تفاصيل الخبر

الانـتـخــــابات الـنـيـابـيـــــة وأثــرهـــــــا الاقـتـصــــــادي مــن خــــلال ضـــــخ الأمــــوال فــي الـســــــوق!

11/05/2018
الانـتـخــــابات الـنـيـابـيـــــة وأثــرهـــــــا الاقـتـصــــــادي  مــن خــــلال ضـــــخ الأمــــوال فــي الـســــــوق!

الانـتـخــــابات الـنـيـابـيـــــة وأثــرهـــــــا الاقـتـصــــــادي مــن خــــلال ضـــــخ الأمــــوال فــي الـســــــوق!

بقلم طوني بشارة

20180505_100544

يعاني لبنان منذ سنوات من ترد اقتصادي وتراجع في النمو وضيق في السيولة، تآلفت جميعها فخلقت جواً ضاغطاً حرّكته المبادرات الخجولة لكنها لم تنتشله تماما من حفرة الركود، ومع أن البعض توسّم خيرا من عودة المؤسسات إلى العمل منذ بداية العام الماضي، إلا أن ما حصل لم يكن بالقدر المرتجى وظلّت الحال دون المأمول.

إلا انه في الآونة الأخيرة وفي ظل ما تم تناقله من تهم واخبار وروايات عن انفاق انتخابي مرتفع جدا في ظل القانون الجديد منذ بداية الانتخابات وحتى يوم حصولها في 6 أيار/ مايو الجاري وما تم ذكره عن أموال انفقت عبر الإلتفاف على القانون، كثر الحديث عن إمكانية ان يشكل المال الانتخابي المنفق محرّكا مهمّاً للاقتصاد خصوصا أنها كانت الإنتخابات الأولى بعد تمديد لأكثر من ولاية نيابية كاملة، وأنها جرت على أساس قانون نسبي أطلق بقوّة سباق التنافس بين المرشحين على الصوت التفضيلي، وهي المرّة الأولى التي يصل فيها عدد المتقدّمين لخوض الإنتخابات النيابية إلى 976 مرشحا.

الانتخابات والاثر الاقتصادي!

وبالعودة الى قضية الانتخابات نرى ان المواطن اللبناني ما زال يعتبر الانتخابات رديفاً للديمقراطية على اعتبار انها تُطلق بلا شك دينامية تفتقد مثيلها المجتمعات خارج الزمن الإنتخابي، لكنّها من زاوية أخرى كان لها أثر اقتصادي كبير كونها ساهمت بضخ الأموال في السوق، لاسيما وانه يُعتبر من النفقات الإنتخابية كل إنفاق مباشر أو غير مباشر يهدف الى التسويق لمرشّح أو لكيان سياسي في الانتخابات، والنفقات تبدأ منذ إعلان ترشيح الفرد ولغاية إنتهاء عملية الفرز وتشمل: الإتصالات - الهاتف - الإنترنت - الإعلانات في وسائل الإعلام والمواد الدعائية والتسويقية مثل طبع وتوزيع المنشورات والملصقات الإعلانية والصور - بدل النقل والمواصلات - التكاليف الإدارية كبدل إيجار المكتب الإنتخابي - ورواتب الموظّفين والسكرتير والحاجب - تكاليف البريد منه وإليه - نفقات الإجتماعات العامة - بدل أتعاب المندوبين الماليين ومساعديهم الحراس الشخصيين والمستشارين - النفقات المرتبطة بتوظيف أعضاء الحملة الإنتخابية كالمتخصصين في المكننة في إدارة الحملة الإعلانية.

 مما يعني أنّ سقف الإنفاق في الإنتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار/ مايو قد تخطّى عتبة المليار ونصف المليار دولار، وأنّ هذه الحركة سترفع النمو الاقتصادي بين النصف بالمئة والواحد بالمئة، خصوصاً أنّ القانون النسبي مع الصوت التفضيلي يزيد من حدة المنافسة في كل المناطق، ما يحتّم زيادة في الإنفاق.

 وهذا ما سيؤدي إلى زيادة النمو وتحريك عجلة الاقتصاد لاسيما أن القانون الجديد حدّد أبواباً عدّة للإنفاق لم تكن واردة في القوانين السابقة، منها قيمة القسم المُتحرك من الإنفاق، كذلك بالنسبة إلى تحديد سقف الإنفاق الانتخابي للائحة بـ 150 مليون ليرة عن كل مُرشّح ينضوي فيها، ويُشكّل هذا البند الذي لم يكن موجوداً في القانون السابق إضافة بارزة وأهمية كبيرة...

 فإلى أي مدى يؤدّي حجم هذا الإنفاق إلى تحريك الاقتصاد، وكيف ينظر إليه الاقتصاديون؟

 حبيقة وفرصة تفعيل الاقتصاد!

<الأفكار> نقلت رأي الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الذي اعتبر ان إجراء الانتخابات النيابية هو قبل كل شيء تأكيد على استمرار الديموقراطية في لبنان، وهذا أمر صحّي في الحياة السياسية اللبنانية، ومن الطبيعي أن تكون له انعكاسات على المستوى الاقتصادي المرتبط سلبا أو إيجابا بالأوضاع السياسية، قائلاً:

- الديموقراطية أساساً تعتمد على الانتخابات بخاصة انتخابات المجلس النيابي لأن هذا الأخير يعطي الثقة للحكومة وهو أيضاً من ينتخب رئيس الجمهورية، وان القانون الانتخابي الجديد يبعث الأمل أكثر في لبنان.

وأضاف حبيقة:

- من الناحية الإجتماعية، فالإنتخابات النيابيـــة تحرّك المجتمع اللبناني عن طريق المنافسة الإيجابية بين العائلات والأحزاب والمناطق والطوائف وهي تضفي أجواء إيجابية، أما من الناحية الاقتصادية، فهناك مسألة الإنفاق الإنتخابي لما يزيد عن الـ900 مرشح للنيابة الذين انفقوا المال طوال فترة الانتخابات مما حرك وسيحرك العجلة الاقتصادية بدءاً من المطاعم والفنادق والمواصلات وغيرها وذلك ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي، وكذلك وسائل الإعلام قد انتعشت بفضل الانتخابات النيابية، الامر الذي سينتشلها من أزمة تراجع مداخيلها في السنوات الماضية.

ولفت حبيقة إلى أن الحيوية الاقتصادية جراء الانتخابات النيابية سوف تتأتّى لصرف أكثر من مليار دولار، ومهما كانت النتائج فسوف تطوى صفحة قديمة ويبدأ العمل بصفحة جديدة في تاريخ لبنان.

وردا عن سؤال حول الأداء السياسي المتشنج والأخبار عن صفقات ومدى اثرهما في الفترة السابقة على الاقتصاد أشار حبيقة:

- ان القرارات الخاطئة تنعكس على الاقتصاد مما يؤثر سلباً على النمو والحركة في البلد وثقة الأجيال الجديدة بمستقبل لبنان، لذلك فهذه السلوكيات تُعتبر مضرّة ولها تأثيرها المهم على الاقتصاد ويجب تجنّبها مهما كان الدافع أو السبب، على امل أن تكون الإنتخابات محطة لتصحيح هذا المسار،  خصوصا أن وصول وجوه شابة وناشطة الى البرلمان يخلق معارضة بنّاءة في الحياة السياسية، وهو أمر صحّي باعتبار أن الوجوه الجديدة يُنتظر أن تصحبها حركة جديدة في البرلمان تعارض كل أشكال الفساد، وهذا الأمر يعود بالطبع في الدرجة الأولى الى اللبنانيين عبر حسن اختيار تلك الوجوه في صناديق الإقتراع.

من جهة ثانية شدد حبيقة على ان تشكيل مجلس نيابي جديد ومن ثم حكومة جديدة يفترض به ان يشيع جوا إيجابيا فيشجع تدفق الاستثمارات التي تراجعت خلال الفترة الماضية ما اثر على النمو، فالاستثمارات مهمة للبنان سواء اكانت محلية ام اجنبية وتوقع ان تظهر الاستثمارات بعد الانتخابات النيابية شرط ان تعمل الحكومة الجديدة بجد على مكافحة الفساد وتسهيل الإجراءات الاقتصادية وخلق الجو الإيجابي المطمئن بحيث يكون هذا الهدف من أولوياتها.

سليم والقانون الجديد

1676672_1453908280

ويقول الباحث في «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» (LADE) علي سليم:

 - إن قيمة القسم المُتحرك لم تكن محددة في القانون السابق بل كان هناك تعميم يقضي بدفع 4500 ليرة لبنانية لكل ناخب في الدائرة، لافتاً إلى أن القانون ثبّت هذه القيمة ورفعها إلى 5000 آلاف ليرة.

وأضاف:

- كذلك حدّدت المادة نفسها سقف الإنفاق الانتخابي للائحة الانتخابية بمبلغ ثابت قدره 150 مليون ليرة عن كل مُرشح ينضوي في اللائحة، ولم يكن هذا البند موجوداً في القانون السابق وهو يُشكّل إضافة بارزة إذ يحتوي على أهمية كبيرة نظراً إلى أهمية اللائحة التي يوليها القانون الجديد.

بهذا المعنى، وبحسب سليم، يُصبح السقف المالي لكل مرشح منضوٍ تحت لائحة (المقطوع الثابت من دون القسم المتحرك) نحو 300 مليون ليرة (150 مليوناً كسقف ماله و150 مليوناً كسقف ماله المحدد لكونه منضوياً تحت اللائحة)!

وتابع سليم:

- وفق الأرقام التقديرية فإن السقف المالي المسموح للمرشّح المنضوي في دائرة بيروت الثانية مثلاً التي تحتوي على 374,277 ناخباً يصل إلى نحو ملياري ليرة وفق المعادلة الآتية: 150 مليون ليرة + 150 مليون ليرة (لكونه ينضوي تحت لائحة) + (5000 ليرة ×347,277 ناخباً) = 2,036 مليار ليرة!

أمّا دائرة عاليه ــــ الشوف مثلاً التي تحتوي على 325,364 ناخباً مُسجّلاً، وبحسب أرقام LADE، فيصل السقف المالي الثابت لكل لائحة فيها إلى مليار و950 مليون ليرة لبنانية، فيما يصل السقف المتحرّك (5000 ليرة عن كل ناخب) إلى مليار و626 مليوناً و820 ألف ليرة.

 

السرية المصرفية وتشريع «التقديمات»

 

ويوضح سليم أن القانون لم يُلزم المُرشّح برفع السرية المصرفية عنه أو عن الأصول والفروع، بل نصّ فقط على إنشاء حساب لحملته الانتخابية، وبهذه الصيغة، لن يُعرف مصدر الأموال التي انفقت على الحملة إذا ما كانت من الحساب المخصص للحملة أو من حسابه الخاص ما يؤدي إلى صعوبات في إجراء ملاحقة للكشوفات المالية وهو ما يؤثر في شفافية الانتخابات ونزاهتها.

كما أثار سليم مسألة تشريع المساعدات والتقديمات التي تُقدّمها المؤسسات التي قد تكون مملوكة من أحد المُرشحين، وهي من الأمور التي تضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين.

وشدد سليم على البند المنصوص عليه في المادة 62 من القانون في الفقرة الثانية منها، وهو ينص على الآتي: «لا تُعتبر محظورة التقديمات والمساعدات (يُقصد بالمساعدات العينية والنقدية التي تقدم إلى الأفراد والجمعيات الخيرية والاجتماعية والثقافية أو العائلية أو الدينية أو سواها أو النوادي الرياضية وجميع المؤسسات الرسمية) إذا كانت مقدمة من مرشحين أو مؤسسات يملكها أو يديرها مرشحون أو أحزاب درجوا على تقديمها بذات الحجم والكمية بصورة اعتيادية ومنتظمة منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء فترة الحملة الانتخابية، وفي هذه الحالة تعتبر المدفوعات والمساعدات المقدمة أثناء الحملة الانتخابية خاضعة للسقف الانتخابي المنصوص عليه في المادة 60».