تفاصيل الخبر

الإنماء وليس فقط السياسة وراء تكريس أشرف ريفي زعيماً وطنياً!    

03/06/2016
الإنماء وليس فقط السياسة وراء تكريس أشرف ريفي زعيماً وطنياً!    

الإنماء وليس فقط السياسة وراء تكريس أشرف ريفي زعيماً وطنياً!    

بقلم خالد عوض

الحريري

في الأسبوع الماضي وقبل صدور نتائج انتخابات الشمال سارعنا إلى الاستنتاج أن اللبنانيين لا يريدون التغيير وأنهم <ملتصقون> بفكرة <أعط خبزك لزعيمك الطائفي ولو أكل نصفه>.

تغير الكثير في هذا الاستنتاج بعد مفاجأة الوزير أشرف ريفي في طرابلس. هناك جزء من اللبنانيين، على الأقل في طرابلس، قال: <لا> للمحادل. التحليل الأولي يفيد بأن نجاح الوزير ريفي مبني على الخيارات السياسية التي يمثلها والأخرى التي يرفضها. هذا صحيح إلى درجة كبيرة. ولكن لو كانت طرابلس تعج بالمشاريع، ولو كان أهل القبة وأبي سمرا وباب التبانة يجدون المستشفيات والمدارس والوظائف، ولو كان أصحاب المليارات من الطرابلسيين يتنافسون على المبادرات الإنمائية الحقيقية أي المستدامة لا الطارئة، ولو كانت طرابلس، التي لا تحتاج لأكثر من مئتي مليون دولار حتى تصبح خلية فرص عمل لسنوات طويلة، تلقى هذا التمويل... لو كان كل ذلك أو حتى جزء منه متوفراً، وجاء الوزير أشرف ريفي بخطابه السياسي نفسه ما كان ليحصد ما حصده في انتخابات بلدية عاصمة الشمال المنسية.

الاقتصاد أولا.. هذا هو ميزان الخيار عند الناخب ثم تأتي السياسة والشعارات لتغذي العواطف. الناس تنتخب بجيوبها أولا وليس بعواطفها. صدى العواطف إما يلقى رنينا قويا في الجيوب فيتضاعف أو أنها تكون ملآنة فيخفت صوت العواطف ويتجه الخيار إلى العقل، فكلما خلت الجيوب كلما وجدت العواطف طريقها إلى صندوق الانتخابات.

أشرف ريفي هو خيار عاطفي لطرابلسيين كثيرين سئموا الوعود والعناوين الانمائية التي لم تترجم على الأرض إلا مساعدات وأعمالاً خيرية.

ومن المحدودية أن يتحول أشرف ريفي إلى زعيم سني أو طرابلسي فحسب، فإذا أراد أو لم يرد أصبح وزير العدل المستقيل رمزاً لتغيير حقيقي يمكن أن يصيب لبنان. الفرح بانتخاب معظم أعضاء لائحة ريفي البلدية عم لبنان وليس طرابلس وحدها. نعم التغيير ممكن. نعم المال السياسي يمكن أن يعجز أمام قرار الناس. نعم يمكن كسر حاجز الخوف من اغضاب هذا الزعيم أو ذاك. نعم يمكن حتى إسقاط الزعامات التقليدية في لبنان. ليس بالضرورة عبر التظاهر أو العنف بل في صندوق الانتخابات الذي كان معظم اللبنانيين قد فقدوا الثقة بأنه وسيلة للتغيير. وقد أصبح اللواء أشرف ريفي يحمل مسؤولية وطنية كبيرة تتعدى زعامته المستجدة في طرابلس. هناك أناس في صيدا والبقاع وبيروت احتفلوا بنجاح لائحة <قرار طرابلس> ريفيوكأنهم معنيون مباشرة بما حصل، حتى في زحلة وجونيه رُسمت الابتسامة على وجه لبنانيين كثيرين ليس شماتة بالزعامات بقدر الاحتفاء بالأمل بأن التغيير ممكن.

 مسيرة الوزير ريفي الوطنية تبدأ من النجاح في تحويل طرابلس إلى مدينة <ناجحة> من خلال العمل البلدي الدؤوب. المواقف السياسية مهمة جدا والتمسك المستمر بالمبادئ هو أساس للصدقية، ولكن النتائج الاقتصادية والاجتماعية هي التي ستضفي على زعيم طرابلس العتيد المشروعية التمثيلية الحقيقية ليس فقط على صعيد الطائفة السنية أو العاصمة الثانية بل أبعد من ذلك بكثير.

وكما يسترجع الوزير ريفي مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري السياسية لا بد وأن يستلهم من تاريخ الحريري الطابع الإنمائي الذي رافق مسيرته السياسية والذي كان مفتاح القوة الشعبية التي اوصلت الحريري الأب إلى الزعامة الوطنية، بينما الضعف الإنمائي هو الذي ينزل الرئيس سعد الحريري اليوم من مصاف الزعيم الوطني الذي ورثه من والده الشهيد إلى مستوى الزعامة المذهبية التي سيضطر إلى العودة إليها للانطلاق سياسياً من جديد.

شكراً أشرف ريفي لأنك أعدت الأمل بأن التغيير في لبنان ممكن. والشكر الأكبر لأهل طرابلس، خاصة المحرومين منهم، الذين علّموا باقي اللبنانيين درساً في الديموقراطية... علنا نستفيد منه في الانتخابات النيابية المقبلة.