تفاصيل الخبر

”الانسجام“ بين عون وبري سمة المرحلة المقبلة وشراكتهما مع الحريري تعزز التعاون... بلا ”ترويكا“!

08/12/2017
”الانسجام“ بين عون وبري سمة المرحلة المقبلة  وشراكتهما مع الحريري تعزز التعاون... بلا ”ترويكا“!

”الانسجام“ بين عون وبري سمة المرحلة المقبلة وشراكتهما مع الحريري تعزز التعاون... بلا ”ترويكا“!

عون بريلم يكن يوماً الانسجام بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري كما هو هذه الأيام... فالذين يزورون قصر بعبدا منذ بداية الأزمة التي نشأت نتيجة اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الرياض، يلاحظون الارتياح لدى الرئيس عون حيال موقف الرئيس بري. وكذلك الذين يترددون على عين التينة، يخرجون بالانطباع نفسه خلافاً لما كان عليه الحال قبل أشهر بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي. أما سرّ هذا التقارب بين الرجلين فتعيده مصادر متابعة وعلى صلة بالمرجعيتين، الى شعور كليهما بـ<منطق> الآخر من جهة، وبروز قواسم مشتركة كان يجب تظهيرها منذ مدة تفادياً للانطباع الذي تكوّن عن استحالة التقاء <النقيضين> في يوم من الأيام. فهل كانت <قنبلة> الرئيس الحريري الصوتية من الرياض هي سبب التلاقي، أم ان ثمة أسباب أخرى ظهّرت مواقف الرئيسين ليتبين انها غير متباعدة في الكثير من المواضيع؟

أوساط قريبة من بعبدا تؤكد ان الرئيس عون سعى دائماً، قبل رئاسته وخلالها، الى إقامة علاقات جيدة مع الرئيس بري لأسباب عدة أبرزها وجودهما في خط سياسي واحد في القضايا الأساسية والمصيرية وإن تباعدا في بعض التفاصيل اليومية لاسيما لجهة الذهنية غير المتطابقة في ادارة شؤون الدولة. إلا ان <الجنرال> عون عندما كان في الرابية لم يلاحظ رغبة واضحة من الرئيس بري بالتقارب وإن كانا من حيث البعد الاستراتيجي في خط واحد. وانسحب هذا الأمر على <الرئيس> عون في قصر بعبدا حيث حصلت أحداث شعر خلالها رئيس الجمهورية ان رئيس مجلس النواب يريد إبقاء مسافة في العلاقة الثنائية، إذ غابت اللقاءات الأسبوعية التقليدية كل يوم أربعاء، وحلّ مكانها الرسل بين بعبدا وعين التينة في المناسبات من دون أن يتمكن هؤلاء من كسر حالة البرودة التي اتصفت فيها العلاقة بين الرئيسين. حتى ان الزيارات الى بعبدا اقتصرت بالنسبة الى الرئيس بري على المناسبات الرسمية أو تلبية لدعوات غداء أو عشاء أقيمت على شرف زوار رسميين حلوا ضيوفاً على رئيس الجمهورية. أما في العمل اليومي فكانت <البرودة> تشتد حيناً وتتراجع لكن انعكاساتها كانت تظهر دائماً في مجلس الوزراء حيث يتولى معاون الرئيس بري، وزير المال علي حسن خليل نقل ملاحظات الرئيس بري وأحياناً اعتراضاته، وتجلى ذلك التباين في مناسبات عدة لاسيما خلال مناقشة التعيينات الادارية أو التلزيمات ناهيك عن <شد الحبال> خلال مناقشة قانون الانتخابات.

 

بين بعبدا وعين التينة

 

وتضيف هذه الأوساط ان الرئيس عون كان يحاول في كل مرة <تبديد> القلق الذي يبديه الرئيس بري حياله، لكن الرياح كانت تجري على عكس ما يريده رئيس الجمهورية، وقد لعب عدد من <الغيارى> وناقلي الرسائل المبتورة دوراً في رفع منسوب الفتور بين المقرين الرئاسيين. وثمة من حمّل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مسؤولية غياب <الحرارة> في العلاقة بين رئيسي الجمهورية والمجلس لاعتبارات مختلفة لأن الكيمياء ظلت بعيدة عن عين التينة وقصر بسترس لاسيما وان الرئيس بري قال ذات يوم أمام زواره <اننا انتخبنا رئيساً واحداً للجمهورية وليس رئيسين>! ولعل ردود الفعل التي كانت تصل الى بعبدا حول بعض ما يقال في عين التينة كانت تزيد من حدة التباعد مع إبقاء الرغبة في اصلاح ذات البين موجودة دائماً.

في المقابل، ينقل زوار عين التينة عن الرئيس بري تأكيده بأن الخلاف لم يكن يوماً شخصياً بينه وبين الرئيس عون الذي يكن له كل تقدير واحترام ومحبة، لكن ما كان يفرّق بين الرجلين هو بعض المسائل السياسية والممارسات التي حصلت قبل الانتخابات الرئاسية، واستمر بعضها بشكل أو بآخر بعد وصول <الجنرال> الى بعبدا. أما في القضايا الاستراتيجية والأساسية، فإن <حلفاً> متيناً قائم بين الرئيسين وإن كانت عقلية كل منهما تختلف عن الآخر لاسيما في مقاربة بعض الملفات ومعالجة بعض القضايا. ولا يسترسل زوار الرئيس بري في الحديث عن المرحلة الماضية والخلافات التي كانت تحصل سواء عند تشكيل الحكومات أو لدى درس ملفات الكهرباء والنفط والاتصالات وتوزيع الحصص الوزارية وغيرها وصولاً الى الاستحقاق الرئاسي الذي لم يصوّت فيه بري لصالح عون على رغم المحاولات التي بذلها حليف الاثنين حزب الله لإحداث تقارب نوعي. ويضيف الزوار ان الماضي طواه الرئيس بري عندما أعلن العماد عون رئيساً للبلاد، لكن حصلت <مماحكات> في السنة الأولى من الولاية أدت الى حصول فتور في العلاقات مجدداً لم تنفع محاولات النائب ابراهيم كنعان المتكررة في إعادة الحرارة على خط بعبدا ــ عين التينة، وان كان الرئيس بري حرص على تلبية دعوات رئيس الجمهورية الى طاولة الحوار التي جمعت رؤساء الأحزاب الممثلين في الحكومة، إضافة الى حضور المناسبات الرسمية <العشاوات> التي أقيمت على شرف رؤساء دول زاروا لبنان، أو الإفطار الرمضاني الأول في عهد الرئاسة العونية. ويقرّ الزوار أنفسهم ان العلاقة <المضطربة> بين الرئيس بري والوزير باسيل كانت أحياناً السبب المباشر في عدم انتظام العلاقة بين الرئيسين، لكن ذلك لم يمنع حصول بعض <الخروقات> الايجابية التي لم تُستثمر كما يجب.

صفحة الماضي... طُويت!

 

إلا ان مصادر الطرفين، في بعبدا كما في عين التينة، تلتقي على القول إن كل ذلك كان من الماضي، وإن ما حصل بعد 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بعد اعلان الرئيس الحريري استقالة حكومته من الرياض وما رافق ذلك من ملابسات وغموض، أعاد جمع الرئيسين عون وبري لاسيما حين بادر رئيس الجمهورية الى الاتصال برئيس المجلس بعيد دقائق من وصوله الى شرم الشيخ وتشاور معه في ظروف الاستقالة وملابساتها وقررا التنسيق لمواجهة هذا الاستحقاق <المصيري> المرتبط بمصلحة لبنان وكرامة رئيس وزرائه. ومنذ تلك اللحظة ــ تضيف مصادر الطرفين ــ وضع الرئيسان كل الماضي على الرف وانطلقا في علاقة متجددة عنوانها <التناغم والتنسيق> داخل الحكومة وخارجها لما فيه مصلحة لبنان. فتوالت الاتصالات الهاتفية بين بعبدا وشرم الشيخ، وزار الرئيس بري قصر بعبدا فور عودته الى بيروت وكان التفاهم بين الرئيسين على مواجهة المرحلة المقبلة يداً بيد. وهكذا أدار الرئيسان، كل من موقعه، <معركة> عودة الرئيس الحريري الى لبنان، ونسقا معاً بدعة <التريث> في تقديم الاستقالة، وسهّلا عودة الانتظام العام الى مجلس الوزراء الى درجة ان كثيرين تحدثوا عن عودة <الترويكا> التي كانت سائدة في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي وجزئياً في عهد الرئيس اميل لحود في ظل الوصاية السورية التي انكفأت في منتصف العام 2005.

وتلتقي مصادر الرئيسين على القول إن توصيف <الترويكا> ليس دقيقاً على طبيعة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس والحكومة، بل ان المصلحة جمعت الثلاثة وكانت قرّبت قبل ذلك بين الرئيسين عون وبري فولدت الموازنة وأقرت سلسلة الرتب والرواتب وصدرت التشكيلات القضائية، وبدا ان مسيرة جديدة باتت تجمع بين الرجلين وصارا يفهما من بعضهما البعض أكثر، ويقران خصوصاً بذكاء كل منهما وبـ<وطنية> كل منهما، ناهيك عن <الطرافة> التي يتمتع بها الرئيس البري، والراحة التي تغلّف أداء الرئيس عون ومواقفه، والذين كانوا في <قاعة 25 أيار> يوم الاستقبال الذي أقيم في قصر بعبدا لاحظوا كيف ان الرئيس بري الذي وقف في الصف لتقبل التهاني قبل الرئيس عون نتيجة خطأ بروتوكولي، سارع الى الانتقال الى يسار الرئيس متوسطاً إياه والرئيس الحريري ممازحاً الحاضرين: <دخيلكم شو بدي بهالعلقة>، فكانت ابتسامة من الرئيس عون <من القلب> وضحكة من الرئيس الحريري... وانتهى الاشكال!

كيف ستكون العلاقة مستقبلاً بين بعبدا وعين التينة بعد زوال ملابسات أزمة استقالة الحريري؟

تؤكد مصادر في بعبدا، كما في عين التينة، ان لا عودة الى الوراء في العلاقة بين الرئيسين عون وبري فقد اختبر الرجلان أهمية <التكامل> في العمل لاسيما خلال الظروف الصعبة، واقتنعا بأنه لا بد من تعاونهما وتقريب وجهات النظر وان لا شيء جامداً أو نهائياً وهما باتا جاهزين للعمل بالشراكة مع الرئيس الحريري لقيادة البلاد في الآتي من الأيام لاسيما بعد انتهاء مرحلة <التريث> وعودة الأمور الى طبيعتها والهدف واحد <حماية التسوية> وانتظام عمل المؤسسات مع احترام المبدأ الدستوري في الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، لأن التجربة دلت ان عدم التعاون يؤثر على كل من المؤسستين التشريعية والتنفيذية، كما يؤثر سلباً على العلاقات الشخصية وهي مسألة أساسية في الحياة السياسية اللبنانية>!