تفاصيل الخبر

الانتخابات البلدية معارضوها كثيرون.. لكنهم ساروا فيها كأمر واقع!

28/04/2016
الانتخابات البلدية معارضوها كثيرون..  لكنهم ساروا فيها كأمر واقع!

الانتخابات البلدية معارضوها كثيرون.. لكنهم ساروا فيها كأمر واقع!

بقلم جورج بشير

aoun-geagea

هل يمكن لحكومة الرئيس تمام سلام أن تلجأ الى اتخاذ قرار بإرجاء الانتخابات البلدية في جميع المناطق اللبنانية عن مواعيدها المقررة في الثامن والخامس عشر من شهر أيار/ مايو المقبل؟

هذا السؤال طُرح في أكثر من صالون ومنتدى سياسي، حتى في الصالونات السياسية المغلقة، خصوصاً تلك التي تعتبر أن الانتخابات البلدية تشكّل إحراجاً لها على الصعيدين السياسي والشعبي، وهي فاعليات سياسية وحزبية معروفة حاكمة ومرشّحة للحكم، لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي في يده الحل والربط بالنسبة لهذا الموضوع، أي موضوع تأجيل الانتخابات البلدية أو إجرائها في مواعيدها المحدّدة، سارع في الأسبوع الماضي الى التأكيد مجدداً أنه مصمّم على إجراء هذه الانتخابات، وأن لا تأجيل ولا تمديد أياً تكن الأسباب....

لا شك طبعاً أن الوزير المشنوق يأخذ الاعتبارات والأسباب الأمنية في الاعتبار، لأن هذه الأسباب قاهرة ولا يمكن لأية سلطة أن تتشبّث بإجراء انتخابات في البلد من دون أن يكون الاستقرار والأمن متوافرين، إن لم يكن مئة بالمئة، فأقلّه ثمانون بالمئة... وهذا ما يراهن عليه وزير الداخلية على ما يبدو من خلال تشبّثه بقرار إجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها المقرّرة.

إذاً، ومع انطلاقة الماكينات الانتخابية للعمل في جميع المناطق اللبنانية، خصوصاً ماكينات وزارة الداخلية الإدارية والأمنية، وتأكيدات قيادة الجيش اللبناني على أنها حامية للاستحقاق الانتخابي في كل الأحوال ومستعدّة فعلاً لاتخاذ كافة الإجراءات العملانية لضمان أمن الانتخابات، فإن معظم الفاعليات السياسية خصوصاً تلك التي لا تعتبر أن الاستحقاق الانتخابي البلدي <سمن وسكر> بالنسبة لها مضت الى الأمام كثيراً في إعلاناتها عن تعلّقها بهذا الاستحقاق الديموقراطي وبضرورة أن يجري في موعده، وأصبحت بالنتيجة أسيرة لمواقفها السياسية المُعلنة بالنسبة لهذا الاستحقاق، وأصبح أي موقف لها بالمطالبة بالتأجيل أو بتمديد ولاية المجالس البلدية الحالية يشكّل تراجعاً سياسياً لها على الصعيد الشعبي لجعلها في مصاف المتراجعين الضعفاء الذي لا يُركن الى مواقفهم وقراراتهم، وان يكن لدى كل فريق منهم مبرّرات لوجستية أو تكتيكية لمثل هذا التراجع....

 

ترتيب البيوتات السياسية

myriam-skaff

حزبا، أو تكتل حزب الله و<أمل> رتّبا البيت الشيعي إذا صحّ التعبير إما عبر ترك القديم على قدمه <أم بالتي هي أحسن>، والباقي يمكن معالجته في ضوء الشعار القائل <إن أهل البيت أدرى بالذي فيه>، وأن عليهم تقع مسؤولية ترتيب هذا البيت... وهذا ينطبق في مجالات معيّنة على <بيت تيار المستقبل> الذي سارع الى ترتيب بيته مع الحلفاء <بالتي هي أحسن> في صيدا، وفي بيروت، كما في البقاع الغربي، وحتى في طرابلس برغم ما يعانيه هذا التيار في طرابلس وحتى في عكار... وتبقى بيروت، حيث يبدو أن دوائرها تشهد تأكيداً للتحالفات السابقة، والبعض الآخر محاولات توافق واتفاق جدية حتى مع الخصوم، فضلاً عن المفاوضات الجارية لتركيب لوائح على قاعدة: <لا يموت الديب ولا يفنى الغنم>... والمفاوضات في هذا المجال في ذروتها مع <تحالف معراب>، أي تحالف الحزبين المسيحيين الأقوى في لبنان، أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية للخروج بتوافق ولعدم مواجهة معركة وصدام سياسي قد يؤجّج الخلاف السياسي القائم في البلد على صعيدي الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية.

ويُلاحظ في هذا المجال أن <تحالف معراب> بين التيار الوطني الحر والقوات يواصل المفاوضات التوافقية من مواقع سياسية قوية ومتقدمة لا تنقصها الحنكة واضعاً نُصب عينيه مدى تأثير أي توافق مع الفريق الآخر في المفاوضات سلباً أم إيجاباً، وفي ضوء حاجته الى هذا الفريق في مجال الحوار الوطني والحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية، وما يرافقها من مفاوضات على صعيد قانون الانتخابات النيابية الجديد الذي ينادي بضرورة وضعه حزبا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية <ليُبني على الشيء مقتضاه> بالنسبة لانتخابات الرئاسة الأولى.

ولا شك بأن نتائج الانتخابات البلدية لا بدّ وأن تكون لها انعكاساتها المؤثرة على الصعيد السياسي، ليس في المناطق اللبنانية وتحالفات الأطراف فحسب، بل على صعيد العاصمة اللبنانية بيروت، ليس في مناطقها الشرقية أو الغربية بل في البيوتات السياسية كافة، لأن هذه النتائج ستبسط بظلالها المؤثرة على الحكومة والسرايا ومجلسي الوزراء والنواب، كما بالنسبة للصراع السياسي الدائر حول انتخابات الرئاسة الأولى، وهذا هو بيت القصيد.

 

التيار والقوات

ولا بدّ أن نستعرض الوضع الانتخابي البلدي وتأثيراته في المناطق اللبنانية الى مناطق الجبل المسيحية، وكذلك تأثير التوافق الذي بات محتملاً في قضاء زحلة مثلاً بين الأحزاب من جهة، وخاصة القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب، وبين الزعامات المحلية من جهة أخرى سواء كانت عائلية ام تدور في فلك الإقطاع إذا صحّ التعبير، ففي وقت يستمر الحرص على هيكلية القرار والموقف بالنسبة لـ<تحالف معراب> بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، بدا جلياً في الأسابيع الماضية، تأثير وانعكاس تعددية القرار داخل قيادة التيار الوطني الحر بين تيار العماد ميشال عون الزعيم والرئيس السابق والفخري الى الأبد لهذا الحزب، والرئيس الحالي المُنتخب الوزير جبران باسيل وزير الخارجية، والعميد شامل روكز الذي أُحيل الى التقاعد في الجيش دون تمكينه من الوصول الى منصب القيادة لأسباب سياسية محضة. وهناك من يرشح العميد روكز بُعيد إحالته الى التقاعد لتبؤ مركز الزعامة السياسية ليس للتيار فحسب، بل لخوض الانتخابات النيابية المقبلة في منطقة كسروان بدلاً من منطقة البترون التي ينتمي إليها (تنورين)، على أن يترأس لاحقاً كتلة نواب كسروان - الفتوح الى جانب فريق نيابي جديد، كون معظم النواب الحاليين في منطقة كسروان <لم يُبلوا البلاء الحسن> كما يُقال على الصعيدين السياسي والخدماتي. وطبعاً، هذا يتطلّب إجراء انتخابات شامل-روكزنيابية لا يبدو حالياً في الأفق أنها ستجري في وقت قريب.

صحيح من ناحية المبدأ، أن الانتخابات البلدية بالنتيجة هي تنافس طبيعي بين العائلات للوصول الى مقاعد هذه المجالس كون البلدية تمثّل بالنتيجة المجتمع الأهلي، لكن الأحزاب تعتبر ذاتها أنها بالنتيجة مؤلفة من محازبين ينتمون الى عائلات ذات أركان في المجتمع الأهالي اللبناني، وأن كل بلد ديموقراطي يطمح بالنتيجة الى أن يكون نظامه مبنياً على وجود الأحزاب المنظمة التي لها برامج إنمائية واضحة وإصلاحية وتغييرية في آن، وهذه الفكرة تصطدم على ما يبدو على هامش استحقاق الانتخابات البلدية بين هذين المفهومين، وخاصة مفاهيم الإقطاع السياسي والزعامات الفردية المبنية أساساً على الخدمات التي تُقدّم الى المواطنين على حساب القانون والنظام، فضلاً عن حساب المال العام. فهذه الزعامات شعرت فجأة بعد إعلان <اتفاق معراب> بين القوات والتيار أنها مطوّقة وأنها باتت على قاب قوسين من التصفية والانتهاء، بعد تحالف هذين الحزبين، فبدأ بعضها يتقرّب تارة بالمال، وتارة بآيات الولاء لعناصر قيادية في الحزبين على أمل التأثير على قرار كل منهما بالنسبة للتحالفات في الانتخابات البلدية في المناطق الجبلية كما في المناطق الساحلية الحساسة كمثل كسروان، وبالتحديد مدينة جونية عاصمة القضاء، أم في زحلة، أم حتى في جبيل!

وفي هذا السياق، بدلاً من أن يكون التغيير المنشود في المجلس البلدي في جونية ممثلاً بوجوه شابة واعدة، تنشط قوى سياسية معيّنة في محاولة لاستبعاد الأحزاب عن المجلس البلدي في المناطق المُشار إليها، والعودة الى وجوه <أكل الدهر عليها وشرب>، وبعضها خاضع لأكثر من تحقيق قضائي ومساءلة ومحاسبة على أدائه في الماضي كما في الحاضر. وفيما تتركّز الاتصالات الجارية بقوّة، خصوصاً في نهاية الأسبوع الماضي على إمكانية <التزاوج> في لوائح موحدة تجمع الحزبين والزعامات المحلية، فإنه يُلاحظ بأن في الأجواء عدم رغبة لدى بعض الزعامات المحلية غير الحزبية استبعاد العناصر الشابة، فضلاً عن الإصرار على محاولة استبعاد العناصر الحزبية عن منصبين أساسيين في كل مجلس بلدي، منصب الرئاسة ومنصب نيابة الرئاسة، مما خلق شرخاً بين المتفاوضين من الفريقين وتسبّب باهتزاز، لا بل بهزّة مصيرية لـ<تحالف معراب> وصل الى حدّ طرح إمكان إعطاء القيادات الحزبية الحرية للمنضوين الى صفوف الحزبين <المؤتلفين> في التصويت خلال الانتخابات، خصوصاً في مدينة جونية، وفي نظر أصحاب الحلول، فإن إعطاء حرية التصويت قد يؤدي بالنتيجة الى ابعاد شبح انفراط <تحالف معراب> الذي يحرص عليه كالحرص على بؤبؤ العين كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع.. إلا إذا غلب توجّه الائتلاف على توجّه المعركة وشعار <كسر العظم> الذي يرفعه إقطاعيون.