تفاصيل الخبر

الأمنية واحدة.. من مولود ”المغارة“ إلى الحكومة ”الثرثارة“!

27/12/2018
الأمنية واحدة.. من مولود ”المغارة“  إلى الحكومة ”الثرثارة“!

الأمنية واحدة.. من مولود ”المغارة“ إلى الحكومة ”الثرثارة“!

بقلم علي الحسيني

الساعات التي أعقبت زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لنواب <اللقاء التشاوري> في منزل النائب عبد الرحيم مراد، كادت أن تحدث انتعاشاً استثنائياً في مسار تأليف الحكومة، على خلفية دعم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لهذه المبادرة، لكن في اليوم التالي عاد التشاؤم ليحتل المشهد العام برمته بعد ان كثّرت <الثرثارات> على كافة الخطوط السياسية والتي صبت جميعها في خانة واحدة اسمها، التعطيل. وعوضاً عن الآمال التي علقها اللبنانيون على فترة الأعياد لاستيلاد <العيدية> المنتظرة، صبّ الرهان كله على ولادة <طفل المغارة>، علّ المغارة تعكس المحبة في نفوس الطبقة الحاكمة وتُرشدهم إلى الطريق الأقوم لولادة حكومتهم.

 

من هنا بدأت

 

في غفلة من لحظات الأمنيات التي كانت تتأرجح بين مد وجزر، ارتفعت أسهم إبصار الحكومة النور بشكل قياسي، مسجلة منسوباً يكاد يكون الأعلى منذ أشهر، حتّى أن الأحزاب والكتل والتيارات السياسية، راحت تُبشّر بقرب موعد <الولادة> قبل الميلاد او بين <العيدين> على أبعد تقدير بعد أن تم تذليل العقبات الكبرى بعد أن سلّم نواب <اللقاء التشاوري> أصحاب الأسماء المُقترح توزيرهم في الحكومة العتيدة، على أن يختار الرئيس عون واحداً من بينها. وفي وقت جاء اسم جواد عدرا، كأبرز الأسماء والحلول كخطوة أخيرة على خط التأليف، راح الجميع يتحدث عن أن الرابح من الذي حدث هو البلد على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. كما راح الجميع يتحدث عن ان تنازل الجميع هو ما دفع لإخراج العقدة الحكومية من عنق الزجاجة وادى الى اشاعة هذا الجو التفاؤلي بولادة حكومية قريبة خصوصاً بعد التحذيرات الجدية من خطورة الوضعين الاقتصادي والمعيشي ومن ان استمرار الواقع القائم على حاله سيؤدي الى انفجار لا يعرف احد نتائجه.

ولكن، ثم ولكن. ما حدث بعد عملية الدفع الرباعي نحو التشكيل، عاد التفاؤل الحكومي ليتراجع من بوابة مجموعة عقد المستجدة. بسحر ساحر عادت الأمور إلى المربع الأول بعد بروز عقدتين: الاولى تتمثل بتحفظ جواد عدرا عن الإعلان جهاراً إنتماءه للخط السياسي لنواب <اللقاء التشاوري>، والثانية تمثلت بمحاولة إعادة خلط أوراق الحقائب من قبل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وسعيه لإعادة تموضع بعض الحقائب في الربع ساعة الأخير من التأليف وتحديداً عملية إعادة التدوير لزوايا حقائب البيئة، الصناعة والإعلام. والتواصل مع نُخب التيّار <الوطني الحر> للوقوف حول ما جرى بشكل مُفاجئ، يقود إلى نتيجة أنه <يوجد مجموعة من الغوامض المستجدة في الملف الحكومي، وليس سراً أن بعض الوزارات غير مرغوبة لعدم القدرة على تفعيلها في هذه المرحلة، ما يعني أن التأليف قد يمدد لبضع الوقت ريثما تنضج نتائج المباحثات>. وعلى ضفّة <تيّار المستقبل>، ثمة من صرّح بأن <إعادة البحث في بعض الحقائب هو أمر جدي وقد يتطلب

مزيداً من التشاور، إلا أن ذلك لا يعني العودة إلى المراوحة السابقة>.

إصرار باسيل والأسم <المفخخ>

 

نواب <اللقاء التشاوري> أو ما يُعرف بالنواب <السُنة الستة>، اعتبروا أن تطيير التأليف سببه الوزير باسيل بعد محاولته ضم عدرا إلى تكتله النيابي، ومنها كان إصرارهم على تحديد عدرا موقفه من مسألة إذا كان سيمثل تكتل لبنان القوي أم <اللقاء التشاوري> لكنه لم يعطهم جواباً شافياً، فكان ان استمهلوه لفترة 24 ساعة، إلا أن عدرا لم يرد على النواب الستة، فقاموا بسحب اسمه فيما ظل في جعبة رئيس الجمهورية ثلاثة أسماء هم: عثمان مجذوب مستشار النائب فيصل كرامي، طه ناجي ممثل عدنان طرابلسي وحسن مراد نجل النائب مراد. أحد نواب قوى <اللقاء التشاوري> رفض الكشف عن اسمه، أكد لـ<الافكار> أننا <عندما اجتمعنا باللواء ابراهيم سلمه كل واحد منا إسماً بشكل علني ليمثل <اللقاء> في الحكومة العتيدة، إلا أن النائب قاسم هاشم سلمه إسماً <مفخخاً> ولم يكن متداولاً بين النواب الستة، وعلى الرغم من عدم الرضا على خطوة هاشم <فإننا سرنا باسم جواد عدرا بنسبة سبعين في المئة، ولكن وصلنا إلى الطريق المسدود بعدها، مع العلم أن خطوة هاشم هذه، ما كانت لتتم لولا لم يحصل على ضوء أخضر من رئيس المجلس النيابي نبيه بري>.

 

في قراءة موقف حزب الله

يضع حزب الله نفسه في مقدمة قادة الأحزاب والكتل والتيارات الذين قدموا قسطهم للعلى في موضوع تأليف الحكومة، حتى في ظل الإتهامات التي طالته من بعض الأطراف السياسية والتي صبت في خانة عرقلته عجلة التشكيل من خلال

<اختراعه> عقدة <اللقاء التشاوري>. ولعل موقف <الحزب> المتشدد لجهة دعم نوّاب <اللقاء> في حجز مقعد وزاري باسمهم، والذي أدى بحسب <تيّار المستقبل> إلى تطيير موعد التأليف، دعمه وزير من حزب الله بموقف شدد فيه على أن المشكلة في الذين يضعون سقوفاً ومواقيت لعملية التأليف وبعدها <لا تظبط الأمور معهم>.  وعلى خط حزب الله، يُذكر أن كتلة <الوفاء للمقاومة>، كانت عقدت خلال اجتماعها الدوري منذ فترة، آمال التأليف على تسوية سياسية أدت إلى <فتح الأبواب> الموصدة من خلال الاعتراف بالنواب <السنة الستة> وبحقهم في حجز مقعد وزاري لهم وباسمهم، لكن بعد تضاؤل فرص الإفراج عن الحكومة،  أصبحت هذه الآمال أسيرة المطالب والمواقف المستجدة.

ويرفض الوزير الدخول في لعبة الساعات والأيام، إذ يقول: فلنرى آخر المعطيات لنبني على الشيء مقتضاه، لكن لغاية الآن لا شيء جديداً. لكن ماذا قدم حزب الله لغاية الأن لتسهيل مهمة الرئيس سعد الحريري؟ يُجيب: <بالنسبة الى التسهيلات التي قدمها حزب الله، أؤكد أنه لا يوجد أي فريق سهّل العملية كما فعلنا نحن>. وهنا لا بد من التأكيد أن عملية تأليف حكومة شراكة ووحدة وطنية، يجب أن تتضمن تمثيل كل الذين يستحقون أن يكون لهم مقعداً وزارياً.

 

زعيتر: لا جديد على صعيد التأليف

 

من جهته، أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال غازي زعيتر لـ<الافكار> أن لا جديد في موضوع التأليف الحكومي سوى ما رشح من حلحلة خلال الأيام القليلة الماضية ومن أجواء صبت جميعها باتجاه أن التأليف حاصل في وقت قريب. والأمر المُفاجئ أنه بعد عمليات الضخ الإيجابية، تعود الأمور إلى الوراء وتتبدد كل الأجواء وتتحول إلى <تشاؤلية> على الشكل الذي نراه أقله حتّى الساعة. وأوضح أننا نحن كحركة أمل قدمنا وضحينا منذ فترة طويلة في سبيل تشكيل الحكومة. قبلنا بثلاثة وزراء وبتبديل بعض الحصص، ورضينا من خلال <المونة> الطلب من حلفائنا تسهيل عملية التأليف، وكل هذه الإتفاقات معنا ما زالت سارية المفعول، لكن ليسألوا هم أنفسهم عن التبدلات التي تطرأ على مواقفهم ووعودهم.

ودعا زعيتر الجميع إلى تسهيل ولادة الحكومة اليوم قبل الغد، لأن البلد لا ينقصه التراجع أكثر مما هو فيه. ونحن نفتخر أمام الجميع بأننا لم نبدل لا مواقفنا ولا خياراتنا لجهة عملية التسهيل، كما يفعل غيرنا. وأعرب عن تخوفه من الأجواء التي ترافق عملية التأليــــف، إن لجهــــة الوضــــع الإقتصـــــادي أو الحيــــاة المعيشية، أو لجهة الوضع الأمني على الحدود الجنوبية. وقال: كل هذا يستوجب وجود حكومة وحدة وطنية فعلية لا حكومــــة تصريــــف أعمــــال، وهــــذا هــو مـــــوقف الـــرئيس بـــــري الذي يولي موضوع تشكيـــل الحكومــــة اهتماماً خاصاً، وأكثر من مرة دعا إلى التنازل عن المصالح الشخصية أو الحزبية لصالح البلد.

الحريري صمت ليسمع الآخرون

 

لم ترسُ سفينة الحكومة العتيدة على الشاطئ المخصص لها، بل على العكس، فقد اختارت مجموعة من الربّان يقودون عملية تأليفها، التوجه بها نحو مكان مجهول من دون أن يُحددوه بإشارة مكانية أو زمانية. ولأن الوضع ظل على حاله ولأن كثرة الطباخين أحرق الطبخة،  فقد آثر الحريري التزام الصمت أقله في المرحلة الحالية ريثما ينقشع الضباب وتعود وتظهر سفينة التأليف بشكل أوضح حتى ولو بعد إنقضاء الأعياد.

بعد تغريدة الحريري التي جاء فيها، <لا بدّ أحياناً من الصمت ليسمع الآخرون>، ذهب الجميع في  تفسيرها بأكثر من احتمال، واللافت أن جميع التفسيرات صبت بفرضية <الهروب والتراجع والإستسلام>، لكن بعض الراسخين في التصريحات التي تخرج من <بيت الوسط>، رأوا فيها تعبيراً عما آلت اليه الأوضاع خلال اليومين الأخيرين خصوصاً وأن الحريري نفسه كان استبشر خيراً وأعلم جميع من حوله، بقرب عبور النفق المظلم الذي سيطر على المشهد العام لفترة تزيد عن ثمانية أشهر.

 

عراجي: هناك عملية تناتش حصص

 

عضو كتلة <المستقبل> عاصم عراجي أكد لـ<الأفكار> أن الصمت الذي أعلن عنه الحريري، ناجم عن الحالة المزرية التي وصلت اليها مشاورات التأليف وتعبير عن عدم رضائه عن حالة المراوحة القائمة منذ ثمانية أشهر. ورأى ان  ما أعلن عنه

الحريري هو أقل ما يجب فعله في هذه اللحظة الصعبة التي يمر بها البلد، والأخطر أن الوضع هذا يُرافقه عملية تناتش للحقائب سببها رفع زيادة عدد بعض الكتل مقابل إضعاف أخرى.

واعتبر عراجي أن العقدة بعد ان كانت خارجية، أصبحت اليوم في ملعبنا الداخلي، فبعد أن أوقف حزب الله عجلة التشكيل لفترة طويلة بطلب إيراني، الظاهر أنه عاد وأطلق سراح الحكومة بعد سلسلة من الانفراجات الخارجية منها هدنة الحديدة في اليمن وحل أزمة الحكومة في العراق من خلال حل موضوع وزارتي الداخلية والدفاع وأيضاً نية الانسحاب الأميركي من سوريا. وأكد اننا وقعنا مجدداً في فخ الحقائب، مع العلم أن هذا الملف كان تم الإتفاق حوله وعلى أساسه عادت وانطلقت عملية تشكيل الحكومة. ولأن العقد الحالية سوف تتظهر بشكل أوضح خلال أيام قليلة، قد نشهد تأليف الحكومة بعد عطلة الاعياد.

وختم عراجي قائلاً: إن صمت الحريري هو بمنزلة صرخة في وجه جميع المعطلين. وما فاجئني حقيقة، أن حلاً كان فرض نفسه على المشاورات منذ أيام قليلة من خلال اللقاءات التي كانت عُقدت بين الرئيسين ميشال عون والحريري والوزير جبران باسيل في قصر بعبدا ومع قبول جميع الاطراف بفكرة الالتقاء في منتصف الطريق. واليوم يُمكن القول إن التأليف تعرض لكارثة. لكن رغم هذا الجو الملبد، يمكن الجزم بأن الحريري لن يستقيل من مهمة التأليف ولن يتراجع عن السعي للوصول إلى الهدف وهو لم يتعود لا على الهروب ولا على ترك البلد في الظروف الصعبة كتلك التي نواجهها اليوم، والتي تُنذر بكارثة اقتصادية قريبة في حال عدم تدارك الأمور.

 

العريضي: حاولوا سحب <الصناعة> منا

 

فجأة عاد اليأس الى اللبنانيين مجدداً بعد إخفاق أهل السياسة في الوصول إلى رأي موّحد حول الشكل الذي يجب أن تكون عليه الحكومة ودخولهم مجدداً في نفق <الصناعة> و<الإعلام> و<البيئة>.

الوضع الراهن المتأزم الذي نجم بشكل مُفاجئ، يرده القيادي في الحزب التقدمي الإشتراكي النائب والوزير السابق غازي العريضي إلى أنه ناجم عن سوء إدارة وشهوة السلطة من قبل جهات أعادت خربطة وضع التأليف وأرجعتها إلى الوراء بسبب تناتشها على نوعية الحقائب. من هي هذه الجهات؟ يُجيب العريضي: تعرف نفسها من أفعالها. ويُضيف: لقد حاولوا أن يأخذوا منا وزارة الصناعة، لكننا رفضنا، وانا لا أفهم كيف انه بعد كل هذه <الحفلة> التي حصلت من وعود وانفراجات وآمال والكلام عن العيدية وأحاديثهم حول ما ينتج عن الفراغ الحكومي من مخاطر ومخاوف سياسية واقتصادية وصولاً إلى آخر المعزوفة، إذ بنا نعود إلى مشكلة

الأسباب والمعايير التي كانت سابقاً.

كان الاتكال على <الاشتراكي> في تسهيل عملية التأليف كونه أكثر الأحزاب التي دعت إلى تسهيل العملية خلال اليومين الماضيين، ماذا فعلتم؟، يُجيب العريضي: هل يعني هذا الكلام أن نقوم بتسليم كل شيء من أجل أن يستمتع الجميع، هل المطلوب أن نناقض أنفسنا، لا أفهم كيف تقوم عقلية كهذه بالتحكم بمجريات الأمور. لقد قمنا بأقصى ما يمكن القيام به في ما يتعلق بالحصة الدرزية. الأغرب أنه من بعد ما تفاهمنا وانتهينا من وضع كافة الأسس المسهلة لإعلان التشكيلة الحكومية، عادوا وفاجأونا بطلب تنازلنا عن حصص، ماذا يعني هذا الأمر، وعلى أي أسس يُقيمون حساباتهم؟

وتابع العريضي: المشكلة أنهم يعطون دروساً على الهواء في الحرص وإنجاز الأمور وتسهيل المهمات وهذا بيّ الصبي وهذه أم الصبي، وهذا خاله وهذا عمه، وفي النهاية يُعيدوننا ويُعيدون البلد الى الوراء ثم يُحاولون اتهامنا بالتعطيل في محاولة استضعاف أو استفراد. لا لن نقبل بهذا المنطق، كما لا يمكنهم رمي الكرة في ملعبنا، لأن الأمور معروفة وواضحة كوضوح الشمس أمام كل الناس. والمعرقل دل على نفسه بإصبعه. ولدى سؤاله حول إمكانية ولادة الحكومة قريباً، يُجيب: أسألهم هم، فأنا لست بصّارة. على فكرة الف بصار وبصارة لن يتمكنوا من قراءة عباقرة السياسة في لبنان. أما بالنسبة إلى الرسوم التي ينشرها رئيس الحزب <التقدمي الإشتراكي> وليد جنبلاط على موقع <تويتر>، يؤكد العريضي أنها من أكثر العبارات التوضيحية بالنسبة لما يحصل في موضوع التأليف الحكومي، والمنشورات واضحة فهي تعبر عن سيرك ومتاهة. للأسف هذا هو وضعنا اليوم.

وعند سؤال العريضي عن موقفي كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير السابق وليد جنبلاط من وضع التأليف، أجاب أنهما مع الإنتهاء من عملية التشكيل أمس قبل اليوم. ماذا عن موقف حزب الله؟ يجيب: الحزب ساعد كثيراً في الأيام الأخيرة ومن بيده مفتاح التأليف يعلم جيداً ان حزب الله ساعد كثيراً في هذا الموضوع. ورأى أن أخطر إشارة هو ما فعلوه خلال الأيام القليلة الماضية وهي تعبر عن ذهنية أن الحكومة لن تفعل شيئاً ولن يتغير شيء. أتمنى ان أكون مخطئاً. ويُنهي العريضي كلامه بالقول <نيال يلي ما بيعرف>.

 

حراك الشارع يُنذر بالأسوأ

 

على وقع إقفال نهاية العام على <اللاحكومة>، أقفلت <شوارع البلاد باحتجاجات متدحرجة في محاولة لـ<استنساخ> حراك <السترات الصفراء> الفرنسي. فالتحركات التي بدأت من بيروت تمددت كتمدد أزمات البلاد المستعصية، وتوسعت إلى خارج العاصمة لتصل إلى الشمال والجنوب، الأمر الذي يدل على أن هناك <قنبلة شعبية> قابلة للإشتعال في أي وقت. الحراك الخطير تمحور حول ضرورة تشكيل الحكومة، لكن اللافت أتى من تدحرج مشهد الإعتراض والتخوف من أعمال الشغب الذي تمظهر بانفصال قسم كبير من المشاركين في التحرك ومطالبة مقنعين بالتوجه إلى ساحة رياض الصلح والتظاهر امام السراي الحكومي لتبدأ أعمال الشغب وتتواصل في أكثر من منطقة وشارع، لا سيما في منطقة الحمراء والنويري والبسطة الفوقا.

على هذا النحو، يُمكن الركون إلى أن الفراغ السياسي يؤدي حتماً إلى التدهور الأمني، فمشهد التوتر الذي سبق أحداث الجاهلية، وما استتبعها من تشنج بعيد الأحداث يشي أن البلاد مفتوحة على انفلاش أمني في ظل فراغ حكومي إلى ما بعد السنة الجديدة، وأكثر من ذلك فإن الشغب المحدود الذي حصل يوم الحراك، لم يكن ليأخذ هذا الحيز من الاهتمام والمتابعة لو أن الظرف السياسي في البلاد كان طبيعياً وعجلة المؤسسات تدور بانتظام. وفي ظل غياب أي جهة متبنية لهذا الحراك <اللقيط>، ربما خوفاً من الانفلات الأمني وعندها سيتحمل راعي الحراك المسؤولية كاملة، خرجت مصادر مقربة من بعبدا لتؤكد أننا مع أي تحرك يحمل وجع الناس وهمومها، اما في حال كان المقصود توجيه رسالة سياسية ما، فنحن نؤكد أن إطلاق عجلة المؤسسات مسؤولية مشتركة بين الجميع وليست مسؤولية فريق دون سواه.

المحصلة، أن نواة تأليف هذه الحكومة، كانت أسيرة الاصطفافات السياسية والمحاصصة وإعادة توزيع الحقائب، وبدل أن يعمل هؤلاء على قاعدة <إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب>، راحوا يثرثرون أكثر مما يفعلون، فكانت أن توجهت الصلوات باتجاه <بيت لحم>، علّ مولود <المغارة> يُعيد بهذا الطقس البارد، الدفء والحرارة إلى قلوب أفراد الحكومة <الثرثارة>.

واذا استمر التعثر في تأليف الحكومة هل نكون أمام ظلال دولة فيديرالية؟!