تفاصيل الخبر

الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية بيار عيسى بكل صراحة: حل الأزمة يكون بتشكيل حكومة مستقلة ومصغرة وقادرة ولديها برنامج شامل للإنقاذ!

01/11/2019
الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية بيار عيسى بكل صراحة: حل الأزمة يكون بتشكيل حكومة مستقلة  ومصغرة وقادرة ولديها برنامج شامل للإنقاذ!

الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية بيار عيسى بكل صراحة: حل الأزمة يكون بتشكيل حكومة مستقلة ومصغرة وقادرة ولديها برنامج شامل للإنقاذ!

 

بقلم حسين حمية

مع كتابة هذه السطور يوم الأربعاء الماضي يكون قد مضى أسبوعان على بدء الانتفاضة الشعبية ونزول الناس الى الساحات والميادين في كل مناطق لبنان واقفالهم الطرقات، داعين الى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة ومحاسبة الفاسدين، لكن في المقابل استقال رئيس الحكومة سعد الحريري في خطوة تشكل صدمة ايجابية لإرضاء الشارع  الا ان تشكيل حكومة جديدة دونه عقبات على أمل الا تتجه الأزمة الى مزيد من التصعيد. فماذا يقول بعض المتعاطفين مع الحراك الشعبي والمشاركين فيه؟

<الأفكار> التقت الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية بيار عيسى داخل منزله في الأشرفية وحاورته في هذا الخضم بدءاً من السؤال:

ــ ما الذي جرى يوم 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 الماضي وهل هي انتفاضة عفوية ضد الضائقة الاقتصادية والجوع والضرائب وتفشي الفساد وغياب الاصلاح أم ان هناك ما يخطط لنشر الفوضى في لبنان كما الحال في بلدان أخرى وتداخلت المطالب المعيشية مع الخطط السياسية؟

- صراحة، لا أعتقد أن أحداً يتدخل من الخارج سواء سفارات أو احزاب أو غيرها إذا لم يكن هناك في العمق بؤس ونقمة شعبية عارمة، حيث لا يمكن لأحد أن يخلق هذه الظاهرة، لكن الأكيد ان هناك من استغل هذه الظاهرة، ومن الممكن وجود سفارات وأحزاب الخ، لكن الأكيد في الأساس أنها نقمة شعبية في العمق تراكمت منذ زمن طويل وانفجرت اليوم ولم تكن بنت ساعتها.

ــ لماذا اليوم؟

- بلغ السيل الزبى وتحرك الشارع عفوياً، فلا أحد يستطيع أن يضبط الشارع، فهذا هو المجتمع وهذا يحدث في كل المجتمعات.

تراكم مزمن للأزمات!

ــ وهل الشرارة زيادة الضريبة على <الواتساب>؟

- أكيد لا.. فما حصل مجموعة قرارات تتعلق بالضرائب و<الواتساب> مجرد كاريكاتور اتخذ كشرارة حسب تحليل البعض، لكن عملياً كان الحديث يدور عن فرض ورقة ضرائب وكانت مجرد فكرة، وكان ارتفاع سعر الدولار وبروز السوق السوداء وانقطاع مادة البنزين وقبلها الحرائق الخ، وبالتالي هذا الحقن المزمن انفجر، لا بل أرى ان هذا الحقن عمره أكثر من 40 سنة، ونحن منذ اطلاق حزب الكتلة الوطنية نكرر الأمر نفسه ونقول ان أداء مجموعة أحزاب الطوائف بلغ مستوى خطيراً والناس كفروا بالفساد ولا يهمهم الزعماء، وهم يريدون دولة القانون ولا يريدون الزبائنية، فالناس يذلون منذ 40 سنة لأن سير الأمور اصبح ضمن منطوق الزبائنية، والفاسد يذهب ويأتي غيره، وبالتالي فالناس قاموا ضد أداء منظومة الفساد وهي عدة شغل، وكانت ردات الفعل عدة مرات.

ــ كيف تقرأ ما حدث بكل ايجابياته وسلبياته؟

- أهم ما حصل انه انكسرت أمور عديدة، بدءاً من حاجز الخوف بين الطوائف، وانكسر حاجز المناطق حيث ان هذه الثورة كانت عفوية ولم يتم تنظيمها من قبل أحد، ولم يطلب أحد، من الناس اقفال طريق أو النزول الى الساحات أو لآخرين أن يستمعوا الى الموسيقى ويرقصوا في الميادين، فكل واحد عبّر بطريقته، وهذا غنى التنوع للنسيج الاجتماعي اللبناني، لكن ما حدث ان المزارع ابن عكار وجد نفسه يعاني مثل المزارع ابن الجنوب أو البقاع، والعكس صحيح، والمزارع السني يعاني مثل المزارع الشيعي والمسيحي، وبالتالي حاجز الطوائف والمناطق الذي كانت منظومة أحزاب الطوائف تستعمله كعدة شغل انكسر وهذا مهم جداً، أضف الى ذلك انكسرت قدسية الزعماء بعدما كان يحلل قتل أي شخص يتناول أي زعيم رغم التغني بالحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، ومنظومة أحزاب الطوائف تتمسك بالسلطة وتمثل كل المواقع السياسية وبالنصوص القانونية بدءاً من الدستور مروراً بقانون السير وصولاً الى قانون الانتخاب كونها تمسك السلطة التشريعية كما تمسك المالية العامة لأنها تمثل السلطة التنفيذية وتسخر الأموال العامة والنصوص القانونية لتأمين بقائها في السلطة، لكن الظاهرة التي حصلت ستجعلها تخسر الاثنين معاً مع وجود مليوني شخص نزلوا الى الساحات والطرقات من دون تنسيق أو قيادة وهم يرفضون ذلك وهذا جيد ويعلنونها حرباً ضد هذه المنظومة وهم من كل الطوائف ومن كل الطبقات من أفقر الى أغنى ناس، ومن المتعلمين وغير المتعلمين، ومن كل الأعمار والأجيال الخ، وكلهم يهتفون بكلمة واحدة: لم نعد نثق بكم، وبالتالي هم لم يعودوا يمثلونهم، ولذلك انتقلت الشرعية الى الشارع ولم تعد في مجلس النواب.

ــ وكيف نترجمها لتصبح دستورية من دون انقلاب بل عبر المؤسسات فقط؟

- مليونا نسمة يرفعون شعاراً واحداً ويتكلمون بلغة واحدة، لكن 6 زعماء طوائف لا يتفقون على حل ولا حتى على ملف واحد وعلى موقف واحد، ما يعني ان الشعب لم يعد يثق بهؤلاء ولم يعد يأمن لهم، وهم يحكمون منذ أربعين سنة ولا ينافسهم أحد بل يتنافسون مع أنفسهم داخل ناديهم السياسي بسبب الحصص، لكن اليوم طرح شعار <كلن يعني كلن>، وبالتالي فالناس اليوم يريدون المواطنة وليس الطائفية ودولة القانون وليس الزبائنية، والنزاهة وليس الفساد، والسيادة وليس التبعية والارتهان للخارج من أي جهة كان، فلا يريدون لا السعودية ولا إيران ولا أميركا ولا فرنسا بل سيادة لبنانية فقط، وهم ينتفضون ضد الأداء السيء ويطالبون بالأداء الجيد علماً بأن هناك من يمارس الفساد بين زعماء الطوائف أكثر من غيرهم، وهناك من يمارس الزبائنية أكثر من الآخرين، وهناك من يمارس الطائفية أكثر من البعض الآخر، وهناك من يمارس التبعية والارتهان للخارج أكثر من الباقين، لكن الأكيد انهم كلهم يمارسون على الأقل 1 أو 3 من هذه العلل، وهنا أقول بصراحة ان السيد حسن نصر الله ليس فاسداً وأنا لا أعرفه شخصياً لكن كما أرى من خلال أدائه فهو في رأيي الشخصي ليس فاسداً، لكنه لديه تبعية وهو يعلنها على رأس السطح ولا يستحي بذلك، وهذا مثال على ذلك وحاسم جداً، وبالتالي <كلن يعني كلن> بهذا المعنى.

الورقة الاصلاحية منفصمة الشخصية!

ــ ماذا عن الورقة الاصلاحية وخطاب الرئيس ميشال عون؟

- حصلت الانتفاضة القوية ولكي يتم استيعاب الوضع كانت هناك ردة فعل من القيمين على المؤسسات الدستورية، وولدت الورقة الاصلاحية ولكن بكل صراحة فهذه الورقة تتضمن ميزتين أساسيتين: الانفصام في الشخصية والاستخفاف بعقول الناس. ولو سلمنا جدلاً ان الورقة ممتازة لكن المشكلة ان الشارع لم يعد يثق بالحكام لاسيما وان هناك أزمة اقتصادية وانهياراً مالياً وأزمة بيئية واجتماعية الخ، لكن رغم ذلك فأكبر أزمة هي أزمة الثقة والناس لم يعودوا يثقون بالقيمين على المؤسسات، والثقة تفقد وتكتسب ولا تعطى وتؤخذ، وجاء رد الشارع رافضاً للورقة لأنه لا يثق بهم حتى لو كانت الورقة جيدة، وطلع الرئيس عون وقال مسألتين: الأولى انه سمع المتظاهرين وفهمهم ووعد بتعديل وزاري، لكن الناس ردوا بالرفض لعدم وجود ثقة وقالوا <كلن يعني كلهن> ولا يريدون أحداً من أحزاب الطوائف. والمسألة الثانية طلب تشكيل لجنة لمحاورته وهذا لا يفهم إلا انه فخ لأن أهل السلطة يعرفون ان الحراك ليس له إطار وهذه قوته وليس له قيادة وتنسيق وإذا وضع له إطار وقيادة وتنسيق صار لدينا فريق ضد فريق، وهذا الفريق مسلح بوجعه وبمنطقه والآخر مسلح بالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والسلاح الشرعي وغير الشرعي، وهنا أقول إن السلاح الشرعي ليس فقط هو سلاح حزب الله، فسلاح المقاومة ليس له علاقة بالسياسة بل نتحدث عن السلاح غير الشرعي الذي يملكه كل الناس وعن كل السلاح الموجود عند أنصار أحزاب الطوائف وفي كل عرس يسقط قتيل وهلم جرا وبالتالي هذا فخ لكي يقسموا الحراك ويفرطوه.

ــ والحل والى اين سنصل؟

- لا يمكن الاستمرار بالأداء القديم والناس يريدون دولة القانون، علماً  بأنه في المشاكل التي أوصلتنا الى هنا <كلن يعني كلن>، لكن في الحلول يجب أن يفهم كل الناس <كلن يعني كلن>، ومن الخطأ التفكير ان عدم توزير جبران باسيل يعني ان الأزمة ستحل، وإذا سايرهم السيد ستحل أيضاً، فالحلول يجب أن يشترك بها الجميع لأن المركب يغرق بالجميع، والأولويات تبدأ من مواجهة الانهيار المالي والاقتصادي وهم يحاولون اليوم ويتحدثون عن مشاكل عمرها سنوات بدءاً من حرب الإلغاء بين عون وسمير جعجع ويحاولون إحياءه اليوم، ولا يمكن حله اليوم، وقصة سلاح حزب الله والمحاور الاقليمية عمرها 40 سنة ولم يحلا، واليوم يغرق المركب وكلنا مشرفون على الإفلاس دون استثناء، سواء في الليرة وفي الطحين وفي المياه والكهرباء والهواء أيضاً، والحل يبدأ بالأولويات بعيداً عن اشكاليات المحاور الاقليمية وسلاح حزب الله والمشاكل الطائفية او المشاكل بين الأحزاب ومن يطرح ذلك كأنه يعقد المشكلة ولا يريد حلاً لها، إنما الحل يكون تحت شعار <كلنا يعني كلنا> حيث لا يجوز اليوم تهييج الغرائز ونحن نغرق، بل يجب الانصراف الى معالجة الانهيار المالي والاقتصادي ومواجهة أزمة الثقة. والمطلوب من أصغر مواطن الى أكبر مسؤول لديه مسؤولية عدم تهييج الغرائز في هذا الظرف.

نعم لحكومة مستقلة ومصغرة!

 

ــ والحل عملياً؟

- طالما ان هناك أزمة ثقة، فيجب أولاً تشكيل حكومة مستقلة ومصغرة كي تدير الأمور وتكون قادرة أيضاً وأصحابها معروفون وتاريخهم يدل عن انجازاتهم، وثانياً تعطى صلاحيات موسعة كي تتحرك بسرعة كي لا يعرقلها مجلس النواب، وثالثاً يكون برنامجها الوزاري واضحاً وتكون أولويتها مواجهة الانهيار المالي والاقتصادي التي يكون الفقير أولى ضحاياها، وبالتالي إنشاء شبكة أمان اجتماعية والتي تشكل اليوم 1 بالمئة من الدخل القومي وهي أصغر نسبة في كل منطقة الشرق الأوسط وشمالي افريقيا وهذا غير جائز خاصة في ظل أزمة اقتصادية ومالية، ورابعاً معالجة المحاور الثلاثة التي ساهمت في افلاس لبنان، وهي كلفة الدين العام، والكهرباء والفساد ووزن الإدارة في الاقتصاد اللبناني، والثقة لا تعطى مقابل تشكيل حكومة بل هذه خطوة أولى، وهذه الثقة هي ثقة الرأي العام أولاً لأنه مصدر السلطات، وثانياً ثقة المستثمرين وثقة المجتمع الدولي، والخطوة الأولى مع تشكيل الحكومة أن يعلن أعضاؤها عن أموالهم مع عائلاتهم وما يملكون، وأن يطبق فوراً قانون الحصول على المعلومات، وأن يعلن مجلس الوزراء عن تفاصيل جلساته وأن تكون علنية، وهذه إشارات لكسب الثقة، وأن تبصر الحكومة الاليكترونية النور بدءاً من رئاسة مجلس الوزراء، لكن بالنسبة للكهرباء من الممكن نجاح الخطط الموضوعة إذا لم يكن هناك تضارب مصالح بين زعماء الطوائف، لكن بالنسبة للضرائب فالمعروف ان الرأسمال جبان وطماع ولذلك علينا وضع خطة ضريبية لمدة 3 سنوات بغية استقطاب الرأسمال والاستثمار الذي يريد بنية مستقرة سياسياً وأمنياً وضرائبياً، ونحن اليوم نعتمد الضريبة المباشرة بنسبة 70 بالمئة وهي تطال الفقراء والطبقة الوسطى إذا كانت هناك من طبقة وسطى، و30 بالمئة ضرائب غير مباشرة والعالم كله يعتمد الآية المعكوسة أي 30 بالمئة ضرائب مباشرة و70 بالمئة ضرائب غير مباشرة، ولذلك لدينا في لبنان ثلاثة جوارير الأول ما يؤخذ من الضريبة المباشرة وهذا ما رفضه الناس اليوم، والجارور الثاني هو القطاع الخاص خاصة المصارف المتزوجة زواجاً مارونياً مع الدولة نظراً لكمية إعطاء الديون للدولة التي تعطيها بدورها أرباحاً هائلة، لكن مشكلة الزيجة المارونية انه عندما يضرب أحد الثنائي يصاب الآخر والورقة الاصلاحية فرضت 3,5 مليار دولار من البنك المركزي والمصارف، لكن عند التفتيش وجدنا ان المصارف ستساهم بنسبة 400 مليون والباقي من مصرف لبنان، وهذا معناه اننا أخذنا 400 مليون من الجارور الثاني فقط و3 مليار ومئة مليون من الجارور السفلي أي صندوق الناس دون أن ندري لأن مصرف لبنان في النهاية هو للشعب، والحل الوحيد هو استعمال الجارور الأول وهو محميات الزعامات من تهرب ضريبي وجمركي واستيراد محروقات ومشاعات وصفقات الخ، والحل يبدأ من الجارور الأول، والبنك الدولي أصدر تقريراً قال فيه ان كلفة سوء الادارة في الدولة اللبنانية من فساد وهدر وسرقات بين 6 و11 مليار دولار في السنة أو 15 بالمئة من الدخل القومي ويمكن على ثلاث سنوات أن تنخفض النسبة 5 بالمئة كل سنة.