بقلم وردية بطرس
الدكتورة ريتا عطالله: من أعراض الاكتئاب الموسمي الشعور بالحزن والاضطراب في النوم وعدم الرغبة بالقيام بأي شي
[caption id="attachment_82639" align="alignleft" width="445"] الاكتئاب الموسمي.. حزن وعزلة وفقدان للذة.[/caption]مع تغيّر الفصول وحالة المناخ يشعر بعض الأشخاص باضطرابات نفسية وعدم الرغبة في ممارسة المهام اليومية، لاسيما في فصلي الخريف والشتاء فعندما تقلّ ساعات النهار وتزداد ساعات الليل يرغب الانسان في النوم كثيراً وأيضاً يشعر بالكسل، الأمر الذي يصيبه بنوع خاص من الاكتئاب يُعرف بالاكتئاب الموسمي او الاضطراب العاطفي الموسمي، وهو اضطراب يرتبط بانخفاض التعرّض للضوء بسبب قصر النهار وتحوّل السماء الى اللون الرمادي نتيجة تراكم الغيوم، الأمر الذي يعتقد بأنه يتسبب في اختلال التوازن الكيماوي في الدماغ. ويرتبط الاضطراب العاطفي الموسمي بالتغيرات في الفصول المناخية، فهو يبدأ وينتهي في الوقت نفسه تقريباً من كل عام لدى من يعانون أعراضه، وغالباً ما تبدأ تلك الأعراض بالاكتئاب الموسمي خلال آواخر فصل الخريف وأوائل فصل الشتاء، وتختفي أعراض الاكتئاب الحاد الذي يظهر خلال تلك الأيام في فصلي الربيع والصيف، وهناك نمط معاكس من هذا الاكتئاب الموسمي يعاني من أعراضه آخرون خلال فصلي الربيع والصيف، وان كان هذا النوع هو الأقل انتشاراً من الاكتئاب الموسمي الخريفي والشتوي، وفي خلال هذه الفترات غالباً ما يعاني المصابون بهذا الاضطراب من التقلّب غير المفهوم في حالاتهم المزاجية، كما يعانون من فقدان طاقتهم وقدراتهم على ممارسة أنشطتهم المعتادة، وفي كلتي الحالتين قد تبدأ الأعراض معتدلة ثم تصبح أكثر حدة مع تقدم الموسم.
الدكتورة عطالله وأسباب الاصابة بالاكتئاب الموسمي
فهل كل انسان معرّض للاصابة بالاكتئاب الموسمي؟ وما هي أعراضه وطرق علاجه؟ وغيرها من الأسئلة أجابت عنها الدكتورة ريتا عطالله (خبيرة محلفة لدى المحاكم – فرع علم النفس، دكتوراه في علم النفس العيادي والمرضي، واختصاصية في علم النفس العيادي والمرضي في الأمن العام اللبناني، ومعالجة نفسية ومدربة في المركز التربوي للبحوث والانماء، وخبيرة نفسية واجتماعية لدى المحاكم الروحية المارونية، ومتخصصة في التقييم النفسي)، وسألناها بداية:
* يعاني الكثيرون من الاكتئاب الموسمي في فصلي الخريف والشتاء فما هي الأسباب التي تؤدي الى هذا الاكتئاب ؟
- هناك أنواع عدة من الاكتئاب ولكن في علم النفس يهمنا كثيراً ألا تكون اسباب أعراض الاكتئاب جسدية، أي أن تكون أعراضاً نفسية ولكن ليس هناك أي سبب جسدي يسبّب هذه الأعراض. فالاكئتاب الموسمي هو نوع من أنواع الاكتئاب وهو يأتي في أغلب الأحيان مع بداية فصل الخريف ويتكرر كل سنة ولكن في أماكن معينة ، ولا نرى هذا الاكتئاب فقط في فصل الخريف ، ونسميه الاكتئاب الموسمي لأنه من الممكن أن يحدث في فصل آخر، وهذا نوع من الاكتئاب يحدث عند النساء أكثر من الرجال.
وتتابع:
- أسباب الاصابة بالاكتئاب الموسمي غير معروفة اي ليست هناك نظرية معينة أثبتت ظهور هذا المرض النفسي الذي هو الاكتئاب الموسمي، ولكن هناك نظريات عدة تفسّر ذلك. فمن الممكن أن يكون السبب وراثياً ، او مرتبطاً بغياب أشعة الشمس في فصل الشتاء ، حيث لا يتعرّض الشخص كثيراً لأشعة الشمس. وهناك بعض النظريات التي تتحدث عن العلاج بالضوء. ومن الممكن أن يكون هناك"Neurochimque" يعني مثلاً ارتفاع (الميلاتونين) او انخفاض (السيروتونين) المسؤول عن الشعور بالسعادة ولهذا نرى الأشخاص أحياناً يقبلون على تناول الحلويات والشوكولا لرفع (السيروتونين).او أيضاً ألا يكون هناك سبب معين لحدوث الاكتئاب الموسمي بمعنى ان يشعر الشخص بذلك ولكن لا شيء يفسر ما يحصل معه.
أعراض الاكتئاب الموسمي
* ما هي أعراض الاكتئاب الموسمي؟
- أعراض الاكتئاب الموسمي شبيهة بأعراض الاكتئاب أي يشعر الشخص أنه حزين ويفقد اللذة، ولا يشعر برغبة بالخروج مع الأصدقاء واللقاءات مع الناس، أي يشعر بحزن شديد يؤثر على أكله ، حيث يزيد وزنه او ينخفض، ومن الممكن أن يؤثر ذلك على النوم، او أن يؤثر حتى على أفكاره ، حيث يصل الأمر الى ان تراوده أفكار سوداوية، ويفقد اللذة. ولكن عدا عن الشعور بالحزن والاضطراب في الوزن والاضطراب في النوم والاضطراب سواء في المهنة او العلاقات مع الآخرين، فمن الممكن أن يشعر الشخص بتعب جسدي، حيث لا يشعر أنه يرغب بالقيام بأي شيء، ولا يحب القيام بأي شيء، ولكن هذه الأعراض تكون لفترة معينة أي ليس لمدة يوم او يومين بل تكون لفترة متواصلة تفوق الأسبوعين عندها نقول إنه اكتئاب موسمي.
* من هم الأكثر عرضة للاصابة بالاكتئاب الموسمي؟ وهل يُصاب به الشخص كل سنة مع اقتراب فصلي الخريف والشتاء ام يختلف الأمر حسب الظروف؟
- الاكتئاب الموسمي يبدأ بأعمار صغيرة ولكنه يدوم، بمعنى اذا لم يعالج الشخص يرافقه لعمر طويل، وكما ذكرت لدى النساء أكثر من الرجال. وصحيح أن الشخص في أكثر الأحيان يُصاب به في مطلع الخريف ولكن كما ذكرت قد يُصاب به في فصل آخر ولكن أكثرية الحالات تكون في فصل الخريف.
تأثير الاكتئاب الموسمي في ظل وباء "الكورونا"
[caption id="attachment_82640" align="alignleft" width="333"] الدكتورة ريتا عطالله: العلاقة ما بين الأزمة الاقتصادية والفقر و"الكورونا" والاكتئاب هي علاقة كبيرة.[/caption]* الى أي مدى سيكون للاكتئاب الموسمي تأثير سلبي على الناس في ظل وباء "كورونا" والأزمة الاقتصادية؟
- بالنسبة لفيروس كورونا المستجد الذي يفتك بالعالم منذ أن ظهر في مدينة ووهان في الصين في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي لغاية اليوم، فهذا الفيروس الذي يصيب الرئة ويؤثر على التنفس من الممكن أن يؤدي أحياناً الى الموت، وكما نعلم أنه يُصيب الأولاد ولكن بدرجة قليلة ومن الممكن أن ينقلوا الفيروس للآخرين لأنه لا تظهر عليهم الأعراض. كما تفيد الدراسات أن الكبار الذين لديهم مناعة جيدة فحتى لو لم تظهر عليهم الأعراض سينقلونه للآخرين لأنهم حاملو الفيروس. واذا كان الشخص مصاباً بمشاكل صحية وحتى لو كانت لديه مشكلة جسدية ولكن قد لا يتحمّل جسمه او مناعته هذا الاضطراب، وحتى إنه يستوجب ادخاله الى المستشفى ووضع أجهزة التنفس، وفي بعض الأحيان يؤدي ذلك الى الوفاة.
وتتابع:
- "كوفيد – 19" هو أزمة صحية عالمية فتكت بكل دول العالم، ولا سبيل لحماية أنفسنا من هذا الفيروس إلا من خلال الالتزام بالاجراءات الوقائية من غسل اليدين ووضع الكمامات والقفازات، وأن ينتبه كل شخص بألا يلتقي او يسلّم باليد على أحد قادم من السفر، أي التقيّد بكل هذه الاجراءات التي فرضتها وزارة الصحة. ونحن في لبنان لا ننسى الأزمة الاقتصادية التي بدأت قبل وباء "كورونا"، اذ تسير الأمور من سيىء الى أسوأ ، حيث أن الأزمة الاقتصادية تزداد سوءاً أي ان الناس يعانون أكثر فأكثر، ويخسرون وظائفهم ويُصرفون من أعمالهم بسبب الأزمة الاقتصادية، وليس هناك بديل لمساعدة الأشخاص، اذ مهما تحاول الجمعيات الأهلية أن تساعدهم، ولكن هذا غير كاف لأن الكثير من الناس يعانون من الفقر والجوع والذل، فارتفاع سعر الدولار بهذه الطريقة أمر رهيب لأن الأسعار ترتفع ولم يعد اللبناني يقدر على تحمّل أعباء الحياة، ومع وقوع انفجار مرفأ بيروت الذي أدى الى سقوط مئات الضحايا واصابة الآف الجرحى وتشريد آلاف العائلات، خسر الناس منازلهم وأعمالهم، وطبعاً تلك المشاهد المخيفة والحزينة لا نقدر ان نستوعبها حتى اليوم نظراً لهول الكارثة... وكل هذه الأمور التي ذكرتها تؤثر على الأشخاص وتظهر لديهم أعراض الاكتئاب، اذ من الممكن أن تؤدي الى أعراض اكتئابية وليس بالضرورة الى اكتئاب موسمي، وهنا لا نتحدث عن الاكتئاب الموسمي بل عن الاكتئاب الذي يأتي كردة فعل بسبب الأمور التي تحصل والضغوطات النفسية والخارجية والاقتصادية والصحية التي يتعرّضون لها، وأيضاً الأشخاص الذين يُصابون بـ"كوفيد – 19" هم بحاجة الى اهتمام وعلاج نفسي وأحياناً يُصابون بالاكتئاب بسبب العزلة لأن الناس يتفادون اللقاء بهم، والعلاقة ما بين الأزمة الاقتصادية والفقر و"الكورونا" والاكتئاب هي علاقة كبيرة. وهنا لا نرى حالات اكتئاب موسمي بل نرى حالات اصابة بالاكئتاب وهي أكثر وأشدة وطأة لأنها تصل الى الأفكار الانتحارية، اذ يُصاب الشخص باليأس وتراوده الأفكار السوداوية لأن الشخص يشعر بأنه لم تعد أمامه حلول لكل هذه المشاكل التي يواجهها في البلد.
ضرورة استشارة طبيب نفسي لعلاج الاكتئاب
* وهل يحتاج الشخص لزيارة طبيب نفسي؟
- طبعاً الانسان الذي يشعر بفقدان اللذة، ولا يقدر أن ينام ويعمل، كل ذلك يؤثر على حياته ودراسته وعمله، أي يؤثر سلباً على مجريات الحياة اليومية الطبيعية، وهنا يجب ان يضع الانسان علامة استفهام لأنه كما ذكرت يشعر الشخص بالحزن اي لا شيء يفرحه ويفقد اللذة بكل شيء عندها يكون قد أصيب بالاكتئاب، وطبعاً ننصحه باستشارة طبيب نفسي لمعرفة ما يحصل معه و0ما اذا كان يعاني من الاكتئاب لأن الاكتئاب يحتاج الى العلاج.
* كيف يُعالج الاكتئاب الموسمي؟
- يُحتاج الشخص للعلاج الدوائي لكي يشفي من الاكتئاب الموسمي، اذ يحتاج لمعالج نفسي او اختصاصي في علم النفس، كما هناك علاج بالضوء لأن هناك نظرية تفيد أن الأشخاص الذين لا يتعرّضون لأشعة الشمس يشعرون بالاكتئاب الموسمي وبالتالي العلاج بالضوء يساعده.
نصائح وارشادات
* هل من نصائح لتفادي الشعور بالاكتئاب الموسمي؟
- بحالة الشعور بالاكتئاب الموسمي ننصح الأشخاص أولاً من أجل صحتهم ومصلحتهم ان يتقيدوا بالاجراءات الوقائية في ظل وباء "الكورونا"، أي ننصحهم بأن يخرجوا ومع أشخاص يحبونهم وألا ينعزلوا في بيوتهم، ولكن عليهم ان يرتدوا الكمامات والقفازات، وأن يغسلوا أيديهم باستمرار وأن يبدلوا الكمامة كل ثلاث ساعات، أي يجب ان يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي وألا ينعزلوا في البيوت. والأهم من ذلك ان يحاولوا الحفاظ على عملهم، اذ أن الاستمرارية في العمل مهمة بهذه الحالة، وأن يعرفوا كيف يصرفوا اموالهم وان يحاولوا ادخار بعض المال في حال ساءت الظروف على ألا يحرموا أنفسهم بالمقابل من شيء، أي عليهم أن يشتروا باعتدال. وأيضاً يجب ان يقوموا بممارسة الحياة الطبيعية من ناحية العلم اذ كانوا طلاباً ومن ناحية العمل اذا كانوا عمالاً، وأيضاً طريقة التعاطي مع أفراد العائلة واخواتهم أولادهم بشكل طبيعي، وان يحاولوا ان يناموا بدوام معين، وخلال النهار عليهم أن يزاولوا الأنشطة اذا كانوا يحبون مثلاً المشيء او اليوغا او الركض او ركوب الدراجات الهوائية، اي حسب كل شخص وهوايته، وحتى في ظل وباء الكورونا هناك أماكن يلتزمون الاجراءات الوقائية وبامكانهم ان يقصدوها طالما الجميع يلتزم بالاجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي ، اذ يحاول الناس قدر الامكان مزاولة حياتهم الطبيعية لأنه للأسف مشكلة "الكورونا" طويلة، وبالتالي يجب على الانسان أن يعيش بشكل طبيعي وفي الوقت نفسه يحمي نفسه وألا يتعرّض لمشاكل نفسية أخرى بسبب "الكورونا" والانعزال في البيت.
وأضافت:
- الأهم من ذلك عدا عن تناول الطعام الصحي، والنوم السليم، والعلاقة السليمة مع الأشخاص، وتفادي المشاكل والعمل السليم، والدرس بطريقة صحيحة، ومزاولة النشاطات التي يحبونها، هو أنهم اذا لاحظوا أن لديهم أعراض الحزن عليهم أن يستشيروا طبيباً نفسياً لكي يروا ما اذا كانوا يعانون من الاكتئاب الموسمي لكي يصف لهم العلاج اللازم.