تفاصيل الخبر

الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة غنوة الدقدوقي: عوارض الاصابة تكون اكثر شدة لدى المسنين والأطفال ومن لديهم نقص في المناعة!

29/03/2019
الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة غنوة الدقدوقي: عوارض الاصابة تكون اكثر شدة لدى المسنين والأطفال ومن لديهم نقص في المناعة!

الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة غنوة الدقدوقي: عوارض الاصابة تكون اكثر شدة لدى المسنين والأطفال ومن لديهم نقص في المناعة!

 

بقلم وردية بطرس

 

تتسبب البكتيريا <المكورة العُقدية> او <Streptocoque> بالتهاب بكتيري في أنسجة البلعوم من الحلق وكذلك في اللوزتين او لحمية الأنف، وهو ما يؤدي الى ألم مفاجىء في الحلق وصعوبة في البلع مع ارتفاع حرارة الجسم الى ما فوق 38.5 درجة مئوية، وظهور بقع بيضاء او صفراء على جدران الحلق او اللوزتين، والاحساس بتورم للغدد الليمفاوية في العنق. وبالرغم من شكوى المصاب من الصداع او الغثيان او القيء او آلام في الجسم، الا ان من المهم ملاحظة ان هذا النوع من الالتهاب البكتيري لا تصاحبه بالعادة عوارض الاحتقان المصاحبة لنزلات البرد مثل العطس او سيلان الأنف او انسداد الأنف او السعال. وبالرغم من ان هذا الالتهاب البكتيري قد يزول عن الجسم خلال بضعة أيام الا انه من المهم تشخيص الاصابة به لمعالجته بالمضاد الحيوي المناسب الذي يحمي من مضاعفات الحمى الروماتزمية لتلك البكتيريا على القلب او الكلى او المفاصل او الدماغ وكذلك مضاعفات الحمى القرمزية.

ومنذ أيام توفي طفل جراء اصابته ببكتيريا <ستربتوكوك>، فشكل خبر وفاة الطفل مارفن حبيقة صدمة لدى الناس والأهالي وأثار الهلع في النفوس.

فما هي بكتيريا <ستربتوكوك>؟ وماذا عن عوارضها وتشخيصها وعلاجها؟ أسئلة عديدة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة غنوة الدقدوقي، فتقول:

- هناك <المكورات العقدية> اذ شكلها مثل المسبحة، وهناك <المكورات العنقودية> اي يكون شكلها كرويات وكأنها عنقود العنب، وطبعاً هناك اختلاف بينهما، وربما الهلع الذي أصاب الناس في البلد اليوم هو جراء وفاة الطفل بسبب اصابته ببكتيريا <ستربتوكوك> او المكورات العقدية. لا شك عندما نتحدث عن المكورات العقدية <Streptococcus Infection> يعني نتحدث عن مجموعة كبيرة من البكتيريا التي تختلف عن بعضها البعض، وكل واحدة منها لديها خصائص وتسبب مجموعة من الأمراض، وبالاجمال هذه الأمراض تتراوح بين أمراض خفيفة اي غير خطيرة مثل التهاب البلعوم لنصل الى التهابات خطيرة جداً مثل التهاب الرئتين والتهابات الدم، وعندما يُصاب الشخص بمثل هذه الأنواع من الالتهابات تكون هذه الالتهابات خطيرة جداً وتؤدي الى تعقيدات معينة وتصل الى الوفاة.

أنواع المكورات العقدية!

ــ مــــا هـــــي الالتهـابـــــــــات الـتـــــي تسبـبــهــــــــا الـبـكتــيريـــــــــــا الـعـقـــديـــــــــــــــة او <Streptococcus Infection>؟

- هناك أنواع عديدة من المكورات العقدية وتتراوح خطورتها من خفيفة او غير خطيرة الى التهابات خطيرة كما ذكرت مثل التهاب الرئتين والتهاب الدم، فاذا عالجنا هذه الالتهابات بمرحلة مبكرة نستطيع منع حدوث التعقيدات التي تؤدي الى الالتهابات الخطيرة والوفاة... وبالنسبة لأنواع الالتهابات التي تنتج عن المكورات العقدية فهناك ما يُسمى بـ<Alpha Hemolytic Strep> او البكتيريا التي تُحلل عند الزرع وهذا النوع لديه نوعان من البكتيريا: المكورات العقدية الرئوية والمكورات العقدية. ان المكورات العقدية الرئوية كما ان اسمها يدل عليها ممكن ان تسبب في الغالب التهابات في الرئتين وتنتقل عبر السعال والعطس، وتصيب الصغار والكبار في السن. وهذه البكتيريا ممكن ان تسبب التهابات خفيفة جداً مثل

التهابات الجيوب الأنفية والتهابات الأذن، وممكن ان تسبب التهابات أخطر من ذلك مثل التهابات الرئة والتهابات الدم والتهابات السحايا.

وأضافت:

- لا شك بالنسبة للمكورات العقدية الرئوية فهناك أشخاص يُصابون أكثر من غيرهم بالتهابات خطيرة مثل الأشخاص الذين تكون المناعة لديهم ضعيفة، وأيضاً المسنين، والصغار، والأطفال الذين هم ما دون الستة أشهر، والأشخاص الذين لديهم نقص المناعة. ونريد ان نركز هنا ان هناك لقاحات خاصة للمكورات العقدية الرئوية، اذ نحن نشدد بضرورة أخذ الاحتياطات مثل غسل اليدين، وعدم الاحتكاك مع المريض، وان يتناول الشخص طعاماً مغذياً ومفيداً لتقوية المناعة لديه، لمنع الاصابة بأي التهاب اي يجب ان نحمي انفسنا بأخذ اللقاح للمكورات العقدية الرئوية، كما يجب ان يأخذ كبار السن لقاحاً للمكورات العقدية الرئوية لحمايتهم من التهابات الرئة ومن الدخول الى المستشفى وذلك ضمن جدول اللقاحات في وزارة الصحة.

 

المكورات العقدية التحللية!

وعن النوع الثاني الموجود ضمن المكورات العقدية التحللية تشرح:

- بالنسبة لـ<Alpha Hemolytic Strep> فهناك <Streptococcus Viridans> وهو موجود بكثرة في الأسنان، وأيضاً في الأمعاء، والأعضاء التناسلية، وهنا ايضاً ممكن ان يؤدي اذا تفاعل هذا النوع من البكتيريا الى التهابات شغاف القلب، ولأن هناك التهاباً في شغاف القلب فيجب ان نحرص على الاهتمام بصحة الأسنان، وألا نترك التسوس بدون معالجته. والقسم الثاني من <Streptocoque> هناك <Beta Hemolytic Strep> وهناك نوعان ضمن <بيتا> مجموعة <ب> النوع الثاني، وغروب <أ> من النوع الأول الذي يتداول الجميع الحديث عنه اليوم نتيجة وفاة الطفل اثر اصابته به أي المكورات العقدية من النوع الأول، وهذه عادة تكون موجودة بشكل طبيعي في الحنجرة وعلى الجلد. وتنتقل البكتيريا عبر الاحتكاك المباشر مع المصاب، او عبر العطس او السعال. والبكتيريا من مجموعة <ب> التي تشغل الناس فهي تؤدي لنوعين من المرض، اذ تؤدي الى نوع غير خطير مثل التهاب البلعوم او الحنجرة العادية، وممكن ان تؤدي الى الحمى القرمزية التي تظهر الطفح الجلدي مع ارتفاع درجة الحرارة، وهناك الالتهابات الخطيرة والتي تنتج عندما تكون مجموعة ب> تنتقل الى الدم. طبعاً البكتيريا عندما تبقى في الدم تسبب التهابات في الدم او انها تنتقل الى الرئة، ولكن اذا تناول المريض الدواء في الوقت المناسب قبل ان تنتقل الالتهابات الى مكان آخر فطبعاً لن تحدث معه تعقيدات وما شابه، بينما اذا لم نعطه أدوية وتأخرنا بالعلاج، فان البكتيريا في الجسم تتسبب بهبوط في الضغط وبالتالي تؤدي الى التهابات خطيرة. الأمر الأساسي يبقى معرفة انه مع اي ارتفاع في درجة الحرارة يجب ان يلفت نظرنا ذلك، فاذا كان لدينا شك بأن الشخص مصاب بالمكورات العقدية من النوع الأول فيجب ان يخضع للفحص وأخذ المعلومات الصحية عنه مثلاً اذا كان يعيش او يعمل ضمن مجموعات سواء في المدارس او المؤسسات او في الكشاف مثلاً، والآن لدينا أزمة أخرى وهي أزمة النازحين وبالتالي يجب ان يُخضع المريض للفحص، وقبل اجراء فحص الدم يُخضع لفحص الحنجرة والأنف، فاذا تبين من خلال هذا الفحص ان الشخص مصاب بهذه البكتيريا، يُفضّل البدء بالعلاج بشكل مبكر، واذا تبين ان المريض غير مصاب بهذه البكتيريا اي انه فيروس عادي، يُعالج عندئذٍ بدواء التهاب... اي ليس كل ارتفاع لدرجة الحرارة يستدعي اجراء الفحص وتناول دواء التهابات، وبالتالي هذا الفحص يساعدنا لتحديد الحالة. وبالنسبة لتصنيف الحرارة المرتفعة فهي كل حرارة فوق 37.8 درجة، وعندما نقول ان الحرارة مرتفعة ولا تنخفض مع تناول المضادات الحيوية فعندئذٍ يكون هناك تخوف، اذ تسوء العوارض السريرية ويحدث وجع في جسم المريض وتعب شديد ولا يقدر ان يأكل، فهذه كلها مؤشرات سلبية تحتّم علينا اعطاء المريض المضادات الحيوية بشكل واسع.

 

المكورات العقدية من النوع الثاني!

 

وعن <Beta> من <غروب> <ب> اي المكورات العقدية من النوع الثاني تشرح:

 - هذه عادة تكون موجودة في الجهاز الهضمي او في الأعضاء التناسلية، وهذه اجمالاً تؤدي الى التهابات عند الجنين، يعني اذا كانت المرأة حاملاً ولديها هذا النوع من الالتهابات فممكن ان ينتقل هذا الالتهاب الى الجنين ويسبب اما التهابات في الدم واما التهاب السحايا، ولهذا صدرت اليوم توصية من الجهات الصحية ان كل امرأة حامل وبعد مرور 37 اسبوعاً من الحمل يجب عليها اجراء الزرع من المهبل لنرى اذا كانت هذه البكتيريا موجودة ام لا، فاذا كانت هذه البكتيريا موجودة فللوقاية نعطيها دواء التهابات قبل الولادة اي نأخذ الحذر لكي لا يكون الطفل معرضاً للاصابة بالتهاب سواء السحايا او التهاب في الدم، وبالتالي اذا كان التشخيص سريعاً فالخطوات اللاحقة هي التي تمنع ان تحدث التهابات متكررة، بينما اذا كان التشخيص متأخراً فقد تكون البكتيريا اسرع منا وتقضي على حياة الشخص.

 

التنبه لطرق انتقال العدوى!

ــ هل هناك اسباب لالتقاط البكتيريا والى اي مدى يمكن حماية أنفسنا من حيث التنبه لطرق انتقال العدوى؟

- ليست هناك اسباب مباشرة او واضحة ولكن لا شك ان المكورات العقدية من النوع الأول التي نتحدث عنها تنتقل عبر السعال والعطس والاحتكاك المباشر، وبالتالي اذا منعنا هذه الأمور الثلاثة تخف نسبة انتقال العدوى، يعني اذا رأينا المريض يجب الا نسلم باليدين او نجلس بالقرب منه كثيراً، وطبعاً غسل اليدين يحمي الشخص اذ هناك دراسات حول الانفلونزا بالتحديد أثبتت ان 70 بالمئة من نسبة انتقال العدوى تقل فقط اذا اعتمدنا غسل اليدين بالطريقة الصحيحة، وبالتالي مع غسل اليدين لن نرى العديد من الأمراض.

 

اختلاف العوارض من شخص لآخر!

ــ وهل تختلف العوارض بين شخص وآخر لاسيما ان البعض يُصاب بهذه البكتيريا ولكن لا تظهر العوارض لديه؟

- تختلف العوارض بحسب الاصابة مثلاً اذا كان التهاباً في الرئة فسيسبب له البلغم والسعال وضيقاً في التنفس وصعوبة بالتنفس وقصوراً بالجهاز التنفسي، واذا كان التهاباً في الدم فسيسبب هبوطاً في ضغط الدم وأيضاً تدهوراً سريعاً بالحالة السريرية، واذا كان التهاباً جلدياً او التهاباً في الأنسجة فسيسبب له آلاماً موضعية وتورّماً، اذاً بحسب المكان الذي تدخل اليه البكتيريا تختلف العوارض السريرية.

ــ وهل ترين ان البكتيريا تتكاثر في لبنان؟

- بالنسبة للمؤشرات العادية فنحن لا نزال نرى التهابات متوافقة مع الفصل اي انها ضمن المقاييس العادية، ولكن نلاحظ أحياناً ان نسبة الالتهاب تزداد قليلاً اذ نراها الآن لأسباب وهنا اتحدث عن الضغط النفسي الذي يقلل المناعة، ولأنه ليس لدينا رقابة مئة بالمئة بما يتعلق بوصف المضادات الحيوية سواء كان من قبل الأطباء او الصيدلة او الأشخاص أنفسهم اذ اي شخص يقدر ان يحصل على دواء للالتهابات ويتناوله ولا أحد يسأله، وبالتالي تناول المضادات الحيوية بطريقة عشوائية يصعّب اختيار العلاج المناسب للمريض في اللحظات الأولى من حضوره الى عيادة الطبيب او الى المستشفى، لأنه أحياناً نقول انه <ستربتوكوك> وعلاجه الدواء الفلاني فيما قد تكون البكتيريا التي نراها نتيجة هي تناول المضادات الحيوية بطريقة عشوائية وهنا نقع في فخ ونخسر الحياة، اذاً نحن اليوم نعيش في ضغط نفسي وهذا يؤدي الى ضعف المناعة في جسم الانسان، وهناك التلــــوث لأنـــه أحيانـــاً نتنــــاول مـــأكولات ملوثــــة والماء ليست صافية وهذا يؤذينا بطريقة غير مباشرة ولكنها عوامل تؤدي لتدهور الوضع السريري الذي قد نصاب به.

ــ وبأية حالة تؤدي الاصابة بهذه البكتيريا الى الوفاة؟

- هذا سؤال مهم جداً، لأنه عالمياً اثبتوا ان هناك حوالى 1100 الى 1600 شخص يموتون سنوياً نتيجة الاصابة بـ<ستربتوكوس> من النوع الأول الذي نتحدث عنه الآن و«ستربتوكوك> بحد ذاتها تقدر ان تنقل للجسم سموماً وبالتالي هذه السموم ممكن ان تؤدي الى تخثر الدم وبالتالي الى تجلطات معينة وممكن ان تؤدي الى قصور في جهاز الكبد وبوظيفة الكبد والجهاز التنفسي، الامر الذي قد يؤدي الى زيادة حالات الوفاة. وهناك أشخاص يكونون حساسين اكثر من غيرهم وقد ذكرنا في سياق الحديث الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة مثلا كبار السن والصغار والأشخاص الذين لديهم ضعف معين والحوامل وأيضاً المصابين بالسكري لأن مناعتهم تكون أضعف من غيرهم وأيضاً الأشخاص الذين يتناولون الكورتيزون او علاجاً للربو أو لتحسس ما مثلاً أدوية الروماتيزم وهي تقلل المناعة، وبالتالي اي التهاب يُصابون بها يصبحون معرضين لتعقيدات اكثر من غيرهم.

 

التشخيص!

 

ــ وما أهمية التشخيص؟

- برأيي، أهم ما في الأمر هو التشخيص لأننا لا نريد ان يفهم الناس هذا الموضوع خطأ اذ عندما التقي بالمرضى في المستشفى يقولون لي فلنباشر بتناول المضادات الحيوية لكي لا يصيبنا كالشخص الفلاني، لذا نحن لا نريد ان نصل الى حالة الهلع التي اصابت اللبنانيين بل نريد تشخيص الحالة، لأنه اذا كان الشخص مصاباً بفيروس وأعطيته المضاد الحيوي فهذا يضّر المريض بمكان ما ونقوم بذلك بقتل البكتيريا الجيدة الموجودة بداخل الجسم، وبالتالي يلحق الضرر به، ولكن ما يجب القيام به هو التشخيص، وبرأيي اي مريض يأتي مع حرارة مرتفعة مصاحبة بعوارض ممكن ان تكون بسبب <ستربتوكوك> يجب إخضاعه لفحص الأنف والحنجرة كما ذكرت سابقاً واذا تبين انه بسبب هذه البكتيريا هناك ارتفاع في درجة الحرارة عندئذٍ نعطيه المضادات الحيوية، أما اذا كان الفحص سلبياً فعندئذٍ نقوم بمراقبة حثيثة للمريض لأنه اذا كان مصاباً بالانفلونزا او غيرها من الفيروسات فمفترض ان يتحسن من يوم لآخر، أما اذا رأينا وضع المريض كل يوم اسوأ عندئذٍ اما يجب اعادة الفحص او اجراء فحص آخر أوسع لنعرف ما اذا كانت هذه البكتيريا موجودة او اي نوع من أنواع البكتيريا الأخرى.

وختمت الدكتورة الدقدوقي قائلة:

- اذاً أول خطوة هي التشخيص، وبعد التشخيص يمكن اللجوء الى مضادات حيوية عديدة، ولكن أهم عنصر الا يكون المريض يتناول المضادات الحيوية بتكرار ام بكثرة.، فتكون عندئذٍ نسبة الشفاء عالية اذا تم التشخيص وأخذ الدواء المناسب.