تفاصيل الخبر

الإرهـاب يــحاول اغـتـيـال الـربـيـع الـتونـسي.. والـتقـاريــر الأمـنـيــة الغـربـيــة تـحـذر لبــنان مـن أعمــال إرهـابـيـــة ولائـحـــة اغـتـيــــالات!

02/04/2015
الإرهـاب يــحاول اغـتـيـال الـربـيـع الـتونـسي.. والـتقـاريــر الأمـنـيــة الغـربـيــة تـحـذر لبــنان مـن أعمــال إرهـابـيـــة ولائـحـــة اغـتـيــــالات!

الإرهـاب يــحاول اغـتـيـال الـربـيـع الـتونـسي.. والـتقـاريــر الأمـنـيــة الغـربـيــة تـحـذر لبــنان مـن أعمــال إرهـابـيـــة ولائـحـــة اغـتـيــــالات!

بقلم صبحي منذر ياغي 

تبدي الاوساط الأمنية في لبنان مخاوفها جراء تدفق مجموعات أصولية وتكفيرية الى لبنان، ومن احتمال تعرض البلد لعمليات إرهابية، في ظل الفوضى العارمة التي تضرب دول المنطقة والفلتان الذي يصيب اكثر من منطقة، ولعل ابرزها تونس التي كانت المحطة الاولى لاندلاع الثورة التي بشرت بالربيع العربي، لذا ما جرى في تونس جعل الجميع يعيش بما يشبه حالة من الاحباط والمخاوف والقلق من هذا الإرهاب الذي ارهاب-باسم-الدينيضرب كيفما كان وفي كل مكان.

في 21 آذار/ مارس 2012، نشرت صحيفة <لوموند الفرنسية> تصريحات لوزير الداخلية آنذاك والقيادي في <حركة النهضة> علي العريض ذكر فيها أن السلفية الجهادية تمثل أكبر خطر على تونس. وفي الشهر نفسه من العام 2015 الحالي ارتكب بعض عناصر السلفية الجهادية جريمتهم التي أسفرت عن قتل أكثر من 20 شخصاً بينهم 17 سائحاً كانوا في زيارة متحف <باردو>، في واقعة هي الأكبر من نوعها منذ أن حصلت تونس على استقلالها في عام 1956.

في هذا الصدد، رأى الكاتب فهمي هويدي ان ما فعلوه انهم وجهوا ضربة موجعة للاقتصاد التونسي الذي تعد السياحة أحد أهم المصادر التي يعتمد عليها. وخلال السنوات الثلاث، بين عامي 2012 و2015، لم يتوقف الصراع بين الأمن التونسي والمجموعات الإرهابية التي لم تتوقف عملياتها سواء على الحدود مع الجزائر بوجه خاص، أو في قلب العاصمة.

وأضاف: <ما حدث في تونس يعيد إلى أذهاننا مسلسل الجرائم التي قامت بها في سيناء عناصر السلفية الجهادية، إلا أن الصدى السياسي اختلف في البلدين، إذ في حين أدت حوادث تونس إلى إسقاط حكومتين وإحداث تغيير في قيادة جيش البر، فإن ما جرى في سيناء مصر لم يكن له صدى يذكر في هيكل السلطة السياسية أو أداء الحكومة>.

جان-اوغاسبيان-2تشويه الربيع

ما حدث في تونس اعتبره الباحث محمود طه في حديث مع  <الافكار> بمنزلة ضربة لربيع عربي بدأت تباشيره في تونس منذ ان قام البو عزيزي بإحراق نفسه، وتميزت تونس بتغييرها الديموقراطي وتجربتها الديموقراطية، بحيث أظهرت فعلاً انها الدولة الوحيدة التي بقي فيها الربيع ربيعاً.

واضاف: <مع هذه النشاطات الإرهابية، هناك من يريد ان يزيل الوجه الجميل الوحيد لهذا الربيع العربي الذي تمكن البعض من تشويه وجهه ومبادئه وغاياته وأهدافه>.

رغم فداحة الجريمة التي وقعت في متحف <باردو>، فإن ماكينة السياسة تحركت بسرعة لمواجهة الموقف، إذ عقد الرئيس باجي قايد السبسي لقاء مع قادة الأحزاب السياسية لمناقشة الحدث، كما أنه رأس اجتماعاً للحكومة، وفي مساء اليوم نفسه خصص البرلمان جلسته لدراسة كيفية مواجهة الموقف، في حين أن رئيس الوزراء اعترف بأن التقصير الأمني كان له دوره في تيسير ارتكاب الجريمة.

وبالتوازي مع هذه التحركات السياسية، دُعي مجلس الأمن الوطني للانعقاد وكذلك المجلس الأعلى للجيوش التونسية، كما كانت الأجهزة الأمنية تؤدي دورها سواء في ملاحقة المتهمين أو التحقيق مع المشتبه بهمالذين لم يتجاوز عددهم 20 شخصاً. تحركت السياسة جنباً إلى جنب مع الأمن لمواجهة الموقف.

الإرهاب

الإرهاب وفق تعريف احد اساتذة علم الاجتماع هو اي عمل عدواني يستخدم العنف والقوة ضد المدنيين، ويهدف الى اضعاف الروح المعنوية، عن طريق إرهاب المدنيين بشتى الوسائل العنيفة. والإرهاب يستهدف الطائرات المدنية، وما تتعرض له من اختطاف، والمدينة المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات، ويعرف كل من يضلع في بث الخوف والرهبة في قلوب الآمنين بـ<الإرهابي>.

وتمارس دول بنفسها أو عبر عملائها وأدواتها الإرهاب والاغتيالات السياسية التي تستهدف كل من يشكل حجر عثرة في وجه مصالح هذه الدول، أو يخالفها في توجهاتها، وفي خطها السياسي، أو كل من يشكل خطراً أمنياً عليها. وفي رأي المطلعين والباحثين، ان عمليات الاغتيال التي تستهدف الشخصيات السياسية البارزة لا تتم بقرار محلي، بل لا بد من غطاء دولي لمثل هذه العمليات التي تبقى أسرارها طي الكتمان، ونادراً ما يُكتشف فاعلوها ومنفذوها، بعكس لا-دين-لهالجرائم الصغيرة المحلية التي تتباهى الاجهزة الأمنية باكتشافها خلال ساعات أو اسابيع..

كثيراً ما تؤدي الاغتيالات التي تستهدف الشخصيات والرؤساء الى مقتل عدد من المرافقين والمارة والابرياء من المواطنين الذين يصبحون ضحية صراعات سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. حتى باتت هذه الجرائم الحلقة المفزعة في مسلسل الإرهاب الدموي المستمر منذ فجر التاريخ.

تاريخ حافل بالجرائم

وتاريخ البشرية حافل بجرائم الإرهاب والاغتيالات السياسية التي طالت رؤساء وملوكاً، وشخصيات بارزة، ولعل أبرزها اغتيال ولي عهد النمسا <فرنسوا فردينان> على أيدي احد الصربيين المتطرفين والتي كانت الشرارة الاولى لاندلاع الحرب العالمية الاولى.

والإرهاب الذي ترعاه الدول يكون أكثر نجاحاً من الإرهاب الذي تمارسه المجموعات المحلية، بسبب التدريب المتاح، والاموال المتوافرة للحصول على اسلحة ومتفجرات وسيارات، كما ان الدول توفر لعناصرها ومجموعاتها الدعم لتعزيز إمكانيات تحركاتها، كجوازات السفر، تأشيرات الدخول، وسائل التخفي وأدوات القتل، والهواتف وأجهزة الاتصال المتطورة، الحماية..

الاغتيال

تعتبر عمليات الاغتيال من اهم فصول الإرهاب، ومن أبرز الوسائل التي يلجأ اليها الإرهابيون لتحقيق مآربهم وغاياتهم، وأسباب الاغتيال ودوافعه كثيرة ومتنوعة.

النائب جان أوغاسبيان الذي كان برتبة مقدم في الجيش اللبناني وفي عداد لواء الحرس الجمهوري أيام الرئيس الياس الهراوي يرى ان أهم اسباب عمليات الاغتيال هي:

- أسباب ثورية أو سياسية: اذ انه غالباً ما تلجأ المجموعات التي تشعر برغبة في تغيير الحكم القائم الى اغتيال كبار المسؤولين، ويعتقد القاتل ان الاشخاص المستهدفين يمثلون الحكم الذي هو سبب القمع وعدم الانصاف والاضطهاد.

- أسباب اقتصادية: يُعتبر الضحية في عمليات الاغتيال مسؤولاً عن الاحوال الاقتصادية السيئة والفقر والحرمان التي تؤثر مباشرة على دولة ما أو مجموعة من الناس، وعلى القاتل نفسه.

- أسباب ايديولوجية ودينية: يؤمن القاتل ان الضحية تعرّض المبادىء التي يؤمن بأهميتها للخطر. وقد تنبثق الاسباب الايديولوجية لعملية اغتيال من معتقدات دينية وعقائدية، اذ يأمل القاتل في تغيير النظام القائم. وقد يرغب القاتل في لفت الانظار المحلية والعالمية لمجموعته عن طريق استخدام الإرهاب.

المناضلة الفلسطينية السيدة تريز هلسة التي شاركت مع مجموعة من الفدائيين في 8/5/1972 في خطف الطائرة البلجيكية <سابينا>، وعلى متنها 80 مواطناً اسرائيلياً اعتبرت في حديث سابق لها: <ان عملية الخطف هذه كانت لسببين: الاول إسماع صوت القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، والثاني الضغط على اسرائيل لاطلاق سراح السجناء الفلسطينيين..>.

هل-تعود-التفجيرات-الى-لبنان- أسباب شخصية: يغتال القاتل شخصاً بدافع الثأر، أو الغيرة، أو الكراهية أو الغضب الشديد، أو بسبب خلافات نسائية وعائلية أو دوافع شخصية أخرى.

- أســباب نفسية: يكون الخــلل العقلـــــي والعاطفــــي أو التعصب من اهم العوامل المسببة لأغلب الاعتداءات التي وقعت، وفي معظم الاحوال، تظهر على الرجال الذين يرتكبون عمليات اغتيال علامات تدل على انهم يعانون مشاكل نفسية، حتى ولو كانت الاسباب الحقيقية لعملية الاغتيال ثورية أو اقتصادية أو ايديولوجية، ولا يشكّل وجود أكثر من سبب واحد لعملية الاغتيال امراً غريباً الا ان الاسباب النفسية هي الاكثر شيوعاً..

 

معلومات أمنية خاصة

وتخشى الأوساط الأمنية في دردشة مع <الافكار> من تحوّل لبنان ساحة نزاعات دولية واقليمية، وعودته <صندوق بريد> لأنّ الأمن اللبناني غير ممسوك بفِعل قواه الأمنية، بل بفضل التوازنات والحسابات الدولية، في حين أن الخوف الأكبر يكمن في أنشطة جماعات أصولية، تحت مسميات متعددة، لأنها مرتبطة بأجهزة مخابراتية متنوعة، لها أدوار محددة في مجال الاغتيالات والتفجيرات.

ومن ناحية أخرى، كشف مسؤول أمني لـ<الافكار> عن معلومات وَردت من <جهاز أمني غربي> تؤكد وصول خلايا تابعة لتنظيم <داعش> مدربة على الاغتيالات والخطف وهي برئاسة الفلسطيني محمد ق. ولقبه (الديك)، طويل القامة، شارك في مهمات إرهابية في العراق. وعلم انه من بين الخلايا الأخطر خلية تطلق على نفسها اسم (خراسان) وهي برئاسة المدعو السوري حازم ع. هـ. من مهامها القيام باغتيالات تستهدف شخصيات أبرزها: وزير العدل أشرف ريفي، النواب أحمد فتفت، خالد الضاهر، النائب السابق مصطفى علوش وشخصيات دينية: الشيخ سالم الرافعي، الشيخ نبيل رحيم، الشيخ رائد حليحل والشيخ مصباح الحنون.

ومن الخلايا ايضاً خلية تعرف باسم (القارعة) برئاسة بلال ع.، وهو يدير مجموعة من ثمانية أشخاص مكلفة بتنفيذ عمليات الاغتيال ويعاونه شقيقه محمد ع.

والهدف من هذه الاغتيالات، كما تؤكد الاوساط الأمنية، تفجير الوضع الداخلي وإثارة الفتن المذهبية، في الوقت الذي يقوم فيه تنظيم <داعش> بوضع بعض هؤلاء الاشخاص على لائحة الكفار والمتعاملين مع الدولة الصليبية وحزب الله الشيعي وإيران من خلال مواقفهم وتصرفاتهم.

الشيخ مصباح الحنون رجل الدين الثالث على لائحة الاغتيال قال في حديث خاص سابق مع <الافكار>: <سبق ان وصلني تهديد عبر <الواتس آب>، كما تم نصب كمين لي سابقاً في وادٍ بين ضهر العين وأبي سمرا>. وعن سبب ورود اسمه على لائحة الاغتيالات المنسوبة إلى تنظيم <داعش>، قال: <عندما بايعوا أبو بكر البغدادي اعتبرت ان المبايعة باطلة شرعاً، وبعد انتشار ما أخبرت به ووصل الأمر إلى الشباب في حلب انفصل عدد منهم عن هذا التنظيم، بعد ذلك قام <داعش> بتحقيق واكتشف سبب انفصالهم، إذ ذاك أرسل قرار قتلي الى أميرهم الذي كان في طرابلس.. وأكد انه عاد مؤخراً من منطقة القلمون نحو خمسة أو ستة أشخاص لديهم الأمر بقتلنا. أما جميع الاسماء غير السلفية التي نشرت في اللائحة فهي للتمويه و<داعش> يريد فقط قتل السلفيين لأنهم فضحوا حقيقته.

من جهة أخرى، أكدت مصادر قريبة من مخابرات غربية ان سفيراً غربياً في لبنان أبلغ الاجهزة الأمنية اللبنانية مؤخراً بمعلومات عن قيام خلية أصولية تابعة لـ<داعش> بالتخطيط لخطفه أو قتله، وان مسؤول الخلية تونسي يدعى منصور الملقب بـ(أبو عمر الفرنسي) يحمل الجنسية الفرنسية.

خلط الأوراق

الشعب-التونسي-.

الأوساط الأمنية تابعت المعلومات بدقة، محذرة من اضطرابات أمنية قد يشهدها لبنان، في ظلّ التعقيدات الإقليمية المترافقة مع ارتفاع منسوب التوتر الأمني والعسكري في سوريا، بسبب سياسة <قلب الطاولة وخلط الأوراق>.

الموساد على الخط

ولفتت الأوساط، من جهة أخرى، الى احتمال عودة النشاط المخابراتي الاسرائيلي، بالتوازي مع تزايد الانشطة الأصولية والمخابراتية الأخرى، واكتشاف بعض عملاء الموساد مؤخراً، وذلك يدخل في إطار النزاعات الاستخباراتية الصامتة، والتي كانت وما زالت تتخذ من بيروت مسرحاً لها، كما في فترة الستينات.

وكان مسؤول في دولة اوروبية ترتبط بعلاقات تاريخية مع لبنان عبّر، خلال لقاء مع أحد النواب اللبنانيين عن مخاوف من معاودة جهاز الموساد الاسرائيلي إحياء <خلاياه النائمة> في لبنان، والتي تمكنت من اختراق مفاصل أساسية وحساسة، وأن تكون لها مهمات من شأنها زيادة التعقيدات المحلية.

لذا، دَعت الأوساط الى ضرورة تفعيل عمل الاجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، لحماية الساحة من العمليات الإرهابية والنزاعات المخابراتية الاقليمية التي قد تدور على أراضيها في نطاق صامت، وحماية البلد قدر الإمكان من عواصف أمنية إقليمية قد تهبّ عليه وتتسبب بأضرار جسيمة، خصوصاً مع ارتفاع منسوب موجة التسلّح في صفوف المواطنين، خلال الفترة الأخيرة.