تفاصيل الخبر

الاختصاصي في الجهاز الهضمي الدكتور اياد عيسى:تغيّر نمط الحياة وزيادة الوزن والتوتر من اولى العوامل المسببة لحدوث ارتجاع المريء!

06/03/2020
الاختصاصي في الجهاز الهضمي الدكتور اياد عيسى:تغيّر نمط الحياة وزيادة الوزن والتوتر من اولى العوامل المسببة لحدوث ارتجاع المريء!

الاختصاصي في الجهاز الهضمي الدكتور اياد عيسى:تغيّر نمط الحياة وزيادة الوزن والتوتر من اولى العوامل المسببة لحدوث ارتجاع المريء!

 

بقلم وردية بطرس

يعاني الكثيرون من الأشخاص من ارتجاع المريء أو <حموضة المعدة> من وقت لآخر، اذ يحدث ارتجاع المريء عندما يتدفق حمض المعدة راجعاً الى أنبوبة تصل الفم بالمعدة <المريء>، ويمكن ان يسبب هذا الارتجاع تهيّجاً ببطانة المريء، ويمكن للكثيرين من الأشخاص السيطرة على شعور عدم الراحة الناتج عن ارتجاع المريء بتغيير نمط الحياة وتناول الأدوية المصروفة دون وصفات طبية، لكن يحتاج بعض الذين يعانون من ارتجاع المريء الى أدوية أقوى او جراحة للتخفيف من الأعراض.

الاختصاصي في الجهاز الهضمي الدكتور اياد عيسى وأسباب ارتجاع المريء!

 

فما هي الأسباب التي تؤدي لحدوث ارتجاع المريء؟ ومن هم الأكثر عرضة للاصابة به؟ وما هو علاجه؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصي في الجهاز الهضمي الدكتور اياد عيسى ونسأله:

ــ هل من عوامل تؤدي للاصابة بارتجاع المريء؟

- يحدث ارتجاع المريء عندما يزداد الأسيد في المعدة، وابرز العوامل المسببة لارتجاع المريء هي: التدخين، الاكثار من شرب القهوة، او تناول المنبّهات عامة، وبعض الأطعمة التي تحتوي على كميات عالية من الدهون، وأيضاً السكريات مثل الشوكولا، والوزن الزائد، والتوتر... ومن العوامل أيضاً اذا كان المريض لديه ما يُسمى بـ<ثقب الحجاب الحاجز> الذي يجعل باب المعدة واسعاً ويسمح للعصارة بأن تكون موجودة بكثرة.

ــ اذاً ان تغيّر نمط حياتنا أدى الى زيادة حالات ارتجاع المريء؟

- هذا صحيح، لأن طريقة تناولنا للطعام أصبحت سيئة، ولأن الأوزان تزداد تدريجياً، وأيضاً لأننا نعيش في أجواء من التوتر والتعصيب، فهذه كلها عوامل تؤثر على افراز الأسيد وتعرّض الشخص ليحدث معه ارتجاع المريء، كما ان هناك العامل الخُلقي اي ان تكون هناك فتحة على باب المعدة ونسميها: <ثقب الحجاب الحاجز>.

ولقد أظهرت الدراسات أنّه اذا أردنا ان ننصح المريض بأن يغيّر نمط حياته فعليه ان يقوم بما يلي: أولاً: خسارة الوزن اذ أُثبت ذلك علمياً بعدما بيّنت الدراسات أنّ خسارة الوزن تخفّف كثيراً من افراز أسيد المعدة. ثانياً: ننصحه بأن يضع وسادة عالية لدى النوم او أن يرفع طرف السرير من الوراء لكي لا ينام بشكل مسطح 180 درجة. ثالثاً: لقد أثبتت الدراسات انه يجب ان يكون هناك فارق بالوقت بآخر وجبة يتناولها الشخص من 2 الى 3 ساعات قبل النوم، فهذه الطريقة تخفّف من الأعراض الليلية لأن معظم الأعراض تزداد كثيراً في الليل، فيما الامتناع عن الأكل لا نشجّعه كثيراً اولاً لأن المريض لا يقدر ان يواظب عليه لأكثر من شهر او شهرين وثانياً لأن ذلك لا يفيده على المدى الطويل بل يسبب له نوعاً من الحرمان فيزداد التوتر لديه، وبالتالي ننصح بأن ينظّم المريض طعامه بطريقة منطقية، وأيضاً بضرورة تخفيف الوزن اذا كانت لديه زيادة في الوزن.

الأعراض والتشخيص!

ــ غالباً ما تظهر الأعراض بسن الصغر فهل انها تزداد اذا لم يُعالج المريض؟

- هذا صحيح فمنذ 20 او 30 سنة لم يكن هناك وعي بهذا الخصوص، وكان الأطفال خصوصاً الرضع يتقيؤون كثيراً، ولكن لم يكن الأهل يعرفون لماذا يتقيأ طفلهم، اذ كانوا يعتبرون أنّه أمر عادي، وأن ذلك يحصل ربما بسبب تناوله كمية كبيرة من الطعام، الا انه في الحقيقة كان يحدث ذلك مع الطفل بسبب ارتجاع المريء. ولكن اليوم هناك توعية بهذا الصدد اذ يبدأ العلاج منذ الصغر فيرتاح الطفل. ولكن اذا تُرك الأمر فان المشكلة ستزداد، اذ ان الكثيرين من المرضى يأتون الينا بعد ظهور الأعراض لسنوات طويلة لأنهم يعتبرون الحموضة أمراً عادياً ويشعرون أنها جزء من حياتهم وهذا خطأ كبير، اذ لا يعلمون بأنهم قد يعرّضون أنفسهم لنوع من الالتهاب في المريء، واذا اصبح هذا الالتهاب مزمناً فانه يسبّب تضيّقاً في المريء، حتى أنه يمكن ان يعرّض المريء للاصابة بالسرطان بنسبة أعلى... وهناك بعض الأشخاص الذين يشعرون بالحرقة يتناولون حبة دواء لتخفيف الحرقة ويعتقدون انها الحل. صحيح أنّ الأدوية المتوافرة في الصيدليات فعّالة لعلاج الأعراض، ولكنها ليست فعّالة لعلاج المشكلة بالاساس، وبالتالي يجب معالجة المشكلة منذ البداية.

ــ وهل ممكن ان يُصاب الشخص بارتجاع المريء في الكبر؟

- طبعاً يحدث ذلك، اذ يقصدنا مرضى في الثلاثينات والأربعينات لم يسبق ان عانوا من ارتجاع المريء في طفولتهم، وفجأة بدأت المشكلة اذ يكون قد تغيّر أمر ما في حياتهم من ناحية تناول الطعام مثلاً او أن وزن المريض يكون قد ازداد او انه يعيش بحالة توتر، بمعنى اذا ظهرت أحد العوامل التي ذكرتها فعندها ستفرز المعدة الأسيد وسيعاني الشخص من ارتجاع المريء، وبالتالي ارتجاع المريء هو من الأمراض التي ممكن ان تصيب الانسان بأي عمر كان.

ــ وكيف يتم تشخيص؟

- عادة وبمعظم الحالات يكون التشخيص سهلاً وواضحاً لأن أعراضه واضحة، وان70 أو 75 بالمئة من المرضى يقصدون الطبيب بسبب شعورهم بالحرقة او الحموضة ويشرحون له ماذا يحصل معهم، وبدوره الطبيب يعلم المريض بأنه يعاني من ارتجاع المريء، اي ليست هناك أساليب خاصة بالتشخيص، اذ يتم التشخيص في العيادة بعدما يعلمنا المريض بالأعراض، ونتحدث معه عن العادات التي ذكرتها في سياق الحديث والتي يجب ان يغيّرها، ومن ثم نبدأ بالعلاج.

اما في بعض الحالات التي تشكل 25 بالمئة فلا يكون التشخيص سهلاً لأن المريض لا يشعر بالحموضة او الحرقة بل تظهر لديه أعراض مختلفة منها: السعال المزمن لأن الأسيد اذا وصل الى الحلق يسبّب السعال، وبعض الأشخاص يشكون من رائحة الفم، والبعض منهم يشعرون بألم دائم في الحلق فيظنون أنّه بسبب التهاب في الحلق وهذا غير صحيح لأن السبب هو الأسيد، وبهذه الحالة نحاول أحياناً ان نقوم بتشخيص دقيق فنخضع المريض لفحص الناضور للمعدة او نجري فحصاً آخر لندرس الأسيد الذي يصل الى المعدة، فكل هذه الفحوصات تؤكد لنا عادة نتائج التشخيص قبل ان نباشر بالعلاج.

 

العلاج!

ــ وكيف يُعالج ارتجاع المريء؟

- غالباً ما يكون العلاج روتينياً، اذ هناك أدوية تخفّف افراز الأسيد في المعدة وهي أدوية فعّالة جداً، فعندما يأتي الينا المريض نبدأ بالعلاج ونعلمه بأنه خلال 72 ساعة سيشعر بارتياح ملموس اي بنسبة 70 او 80 بالمئة، فمعظم المرضى اي اكثر من 90 بالمئة يرتاحون بعد تناول الدواء، ونسير بالعلاج خطوة خطوة مع تغيير في العادات التي تحدثّنا عنها، مثلاً اذا كان لدى المريض وزن زائد نطلب منه ان يخفف وزنه، واذا لم يفعل فانه سيظل يأخذ الدواء. وعادة نسير بالعلاج لـ8 أسابيع حيث نعطي المريض العلاج لمدة شهرين ونطلب منه ان يراجعنا بعد شهرين، اذ ربما ننصحه بتخفيف الجرعة تدريجياً في محاولة لتوقيف الدواء بالنهاية.

ــ وهل يُشفى المريض اذا التزم بكل الارشادات الطبية؟

- اذا قصد المريض الطبيب وبدأ بالعلاج وتقيّد بالأمور التي ذكرتها في سياق الحديث من حيث تخفيف الوزن، وتناول الطعام الصحي بانتظام، والتوقف عن التدخين، فعندها يصل المريض الى مرحلة يقدر فيها ان يوقف تناول الدواء نهائياً... أما اذا كان السبب الأساسي هو التوتر فعندها تكون هناك صعوبة، اذ ان الكثيرين من المرضى يضطرون ان يأخذوا جرعة صغيرة من الدواء بشكل دائم في هذه الحالة، اذ يكون الامر مزمناً ولا يقدر المريض ان يوقف الدواء اذ كلما أوقف الدواء تعاوده الأعراض بعد أسبوع او أسبوعين.

ــ وهل هناك حالات يصعب علاجها؟ او ان المريض لا يتجاوب مع علاجها؟

- طبعاً هناك حالات تكون أصعب من غيرها، ولكنها حالات قليلة جداً، اذ عندما نصف للمريض الدواء الروتيني ولا يتجاوب معه، هنا نضطر ان نصف له أكثر من دواء وهذا يساعده كثيراً. كما ان هناك بعض الحالات حيث يتناول المريض الدواء ويشعر بالارتياح لكنه لا يقدر ان يوقف الدواء لأنه كلما توقف عن أخذ الدواء تظهر الأعراض مجدداً، وهنا نقترح على المريض أن أمامه الحل الثاني الذي هو العملية الجراحية اذ يقوم الجرّاح بتسكير <ثقب الحجاب الحاجز> اي الثقب الموجود خُلقياً وعندها لا يعود هذا الممر موجوداً، وحتى لو أفرزت المعدة الأسيد بشكل كبير فانه لا يخرج بسهولة كما كان من قبل.

 

نصائح!

ــ هل من نصائح؟

- طبعاً من الضروري ان يدرك كل شخص يعاني من ارتجاع المريء أنّ عليه ان يستشير الطبيب لأنه بعد سن معين عادة نكون حذرين قليلاً بالعلاج، اي نقوم بالتشخيص أولاً والمفروض ان يأخذ المريض الدواء كجزء من العلاج في البداية، ويُخفّف هذا الدواء الاعراض تدريجياً بالتزامن مع التغيير ببعض العادات الحياتية.

ودائماً هناك حلول ولحسن الحظ بالنسبة لهذا المرض فانّ 9 من أصل 10 حالات يكون العلاج فعّالاً. وبالتالي أولاً: لا يجب ان يتساهل المريض مع هذه المشكلة لأنها لن تزول تلقائياً. ثانياً: يمكن ان تصبح الحالة أسوأ بحيث تعرّض المريض لبعض المشاكل، اذ قد تعرّضه لمخاطر الاصابة بسرطان المريء الذي هو بغنى عنه، وعند الاصابة بسرطان المريء يكون الامر صعباً، ولكن لحسن الحظ لا يصل المريض الى هذه المرحلة لأن الدواء المعروف بـ<حماية المعدة> أصبح متوافراً في كل الصيدليات، حتى أنّ المريض يقصد الصيدلية ويشرح للصيدلاني انه يعاني من الحرقة فيعطيه الدواء، ولحسن الحظ لا نرى حالات سرطان المريء بكثرة.