تفاصيل الخبر

الأكاديمية الفرنسية تمنح الكاتب والمحامي الكسندر نجار جائزة الفرنكوفونية الكبرى لعام 2020

20/01/2021
الأكاديمية الفرنسية تمنح الكاتب والمحامي الكسندر نجار جائزة الفرنكوفونية الكبرى لعام 2020

الأكاديمية الفرنسية تمنح الكاتب والمحامي الكسندر نجار جائزة الفرنكوفونية الكبرى لعام 2020

بقلم وردية بطرس

 

الكاتب والمحامي الكسندر نجار: هذه الجائزة جاءت لتذكّر بوجه لبنان الثقافي والحضاري في أصعب مرحلة يمر بها البلد

 

[caption id="attachment_85002" align="aligncenter" width="550"] الكاتب والمحامي الكسندر نجار: روايات الأدباء اللبنانيين لا تزال رائدة وغنية ومميزة وتثير إهتمام المترجمين الأجانب.[/caption]

 على الرغم من سواد المشهد في لبنان يبقى هذا البلد الصغير من حيث المساحة رمزاً للثقافة والعلم والفنون، فوسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تناقلت خبر منح الأكاديمية الفرنسية جائزة الفرنكوفونية الكبرى Grand Prix de la Francophonie للمحامي والكاتب الكسندر نجار بكثير من الاهتمام والتقدير، اذ على الرغم من كل شيء يبقى الانسان اللبناني ثروة هذا البلد... وكانت قد أعلنت دار (بلون) للنشر أن هذه الجائزة تتوج أعمال كاتب فرنكوفوني ساهم على نحو بارز في بلده كما على المستوى الدولي في الحفاظ على اللغة الفرنسية وتجسيدها. ان هذه الجائزة مستحقة فالكاتب الكسندر نجار يعّد شخصية بارزة في الأدب اللبناني والفرنكوفوني اذ في رصيده نحو ثلاثين كتاباً تُرجمت الى حوالي عشر لغات. كما حاز الكثير من الجوائز العالمية والعربية لأعماله ومنها: جائزة بريكس المتوسط، جائزة سعيد عقل، جائزة آسيا الأدبية 1996، وسام جامعة (بواتييه) 2011، جائزة جبران خليل جبران، وجائزة Herve Deluen من الأكاديمية الفرنسية. الكسندر نجار هو ثالث لبناني ينال جائزة الفرنكوفونية الكبرى بعد الأديبين الراحلين جورج شحادة وصلاح ستيتية. لقد ألفّ أكثر من ثلاثين رواية وقصة وقصيدة وسيرة تميزت بتأثرها بثقافة ونبض بلده الأم لبنان، كان آخرها (التاج اللعين) عن دار (بلون) وهي أول رواية تكتب عن جائحة كورونا من خلال سرد للمعاناة في ثمانية بلدان حول العالم. ومن جهته اعتبر الكاتب نجار أن فوزه بالجائزة يبرز ثقافة لبنان وتنوعه، وان فوزه بها يأتي في وقت يمر لبنان بمرحلة صعبة جداً، ويشكّل اضاءة على أهمية لبنان وثقافته وأدبه والتنوع الموجود فيه. كما تمنى أن تكون هذه الجائزة تأكيداً على أن لبنان لن يموت.

الكاتب الكسندر نجار ووجه لبنان الثقافي 

 (الأفكار) هنأت المحامي والكاتب الكسندر نجار وكان لها حديث معه حول أهمية منح هذه الجائزة في هذه الظروف القاسية التي يمر بها لبنان على جميع الصعد، وأيضاً عن دور وأهمية الثقافة الفرنكوفونية في لبنان وسألناه بداية:

* ما أهمية جائزة الفرنكوفونية الكبرى التي منحتها الأكاديمية الفرنسية لك في هذا الوقت بالذات حيث يواجه لبنان أسوء الظروف المعيشية والصحية والاقتصادية وأخبار الموت تلاحقنا يميناً وشمالاً؟

- أود بادىء ذي بدء أن أشكر (الأفكار) وأن أبدي اعجابي وتقديري لمجلتكم الراقية... ان أهمية جائزة Grand Prix de la Francophonie تكمن في أنها من أكبر جوائز الأكاديمية الفرنسية تُمنح سنوياً لكاتب فرنكوفوني أو شخصية تألقت بنشاطاتها الثقافية في حقل الفرنكوفونية. ان هذه الجائزة تكلّل 35 عاماً من العمل في المجالين الأدبي وأنا صاحب 30 كتاباً بالفرنسية منها كتابان في مجال الحقوق والنشاط الثقافي كوني كنت مستشاراً لدى وزراء في وزارة الثقافة حيث عملت على مشاريع عدة لافتة، وكوني ساعدت في تنظيم الألعاب الفرنكوفونية التي استضافتها بيروت، وأشرف على ملحق صحيفة (لويان لوجور)، وهو ملحق أدبي يتمتع بشهرة عالمية منذ أن أحيته في العام 2006، فضلاً عن كوني رئيس اللجنة الفرنكوفونية في نقابة المحامين في بيروت مع نخبة من الزملاء الكرام... وقد جاءت هذه الجائزة في وقت يمر فيه البلد بمحنة عصيبة، لتذكّر بوجه لبنان الثقافي والحضاري ولتثبت أن لبنان لا يزال حياً بفكره وأدبه وفنونه.

اللغة الفرنسية ستتطور في السنوات المقبلة

*هذه الجائزة تتوج أعمال كاتب فرنكوفوني ساهم على نحو بارز في بلده في الحفاظ على اللغة الفرنسية وتجسيدها، برأيك ككاتب هل ترى أن اللغة الفرنسية تتراجع حتى في البلدان الفرنكوفونية بما فيها لبنان؟

- لا أعتقد ذلك كون اللغة الفرنسية لا تزال تُعلّم في لبنان في أكثر من 2860 مدرسة رسمية أو خاصة كلغة أجنبية أولى. ومن الناحية الديموغرافية فإن اللغة الفرنسية ستتطور بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة اذ سيضاعف عدد الناطقين بها بفضل القارة الأفريقية حيث عدد السكان في تزايد مستمر. صحيح أن العديد من اللبنانيين بات يعطي الأولوية للغة الانكليزية وهي لغة الأعمال واللغة التي يسهل تعلّمها ويحكيها الجميع، الا أن المربّين لاحظوا أن الانتقال من اللغة الفرنسية الى الانكليزية أسهل من العكس، مما حثّ الأهل على تسجيل أولادهم في مدارس فرنكوفونية لتمكينهم من اتقان ثلاث لغات، هي لغتنا الأم العربية، والفرنسية ثم الانكليزية التي باتت تُدرّس منذ بدء الصفوف التكميلية. في الحقيقة، أنا أرفض فكرة (حرب) بين اللغة الانكليزية واللغة الفرنسية. هناك مسافة للجميع، وأنا أؤمن بالعيش المشترك بينهما، خصوصاً وأن اللبناني يطمح الى اتقان ثلاث لغات مما يسهّل هذا التعايش.

وأضاف:

- في الواقع، هناك خطر أكبر على اللغة العربية التي باتت (تُحارب) عن طريق استخدام الأحرف اللاتينية عند كتابتها في المراسلات الالكترونية والتي لا تستهوي كثيراً الجيل الجديد. للأسف فعندما نتذكّر أن مدرسة مثل مدرسة الحكمة كانت تضم طلاباً كانوا يرسلون مقالاتهم لنشرها في الصحف وهم في سن المراهقة وعندما نستعرض الأسماء التي كانت تدرّسهم، ندرك أن ثمة تراجعاً في مستوى تدريس هذه اللغة التي تستدعي يقظة ونهضة جديدة.

الفرنكوفونية غنى للشعب اللبناني

* هل منح هذه الجائزة تؤكد على أهمية واستمرار الترابط بين لبنان والفرنكوفونية؟

- بالطبع، فلطالما لبنان كان رائداً في الدفاع عن الفرنكوفونية خصوصاً عبر الرئيس الراحل شارل حلو الذي لعب دوراً رئيسياً في ترسيخ هذا المفهوم في لبنان. والحقيقة أن الفرنكوفونية ليست موروثة عن الانتداب وليست مرتبطة به، كونها كانت موجودة قبله في لبنان بفضل الارساليات التي فتحت مدارس فرنكوفونية عديدة في مختلف أنحاء لبنان، نذكر منها اليسوعية وعينطورة والناصرة، واستمرت بعد انتهاء الانتداب، أي في ظل الاستقلال كونها لم تختفِ بل ازدهرت أكثر فأكثر. الفرنكوفونية ليست امبريالية، انها حاجة للبنان لأنها تشكّل أداة تواصل فاعل وحوار ونافذة على الغرب ومصدر غنى للشعب اللبناني. وان كان لبنان مميزاً في محيطه العربي، فلأنه بلد منفتح منذ القدم ويتغذى ثقافياً من الحضارات الأخرى، ومنها الفرنكوفونية، من دون أن يمسّ ذلك بهويته العربية التي كرّسها الدستور اللبناني.

4- نلت الكثير من الجوائز والألقاب العالمية والعربية لأعمالك الأدبية فأي منها أثرت فيك أكثر؟ ولماذا؟

- لبنانياً، ان جائزة (جبران خليل جبران) أثرّت فيّ لأنها كلّلت أعمالي وأبحاثي عن جبران، وهو ككاتب ورسام أواكبه منذ سنوات عدة وكرّست له كتباً من بينها (قاموس جبران) الصادر عن دار الساقي بترجمته العربية. أما عالمياً، فالجائزة هذه هي الأعزّ على قلبي خصوصاً وأنني ثالث لبناني أنالها من بعد جورج شحادة في العام 1986، وصلاح ستيتية في العام 1995 وكلاهما أشرفا على الملحق الأدبي في (لوريان لوجور) قبل أن أطلقه من جديد، وهي مصادفة لافتة.

لبنان يبقى حياً بفضل أبنائه وعطاءاتهم الفكرية والثقافية

* برأيك هل يمكن ان تلعب الثقافة والأدب دوراً بارزاً في الوقت الذي ينهار كل شيء من حولنا في لبنان؟

- طبعاً تقول أحدى شخصيات رواية (الفلكيّ): "إن الوطن لا يموت عندما يكون محتلاً، لكنه يموت فعلاً عندما تزول ثقافته". صحيح أن لبنان يمر بأحلك الظروف بسبب فاجعة انفجار المرفأ وانهيار الدولة وتراكم المشاكل وتفاقم الوضعين الاقتصادي والمالي مع تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية واستحالة تحويل الودائع الى الخارج أو سحبها من المصارف، الا أنه لا يزال حياً بفضل عبقرية أبنائه وعطاءاتهم الفكرية والعلمية والثقافية...

مسؤولية الكاتب تقتضي بأن يكون حاضراً في مجتمعه

* ما هي رسالة الكاتب في زمن الأزمات خصوصاً في زمن الكورونا حيث انقلبت حياتنا رأساً على عقب؟

- يقول الكاتب (جان جيونو) إن الشاعر هو معّلم تفاؤل، فالأديب يجب أن يساعد القارىء على فهم واقعه، وهذا ما فعلته تحديداً من خلال كتاب (التاج اللعين) الصادر عن دار سائر المشرق الذي يحكي تجارب 8 شخصيات في 8 بلدان مختلفة عانت من تفشي جائحة كورونا... هناك أيضاً مسؤولية ملقاة على عاتق الكاتب حسب (جان بول سارتر) الذي تحدّث عن مسؤولية الكاتب، بحيث يقتضي على هذا الأخير أن يكون حاضراً في مجتمعه ومتفاعلاً معه بدل أن يلجأ الى (برجه العاجي) هروباً من المحن. كما أن الشهادة ضرورية كجواب على الموت والجريمة وقد عبّر الكاتب (ألبير كامو) عن ذلك قائلاً: "من يردّ في هذا العالم على تعنّت الجريمة الترهيب ان لم يكن تعنّت الشهادة؟".

روايات الأدباء اللبنانيين لا تزال رائدة وغنية

* ما هي رؤيتك للواقع الأدبي في لبنان والعالم العربي؟

- على رغم واقعنا الأليم، لا يزال الأدب اللبناني حيّاً سواءً كان ناطقاً باللغة العربية او باللغتين الفرنسية أو الانكليزية. وان روايات الأدباء اللبنانيين لا تزال رائدة وغنية ومميزة، تثير اهتمام المترجمين الأجانب بدليل أن دار نشر Actes Sud في باريس تترجم اصدارات غالبية المؤلفين اللبنانيين المعروفين وهذا دليل عافية. كما أن العالم العربي يضمّ روائيين وشعراء ذات مستوى رفيع وانني أدعو القيّمين على جائزة (نوبل) للآداب الى الالتفات الى الأدب العربي وتتويج كاتب من أفضل كتّابه ليكون ثاني عربي بعد نجيب محفوظ ينالها، لأن الأدب العربي يستحق حتماً هكذا تكريم ومن جهة أخرى أخشى بالنسبة للأدب اللبناني أن تُقفل بعض دور النشر اللبنانية أبوابها بسبب الأزمة الاقتصادية وغلاء كلفة الطبع وجائحة الكورونا التي منعت المكتبات من العمل بصورة منتظمة، خصوصاً وأن سعر الكتاب أصبح باهظاً بالنسبة للقارىء ذات الدخل المحدود. وكنت أتمنى لو أن الدولة اللبنانية تهتم قليلاً بهذا القطاع عن طريق تأمين دعم المكتبات ودور النشر، واعفاءات ضريبية وتسهيلات لناحية كلفة البريد ورسوم الشحن عند التصدير. بيد أن مشروع اعادة احياء (دار النهار للنشر) يشكّل بصيص أمل وسط هذا الجو القاتم.