيب انه لم يتعرف عليه مؤكداً انه دخل مشفاه الخاص ببطاقة مزورة. خضع خالد حبلص لتغييرات عدة أبرزها تعديلات في الوجه والأنف والجبين والقليل من <بوتوكس> الشفتين ونفضة للجفنين. المظهر الشبابي العصري، أو القناع الجديد الذي لبسه حبلص لم ينطلِ على قوى الأمن التي ألقت القبض عليه في التاسع من شهر نيسان/ أبريل 2015.

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها بالطبع، وهي الى توسّع في العالم اليوم مع تقدم التقنيات الطبية من جهة، وازدياد عدد المطالبين بتغييرات جذرية في شكلهم لأكثر من سبب يبقى في مقدمتها الهروب من العدالة.

في هذه الحالة، ما هي المسؤولية الواقعة على الطبيب؟ هل البطاقة المزورة التي يبرزها المريض تعفيه من المسؤولية؟ وما هو الرأي القانوي حول المسألة؟

<الافكار> وقفت على الرأيين الطبي والقانوني. أولاً ، مع جرّاح التجميل الدكتور سمير شحادة بحضور ابنه الطبيب البارع ايضاً في اختصاص الجراحة <البلاستيكية> الدكتور عماد شحادة. أما الرأي القانوني، فقد استطلعناه من المحامي بول مرقص الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت وكليات الحقوق، وصاحب مكتب <جوستيسيا للمحاماة> ومسؤول الدراسات القانونية في مجلة نقابة المستشفيات في لبنان وصاحب دراسات طبية عديدة منها <دليلك في الصحة> و<الخطأ الطبي> وسواهما.

 الدكتور سمير شحادة، وبعد اطمئنانه على أحد مرضاه أثنى على أهمية الموضوع وبدأ من زاوية تاريخية حول <البلاستيك سرجري>، ما يعرفه العامة بجراحة التجميل:

 - لقد بدأت جراحة التجميل بعد الحربين العالميتين لأن الأطباء كانوا يقومون بعمليات الترميم للعساكر خاصة مع حروق الطيارين. واشتهر جراحان في ذلك الحين في بريطانيا وكانا آنذاك يقومان بالتجارب في هذا المجال. اما تاريخياً، فقد بدأت جراحة التجميل في الهند، وهناك مخطوطات قديمة تشير الى ذلك تعود الى ما قبل السيد المسيح. كلمة <بلاستيك> مشتقة من الاغريقي <بلاستيكوس> اي صناعة أو خلق قالب ما. والجانب التجميلي لا يساوي سوى 12 بالمئة من الجراحات البلاستيكية. الناس تعرف هذا الجانب فقط إلا انه اختصاص واسع جداً.

  ويتابع الدكتور شحادة:

- في لبنان، لم يسمع أحد بجراحة التجميل قبل ان ينضم الى الجامعة الأميركية الطبيب <جوزف جون ماكدونالد> في العام 1946 اي بعد الحرب العالمية الثانية. كان جرّاح تجميل مشهور في الولايات المتحدة، أسس الجراحة العصرية في الجامعة الأميركية.

 ــ ما هي المسؤولية التي تقع على الطبيب الذي يجري عملية تغيير أو تجميل لإرهابي؟

ــ هناك نواحٍ ثلاث: طبية، وهي عندما نتخرج من الطب ونؤدي قسم <أبقراط>، فإننا نقسم على عدم إلحاق اي ضرر أو أذى بأي مريض، والناحية الانسانية وهي الأهم وتقضي بالاهتمام به وعدم استغلاله مادياً أو معنوياً. أما الناحية القانونية فهي تنص على ان كل من يتعاون مع مجرم هو شريك بالجرم.

حِيَل يكتشفها الطبيب

ــ هل يمكن لمتوارٍ عن العدالة ان يتقدم ببطاقة مزورة ويخضع لعمليات تغيير من دون ان يشك الطبيب بأمره؟

- الطبيب الشاطر لا يمكن ان تخفى عليه الدلائل والمؤشرات.. يعرفه للتو. انه جزء من التدريب الذي يتلقاه أثناء تدرجه في المهنة. على الطبيب ان يكون واعياً، فلا يعطي المرتكب فرصة ارتكاب جريمة أكبر. فالطبيب الجرّاح يواجه أشخاصاً بطلبات خاصة كثيرة تدل في بعض الاحيان على حالة نفسية غير مستقرة، وفي حالات أخرى على أهداف مشبوهة. على الطبيب ان يقف على أسباب عملية التغيير الذي يطلبه المريض ويمتنع عن القيام بها الا إذا اقتنع كطبيب بأسبابها. هناك أشخاص ينتقلون من جرّاح الى آخر في عمليات تجميل مستمرة. هؤلاء لن يرضيهم اي شكل لأنها حالة نفسية. أنا كطبيب اسأل عن سبب طلب تجميل الأنف مثلاً، قبل ان أنظر الى الأنف عينه. هناك دلائل ومؤشرات لا يمكن ان تنطلي على الطبيب حتى لو تقدم اليه المريض ببطاقة مزورة. الفئة العمرية ما بين العشرين والأربعين عند الرجل وحدها تثير الشكوك. ويمكن ان يثير الشكوك أيضاً ما يعرضه طالب التغيير على الطبيب من مال يفوق بكميته ما يتناسب مع حجم العمليات التي يطلبها. كذلك يمكن لجرّاح التجميل ان يحول من يشك بأمره لسبب معين الى طبيب نفسي ويقف عند رأي الأخير، وإذا لم ينفذ المريض ذلك تتوسع دوائر الشك بشكل أكبر عند الطبيب. عذر اي طبيب بقوله انه لم يتعرف الى إرهابي أو فارّ من العدالة هو اقبح من ذنبه بإجراء العملية.

ويخبرنا الدكتور شحادة:

- في الستينات، قصدني مهندس في السابعة والستين من العمر وطلب مني إجراء عملية شد للوجه. سألته عن السبب، فأجابني ان شركة <التابلاين> المعروفة تنوي مد خط غاز من ايران الى أوروبا، وقال لي: أنا موظف في الـ<اي بي سي> وأنوي العمل على المشروع. اذا رأوا شكلي، لن يعطوني فرصة مقابلة المسؤولين، وموعدي معهم بعد ثلاثة أشهر. اذا كنت بمظهر الشاب النشيط والنابض بالحيوية والعمل يمكنني ان أحظى بهذه الفرصة. انا كطبيب اقتنعت بالسبب وأجريت له العملية. لكن لو كان سببه انه طلق حديثاً وينوي الزواج من فتاة تصغره في السن، لما كنت قد أجريت له هذه العملية ابداً. فمن واجبات الطبيب أحياناً ان يرفض إجراء عملية. من يدخل باب عيادتي هو من مسؤوليتي وعليّ كطبيب ان أسأل عن الأسباب: هل هرب من أمر ما؟ أو هل يخفي أمراً ما؟

SAM_5699وحول هذا الموضوع، يستحضر الدكتور شحادة ذكريات من الحرب:

- أيام الحرب المشؤومة، كان يزورني محاربون في الكتائب مثلاً، يدخلون الى مستشفى الجامعة ويطلعونني على اسمهم الحقيقي الا انهم يغيرون اسمهم حتى لا يقتلوا من قبل الاحزاب الأخرى حينئذٍ وكنت أوافقهم على ذلك لأنني كطبيب من واجبي معالجتهم وحمايتهم.

ــ هل تلاحق النقابة الأطباء المشاركين في عمليات تغيير في الشكل للتمويه؟

 - الصفة القانونية للملاحقة منوطة بوزارة الصحة. للنقابة مجلس تأديبي وهذا كما اي أمر في لبنان مسيس. وحتى عندما يتخذ المجلس قراراً ما، فإنه يتلقى الاتصالات والتهديدات.

ــ ماذا يفترض بالطبيب ان يقوم به في حال اكتشف ان مريضه إرهابي أو مطلوب؟

 - عليه التبليغ  ليس كطبيب، بل كمواطن لبناني. في الشارع، اذا رأيت رجلاً يقتل زوجته، ألا يجب التبليغ عندئذٍ كمواطن؟ وإلا أكون بشكل أو بآخر شريكاً في هذه الجريمة.

ــ هل يمكن تغيير وجه بالكامل عبر عمليات التجميل؟

- يمكن ذلك، ويتطلب عدة عمليات طبعاً.

ــ هل قمت بأية عملية تحويل جنسي من ذكر الى أنثى وبالعكس؟

- قمت بها عندما كنت طبيباً متمرناً في الجامعة الأميركية اي لم أكن المسؤول الاول عن العملية. جاءنا حينئذٍ شاب من دولة عربية، كان صبياً وقال انه عاش طوال حياته كفتاة. في أميركا يطلبون مثل هذه العمليات بشكل عادي جداً، إلا انني رفضت القيام بحالة أو اثنتين تقدمتا إلي للتحويل الجنسي لأنها تتطلب مراكز متخصصة ومجموعة من الأطباء. بهذه الحالات من الضروري وجود طبيب نفسي وطبيب للغدد مع وجود كاهن أو شيخ لأن هذا التحويل من جنس لآخر يخلق توترات مع الأهل أو المحيط أو المدرسة.

ــ وما هي حقيقة الاسباب التي تستدعي مثل هذه العمليات؟

 - هناك أسباب جينية وخلقية وأخرى سيكولوجية تماماً.

بول مرقص وملاحقة الأطباء

 

بعد الرأي الطبي، نفتح دفاتر القانون مع المحامي الدكتور بول مرقص ونسأله:

ــ في القوانين المعمول بها حالياً في لبنان، هل تجري ملاحقة طبيب تجميل أجرى عملية <تغيير> في الشكل الى مريض هارب من وجه العدالة؟

- يرتبط هذا الأمر بفكرة التدخل في الجريمة، فتنص المادة 219 فقرة 5 من قانون العقوبات اللبناني على ما يأتي: <يعد متدخلاً في جناية أو جنحة من كان متفقاً مع الفاعل أو أحد المتدخلين قبل ارتكاب الجريمة وساهم في إخفاء معالمها أو تخبئة أو تصريف الأشياء الناجمة عنها، أو إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا فيها عن وجه العدالة>. لكن الأمر مرتبط أيضاً بتحقق النية الجرمية أو أكثر تحديداً الركن المعنوي للجريمة والذي يمكن أن يكون غير متوافر لدى الطبيب.

ــ هل من مسؤولية على الطبيب اذا تقدم اليه إرهابي لإجراء عملية ببطاقة مزورة؟

-كلا لأن لا نية جرمية لديه، وبالتالي لا وجود للعنصر المعنوي ما لم يثبت العكس، كأن يكون قد استقبله كمجرد مريض وليس كإرهابي وبالطبع الطبيب ليس من واجبه أو بمقدوره التحقق من أدبيات المرضى وسلوكهم. كما تنص المادة 224 من قانون العقوبات اللبناني على أنه <لا يعاقب كفاعل أو محرض أو متدخل في جريمة مقصودة من أقدم على الفعل بعامل غلط مادي واقع على أحد العناصر المكوّنة للجريمة>. وتضيف المادة: <إذا وقع الغلط على أحد الظروف المشددة لم يكن المجرم مسؤولاً عنه، وهو بعكس ذلك يستفيد من العذر الذي جهل وجوده>. وتطبّق هذه الأحكام في حالة الغلط الواقع على هوية المجنى عليه. وهذه العبارة الأخيرة بالغة الأهمية في حالتنا الحاضرة.

 ــ هل من دور لنقابة أطباء التجميل أو نقابة الأطباء بشكل عام في هذا المجال؟

- ليس هناك نقابة أطباء تجميل، بل هناك نقابتا أطباء في بيروت وطرابلس وان قانون تنظيم مهنة الطب في لبنان يرعى المبادئ التي تخضع لها مهنة الطب وأصول ممارسة المهنة من حيث تنفيذ العمل الطبي والأخلاقيات الطبية.... أما مسألة التحقق من المرضى ومسارهم العدلي وكشف هوياتهم، فذلك يخرج عن نطاق العمل الطبي وصلاحية نقابة الأطباء.

صورة-خالد-حبلص-قبل-وبعد-عمليات--النغيير-فغي-الشكل-التي-خضع-لــ إذا تعرّف طبيب على إرهابي لجأ إليه لعملية تغيير ملامحه، ما الذي يجب على الطبيب ان يفعله؟

- الإبلاغ عنه طبعاً، ذلك أن المبدأ والأصل يقضيان بأنه يُمنع على الطبيب الإبلاغ عن مريض اعترف له بارتكاب جرم. أما في حال اكتشافه اقتراف جرم خلال معاينته مريضاً وجب عليه إبلاغ النيابة العامة بموجب المادة 7، فقرة 5 من قانون الآداب الطبية، وموجب إخبار السلطات عينه ينطبق في حال إسعاف مريض وقع ضحية جريمة بمقتضى المادة 400 من قانون العقوبات.

ــ ألا يتناقض التبليغ، في حال تم ّ، مع مبدأ <السرية> وخصوصية المرضى؟

- لا، ففي المستشفيات مثلاً يتم إبلاغ قوى الأمن عن الحالات التي تدخل والتي تتعرض لحوادث كي يتم التحقيق فيها وفقاً للأصول، فالاعتبارات الأمنية والعدليّة تتفوق على الاعتبارات الخاصة المتعلقة بالسرية المهنية، فضلاً عن أنه إذا أجرى الطبيب عملية وهو على علم بهوية المريض، فذلك يجعله متدخلاً بالجريمة كما أشرنا سابقاً لأنه يكون قد ساعده على الإختباء، وكل ذلك بناءً على المواد القانونية التي أشرت إليها وبحدود هذه الأحكام.

ــ كيف يمكن تطوير قوانيننا اللبنانية للحظ هذه المسائل وهي الى ارتفاع في لبنان وحول العالم (التعاون بين الدوائر الامنية والأطباء)؟

- يمكن إنشاء جهاز يربط بين المستشفيات وقائمة البيانات الشخصية لدى القوى الأمنية وتحديداً الأمن العام ومديرية الأحوال الشخصية عن طريق البصمة أو الهوية للتأكد من هوية كل مريض يدخل للعلاج أو لإجراء عملية في مستشفى أو مركز طبي، وطلب الاستعلام عن عدم وجود أي ملاحقة بحقه كي لا يكون هادفاً من وراء عملية التجميل الى التفلّت منها، وكذلك إلزامه بإبلاغ هذه السلطات مسبقاً برغبته هذه وبصورة حديثة عنه لاحقاً لعملية التجميل وسواها من الإجراءات الممكنة، إلا أن ذلك أمر دقيق وصعب بسبب نظام السرية المهنية والطبية...كما ان ذلك لا يغني في مطلق الأحوال عن تكثيف الأمن بهدف القبض على المجرمين قبل وصولهم إلى المراكز الطبية.