تفاصيل الخبر

الإرهاب وإسرائيل والدين العام بمستوى الخطر نفسه على البلد!

18/08/2017
الإرهاب وإسرائيل والدين العام بمستوى الخطر نفسه على البلد!

الإرهاب وإسرائيل والدين العام بمستوى الخطر نفسه على البلد!

 

بقلم خالد عوض

رياض-سلامة

<رئيس الجمهورية الذي نحن مضطرون لتحمله هو جاهل للتاريخ، عشوائي، وصبي مشاكس في موقع الملك...>. لو جاء هذا الكلام على لسان أو في تغريدة أي لبناني أو لبنانية لنام هذا الشخص ليلته في السجن من دون أن يعرف متى وكيف سيخرج، ولكنه عندما يأتي على صفحات جريدة <النيويورك تايمز> وبقلم <توماس فريدمان> فهو لا يعدو كونه إنتقاداً عادياً جداً لـ<دونالد ترامب>. الرئيس سليم الحص يردد دائما أن في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية. هذا صحيح، ولكن عندما تصبح ناشطة مثل <هنادي جرجس> في السجن بسبب منشور لها على <فايسبوك> فهذا يعني أن الكثير من الحرية الذي يتحدث عنه <ضمير لبنان> ما زال ناقصاً. ليس المطلوب توزيع الشتائم أو الإهانات على الرؤساء أو تحقير أي أحد في ظل المنابر المجانية التي اتاحتها مواقع التواصل الإجتماعي، ولكن هناك ناحية إقتصادية مهمة تربط حرية التعبير بالنمو الإقتصادي.

وجود حرية في التعبير لا يعني أبدا أن الإقتصاد سينمو بسببها، ولكنه يؤمن جوا إيجابيا لتحفيز الإبتكار (INNOVATION). وهذا بدوره، خاصة في هذه الأيام، يشكل منصة مهمة للتطور الإقتصادي. ورغم وجود نظريات مناقضة للعلاقة بين الحرية وبين النمو الإقتصادي بشكل مطلق، مستندة إلى أمثلة شرقية مثل <فيتنام> و<الصين> وغيرها من دول آسيا، إلا أن العلاقة بين حرية الرأي والتعبير وطاقة المجتمع الإبتكارية لا يمكن دحضها. فالأمثلة الإقتصادية الآسيوية الناجحة لم تقم أساسا على الإبتكار أو الإختراع بقدر ما اعتمدت على الإنتاج الكمي والتنافسي (MASS PRODUCTION) والعمالة الصناعية الرخيصة، بينما معظم النهضة الغربية جاءت من الإبتكار. والحالة الغربية هي التي تنطبق على لبنان ودول عربية عديدة حيث الإمكانيات والبنية التحتية الصناعية غير متوافرة وحيث القدرة على الإبتكار هي التي تستحق أن تستثمر. وأحد أهم عامل في توفير البيئة المشجعة على الإختراع هو موضوع الحريات، حرية التعبير وحرية الرأي وحرية المعتقد.

الحالة الاقتصادية اللبنانية اليوم في غرفة العناية الفائقة. لولا ذلك، لما تعثر إقرار سلسلة الرتب والرواتب وإضطر رئيس الجمهورية إلى الدعوة من خارج المؤسسات إلى حوار حولها. المشكلة ليست في توفير الحريريالتمويل لها بل بنسبة التضخم التي ستليها. التوقعات المالية تشير أن إقرار السلسلة سيؤدي إلى تضخم يتجاوز الخمسة بالمئة وإلى مزيد من النمو في إقتصاد التهريب أي مزيد من الضغوط على الإقتصاد <الشرعي>، ما يعني انه بدل أن تكون السلسلة فرصة للإصلاح سيفتح اقرارها باباً أكبر للفساد. من الواضح أن إقرار السلسلة في الظروف الإقتصادية الحالية وفي ظل العشوائية الجمركية والإنفلات الكامل فيالتهريب هو نوع من الإنتحار الإقتصادي لا يمكن للبلد أن يتعايش معه من دون ثمن مالي باهظ.

هناك معطيات مالية لا بد من التيقظ لها قبل الكلام عن السلسلة. الدين العام إقترب من حافة الثمانين مليار دولار وخدمة الدين السنوية أصبحت تلامس الخمسة مليار دولار أي أكثر من نصف كل واردات الخزينة، وإذا تفاقم عجز الموازنة بسبب السلسلة فسيصل الدين العام الى مئة مليار دولار قبل سنة ٢٠٢٠. ومع غياب النمو الإقتصادي لن تتأخر نسبة الدين من الناتج المحلي المقدر بـ٥٦ مليار دولار بالعودة إلى مستويات قريبة من ٢٠٠ بالمئة. كل هذا يعني أن الفوائد ستعود إلى القفز صعوداً وأننا سندخل قريبا في دوامة ديون وضغوطات مالية كبيرة.

فإذا كان الفساد أحد أهم أسباب ما نشهده اليوم من تراجع إقتصادي ومالي، وإذا كان من أهم الأخطار على الكيان اللبناني، لماذا لا تنبري المقاومة، المشكورة على محاربة إسرائيل والإرهاب، إلى التصدي له بدلا من التحالف مع حماته من السياسيين؟

بين قمع الحريات وبالتالي خنق بيئة النمو، وبين تشجيع التهريب وتضخيم الدين العام، لا يمكن أن يصح الوضع الإقتصادي اللبناني في المدى المنظور. ومع غياب يد العون الخليجية أو مؤتمرات <باريس> الإنقاذية، على أشاوس السياسة أن يواجهوا وحدهم مصيراً مالياً للبنان لا يقل سواده عن راية الدولة الإرهابية أو حقد إسرائيل.