تفاصيل الخبر

الإمارات تدل لبنان على مكامن الفساد... ولبنان يرد: ”الجو حلو عندنا“!

11/10/2019
الإمارات تدل لبنان على مكامن الفساد...  ولبنان يرد: ”الجو حلو عندنا“!

الإمارات تدل لبنان على مكامن الفساد... ولبنان يرد: ”الجو حلو عندنا“!

 

بقلم المهندس خالد عوض

لا بد من الإضاءة على زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي وكشف بعض الجوانب منها، لربما نتلافى الأخطاء نفسها في الزيارات القريبة المقبلة. هناك ضرورة أولا للتعامل مع الدول الخليجية بالعلمية نفسها والتحضير والملفات الجاهزة والواضحة التي نذهب بها إلى الغرب وعدم الإعتماد على تبويس اللحى وعلاقات الأخوة والصداقة متوقعين أن نحصل على مساعدات مجانية. دول الغرب نفسها تأتي هذه الأيام لتتعلم التخطيط من بعض الدول الخليجية التي، رغم كل ما يقال عن منحها الصفقات يمينا ويسارا، لا تخطو خطوة إقتصادية أو مالية إلا بألف حساب.

لذلك كان من الملفت في <المؤتمر الاقتصادي اللبناني الإماراتي الثاني> الحرفية التي تعاطت من خلالها دولة الإمارات مع الحدث وكيفية التحضير له مقابل الخفة التي ظهر بها لبنان.

ربما لا يزال رئيس الحكومة سعد الحريري يتمتع ببعض الكاريزما الموروثة من والده ويبني عليها إستمرارية علاقته مع بعض الدول الغربية والعربية. وهو لا يزال أيضا <الحصان السني> الأكثر قبولا عربيا ودوليا لأسباب لا تتعلق بالضرورة بأدائه السياسي أو الإقتصادي بل مرتبطة بالشعبية، الموروثة أيضا، التي لا يزال يتمتع بها على الأرض وبغياب البديل المقنع حتى الآن.

 

الأرقام مقابل.. الجو حلو في لبنان!

 

قبول وإستحسان الحريري من قبل بعض صانعي القرار إقليميا ودوليا جيد للبلد لفتح بعض الأبواب الموصدة، خاصة في الظروف الحالية. ولكن التعاطي مع الدول يجب أن يبنى على مقترحات واضحة وعلى أطر تعاون مرسومة جيدا بمكاسبها ومخاطرها، وليس على طريقة <الطقس حلو بلبنان> أو <ساعدونا وزورونا>...

كلمة وزير الإقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري تلخص الموقف. الرجل تكلم بالأرقام وتحدث بدقة عن نمو التبادل التجاري بين لبنان والإمارات، وأن تقدماً كبيرا قد تحقق في العام الماضي على صعيد التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين، بإجمالي بلغ أكثر من ٢,٦ مليار دولار أميركي، وبنمو نسبته ٣٤% مقارنة بعام ٢٠١٧ .

ولفت إلى أنه خلال الفترة من عام ٢٠١٧ إلى ٢٠١٨، نمت واردات الإمارات من لبنان بنحو ٢١%، فيما ازدادت أنشطة إعادة التصدير من الإمارات إلى لبنان بنسبة تزيد عن ٥٥%، وبحسب أرقام الربع الأول من عام ٢٠١٩، اقتربت التجارة الخارجية غير النفطية بين لبنان والإمارات من ٧٠٠ مليون دولار محققة نمواً بنسبة ٣٧% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018، وتشير هذه الأرقام إلى أن التبادل التجاري بين البلدين يتجه إلى تحقيق عتبة ٣ مليارات دولار مع نهاية العام الجاري.

وزير يتكلم بالأرقام التي تعبّر عن أمور رئيسة يمكن البناء عليها بين البلدين مقابل كلام لبناني عن التبولة والحمص و...إعادة اعمار سوريا، سوريا التي لا نتحدث معها ونلعن رئيسها كل يوم ثم نعتبر أننا أفضل مركز لإطلاق إعادة إعمارها.

 

الإمارات تدل لبنان على... فساده!

هناك جانب آخر في كلام الوزير الإماراتي له علاقة بالفساد في لبنان.

من جهة تحدث المنصوري عن نمو التبادل التجاري، ولكن من جهة أخرى أشار إلى زيادة كبيرة في إعادة التصدير من الإمارات إلى لبنان. هذا مرده أن الكثير من المستوردين اللبنانيين اضطروا الى الإستيراد إلى المنطقة الحرة في جبل علي وإعادة التصدير إلى لبنان. السبب؟ لأن المهربين الذين لا يدفعون الرسوم الجمركية في لبنان أكلوا حصة التجار السوقية فاضطر هؤلاء إلى الذهاب إلى الإمارات وإستيراد البضائع إليها والتصدير منها إلى... المهربين اللبنانيين انفسهم. نقلوا أعمالهم من لبنان من أجل المحافظة على حصتهم السوقية فيه وعلى علاقاتهم بمورديهم في الصين والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول. أرقام إعادة التصدير التي اعلنها الوزير الإماراتي يجب أن تكون بمثابة إبلاغ للمدعي العام المالي، فهو يستطيع اليوم أن يكتشف من هم هؤلاء <التجار الجدد> الذين يستوردون مباشرة من الإمارات ويمررون البضائع من دون رسوم جمركية. مشكور سلطان المنصوري على إشارته، على أمل أن يتلقفها القضاء اللبناني بالتحقيق السريع الذي يمكن أن يؤدي إلى إسترجاع عشرات ملايين الدولارات من المهربين.

حكمة <أينشتاين>!

يقول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنه لا يتوقع إنجازات كبيرة أو تغييراً جدياً من خلال الأشخاص ذاتهم الموجودين اليوم في الحكم خاصة إذا كان هؤلاء أنفسهم هم الذين اوصلوا البلد إلى ما هو عليه. هذا هو أيضا كلام بعض الشارع في لبنان والذي لولا العصبية الطائفية والمذهبية التي تسيطر عليه لراح إلى أبعد مما ذهب إليه العراقيون في الأسبوع الماضي.

بإختصار يصلح كلام العالم الفيزيائي <ألبرت اينشتاين> على الوضع اللبناني اليوم أكثر من أي يوم مضى: <لا يمكن حل مشاكلنا بالعقلية نفسها التي استخدمناها عندما خلقنا هذه المشاكل>.

مبروك على لبنان الزوار الإماراتيين...