تفاصيل الخبر

الاختصاصية في الأمراض التنفسية والصدرية الدكتورة لبنى طيارة: المسنــون والأطفــال هـم الأكثـر عرضــة للاصابــة بالتهــاب الرئـــة!

26/01/2018
الاختصاصية في الأمراض التنفسية والصدرية الدكتورة لبنى طيارة: المسنــون والأطفــال هـم الأكثـر عرضــة للاصابــة بالتهــاب الرئـــة!

الاختصاصية في الأمراض التنفسية والصدرية الدكتورة لبنى طيارة: المسنــون والأطفــال هـم الأكثـر عرضــة للاصابــة بالتهــاب الرئـــة!

 

بقلم وردية بطرس

الدكتورة-لبنى-طيارة

تعتبر أمراض الرئة والجهاز التنفسي من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم حيث يعاني عشرات الملايين من الناس في أنحاء العالم من الأمراض التي تصيب الرئة والجهاز التنفسي. والتدخين والعدوى والالتهابات والجينات الوراثية جميعها تعتبر المسؤولة الرئيسية عن معظم حالات أمراض الرئة.

تتعرض الرئة كغيرها من أجزاء وأعضاء الجسم للاصابة بالعديد من الأمراض والمشاكل الصحية التي لا تؤثر عليها فقط بل يمتد تأثيرها ليشمل الجسم وحياة المصاب ككل، لأنها تؤثر على قدرته على التنفس، واحدى أكثر المشاكل الصحية التي تصيبها هو الالتهاب الرئوي والذي يُعرف على انه عدوى تصيب الرئتين، ويسميه بعض الأطباء باسم التهاب الجهاز التنفسي السفلي لأنه يتخلل أعماق الرئتين وتتبع الاصابة به نزلة برد.

الرئة هي العضو الرئيسي في الجهاز التنفسي والتي تساعد في الحصول على الأوكسجين والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، ويجري التبادل الغازي في أكياس الهواء الصغيرة التي تحتوي على جدران سميكة من خلية واحدة فقط حيث يمتص الدم الأوكسجين ويسلمه الى كل خلية فردية في الجسم، ويضم تجويف الصدر زوجاً من الأجهزة الرئوية التي تفتح على البيئة الخارجية من خلال الأنف والفم، وهما اثنان في العدد، الرئة اليمنى وتقع في الجانب الأيمن من البطن في حين تظهر الرئة اليسرى الى اليسار. وعندما نتنفس ينتقل الهواء من خلال القصبة الهوائية الى الرئتين، كما تتحرك القصبة الهوائية أسفل الصدر وتنقسم الى فرعين واحد لكل الرئة. وتحتوي كل رئة على العديد من القصبات من أجل ضمان توزيع الأوكسجين، أما بالنسبة للأوكسجين وليكون قادراً على الوصول الى جميع أجزاء الجسم، فانه يذوب في الدم ثم يقوم مجرى الدم بتوزيع الأوكسجين على الجسم كله، لذلك يجب ان تكون هناك امدادات من الأوعية الدموية في الرئتين، وهذه الأوعية الدموية موجودة على شكل هياكل دقيقة مثل كيس والحويصلات الهوائية... وتعتبر الميكروبات السبب الرئيسي للاصابة بالتهاب الرئة بحيث تكون عبارة عن جرثومة او فيروس معين يدخل الى الرئتين، وأيضاً الاصابة بنزلات البرد او الانفلونزا لأنهما يقللان من قدرة الرئتين على مقاومة الملوثات التي تستطيع الدخول الى الرئتين مثل الجرثومة، وان وجود مشاكل وأمراض في الرئة نفسها يزيد من احتمالية الاصابة بالالتهاب الرئوي، وكذلك الاصابة بأحد الأمراض المزمنة مثل الربو والسكري، اضافة الى أمراض ومشاكل القلب المختلفة. ويكون كبار السن الذين تجاوزوا الخامسة والستين من أكثر الأشخاص عرضة للاصابة بالتهاب الرئة نظراً لضعف مناعة الجسم وعدم قدرتها على محاربة الأمراض، وسوء التغذية بحيث تغيب العناصر الغذائية المهمة للجسم، والعادات السيئة مثل التدخين وتناول المواد الكحولية، وتناول بعض الأدوية وتحديداً المستخدمة في التقليل من حموضة المعدة.

التدخين والتلوث

وتجدر الاشارة الى ان التدخين هو السبب الرئيسي لالتهاب الرئة، وهناك أسباب أخرى مثل التعرض للملوثات السامة التي تؤدّي الى الالتهاب. ولقد أظهرت العديد من البحوث الوبائية ان تلوث الهواء من العوامل التي تساهم في الوفاة المبكرة والاصابة بالأمراض التنفسية، وأظهر الباحثون ان تلوث الهواء الخارجي لا يسبب فقط التفاقم المفاجىء لدى المرضى الذين يعانون من مرض الشعب الهوائية الانسدادي المزمن ولكن أيضاً معدل انتشار التهاب القصبات المزمن يكون أكبر في المناطق ذات التلوث العالي، كما أظهرت دراسات عدة من مناطق مختلفة في العالم ان تركيزات التلوث داخل الأماكن مرتبطة بصحة الجهاز التنفسي. ولا ننسى أيضاً دور التدخين السلبي في ارتباطه بالتهاب الرئة ومرض الربو. ولبنان من الدول الآخذة بالتحضر بسرعة مع وجود حركة مرورية كثيفة خصوصاً في المناطق الحضرية. وبالاضافة الى ذلك فإن التدخين في لبنان منتشر بشكل كبير، كذلك فإن القانون الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة لا يطبق حتى الآن، ولذلك فإن اللبنانيين وخصوصاً في المناطق الحضرية يتعرضون بشكل كبير للهواء الطلق الملوث... وفي العام 2011 أجرت <الجامعة الأميركية في بيروت>، و<جامعة القديس يوسف>، و<جامعة البلمند> دراسة عن نسبة التلوث على مداخل بيروت وفي قلب بيروت، وتبين ان هناك نسبة جزئيات يجب الا تكون موجودة بهذه النسبة اذ تبين انها 50 مرة أكثر من المسموح به على مداخل بيروت، كما تبين انه كلما توجهنا نحو البحر تقل نسبة التلوث. اذاً نسبة التلوث تقل كلما اقتربنا من البحر، وبالتالي كانت أعلى على مداخل بيروت وفي قلب بيروت منها في المناطق المطلة على البحر او الواجهة البحرية. وطبعاً التلوث ليس منتشراً في الجو وخارج المنازل فقط لا بل انه يدخل الى البيوت ولكنه ربما يكون أقل ضرراً مما هو في الهواء الطلق، ولكن ملازمة البيت لا تحمي الشخص من التعرض للتلوث اذ قد يُصاب بأمراض دون ان تظهر العوارض وهنا المشكلة الكبيرة. كما ان هناك أناساً يظنون انه اذا لم تكن النفايات بالقرب من منازلهم فلن يحدث لهم اي ضرر، وهذا غير صحيح لأن الروائح والانبعاثات تصل اليهم وتلحق بهم الضرر.

 

الدكتورة لبنـى طيــارة والأشخــاص الأكــثر عرضــة للاصــــابـة بالتهــــــاب الـــــرئـــة

فمن هم الأكثر عرضة للاصابة بالتهاب الرئة؟ وما هي العوارض والعلاجات؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصية في الأمراض التنفسية والصدرية الدكتورة لبنى طيارة ونسألها أولاً عن دور الرئة في جسم الانسان فتقول:

- الرئة هي جزء من الجهاز التنفسي الذي يبدأ من الأنف ثم الحنجرة والقصبة الهوائية وصولاً الى الرئة التي تتألف من القصبات الهوائية أو أكياس الهواء وحول أكياس الهواء هناك شرايين الدم. ودور الرئة هو أنها المسؤولة عن ادخال الأوكسجين الى الدم، وبدورها تقوم بالتخلص من الدم الملوث بثاني أوكسيد الكربون، فنحن بواسطة الشهيق ندخل الأوكسجين الموجود بنسبة 21 بالمئة من الجو، اذاً يدخل الأوكسجين من خلال الرئة الى الدم ومن الدم الى القلب ومن القلب الى كل أجزاء الجسم. ولكي لا يتكوّن ثاني أوكسيد الكربون بالدم الموجود في القلب ترسله الشرايين الى الرئة حيث تتخلص منه من خلال الزفير ليدخل مكانه الأوكسجين الى الشرايين التي تتوجه الى القلب وعندها يتم تنقية الدم. اذاً الرئة مسؤولة عن تنقية الدم وأيضاً عن وصول الأوكسجين من الأنف الى الرئة، ولا يغيب عن البال بأن الشعيرات داخل الأنف تمنع دخول نوع من الغبار الذي يكون ناتجاً عن أشياء ملوثة في الهواء او بسبب التلوث الناتج عن المصانع والسيارات والغازات السامة والمواد الصلبة.

ــ ومن هم الأكثر عرضة للاصابة بالتهاب الرئة؟

- ان الأشخاص الأكثر عرضة للاصابة بالتهاب الرئة هم المسنون والأطفال لأن جهاز المناعة لديهم يكون ضعيفاً مقارنة بغيرهم، كما ان هناك عوامل تجعل الشخص معرضاً للاصابة بالتهاب الرئة مثلاً التدخين او الأشخاص المصابون بأمراض القلب او السرطان او السكري، اذ ان المصاب بالسرطان تكون مناعته ضعيفة وبالتالي يصبح معرضـــاً للاصابـــة بالالتهـــاب أكــثر مـــن غـــيره. وغالباً يكون الانسان معرضاً للاصابة بالتهاب الرئة مع بداية فصل الخريـــف لحــين حلــول فصــل الربيـــع، لأن الجراثيـــم لا تقدر ان تعيش في جو رطب وحار، وبالتالي يحدث التهاب الرئة على الأغلب ما بين فصلي الخريف والربيع، كما ان المصاب بأمراض الكلى او بـ<الايدز> معرض أيضاً للاصابة بالتهاب الرئة.

وتتابع قائلة:

- تجدر الاشارة الى ان الأشخاص الذين يعملون في معامل البلاستيك او الدهان معرضون للاصابة بمشاكل الرئة لأن الغازات السامة الصادرة عن الدهان تضر بالرئة كثيراً، كما أن المواد التي تُرش على أثاث المنزل لحفظه ممكن ان تسبب التهاباً في الرئة، والأمر الخطير انه ليس الأشخاص العاملون في تلك المعامل من يتضررون وحسب بل أيضاً سكان المباني المجاورة لتلك المعامل، إضافة الى الضرر الذي تسببه مولدات الكهرباء المنتشرة في كل الأحياء السكنية. ومنذ بضع سنوات قامت <الجامعة الأميركية في بيروت> و<جامعة القديس يوسف> بدراسة عن نسبة تلوث الهواء في بيروت، وتلك الدراسة أظهرت ان نسبة التلوث لم تكن مرة او مرتين أعلى مما هو مسموح به عالمياً بل 50 مرة أكثر من النسبة المسموح بها عالمياً، وطبعاً يجب معالجة هذه المشكلة لما تشكله من خطورة على صحة الانسان والبيئة ككل، وبالتالي لا يمكن التساهل مع هذه المشكلة التي تتفاقم أكثر فأكثر.

Lung-1024x768-compressed-1024x768ضيق في التنفس

 

ــ أحياناً يُصاب بعض الأشخاص بضيق في التنفس، فما سبب حدوث ذلك؟

- ممكن ان يحدث ضيق في التنفس عندما يكون هناك التهاب في الرئة مثلاً او اذا كان البلغم المتكون سميكاً ولزجاً فيأخذ مكان الهواء الذي يُفترض ان يكون موجوداً. وممكن ان تتجمع الماء بداخل الرئة وعندما يكون هناك ماء بداخل أكياس الهواء ممكن ان ينتج عن ذلك قصور في القلب او الكلى او الكبد، اذ لا يقدر القلب ان يضخ كمية الدم فتبقى الماء بداخل الرئة، وكذلك الأمر بالنسبة للكلى اذ لا يتم تصريف الماء من الجسم من خلال البول. وممكن ان يحدث ضيق في التنفس اذا أُصيبت الرئة بالتهاب وليس بالضرورة بسبب جرثومة، انما نتيجة ردة فعل من الرئة ضد عوامل معينة مثلاً تنشق الغازات السامة خصوصاً اذا كان الشخص يقيم بالقرب من مصنع او معمل، وعندما تبقى تلك الانبعاثات داخل الرئة يؤدي ذلك للاصابة بـ<البرونشيت> والربو. وأيضاً لا ننسى عامل التدخين.

ــ أشارت العديد من التقارير والدراسات ان نسبة المدخنين في لبنان هي الأعلى بين الدول العربية، فما مدى خطورة ذلك بالرغم من كل الحملات التي تُقام في هذا الخصوص؟

- لا بد من الاشارة هنا الى انه في لبنان الرجال والنساء يدخنون ولا يخفون الأمر عند اجراء اي دراسة او احصاء بما يتعلق بنسبة المدخنين، وبالتالي نقدر ان نعرف نسبة المدخنين في لبنان. أما في الدول العربية وتحديداً في دول الخليج فلا تعلن السيدات بأنهن يدخنّ مراعاة لمجتمعهن الذي لا يحبّذ تدخين النساء علناً او الاشارة اليه عند اجراء اي دراسة او احصاء، وسبق ان تحدث عن هذا الأمر باحث من الامارات العربية المتحدة الذي شارك في دراسة حول التنفس، اذ قال انه لا يمكن ان نعتبر ان نسبة المدخنين في دول الخليج منخفضة لأن النساء لا يفصحن بأنهن يدخن، وفي هذه الحالة لا نقدر ان نجزم بأن نسبة التدخين في دول الخليج هي أقل من نسبتها في لبنان او غيره من الدول العربية، وبالتالي الأمر غير محسوم بأن نسبة المدخنين في لبنان هي الأعلى بين الدول العربية، ولكن للأسف هذا لا يعني ان النسبة ليست عالية.

 

التشخيص

 

ــ ماذا عن التشخيص؟

- أولاً يجب قياس درجة الحرارة لدى الشخص المصاب بالتهاب الرئة، ولكن أحياناً لا يظهر اي عارض الا اننا ننصح عندما يستمر ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من ثلاثة أيام باستشارة الطبيب المتخصص في الأمراض الصدرية، والا يلجأ  المريض الى تناول أدوية لتخفيض الحرارة فقط. وبالتالي الفحص السريري يظهر ما اذا كان هناك التهاب في الرئة، وهناك عوارض أخرى لالتهاب الرئة وهي البلغم والسعال. ونقدر ان نتأكد من تحديد التهاب الرئة من خلال زرع البلغم، وأحياناً يشعر المريض بألم في الصدر عند يأخذ نفساً عميقاً، كما يشعر المريض بفقدان الشهية للطعام. واذا لم يعالج الشخص الرشح بالطريقة الصحيحة او انه استهتر بصحته وظل يدخن، فمن الممكن ان يؤدي ذلك الى التهاب الرئة، ولكن قد يُصاب الشخص بالتهاب الرئة بدون ظهور عوارض الرشح مثل السعال وارتفاع الحرارة وما شابه، ولكن طبعاً ظهور علامات الرشح عند المريض يساعدنا على معرفة ما اذا كان الشخص مصاباً بالتهاب الرئة خصوصاً اذا استمر الرشح لفترة الى جانب ضيق في التنفس والى ما هنالك.

ــ كيف يُعالج التهاب الرئة؟

- بالنسبة لعلاجات التهاب الرئة فهناك الفحص السريري، وفحص الصورة للصدر ليحدد الفحص ما اذا كان الشخص مصاباً بـ<البرونشيت> اي اذا كان الالتهاب قد وصل الى أكياس الهواء، فاذا لم يُعالج ينتقل الالتهاب الى شرايين الدم، ولهذا يحتاج المريض للخضوع الى فحص الصورة للصدر لأن نوعية العلاج ومدته تختلفان بين <البرونشيت> والالتهاب الرئوي. وأحياناً نضطر الى ادخال المصاب بالتهاب الرئة الى المستشفى خصوصاً اذا لم تنخفض الحرارة، وقد نضطر الى ادخال المريض الى غرفة العناية الفائقة لأننا نخشى من انتقال الالتهاب الى الدم.