تفاصيل الخبر

الأمن على المحك.. والآتي أعظم

10/02/2021
الأمن على المحك.. والآتي أعظم

الأمن على المحك.. والآتي أعظم

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_85721" align="alignleft" width="355"] لقمان سليم شهيداً.[/caption]

 تصدّر الحديث عن عودة الاغتيالات في لبنان واجهة الأحداث السياسية والأمنية  قبل وبعد اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم، وذلك وسط تخوّفات جديّة جعلت عدداً من السياسيين في البلد يقفون على تماس مع التسريبات التي كانت خرجت منذ فترة عن بعض المراجع الأمنية. والأبرز ربّما في عودة هذا الخطر، يكمن في الحديث عن جود لائحة تجمع بين سطورها أسماء شخصيّات سياسية ودينية وإعلامية من طوائف وانتماءات مُختلفة.

اغتيال لقمان سليم.. ماذا بعد؟

 ست رصاصات أفرغها القاتل بجسد لقمان سليم بعد مغادرته منزل أحد أصدقائه في إحدى البلدات الجنوبية. وصبت معظم الاتهامات التي توزعت بعد ظهور جثّة سليم داخل سيارته في إحدى القرى الجنوبية باتجاه "حزب الله"، واعتبرت الصحافية منى علمي أن السبب الحقيقي

[caption id="attachment_85722" align="alignleft" width="375"] مجلس الدفاع الأعلى البديل عن الحكومة.[/caption]

لاغتياله، مرتبط بترتيبه لانشقاق أحد كبار التجار المتعاملين مع الحزب، بعد عقد عدة لقاءات معه، وقالت: يوم الأحد 31 كانون الثاني (يناير) الماضي طلب مني سليم المرور بمكتبه لمناقشة موضوع حساس معي لا يمكن فعله إلا وجهاً لوجه. وعندما التقيت به في اليوم التالي أكد لي أنه كان على اتصال بشريك تجاري لحزب الله، متورّط بشكل كبير في أنشطة غسيل الأموال للحزب وتم فرض عقوبات عليه من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي (OFAC) وأن هذا الشخص الذي لم ينشر اسمه، كان مستعداً للانشقاق مقابل إخراجه من لبنان وحمايته من حزب الله.

بجميع الأحوال وبغض النظر عن الإتهامات، فقد سلّط اغتيال الناشط السياسي والاجتماعي لقمان سليم الضوء على هشاشة الوضع الامني في لبنان وعلى مدى الحريّة التي يتمتع بها البعض لممارسة الجرائم بكل أنواعها وتحديداً جرائم القتل، مما يؤكد للمرة الألف أن الأمن على المحك وأن مهمة الاجهزة الأمنية لم تعد محصورة فقط بفض إشكال مسلح هنا أو منع تظاهرات هناك، بل أن دورها بات أبعد من المهام هذه التي يُمكن لأي عنصر القيام بها. من هنا بات لزاماً على هذه الأجهزة القيام بخطوات استباقية لمنع القاتل من الاستمرار بإجرامه والكشف عنه بالاسم مهما كانت حصانته الداخلية أو الخارجية أو الطائفية.

 الوضع الميداني.. الخطر المقبل

المؤكد أن اغتيال لقمان سليم، هو جزء بارز من الانفلات الأمني الذي عاشته البلاد خلال احداث طرابلس على الرغم من ابتعاد

[caption id="attachment_85723" align="alignleft" width="426"] من يحمي الأجهزة الامنية؟[/caption]

الحدثين عن بعضهما البعض، لكن في مقاربة واضحة للصورة، يتبيّن أن المقصود هو الأمن في لبنان بكل أشكاله وأبعاده وأن المُراد ضرب استقرار البلد والعودة فيه إلى زمن التقاتل. وعند هذا الحد، راح البعض يسأل حول حقيقة الوضع الأمني في لبنان، ومدى جديّة مناعته تجاه الخروقات التي يُحاول البعض من خلالها التسلّل للاصطياد بالماء العكر، لحساب أجندات تتوزّع بين الداخل والخارج، الهدف منها وضع لبنان بموقف العاجز عن إدارة شؤونه، وبالتالي أصبح يحتاج إما إلى وصاية خارجية فعليّة، أو إلى إمساك جهة داخلية بالقرار السياسي، منعاً لسقوط الهيكل على رأس الجميع.

من نافل القول، إن تعاطي لبنان الرسمي مع الأحداث والمستجدّات الطارئة، وتحديداً الأمنية منها بما فيها الأحداث الأخيرة، يشكل عنصراً مهماً، ذلك أن الأمن السياسي يُشكّل العمود الفقري لكل عوامل الاستقرار، في بلد يخضع لتركيبة خاصة ومُعقّدة يحتاج فيه الأمن إلى توحيد القرار السياسي، الذي غالباً ما يُشكّل دفعاً معنوياً ومادياً لعمل الأجهزة الأمنية على الأرض. ولعل أبرز الدلائل حول أهمية القرار السياسي وتوحيده، انهزام أهم منظومة إرهابية في المنطقة وطردها من لبنان، على الرغم من التضحيات الجِسام التي قدّمها الجميع من دون إستثناء.

هل تبقى الأجهزة الأمنية بمنأى عن السياسة؟

[caption id="attachment_85724" align="alignleft" width="470"] ومن يضبط الشارع؟[/caption]

ما سبق وتقدّم، يؤكد أن العراك السياسي الحاصل على ضفاف ملف تأليف الحكومة، والتشدّد في المطالب والمطالب المضادّة، لن يزيد الواقع إلّا تأزماً وإرباكاً، ولن تكون نتائجه إلا المزيد من الانقسام بين اللبنانيين، وبالتالي، من يضمن بعدها أن ما حصل في طرابلس لن يتكرّر في بيروت أو البقاع أو الجبل أو الجنوب، ومن يضمن بأن تبقى المؤسّسات الأمنية بعيدة هي أيضاً عن هذه الانقسامات، طالما أن لكل طائفة أو مذهب، جهازاً أمنياً خاصاً بها يأتمر من رئيس هذا الحزب أو التيّار، أو من زعيم هذه الطائفة أو ذاك المذهب.

بعيداً عن المثاليّات التي يتحدّث بها المسؤولون الأمنيون في البلد، ودفاع كل رئيس جهاز عن المؤسّسة التي يُديرها أو يرأسها، ثمة انكشاف أمني حصل خلال اغتيال سليم وأيضاً من خلال أحداث طرابلس، وقد جعل هذا الانكشاف الأمور تتطوّر بشكل مُخيف، وتصل إلى درجة بالغة الدقّة والخطورة. لذا، فإن التشدّد الأمني اليوم، هو أكثر من مطلب، وكذلك الكشف عن الجهات التي اغتالت وتلك التي افتعلت الشغب، بالإضافة إلى مُحاسبة الأجهزة المُقصّرة في عملها، والتي أدّى تساهلها إلى كل هذه النتائج.

شربل: الأجهزة مضمونة والخوف من السياسيين

[caption id="attachment_85720" align="alignleft" width="333"] الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري..انهوا لعبتكم .[/caption]

 في السياق، يوضح وزير الداخلية الأسبق مروان شربل، بأن الانقسام السياسي الواقع في لبنان اليوم، والذي تمتد شراراته بين الحين والآخر نحو الشارع المتفلّت أصلاً من كل الضوابط، لا يُمكن أن ينسحب بأي شكل من الأشكال على الأجهزة الأمنية البعيدة كل البعد عن الصراع بين السياسيين. كما أن لا مصلحة لكل هذا الطاقم السياسي بانقسام المؤسّسات الأمنية، وتحديداً الجيش كما حصل في العام 1975 .

أمّا بالنسبة إلى المُسببات التي أدّت إلى اشتعال الشارع، علّق شربل بسؤال يجب أن يُوجّه إلى الدولة المسؤولة عن وصول الوضع الاجتماعي والمعيشي والصحي إلى ما وصل إليه. وقال: هذا من صنيعة النظام السياسي المسؤول بالدرجة الأولى عن الهَيَجان في الشارع، فلو كانت هذه الدولة تداركت الأمور، ولو لم تُسرق أموال الناس، ولو لم تتقاعس عن أداء دورها كما يجب، لما كان هذا حالنا اليوم.

وأعرب شربل عن اعتقاده بأن موجة التظاهرات في لبنان لم تنحسر، بل ستتجدّد بعد فتح البلد خلال الأيام المقبلة، لكن الأخطر من عودة التظاهرات يتمثّل بعامل دخول الطابور الخامس على خط الفوضى وإحداث فتن متنقلة، ملمّحاً إلى أن الإرهاب الحاصل في العراق وسوريا قد يكون له امتدادات إلى لبنان، من هنا، على الدولة التشدّد بالأمن والكشف بسرعة عن الجهات التي افتعلت حالات الشغب في الشمال، ومن يقف وراءها ويدعمها.