تفاصيل الخبر

”الانتفاضة“ ضد اطلاق سماحة واستمرار محاكمته حراً حرّكت الاعتراضات على القضاء العسكري... و”شدّت“ عصب ”14 آذار“!  

22/01/2016
”الانتفاضة“ ضد اطلاق سماحة واستمرار محاكمته حراً  حرّكت الاعتراضات على القضاء العسكري... و”شدّت“ عصب ”14 آذار“!   

”الانتفاضة“ ضد اطلاق سماحة واستمرار محاكمته حراً حرّكت الاعتراضات على القضاء العسكري... و”شدّت“ عصب ”14 آذار“!  

 

  IMG_5260 قرار محكمة التمييز العسكرية بإخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة بعد انهائه سنوات سجنه بموجب حكم صادر عن المحكمة العسكرية، واستمرار محاكمته وهو حرّ بتهمة نقل متفجرات لتنفيذ عمليات تفجير في منطقة الشمال بالتعاون مع المسؤول الأمني في سوريا اللواء علي المملوك، لم يكن مفاجئاً للذين تابعوا مسار محاكمة الوزير السابق منذ اعتقاله في آب (أغسطس) قبل أربعة أعوام وبضعة أشهر، ذلك لأن الفريق الذي توكل عن الوزير السابق كان يطلع الاعلاميين تباعاً على الخطوات التي يعتمدها ولاسيما طلب إخلاء سبيله بعد انقضاء سنوات محكوميته وفقاً للأصول القانونية المعتمدة في القانون اللبناني الذي يجيز محاكمة متهمٍ ما وهو خارج السجن. إلا ان المفاجأة كانت في حجم ردود الفعل التي تلت اطلاق سماحة وموجة الاعتراضات التي انطلقت في وسائل الاعلام أولاً ثم في الشارع حيث توالت التجمعات والاحتجاجات وقطع الطرق بالتزامن مع شن حملة مباشرة على الوزير السابق طاولته سياسياً وشخصياً ووصلت الى حد المطالبة بإعادة محاكمته وسجنه وطرده من منزله في الأشرفية وغيرها من المطالب التي تناوب على تردادها رسميون وسياسيون ورجال إعلام من قوى <14 آذار> الذين جعلوا من قضية سماحة في الموقع الأول من الاهتمام بحيث تقدمت على الاستحقاق الرئاسي والجدال المستمر بين حزب الله و<المستقبل> وملف النفايات.

القرار لم يخالف القانون

 

   وبعيداً عن الجدل القانوني الذي دار حول حق محكمة التمييز العسكرية بإخلاء سبيل سماحة ومحاكمته حراً وسيل الاجتهادات الذي تدفق عن حقوقيين وغير حقوقيين، وبمعزل عن الاتهامات التي وجهها السياسيون المعترضون لرئيس المحكمة القاضي طاني لطوف وأعضاء الهيئة المعاونة الذين اتخذوا قرارهم المعد بالاجماع والتي وصلت الى حد اتهام وزير العدل اللواء أشرف ريفي القاضي والضباط بـ<التآمر>، فإن تداعيات اطلاق سماحة أضاءت مجدداً على وضع المحكمة العسكرية التي سعى كثيرون الى تعديل نظام عملها وحصره بالمخالفات والجرائم التي يرتكبها عسكريون وعدم محاكمة مدنيين أمامها، وهو ما سبق أن طرح قبل سنوات من ضمن إلغاء المحاكم الخاصة أو تحديد ماهية عملها في إطار ضيق من دون توسيع هذه الصلاحيات الى ما يجاور صلاحيات المحاكم الجزائية والجنائية الأخرى. وتقول مصادر سياسية معترضة على اطلاق سماحة ان التعاطي مع هذه القضية تم من زاوية قانونية فقط ووفق ما تنص عليه المواد التي ترعى الجرائم المماثلة في حين ان للجريمة الكثير من الأبعاد السياسية التي كان يفترض أن تأخذها محكمة التمييز العسكرية في الاعتبار خلال اعداد قرارها بإخلاء السبيل، لاسيما وان جريمة نقل المتفجرات كانت بالتنسيق مع مسؤولين أمنيين سوريين وقعوا ــ كما الوزير السابق سماحة ــ في حبال مخبر جنّده فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي للايقاع بالوزير السابق نظراً لعلاقاته مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد الذي شغل سماحة منصب المستشار السياسي له على مدى سنوات.

   إلا ان مصادر قضائية رأت ان القرار الذي صدر عن المحكمة لم يخالف القوانين المرعية ولا هو أتى تجاوزاً لها وكان من الأفضل للمعترضين أن يصبوا ردود فعلهم في اتجاه البعد السياسي للمسألة من دون توجيه الاساءات للجسم القضائي عموماً ولهيئة محكمة التمييز العسكرية والمحكمة العسكرية التي كانت أصدرت الحكم الذي نفذه سماحة خلال السنوات الماضية وإن ميزه وكلاؤه في ما بعد والنيابة العامة العسكرية. واستطراداً فإن المصادر نفسها ترى انه من الأفضل العمل على تعديل قوانين القضاء العسكري إذا كانت لا تروق للجهات السياسية المعترضة عبر الطرق الدستورية من خلال مجلس النواب الذي له الحق في تعديل القوانين وفي إلغائها عند الضرورة، لاسيما وان التشكيك بالقضاء وإهانة الجسم القضائي على النحو الذي حصل يناقض ما يعلنه هؤلاء المعترضون عن ضرورة احترام مؤسسات الدولة الدستورية والقضائية وبسط دولة القانون من دون غيرها من الدويلات.

 

توحيد قوى <14 آذار>... مؤقتاً!

michel-samaha

   أما في الشق السياسي، فإن الإفراج عن الوزير السابق سماحة وما تلاه من ردود فعل شعبية غاضبة، حقق إنجازاً آخر وهو إعادة التواصل بين قوى <14 آذار> التي عانت في الأشهر الماضية من خلل في العلاقة في ما بينها مما حال دون اتخاذ أي موقف موحّد حيال المواضيع السياسية التي كانت تطرح على بساط البحث، وإذا بإخلاء سبيل سماحة يعيد وحدة الموقف ــ ولو مؤقتاً ــ الى مكونات <14 آذار> التي استعادت ــ بصورة مؤقتة أيضاً ــ الحزب التقدمي الاشتراكي الذي تحرك طلابه الى جانب المنظمات الطلابية لـ<14 آذار> في ردة فعل اعتراضية شهدتها منطقة الأشرفية بعد 24 ساعة من اطلاق سماحة أمام منزله بالذات ثم انتقل المعتصمون الى الشارع المجاور الذي سقط فيه اللواء وسام الحسن شهيداً في حادثة تفجير سيارة ملغومة اعتبرت التحقيقات أنها أتت رداً على توقيف فرع المعلومات للوزير السابق سماحة.

   وفي وقت تحدثت مصادر في <14 آذار> ان اطلاق سماحة لم يرمم الجسور في <14 آذار> فحسب، بل سيعيد توحيد الموقف السياسي، قالت مصادر قيادية في القوى نفسها انه من السابق لأوانه الحديث عن اعادة الوحدة الى مكونات <14 آذار> على النحو الذي كانت عليه قبل سنة أو أكثر، وان كانت هذه القوى ستكون موحدة في إحياء الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وفي رأي المصادر القيادية نفسها ان قضية سماحة أتت بمثابة <خشبة خلاص> استعملها <ثوار الأرز> لإعادة إبراز وحدة موقفهم وإظهار التماسك الذي كان اختلّ في الأشهر الماضية حين فرّقت المصالح والحسابات والأحجام والأدوار بين <رفاق الدرب> في الثورة الآذارية الذين عادوا واجتمعوا ولو مؤقتاً على الاعتراض في الشارع والاعلام على إخلاء سبيل سماحة بعد انقضاء محكوميته. وفي رأي المصادر القيادية ان قرار محكمة التمييز العسكرية يستوجب اعتراضاً شديد اللهجة بصرف النظر عما هي عليه حالياً العلاقات بين مكونات <14 آذار>.

   في المقابل أثارت الاتهامات التي وجهها قادة في <14 آذار> لحزب الله بـ<الضغط> على القضاء العسكري لإصدار قراره، ردة فعل سريعة وقوية من جانب الحزب الذي بقي طوال فترة احتجاز سماحة <خارج السمع> ولم يتخذ أي موقف من التهم التي نُسبت إليه، وذلك بعدما شعرت قيادة الحزب ان قوة <14 آذار> تمادت في اتهاماتها وحاولت إلصاق تهم بالحزب لا تمت الى الحقيقة بصلة بدليل <الصمت الكامل> الذي تعامل معه الحزب منذ لحظة توقيف سماحة الى حين اطلاقه. لكن ردة فعل الحزب ركّزت على الدفاع عن القضاء الذي حكم بتخلية سماحة  وليس من باب الدفاع عن الرجل الذي وقع في الفخ الذي نصبه له فرع المعلومات. وتقول مصادر في حزب الله ان ردة الفعل التي صدرت عن رئيس <كتلة الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد ارتكزت على رفض الحزب استغلال الإفراج عن سماحة لإعادة تحريك الشارع والعبث بالاستقرار والسلم الأهلي وإعادة المناخ الأمني الى أجواء ضاغطة كان اتفق الحزب مع تيار <المستقبل> على تجاوزها، علماً ان الحملة على القضاء العسكري لها خلفياتها خصوصاً ان القضاء نفسه نال <ثناء> القوى المعترضة عليه حين أطلق محكومين بالعمالة لاسرائيل قبل انتهاء محكوميتهم، فكيف يكون <جيداً وعادلاً وموضوعياً> عندما يطلق متهمين بالعمالة لاسرائيل، ويصبح <مسيساً> و<متواطئاً> و<خاضعاً لسلطة القمصان السود> حين يتعلق الأمر بقضية الوزير سماحة؟

السنيورة-1

حذار من استثمار الشارع

 

   وأشارت المصادر نفسها الى ان <الانفلاش> في ردود الفعل <المبالغ فيها> والذي أدى الى قطع الطرق واعتصامات، دفع بمسؤولين في حركة <أمل> وحزب الله الى الاتصال مع قيادات سياسية وأمنية في <14 آذار> والطلب إليهم ضبط الوضع للحيلولة دون حدوث ردود فعل من شأنها أن تطيح معادلات الاستقرار الأمني خصوصاً بعدما بدا ان وسائل الإعلام التي تدور في فلك <14 آذار> نظمت حملات ركزت فيها على <الترابط> بين سماحة وحزب الله والقيادة السورية. وصدرت عن قيادات في <8 آذار> إشارات واضحة بأنه لن يكون مقبولاً استغلال مسألة اطلاق سماحة لإعادة فرض واقع سياسي وأمني معين يستثمر الشارع، لأن مثل هذه الممارسات تستجلب ردود فعل قد تتجاوز الأطر والحدود الموضوعة لأي حراك شعبي سواء كان لأسباب سياسية أو حياتية. وأشارت هذه القيادات الى انه ليس من الحكمة التغطية على الخلافات والتباينات داخل <14 آذار> من خلال <التصويب> على فريق <8 آذار> ولاسيما الأبرز فيه أي حزب الله بهدف <شد العصب> الذي أصاب هذا الفريق بعد التصدع الذي حصل في صفوفه، خصوصاً مع اقتراب موعد إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

   في أي حال، ثمة من يعتقد ان تداعيات اطلاق الوزير السابق سماحة يفترض أن تأخذ مداها خلال الأسبوعين المقبلين وتعود الى اطارها القانوني مع معاودة محكمة التمييز العسكرية محاكمة سماحة في انتظار متابعة الملف المتعلق بمستقبل القضاء العسكري من خلال مسار دستوري لتعديل القوانين التي ترعى عمل المحاكم الخاصة عموماً والمحكمة العسكرية عموماً. أما إذا أخذ ملف سماحة منحى آخر، فإن المراجع المتابعة تخشى من أن تكون له مضاعفات خصوصاً إذا ما قرر المعترضون من <14 آذار> استخدام الشارع والعودة الى توسل الخيار الأمني الذي يفتح أبواباً كثيرة ليس من مصلحة أحد أن تُفتح لأن الاستقرار يرتبط بإبقائها مقفلة!